fbpx

آثار القمع الصينيّ للمسلمين تتخطّى حدود البلاد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
ترجمة- Vox

عام 2017، قامت الحكومة الصينيّة بجمع مسلمي الأويغور واحتجزتهم في شبكة واسعة من معسكرات الاعتقال، تضمّ حالياً حوالى مليون شخص.يُمثل هذا القمع واحدة من أكثر الأزمات الإنسانيّة ترويعاً في العالم اليوم، ولكنّها الأكثر تجاهلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
طاهر في مكتبته

ماذا كنتَ لتفعل إذا جاءك نبأ اعتقال أخيك بسببك؟ هذا الوضع الذي يفطر القلب هو ما يعيشه طاهر أمين. أخبره أحد معارفه القدامى في تركيا أنّ الصين اعتقلت أخاه “عادل” انتقاماً منه.

ينتمي الأخوان إلى قومية الأويغور، وهي أقلّية عِرقيّة من المسلمين تتركّز في منطقة شينغيانغ في الصين. عام 2017، قامت الحكومة الصينيّة بجمع مسلمي الأويغور واحتجزتهم في شبكة واسعة من معسكرات الاعتقال، تضمّ حالياً حوالى مليون شخص.

يُمثل هذا القمع واحدة من أكثر الأزمات الإنسانيّة ترويعاً في العالم اليوم، ولكنّها الأكثر تجاهلاً. ولم تعد آثارها محصورة بحدود الصين أو مقتصرة على المواطنين الصينيّين، إذ كشف تقرير لموقع “باز فيد – BuzzFeed”، عن اختفاء بعض المواطنين الأتراك في الصين، ما أثار قلقَ عائلاتِهم من أنهم ربّما اقتيدوا إلى معسكرات اعتقال.

في ما يتعلق بقضية أمين، فيرى الأخ المفجوع أنّ القبضَ على أخيه كان انتقاماً، بسبب نشاطه في الولايات المتّحدة. فقد استطاع أمين الانتقال إلى الولايات المتّحدة قبل عامَين، ومنذ ذلك الحين ظلّ ينتقد سياسات الصين القمعيّة في وسائل إعلاميّة رئيسيّة، ويحث الآخرين من الأويغور على التحدث من دون خوف. والآن يعتقد أنّه يُعاقَب على نشاطه ذاك.

أخبرني بهذا قائلاً “أعتقد أنّ الدافع وراء ذلك هو الانتقام المحض. قال الشخص الذي أبلغني الرسالة (عن اعتقال عادل) إنّه ورَد في بيانات اعتقاله بوضوح أنّ عادلاً هو شقيق طاهر الذي يُدلي بتصريحات لوسائل الإعلام الأميركيّة ضدّ الحكومة الصينيّة”.

قال أمين إنه تلقّى الرسالة بشأن اعتقال أخيه من رجل في تركيا التي تعدّ موطنَ مجموعة كبيرة من أويغور الشتات؛ وقد تواصل الرجل معه من خلال اتصال آمن عبر “شبكة خاصة افتراضية VPN” لتجنّب المراقبة الصينيّة. وأشار الرجل إلى أنّه سمع من شخص كان في السجن مع عادل، أنّ الأخير حُكِم عليه بالسجن لمدّة عشرة أعوام؛ وقال إنّ ثلاثةً من أبناء عمومة أمين اعتقلوا أيضاً.

أوضح أمين ”تلقّيتُ الأنباء. ومنذ ذلك الحين، وحتى الآن، لم أتناول طعاماً، ولم أنَم. ولا يسعني سوى التفكير في ما يمكنني القيام به لإنقاذ أخي وأبناء عمومتي. لقد انتهيت للتو من كتابة رسالة إلكترونيّة إلى السفارة الصينيّة في الولايات المتّحدة، سألتهم فيها “ماذا حدث لأخي؟ أجيبوني” ولكنّني أعلم أنّهم لن يجيبوني”.

كان يبكي وهو يقول بصوتٍ متهدّج “لا أعرف ما قد يحدث لي”.

أمين ليس سوى واحد من مئات الآلاف من الأويغور حول العالم الذين يعانون آلاماً نفسيّة شديدة، فيما يحاولون من دون جدوى تحديد مصير أقاربهم في الصين. تكتنف معسكرات الاعتقال، السريّة، لكن هناك تقارير عن حالات وفاة وتعذيب للمعتقلين المسلمين الذين تقوم السلطات بتلقينهم دعاية الحزب الشيوعيّ الصينيّ ونبذ الإسلام وتناول لحم الخنزير والمشروبات الكحولية.

تعتبر الصين أن الشعبَ الأويغوريّ يمثل خطراً إرهابيّاً، وتزعم أنّ إجراءات “القضاء على التطرّف” هي أمر ضروريّ لأمنها القوميّ. بيد أنّه مع زيادة الاهتمام الدوليّ بشأن تلك المعسكرات، فثمة تقارير تشير إلى أنّ الصين بدأت نقل الأويغور في منطقة شينغيانغ إلى سجون في مقاطعات أخرى.

قال أمين أنّ أخاه رجل أعمال مبتدئ في شينغيانغ يبلغ من العمر 36 عاماً، ويحب الأطفال كثيراً. فعلى رغم أنّ لديه 3 أطفال، فإنّ عادلاً يعتني بأطفال آخرين أرسل آباؤهم إلى معسكرات الاعتقال. ويشعر أمين بالقلق حول مصير هؤلاء الأطفال الآن وحول مصير عادل نفسه، الذي وصفه بأنه روح لطيف لا تناسبه الأجواء القاسية في السجون الصينيّة. وأضاف “إنّه شخص صادق ونزيه للغاية. لم يسافر إلى دولة أجنبيّة أبداً، حتّى أنه لا يرتاد المسجد”.

حتّى الأجانب ليسوا بمأمن

لا تتسبّب بكين في أذى نفسيّ لأقارب السجناء في الخارج فحسب؛ بل إنّها تحتجز مواطنين أجانب من دون محاكمة وتُخضِعهم للاستجواب والتعسّف. ووفق كل من ميغا راجاجوبالان ومراد يلدِز، في تحقيق نُشِر على موقع “باز فيد” BuzzFeed، هذا الأسبوع، فإنّ مواطنين أتراكاً اختفوا في شينغيانغ.

قال أحد رجال الأعمال الأتراك أإّه كان في رحلة عمل اعتياديّة إلى الصين، حين احتجزه مسؤولون صينيّون وأجبروه على معاناة الجوع والحرمان من النوم والخضوع للاستجواب لمدة 38 يوماً. وبعد استجواب مطوّل عن علاقاته الاجتماعيّة أُطلق سراحه وتم ترحيله إلى إسطنبول، من دون حتّى إخباره بالتهم الموجّهة إليه، إن كانت هناك أي تهمة في الأساس.

ويشير الصحافيّان إلى أنّ ذلك يُشكل جزءاً من ظاهرة أكبر.

وجد موقع “باز فيد” أنّ 6 مواطنين أتراك -وربّما عشرات غيرهم- قد اختفوا في مقاطعة شينغيانغ في الصين؛ 2 منهم مجرد أطفال صغار. لم تُقر الحكومة الصينيّة أو التركيّة علناً بأي من هذه الحالات… وتعتقد عائلاتهم أنّهم اقتيدوا إلى السجن أو معسكرات الاعتقال، أو ربّما اقتيد الطفلان إلى دور الرعاية الحكوميّة. وتم التأكّد من مزاعم العائلات من خلال مراسلات إلكترونيّة مع مسؤولين حكوميّين ونسخ من وثائق الهويّة التركيّة.

وبحسب عائلاتهم، لا يحمل أيٌّ من المواطنين الستّة الجنسيّة الصينيّة.

تُشِير أقوال العائلات إلى أنّ السلطات الصينيّة لم تخشَ أن تشمل حملاتها التعسّفية ضدّ القوميّة التركيّة المسلمة في أراضيها (الأويغور) مواطنين أجانبَ أيضاً، حتّى من دول تجمع بينها وبين الصين شراكات دبلوماسية هامة.

يجب أن تثير حقيقة اعتقال الصين أشخاصاً لا يحملون حتّى الجنسيّة الصينيّة، المجتمع الدوليّ باعتبارها أمراً مقلقاً للغاية. إلّا أنّ الاستجابة الدوليّة اتسمت بالصمت نسبيّاً.

وبينما انتقدت تركيا نظام الاعتقالات الجماعيّة في الصين، إلّا أنّ بعض الدول ذات الغالبيّة المسلمة، حذا حذوها. وانتقد دول الغربيّة – منها الولايات المتّحدة- الصينَ في ما يتعلّق بحقوق الإنسان، إلّا أنّ شيئاً لم يحدث، لا عقوبات أو خطوات عملية من شأنِها إجبار الصين على إعادة تقييم سياساتها.

بالنسبة إلى أمين، فإنّه يشعر بأنّ كلّ هذا لا يطاق تقريباً. يقول “الناس يموتون، ولن يقوم أحد بفعل أي شيء لإنقاذ الشعب الأويغوريّ. تتحدث الولايات المتّحدة طوال الوقت، لكن لا أحد سيفعل شيئاً على أرض الواقع”.

 

هذا المقال مترجم عن vox.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.