fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

يوم المرأة… نساء سوريا بطلات الحكاية وضحيتها 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أتمنى في يوم المرأة ألا يقتصر الاحتفال على المباركات المكرّرة على صفحات التواصل الاجتماعي وأن تُمنح حقوقنا القانونية بعض المساحة التي نستحقها في الدستور. وأن تُعطى حقوقنا العاطفية بعض المساحة التي نستحقّها في القلوب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ولدت أمي في الربيع وتوفيت في الصيف وكان الخريف زمنها المفضل. وما زلت أشعر بقيودها على رسغي حتى الآن. كانت متمردة بطبعها ولكن القانون الصارم الذي حكمت به بيتنا لم يكن يسمح لأحد بالجموح. فتوقيت الجلوس إلى المائدة والخلود إلى النوم والعودة إلى البيت كان مقدّساً. العبث بالنظام كان جريمة كبرى. 

رافقتني في يومي المدرسي الأول ورافقت إخوتي وكل أطفال العائلة في ما بعد في رحلة التعليم. مع أنّها تخلّت عن الدراسة في الليلة التي لبست فيها خاتم خطوبتها. وتحدّت جدي وأخاها الأكبر أن يجبراها على العودة إلى المدرسة التي “تكرهها” تحت طائلة رفض الزواج وإشعال فضيحة.

أذكر جدتي التي بقيت متمسكة بالحلق على أذنيها والعقد في صدرها حتى النفس الأخير. وكانت تفصّل أثوابها في البيت وتجبر السيدة التي تخيط لها على وضع جيب في الجهة اليمنى تحتفظ فيه بمشط صغير ومنديل مطوي. 

جدتي الثانية ودّعت شجرات الزيتون التي تملكها قبل أن تموت ووزعت أموالها بالتساوي بين بناتها وأبنائها ضاربة بتوصية “للذكر مثل حظ الأنثيين” عرض الحائط. مع أنها كانت حارسة الشريعة والمقدّسات وتنتظر عودة الخلافة الإسلامية إلى ربوع الشام.

كان شعوري نحو سيدات عائلتي يتأرجح بين الحب والضغينة، كنت أخاف أن تطبعنني بأفكار مجتمع رفضتُ على الدوام توجهاته، وعاملت تعليماتهن بحذر شديد، على تناقضها. 

لكنني اليوم أرى فيهن المرأة السورية ضحية وبطلة ظروفها.

المرأة التي تبتلع الظلم وتحوّله إلى عدالة خاصة بها. المرأة التي تحكم بما يتوفر لها من أدوات الحكم. المرأة التي تواجه مصائبها بنفسها ولا تلتفت إلى الوراء. ومهما بدت مستضعفة فهي تواصل طريقها وتعرف أهدافها. لكنها لم تتخلَّ عن القيود المفروضة عليها إلاّ ظاهرياً.

واليوم في زمن التحولات الكبرى لم تعد أهدافنا بالوضوح نفسه. الأعراف ما زالت تحكمنا وما زلنا نطبّقها بالقناعة ذاتها داخلياً وإن كان البعض بدأ يرفض القيود ظاهرياً. 

ما زلنا خائفات ومترددات وما زال القانون لا يحمينا. ما زالت شهادتنا نصف شهادة وميراثنا نصف ميراث ونحن نشكل سبعين في المئة من مجتمعنا.

أتمنى في يوم المرأة ألا يقتصر الاحتفال على المباركات المكرّرة على صفحات التواصل الاجتماعي وأن تُمنح حقوقنا القانونية بعض المساحة التي نستحقها في الدستور. وأن تُعطى حقوقنا العاطفية بعض المساحة التي نستحقّها في القلوب…

إقرأوا أيضاً:

09.03.2022
زمن القراءة: 2 minutes

أتمنى في يوم المرأة ألا يقتصر الاحتفال على المباركات المكرّرة على صفحات التواصل الاجتماعي وأن تُمنح حقوقنا القانونية بعض المساحة التي نستحقها في الدستور. وأن تُعطى حقوقنا العاطفية بعض المساحة التي نستحقّها في القلوب.

ولدت أمي في الربيع وتوفيت في الصيف وكان الخريف زمنها المفضل. وما زلت أشعر بقيودها على رسغي حتى الآن. كانت متمردة بطبعها ولكن القانون الصارم الذي حكمت به بيتنا لم يكن يسمح لأحد بالجموح. فتوقيت الجلوس إلى المائدة والخلود إلى النوم والعودة إلى البيت كان مقدّساً. العبث بالنظام كان جريمة كبرى. 

رافقتني في يومي المدرسي الأول ورافقت إخوتي وكل أطفال العائلة في ما بعد في رحلة التعليم. مع أنّها تخلّت عن الدراسة في الليلة التي لبست فيها خاتم خطوبتها. وتحدّت جدي وأخاها الأكبر أن يجبراها على العودة إلى المدرسة التي “تكرهها” تحت طائلة رفض الزواج وإشعال فضيحة.

أذكر جدتي التي بقيت متمسكة بالحلق على أذنيها والعقد في صدرها حتى النفس الأخير. وكانت تفصّل أثوابها في البيت وتجبر السيدة التي تخيط لها على وضع جيب في الجهة اليمنى تحتفظ فيه بمشط صغير ومنديل مطوي. 

جدتي الثانية ودّعت شجرات الزيتون التي تملكها قبل أن تموت ووزعت أموالها بالتساوي بين بناتها وأبنائها ضاربة بتوصية “للذكر مثل حظ الأنثيين” عرض الحائط. مع أنها كانت حارسة الشريعة والمقدّسات وتنتظر عودة الخلافة الإسلامية إلى ربوع الشام.

كان شعوري نحو سيدات عائلتي يتأرجح بين الحب والضغينة، كنت أخاف أن تطبعنني بأفكار مجتمع رفضتُ على الدوام توجهاته، وعاملت تعليماتهن بحذر شديد، على تناقضها. 

لكنني اليوم أرى فيهن المرأة السورية ضحية وبطلة ظروفها.

المرأة التي تبتلع الظلم وتحوّله إلى عدالة خاصة بها. المرأة التي تحكم بما يتوفر لها من أدوات الحكم. المرأة التي تواجه مصائبها بنفسها ولا تلتفت إلى الوراء. ومهما بدت مستضعفة فهي تواصل طريقها وتعرف أهدافها. لكنها لم تتخلَّ عن القيود المفروضة عليها إلاّ ظاهرياً.

واليوم في زمن التحولات الكبرى لم تعد أهدافنا بالوضوح نفسه. الأعراف ما زالت تحكمنا وما زلنا نطبّقها بالقناعة ذاتها داخلياً وإن كان البعض بدأ يرفض القيود ظاهرياً. 

ما زلنا خائفات ومترددات وما زال القانون لا يحمينا. ما زالت شهادتنا نصف شهادة وميراثنا نصف ميراث ونحن نشكل سبعين في المئة من مجتمعنا.

أتمنى في يوم المرأة ألا يقتصر الاحتفال على المباركات المكرّرة على صفحات التواصل الاجتماعي وأن تُمنح حقوقنا القانونية بعض المساحة التي نستحقها في الدستور. وأن تُعطى حقوقنا العاطفية بعض المساحة التي نستحقّها في القلوب…

إقرأوا أيضاً: