fbpx

وثائق بنما ٢: قصة انهيار الشركة التي خبأ فيها ليونيل ميسي وجاكي شان وآخرون ثرواتهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

أتاحت التحقيقات الجديدة فرصة للنظر داخل شركة موساك فونسيكا ودائرة المتخصصين الذين عملت معهم في الأسابيع السابقة لانتهاء تحقيقات أوراق بنما وبعدها، عندما جاهدت الشركة للتعرف على عملائها مما جعلهم يهربون بعيداً عنها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ويل فيتزجيبون وبين هولمان

نشر الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وأكثر من 100 شريك إعلامي في  نيسان/إبريل عام 2016 مئات القصص المعتمدة على تسريب ملايين الوثائق والسجلات الداخلية التي كشفت عن أعمال شركة موساك فونسيكا الداخلية منذ أواخر السبعينات وحتى عام 2015، فيما بات يعرف بوثائق بنما.

عصفت تحقيقات أوراق بنما بعالم السياسة والمال والقانون. ضمت القائمة أعضاء من الدائرة المقربة لفلاديمير بوتين ورئيس وزراء ايسلندا وقتها وشركة اتهمت وقتها باحتفاظها بعائدات من سرقة الذهب الشهيرة في لندن عام 1983.

استقال رئيس الوزراء الايسلندي سيغموندور دافيد غونلاوغسون بعد أن كشفت التحقيقات عن حصته في أحد الشركات الخارجية التي يستخدمها هو وزوجته سراً ليحتفظ بقرابة 4 مليون دولار كسندات في البنوك الايسلندية، حتى في ظل تفاوض حكومته مع دائني البنوك.

تظاهر الباكستانيون في الشوارع عندما تم كشف ما يثبت أن أبناء رئيس الوزراء حينها نواز شريف أنشأوا شركات وهمية ليحتفظوا سراً بملايين الدولارات في عقارات لندن. استقال شريف في تمّوز/يوليو بعد أن استبعدته المحكمة العليا الباكستانية من منصبه.

داهمت عناصر الشرطة مكاتب شركة موساك فونسيكا في السلفادور وبيرو ومدينة بنما. وبنهاية عام 2017 كانت الحكومات وشركات في 79 دولة قد فتحت 150 استعلاماً ومراجعة حسابات وتحقيقات حول شركة المحاماة أو وسطائها أو عملائها.

أتاحت التحقيقات الجديدة فرصة للنظر داخل شركة موساك فونسيكا ودائرة المتخصصين الذين عملت معهم في الأسابيع السابقة لانتهاء تحقيقات أوراق بنما وبعدها، عندما جاهدت الشركة للتعرف على عملائها مما جعلهم يهربون بعيداً عنها. كانت الوثائق التي تضمنت رسائل بريد إلكترونية، ونسخ من جوازات السفر وحالات جنائية، مؤرخة من بداية 2016 حتى نهاية 2017، أي قبل شهور من انهيار الشركة.

تم الحصول على المعلومات عن طريق نفس الجريدة التي تلقت أول تسريب، زود دويتشي تسايتونغ. نشرت التسجيلات عن طريق الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وشركائه الإعلاميين.

عقود من السرية ثم الاختراق

في عام 1986، قام يورغن موساك، وهو مهاجر ألماني انتقلت عائلته إلى بنما بعد الخدمة في منظمة فافن إس إس العسكرية النازية التابعة لشوتزشتافل أثناء حكم هتلر،بخلط الأعمال والممارسات القانونية التابعة لمكتب رامون فونسيكا القانوني، الذي أسسه الروائي والمحامي البنامي البارز، رامون فونسيكامورا.

أسس مكتب موساك فونسيكا قسم مُتخصص في مساعدة الأغنياء على إخفاء ثروتهم في الخارج. ومن مقرها الرئيسي في مدينة بنما، وسعت الشركة عملياتها لتشمل أكثر من 30 دولة، وتعاونت بشكل وثيق مع البنوك العالمية بما في ذلك بنك اتش اس بى سى، وبنك يو بي إس، وبنك كريدي سويس، وشركات المحاماة في كلاً من هولندا والمكسيك والولايات المتحدة وسويسرا.

نادراً ما تواصلت موساك فونسيكا مباشرةً مع المستفيدين من خدماتها. وتتعامل بدلاً من ذلك مع الوسطاء الذين يقومون بإجراء المفاوضات بين الأثرياء الذين يسعون إلى حماية المنازل الفاخرة واليخوت والطائرات والحسابات البنكية والمجموعات الفنية القيّمة، من المعتركات القضائية التي لا يمكن التنبؤ بها، بالإضافة إلى الأزواج السابقين ومفتشي الضرائب الفضوليين. وقد استخدم بعض المستفيدين من خدمات شركة موساك فونسيكا السرية، شركات وهمية لرشوة المسؤولين الحكوميين وإخفاء الأموال الطائلة.

سمح هذا النظام لشركة موساك فونسيكا بالعمل لعشرات السنوات في أجواء غامضة، ثم استولى شخص ما على مجموعة كبيرة من السجلات السرية للغاية، والتي وصلت فيما بعد للصحفيين.

في أوائل شهر آذار/مارس 2016، بدأت المكالمات من الصحفيين التابعين للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين تتوالى على شركة موساك فونسيكا وكذلك إلى الوسطاء المحترفين. ومع اكتشاف الشركة حدوث اختراق في نظام الحاسب الآلي، أصبحت الشركة بالكامل في حالة تأهب قصوى.

وفي اليوم التالي بعد التأكد من حدوث الاختراق، طلب محامي مكتب موساك فونسيكا من المدعي العام في بنما الشروع في تحقيق جنائي و”استجواب عاجل” لصحفيين من فرنسا، الدنمارك، أستراليا، الولايات المتحدة وألمانيا، حيث كانوا في بنما يصورون أفلام وثائقية سُتعرف فيما بعد بتحقيقات وثائق بنما. وشدد على ألا يُسمح للصحفيين بمغادرة بنما أو فندق هيلتون المقيمين به إلى أن يكشفوا عن كيفية حصولهم على تلك الوثائق من شركة موساك فونسيكا، وهذا كان ما طلبه محامي الشركة دون جدوى.

وقد كانت المستشارة السويسرية نيكول ديدي، من بين أوائل المتصلين بالشركة بشأن التحقيقات مع الصحافيين.

كتبت ديدي نصًا مظللًا باللون الأصفر في رسالة عبر البريد الإلكتروني “هذا الصحفي الفرنسي يريد نشر مقال في جريدة لوموند وهو أمر غير مقبول بالنسبة لي !” وتظهر السجلات أن خورخي سيرود، منسق خدمة العملاء في شركة موساك فونسيكا، حاول تهدئة ديدي عبر الهاتف.

وكتب لها بعد ذلك رسالة عبر البريد الإلكتروني: “سأتحدث إلى قسم العلاقات العامة لدينا لنرى كيف يمكننا تجهيزك في حالة اتصال الصحافيين بك مرة أخرى”.

بعد نشر التحقيق في وثائق بنما في 3  نيسان/ابريل، ازدادت رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية إلى مكتب المحاماة. وكما تُظهر السجلات، فقد زاد استخدام موظفو الشركة إلى عنوان البريد الإلكتروني CrisisCommittee@mossfon.

جاءت العديد من رسائل البريد الإلكتروني التي تشابهت في مضمونها مع رسالة سابقة لتشارلز هوتون، العضو المنتدب لفرع بنك سنغافورة في جزيرة جيرسي التي تقع في القنال الإنجليزية شمال غرب أوروبا، وهو بنك يساعد الأثرياء على حماية ممتلكاتهم.

وقد كتب هوتون في تلك الرسائل، مشيراً إلى ما يسمى “المالكين المستفيدين” من الشركات الخارجية، التي تهدف بالأساس إلى إخفاء المعلومات الشخصية لأولئك الأشخاص.، “هام… ما هي الوثائق والمعلومات الشخصية الخاصة بالمالكين التي أخذت من الملفات؟ ومتى؟”

حاول سيرود -منسق العلاقات مع العملاء- تهدئة هوتون. وأجاب “لقد أوقفنا إمكانية استعادة المخترِق للمزيد من المعلومات من نظام بريدنا الإلكتروني اعتباراً من شهر آذار/مارس”. وفي بعض الأحيان، سارع بعض العملاء البارزين بأنفسهم لكي يثبتوا لشركة موساك فونسيكا أنهم -في الواقع- عملاء.

أرسل مساعدو رئيس أوكرانيا -بترو بوروشنكو- إلى شركة المحاماة فاتورة للكهرباء لإثبات هويته بعد أن طلبت سلطات مكافحة غسل الأموال في جزر فيرجن البريطانية تأكيد ملكية شركة بوروشينكو التي تعمل خارج الحدود. كما قام محامو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد آل نهيان بإرسال رسالة محمية بكلمة مرور إلى موساك فونسيكا فيها معلومات عن جواز سفره وأفراد عائلته. وسمح هذا الدليل للعاهل الإماراتي بالاستمرار في تملك وإدارة العقارات في المملكة المتحدة من خلال الشركات الخارجية.

من بين المراسلات 17 رسالة إلكترونية متبادلة مع ممثلي نجوم هوليوود جاكي شان، عميل موساك فونسيكا الذي قدم صورة ضوئية من جواز سفره وبيان من أمريكان إكسبريس في محاولة للإبقاء على شركاته الخارجية اإنتاج الأفلام ولمساعدة موساك فونسيكا على تجنب الغرامات بسبب عدم اكتمال الأوراق . كما تقابلت شركة موساك فونسيكا مع محامين ساعدوا في إدارة شركة ببنما مملوكة لنجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي تمت إدانته مؤخراً بتهمة التهرب الضريبي في إسبانيا كجزء من قضية لا علاقة لها بأوراق بنما.

كانت ردود الأفعال الأخرى تجاه الأخبار هي الغضب والتكذيب. وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية لموساك فونسيكا، رفض أحد المحاسبين في أوروغواي اقتراح مكتب المحاماة بأن يكتب بخط اليد ويعيد إصدار وثيقة قديمة لجعل الشركة تبدو أن لديها معلومات دقيقة منذ البداية حول ملكية شركة تسيطر عليها عائلة رئيس الأرجنتين ماوريسيو ماكري. تم التغاضي عن الفكرة بعد أن أخبر المحاسب موساك فونسيكا أن الوثيقة “يمكن دحضها بسهولة بواسطة خبير خطوط”.

قام محام يمثل رئيس مجلس الشيوخ النيجيري النافذ بوكولا ساراكي وزوجته برحلة من لندن إلى بنما. وحمل أحد كبار المحامين في سويسرا الشركة المسؤولية بشدة، نيابةً عن عائلة بني شتاينمتس، وهو مسؤول تنفيذي في مجال التعدين يخضع الآن للتحقيق في إسرائيل بتهمة الرشوة والفساد في إفريقيا.

كتب المحامي مارك بونانت “إن تسريب المعلومات التي كانت في عهدة شركة موساك فونسيكا وشركاه، أضر بعملائنا، الذين كانوا مخطئين في الثقة بكم والإيمان بقدراتكم الاحترافية”. وقالت متحدثة باسم عائلة شتاينمتس للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين ICIJ إن مزاعم الرشوة والفساد لا أساس لها من الصحة.

أخبر أحد المتخصصين في الشؤون المالية موساك فونسيكا أنه لم يمنح مطلقاً تصريحاً لكتابة اسمه على وثائق شركة خارجية، ناهيك عن نشره علناً. وكتب جان إيف دو لوفيني في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى مكتب موساك فونسيكا في لوكسمبورج “هذا صادم للغاية، وأطالبكم بحذف اسمي من جميع ملفاتكم”.

“لقد فاجأتني حقيقة أن شخصاً آخر يمكنه تقديم اسمي دون موافقتي!”

كان المصرفي قد رأى اسمه ينشر في جزء من وثائق بنما لكنه يزعم أنه لم يكن له أي علاقة بشركة تجارة خارجية. وشبه الأمر بحماقة كتابة اسميّ الرئيسين الفرنسي والأميركي آنذاك فرانسوا هولاند وباراك أوباما. “هل فعلتم ذلك ؟”

سعى الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين للحصول على تعليق من دو لوفيني وغيره من الوسطاء المذكورين في هذه القصة، لكن أياً منهم لم يرد.

السيطرة على الأضرار

في إطار حملتها لتحديد زبائنها، حاولت موساك فونسيكا الحد من أضرار التسريب. وأخبرت العملاء والوسطاء أنها قامت بتثبيت نظام حماية لصد هجمات الكمبيوتر، وأنها قامت تشغيل نظام لتشفير الرسائل والوثائق حول الجزء الأكثر حساسية في مجال حفظ الأموال في الخارج، وهو هوية الملاك والأشياء التي يملكونها.

وبحسب ما تظهره رسائل البريد الإلكتروني، استأجرت الشركة مستشاري العلاقات الإعلامية “ليقدمها  روايتها لما حدث”. كما اتصلت بما أسمته “سفراء الصناعة” لتطلب منهم الدعم العلني.

أخبر ميتشل المركز الدولي للصحافيين أن أحد موظفي موساك فونسيكا اتصل به بعد التسريب، لكنه “كان على علم بالقضية”. قال ميتشل إغلاق موساك فونسيكا  “مؤسف”. “حماية المعلومات وتأمينها هي أهم أولوياتنا” هذا ما قالته موساك فونسيكا لعملائها في بيان صدر في أيار/مايو 2016 بعد نشر “وثائق بنما”. “نعتذر مرة أخرى عن الوضع الصعب الذي خلقه هذا الاختراق غير القانوني”.

بحسب ما تظهره التسجيلات، لم يطمئن العملاء كثيراً لمحاولات الشركة للسيطرة على الأضرار. زاد ضيق صدر أحد المحامين وهو ينصت إلى موسيقى الانتظار في الهاتف وأرسل شكوى في بريد إلكتروني في تموز/يوليو 2016 إلى جوزيت روكبرت، مديرة موساك فونسيكا في بنما.

أحد الوسطاء السويسريين كان غاضبا تماماً. كما كتب فيليكس شيلي “تحاول موساك من خلال إرسال الكثير من الرسائل إقناعنا نحن العملاء بأنها تتحكم في هذا الوضع المتأزم وغير المسبوق”. ختمت الرسالة بـ “على الأرجح سيتم اعتراض هذه الرسالة مثلما حدث لـ 11,600,000 مستندًا آخر. لا أهتم.”

كان الآخرون أكثر تعاطفاً ولكنهم أوضحوا أن موساك فونسيكا قد انتهك شرطاً مقدساً في مجال إدارة الأموال الخارجية، وإن كان غير مكتوب وهو شرط الحفاظ على السرية.

وكتب المخطط المالي الأوروغوياني إغناسيو فريتشو “نحن آسفون جداً لما حدث … ونتمنى لك الأفضل ، لكن الهدف الرئيسي لهذا النوع من الهياكل هو السرية وقد تم كسرها”.

قام محامو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد آل نهيان بإرسال رسالة محمية بكلمة مرور إلى موساك فونسيكا فيها معلومات عن جواز سفره وأفراد عائلته. وسمح هذا الدليل للعاهل الإماراتي بالاستمرار في تملك وإدارة العقارات في المملكة المتحدة من خلال الشركات الخارجية.

“تقصير كبير”

تلقت الشركة أسئلة هامة من المشرعين والأجهزة القضائية  في الأسابيع والأشهر التي تلت نشر القصة.

وقد فتحت الحكومات تحقيقات في الشركات التي أنشأتها بعض مكاتب موساك فونسيكا الأكثر نشاطاً في أماكن مثل بنما وجزر فيرجن البريطانية وساموا وسيشيل وأنغيلا. وفي أبريل 2016 ، طلبت هيئة الخدمات المالية في سيشل، التي تضبط الشركات مثل موساك فونسيكا لتضمن عدم اساءة استخدام الودائع الخارجية، من الشركة الكشف عن من يملك بعض الشركات النشطة البالغ عددها 3779 شركة التي تشغلها في أرخبيل الجزيرة.
بطريقة ما تملصت موساك فونسيكا من قاعدة وجوب معرفة العميل الصارمة، والاعتماد على المحامين الخارجيين للتأكد من سمعة صاحب الشركة الفعلي وهويته.

تظهر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية الموظفين وهم يعترفون لبعضهم البعض أنهم قد لا يتمكنون من الامتثال للطلبات – ويناقشون مخاطر فقدان الحق في العمل في البلد المحتملة. وكتب جوزيت روكبرت إن الشركة اعتمدت على أطراف ثالثة معينة للتحقق من سمعة العملاء وهوياتهم”هذه قضية غامضة تفتح باب التأويل”. وأضاف روكيبرت أن هذه الممارسة “يمكن اعتبارها خرقا” لقانون سيشيل. وخلصت جلسة استماع أجرتها وكالة الجرائم المالية في سيشيل بعد عدة أشهر إلى أن مكتب موساك فونسيكا لم يراقب عملاء يشكلون خطرا بشكل منتظم، من ذوي الارتباطات السياسية، وانتهكوا ستة قوانين ولوائح خاصة بمكافحة غسل الأموال، وفقا للملفات الجديدة. وكتب فيليب موستاش، مدير وحدة الاستخبارات المالية في البلاد في رسالة إلى الشركة “بشكل عام، وجد المحققون تقصيراً كبيراً في عمليات موساك فونسيكا فرع سيشيل”.

بعد شهرين من نشر تحقيق وثائق بنما، أجبرت السلطات البريطانية موساك فونسيكا على تسليم وثائق شركة  تديرها شركة تابعة لشركة الموارد الطبيعية الأوراسية (ENRC)، ثم شركة تعدين وتجارة عامة. وفي عام 2013 ، أعلن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في المملكة المتحدة عن إجراء تحقيق في المركز بشأن الرشوة المزعومة في كازاخستان وأفريقيا. شطبت الشركة من بورصة لندن في وقت لاحق من ذلك العام.

من بين المراسلات 17 رسالة إلكترونية متبادلة مع ممثلي نجوم هوليوود جاكي شان، عميل موساك فونسيكا الذي قدم صورة ضوئية من جواز سفره وبيان من أمريكان إكسبريس في محاولة للإبقاء على شركاته الخارجية اإنتاج الأفلام ولمساعدة موساك فونسيكا على تجنب الغرامات بسبب عدم اكتمال الأوراق . كما تقابلت شركة موساك فونسيكا مع محامين ساعدوا في إدارة شركة ببنما مملوكة لنجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي تمت إدانته مؤخراً بتهمة التهرب الضريبي في إسبانيا كجزء من قضية لا علاقة لها بأوراق بنما

تتعرض شركة Cofiparinter التابعة  لشركة المواد الطبيعية الأوراسية لتحقيق يقوده مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في المملكة المتحدة بسبب الفساد والرشوة وغسل الأموال وغيرها من الجرائم المزعومة، وفقا لنسخة من مذكرة التفتيش. لم يتم الإبلاغ عن التحقيق في الشركة من قبل.

وقال أنكي فان وودنبرغ ، الخبير في شؤون التعدين في الكونغو لدى المنظمة غير الربحية “الحقوق والمساءلة في التنمية” (RAID) “إن الصفقة التي تشمل Cofiparinter تثير مجموعة من الأسئلة حول من استفاد من ثروة الكونغو الطبيعية”. “إجابة واحدة واضحة: لم يكونوا مواطني الكونغو الفقراء”.

وامتنعت السلطات البريطانية عن التعليق على الأسباب التي  كانت وراء بدأ التحقيق في “كوفيفارينتر” ولم تقل ما إذا كان التحقيق مستمراً.

“ستتلاشى في النهاية”

في بداية الأمر، حاولت شركة موساك فونسيكا الاحتفاظ  بعملائها عن طريق تشجيعهم على الولاء بالرغم من العاصفة المشتعلة في العلاقات القانونية والعامة. خفضت الشركة من التكاليف كما عرضت على بعض العملاء حرية تغيير اسم الشركة الوهمي الخاص بهم حتى يتسنى استمرار العمليات التجارية دون توقف.
ساعدت شركة موساك فونسيكا بعض عملائها بتغيير اسمها التجاري على بريدها الالكتروني وفواتيرها وأغلفتها،  لنفي أي صلة واضحة بينها وبين المؤسسين البنميين. وفي ساموا، أصبحت شركة موساك فونسيكا هي شركة الخدمات المركزية، Central Corporate Services Ltd، وفي بنما، حولت شركة موساك العملاء إلى شركة أوربس للخدمات القانونية، Orbis Legal Services، والتي وظفت بعض من موظفي شركة موساك فونسيكا للحفاظ على “ذات المستوى من الخدمة”.    

نقل عملاء آخرون أعمالهم ببساطة إلى بعض الشركات الأخرى التي تقدم نفس الخدمات في مناطق أخرى مثل “غيرنسي” Guernsey، الواقعة في جزر القنال وجزر فيرجن البريطانية وقبرص. ونشر أحد الوسطاء وهو جيفري دايفز، ومقره في لوكسمبورغ قائلًا، “إن شركتكم غير ذات مصداقية وغير موثوقة، وداعاً”.  
بدأ العملاء في الإبلاغ عن رفض البنوك قبول أو إكمال أي عمليات دفع لصالح شركة موساك فونسيكا. وفي أيار/مايو عام 2016 أعلنت الشركة للعملاء عن إغلاق مكتبها في جزيرة مان، التابعة للتاج البريطاني في البحر الأيرلندي. وسريعًا تبع هذا الإغلاق، إغلاق مكتبيها في جزيرة جيرسي وهونغ كونغ.  

وفي وقت لاحق من ذلك العام، أعلن فونسيكا وموساك تقاعدهما من الشركة التي أسساها، ووصل بريد إلكتروني للعملاء مفاده أن الهيكل الرئيسي لشركة موساك فونسيكا سيظل مفتوحاً لعدة أعوام قادمة وذلك من أجل تحقيق الالتزامات الحالية ولكنه “سيتلاشى في النهاية”.  

وفي فبراير/شباط عام 2017، ادعت المدعي العام في بنما، كينيا بوسيل، استخدام البعض لشركات موساك فونسيكا، في تلقي الرشاوى حول أميركا اللاتينية وعلاقة ذلك بفضيحة “لافا جاتو” أو فضيحة “غسيل السيارات”. ويركز التحقيق المعقود حالياً على الادعاءات حول تلقي العشرات من السياسيين والمدراء التنفيذيين في شركة النفط البرازيلية الحكومية “بتروبراس”، لمليارات الدولارات كرشاوى من قبل بعض المقاولين الذين حصلوا على عقود مغرية.    

كما وصفت المدعي العام بروسيل، شركة موساك فونسيكا بأنها، “منظمة إجرامية تكرس لإخفاء رؤوس الأموال المشبوهة الأصل”. وطالبت بالقبض على كلٍ من موساك وفونسيكا بتهمة غسيل الأموال. قضى الرجلان اللذان أنكرا ارتكاب أية مخالفات، عدة أشهر في السجن قبل أن يتم الإفراج عنهما بكفالة مالية.  

وكتب موساك، في دفتر ملاحظاته في السجن، “يحاول المدعون الوصول لأدلة جرائم لا وجود لها من الأساس، فلو كان هذا هو حال أسبانيا في العصور المظلمة لمتنا حرقاً”.

أُفرج عن كلٍ من موساك وفونسيكا في نيسان/ابريل عام 2017. وبعد عام تقريباً، حذفت الشركة القانونية أسماءهما للأبد.   

وفي أيار/مايو 2018، وجه المدعون في بنما تهماً بغسيل الأموال إلى عشرة من موظفي شركة موساك فونسيكا، كجزء من التحقيقات حول فضيحة لافا جاتو في البرازيل. ووفقاً للبيان المقدم لـصحيفة جنوب ألمانيا، فلا يزال موساك قيد التحقيق من جانب النيابة العامة في كولونيا بألمانيا بتهم الشراكة في التهريب الضريبي.  وصرح مكتب المدعي العام في بنما لصحيفة “زود دويتشي تسايتونغ” الألمانية بأن خمسة تحقيقات جنائية تجرى الآن بشأن شركة موساك فونسيكا.

ولم يجيب أي من موساك وفونسيكا على التساؤلات المحددة من جانب الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، أو أحد شركائه. وفي حزيران/يونيو، أصدر المحامون بياناً صحفياً يقول بإن الشركة القانونية وموظفيها ومؤسسيها “لم يشاركوا أبداً في أعمال غير قانونية”.
مساعدة أخيرة

لم تنقطع الرسائل من نيكول ديدي، المستشارة السويسرية التي كانت من أوائل الوسطاء الذين راسلوا شركة موساك فونسيكا بعد أن تم استجوابها من قبل الصحفيين، واستمرت في إرسال الرسائل إلى الشركة، مع تصاعد الإحباط خلال التسعة عشر شهراً التي تلت. ووجهت ديدي للشركة اتهامات باختلاس مستندات، والخطأ في التعرف على مالك شركة أجنبية بالإضافة إلى تكرار طرح الأسئلة التي ظنت ديدي عدم قدرتها على الجواب عنها.   وكتبت ديدي في أيار/مايو 2017 “لا أستطيع تصديق شركتكم!”.  

وفي النهاية، ردت ماكيا فيلاريال، مديرة مكتب شركة موساك فونسيكا في سيشيل، قائلة إن الوقت حان لديدي لتتولى أعمالها في مكان آخر. وكتبت فيلاريال، “لن نجيب على أي من رسائلك المرسلة، وعليك حل أي مشكلة مع الوكيل الجديد الذي تختاريه للعمل معه”.   وقدمت موظفة شركة موساك فونسيكا مساعدة أخيرة، حيث أرسلت فيلاريال إلى ديدي قائمة بها 67 من المختصين الأجانب الذين يعملون في سيشيل والذين يقدمون نفس الخدمات التي تقدمها شركة موساك فونسيكا.  

 

 

 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!