fbpx

أين مروان المريسي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لن يحتفل الإعلامي اليمني مروان المريسي مع أسرته وأصدقائه بعيد ميلاده الـ37 الذي يصادف هذه الأيام، إذ يقبع حتى اللحظة في أحد السجون السعودية. وفي ظل الصمت الإعلامي اللافت الذي رافق القضية، ربما كثيرون لم يسمعوا بقضية مروان المريسي…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لن يحتفل الإعلامي اليمني مروان المريسي مع أسرته وأصدقائه بعيد ميلاده الـ37 الذي يصادف هذه الأيام، إذ يقبع حتى اللحظة في أحد السجون السعودية. وفي ظل الصمت الإعلامي اللافت الذي رافق القضية، ربما كثيرون لم يسمعوا بقضية مروان المريسي.

أمضى الشاب أكثر من 6 أشهر حتى الآن في السجن، من دون أي تهمة أو حتى معلومة من السلطات السعودية عن سبب اعتقاله. منعت السلطات السعودية أي معلومات عن أهله وأصدقائه حول سبب اعتقاله أو مكانه ومنعت أيضاً زيارته، ومع كل يوم آخر يمرّ، نخشى نحن أصدقاؤه أن يكون أصابه مكروه، فالنظام السعودي القمعي لا يرحم، وكانت أحدث إنجازاته سياسة “القطع بالمنشار” بحق معارضيه، إضافة إلى استخدام التعذيب والعنف الجنسي مع السجينات النساء.

مروان المريسي (المولود عام ١٩٨٢)، لم يكن معارضاً ولا دخل له بالسياسة حتى، ما يؤكّد أن لا مسوّغ لإبقائه في السجن. مروان المريسي، اليمني المغترب في السعودية منذ 2003، معروف منذ سنوات في الوسط الإعلامي التسويقي E-Marketing في البلاد. عمل في مسيرته المهنية في مجال الإعلام الرقمي والتنمية البشرية، في أكثر من وسيلة إعلامية سعودية، بين الصحف والتلفزيون لا سيما قناة المجد والرسالة. مروان كان من المغردين الناشطين علىتويتر“، وتغريداته كان معظمها عن مجال تخصّصه، وكان المغرّدون اليمنيون الناشطون بمعظمهم على معرفة به وبعمله، وكان أيضاً معروفاً في الجالية اليمنية في السعودية. مروان من اليمنيين القلائل الذين كافحوا في عملهم ووصلوا الى مكانة راقية في السعودية، فقد كان ضيفاً في عددٍ من البرامج التلفزيونية المعنية بمواضيع التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. لمروان المريسي كتاب واحد صدر عام 2014 بعنوان “لبن العصفور”.

ذنب مروان أنه من اليمن الذي تنهش الحرب جسده المثقل بالمآسي والآلام، فليس لمروان جهة تدافع عنه

معرفتي بمروان كانت مع بداية ثورة اليمن 2011. كان من أوائل الذين تابعتهم وتابعوني على “تويتر” في تلك الفترة. في عشرات الرسائل التي كنا نتبادلها كان مروان حذراً، يشجّعني على كتاباتي في القضايا السياسية، ولكن لا يعلّق على شيء علناً. مروان كان واحداً بين مئات آلاف اليمنيين في السعودية. على رغم الكثير من الإجراءات التعسفية تجاه الجالية اليمنية في السعودية كفرض قيود قانونية على العمالة اليمنية (جزء من القيود على العمالة الأجنبية) وترحيل الآلاف من دون أي اعتبار للمجاعة والحرب المستعرة في اليمن، بل وحتى منع اليمنيين (الى جانب السوريين) ممّن لديهم “هوية زائر” أو” تأشيرة حكومية” من الدراسة في المدارس الحكومية، والسماح لهم بالمدارس الخاصة على نفقتهم. على رغم كل هذه العلاقة المتشنجة بين اليمن والسعودية، لم يكتب مروان مرةً واحدة عن ذلك. كان مروان كما يقال باللهجة المصرية “ماشي جنب الحيط”.

لم يحمِ كل ذلك الحرص مروان.

في الأول من حزيران/ يونيو العام الماضي، كان مروان بجوار سرير ابنه الصغير ذي الخمسة أعوام المصاب بضمور دماغي في المستشفى في الرياض، فحضرت قوات أمن وتم اعتقال مروان من دون أي تفسير، فترك ابنه وحيداً وذهب. ومن يومها اختفى مروان. تلقت عائلته مكالمة بعدها مفادها أن يذهبوا إلى ابنه في المستشفى لأنه من دون والده، ولم تحصل العائلة على أي تفاصيل عن مروان. ومن يومها عائلته وأصدقاؤه يسألون: أين اختفى مروان؟ولماذا؟

هناك تفسيران. من جهة، أخبرتني لجنة حماية الصحافيين، “جريمة مروان هو أنه لم يكن يمجّد ويهلّل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الوقت الذي فعل الجميع ذلك. وعموماً، بعد مقتل جمال خاشقجي وانعدام أي سبل لتحقيق محاسبة دولية في مقتل خاشقجي يمثل اعتقال مروان المريسي (وهو الذي لم يكن له أي صلة بالكتابات السياسية) نقطة سوداء أخرى في سجل المملكة العربية السعودية المملوء بالانتهاكات ضد حرية الإعلام”.

ومن جهة أخرى، نعتقد نحن أصدقاء مروان أن ظهوره في برنامج تلفزيوني مع  الداعية السعودي سلمان العودة في 2016 كان سبباً كافياً للسلطات السعودية لاعتقاله. سلمان العودة رهن الاعتقال منذ أيلول/ سبتمبر 2017 ويواجه عقوبة الإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب. في كل الأحوال، لا تخفى علينا سلسلة الاعتقالات لعشرات الصحافيين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ورجال الأعمال في السعودية، ويبدو أن اعتقال مروان المريسي هو جزء من سياسة تكميم الأفواه التي يعتمدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

حاول كثيرون إطلاق حملة إلكترونية  تحت وسم #أين_مروان_المريسي في أيلول، على أمل بأن تقوم السلطات السعودية بالتصريح عن أي تفاصيل عن مروان وإطلاق سراحه، لكن من دون أي جدوى. ذنب مروان أنه من اليمن الذي تنهش الحرب جسده المثقل بالمآسي والآلام، فليس لمروان جهة تدافع عنه. إنّما مهما كانت جريمته، يستحق الرجل محاكمة عادلة وشفافة، والكشف عن مكان اعتقاله والسماح لأهله بزيارته. أتمنى أن يأتي عيد ميلاد مروان المريسي المقبل، وهو بين أهله وأصدقائه.

إقرأ أيضاً:
وأنا أيضاً أسأل: صحافية أم ناشطة؟
عن عادل وعن المجاعة المُحدقة باليمن

لن يحتفل الإعلامي اليمني مروان المريسي مع أسرته وأصدقائه بعيد ميلاده الـ37 الذي يصادف هذه الأيام، إذ يقبع حتى اللحظة في أحد السجون السعودية. وفي ظل الصمت الإعلامي اللافت الذي رافق القضية، ربما كثيرون لم يسمعوا بقضية مروان المريسي…

لن يحتفل الإعلامي اليمني مروان المريسي مع أسرته وأصدقائه بعيد ميلاده الـ37 الذي يصادف هذه الأيام، إذ يقبع حتى اللحظة في أحد السجون السعودية. وفي ظل الصمت الإعلامي اللافت الذي رافق القضية، ربما كثيرون لم يسمعوا بقضية مروان المريسي.

أمضى الشاب أكثر من 6 أشهر حتى الآن في السجن، من دون أي تهمة أو حتى معلومة من السلطات السعودية عن سبب اعتقاله. منعت السلطات السعودية أي معلومات عن أهله وأصدقائه حول سبب اعتقاله أو مكانه ومنعت أيضاً زيارته، ومع كل يوم آخر يمرّ، نخشى نحن أصدقاؤه أن يكون أصابه مكروه، فالنظام السعودي القمعي لا يرحم، وكانت أحدث إنجازاته سياسة “القطع بالمنشار” بحق معارضيه، إضافة إلى استخدام التعذيب والعنف الجنسي مع السجينات النساء.

مروان المريسي (المولود عام ١٩٨٢)، لم يكن معارضاً ولا دخل له بالسياسة حتى، ما يؤكّد أن لا مسوّغ لإبقائه في السجن. مروان المريسي، اليمني المغترب في السعودية منذ 2003، معروف منذ سنوات في الوسط الإعلامي التسويقي E-Marketing في البلاد. عمل في مسيرته المهنية في مجال الإعلام الرقمي والتنمية البشرية، في أكثر من وسيلة إعلامية سعودية، بين الصحف والتلفزيون لا سيما قناة المجد والرسالة. مروان كان من المغردين الناشطين علىتويتر“، وتغريداته كان معظمها عن مجال تخصّصه، وكان المغرّدون اليمنيون الناشطون بمعظمهم على معرفة به وبعمله، وكان أيضاً معروفاً في الجالية اليمنية في السعودية. مروان من اليمنيين القلائل الذين كافحوا في عملهم ووصلوا الى مكانة راقية في السعودية، فقد كان ضيفاً في عددٍ من البرامج التلفزيونية المعنية بمواضيع التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. لمروان المريسي كتاب واحد صدر عام 2014 بعنوان “لبن العصفور”.

ذنب مروان أنه من اليمن الذي تنهش الحرب جسده المثقل بالمآسي والآلام، فليس لمروان جهة تدافع عنه

معرفتي بمروان كانت مع بداية ثورة اليمن 2011. كان من أوائل الذين تابعتهم وتابعوني على “تويتر” في تلك الفترة. في عشرات الرسائل التي كنا نتبادلها كان مروان حذراً، يشجّعني على كتاباتي في القضايا السياسية، ولكن لا يعلّق على شيء علناً. مروان كان واحداً بين مئات آلاف اليمنيين في السعودية. على رغم الكثير من الإجراءات التعسفية تجاه الجالية اليمنية في السعودية كفرض قيود قانونية على العمالة اليمنية (جزء من القيود على العمالة الأجنبية) وترحيل الآلاف من دون أي اعتبار للمجاعة والحرب المستعرة في اليمن، بل وحتى منع اليمنيين (الى جانب السوريين) ممّن لديهم “هوية زائر” أو” تأشيرة حكومية” من الدراسة في المدارس الحكومية، والسماح لهم بالمدارس الخاصة على نفقتهم. على رغم كل هذه العلاقة المتشنجة بين اليمن والسعودية، لم يكتب مروان مرةً واحدة عن ذلك. كان مروان كما يقال باللهجة المصرية “ماشي جنب الحيط”.

لم يحمِ كل ذلك الحرص مروان.

في الأول من حزيران/ يونيو العام الماضي، كان مروان بجوار سرير ابنه الصغير ذي الخمسة أعوام المصاب بضمور دماغي في المستشفى في الرياض، فحضرت قوات أمن وتم اعتقال مروان من دون أي تفسير، فترك ابنه وحيداً وذهب. ومن يومها اختفى مروان. تلقت عائلته مكالمة بعدها مفادها أن يذهبوا إلى ابنه في المستشفى لأنه من دون والده، ولم تحصل العائلة على أي تفاصيل عن مروان. ومن يومها عائلته وأصدقاؤه يسألون: أين اختفى مروان؟ولماذا؟

هناك تفسيران. من جهة، أخبرتني لجنة حماية الصحافيين، “جريمة مروان هو أنه لم يكن يمجّد ويهلّل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الوقت الذي فعل الجميع ذلك. وعموماً، بعد مقتل جمال خاشقجي وانعدام أي سبل لتحقيق محاسبة دولية في مقتل خاشقجي يمثل اعتقال مروان المريسي (وهو الذي لم يكن له أي صلة بالكتابات السياسية) نقطة سوداء أخرى في سجل المملكة العربية السعودية المملوء بالانتهاكات ضد حرية الإعلام”.

ومن جهة أخرى، نعتقد نحن أصدقاء مروان أن ظهوره في برنامج تلفزيوني مع  الداعية السعودي سلمان العودة في 2016 كان سبباً كافياً للسلطات السعودية لاعتقاله. سلمان العودة رهن الاعتقال منذ أيلول/ سبتمبر 2017 ويواجه عقوبة الإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب. في كل الأحوال، لا تخفى علينا سلسلة الاعتقالات لعشرات الصحافيين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ورجال الأعمال في السعودية، ويبدو أن اعتقال مروان المريسي هو جزء من سياسة تكميم الأفواه التي يعتمدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

حاول كثيرون إطلاق حملة إلكترونية  تحت وسم #أين_مروان_المريسي في أيلول، على أمل بأن تقوم السلطات السعودية بالتصريح عن أي تفاصيل عن مروان وإطلاق سراحه، لكن من دون أي جدوى. ذنب مروان أنه من اليمن الذي تنهش الحرب جسده المثقل بالمآسي والآلام، فليس لمروان جهة تدافع عنه. إنّما مهما كانت جريمته، يستحق الرجل محاكمة عادلة وشفافة، والكشف عن مكان اعتقاله والسماح لأهله بزيارته. أتمنى أن يأتي عيد ميلاد مروان المريسي المقبل، وهو بين أهله وأصدقائه.

إقرأ أيضاً:
وأنا أيضاً أسأل: صحافية أم ناشطة؟
عن عادل وعن المجاعة المُحدقة باليمن