fbpx

اتفاق طهران- الرياض… سنتسلى قليلاً قبل أن تداهمنا الحروب مجدداً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لن يطول الارتباك بانتظار انهيار وشيك للاتفاق، لكننا سنتسلى قليلاً قبل أن تداهمنا مجدداً حروب طهران والرياض في بلادنا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“السعودية وإيران أعلنتا، عن توصلهما لاتفاق لإعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين والمقطوعة منذ 7 سنوات وذلك بوساطة صينية”! ولكن هل شمل الاتفاق الحروب الأهلية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وصولاً إلى فلسطين؟ الدولتان، مشعلتا الحروب الأهلية، وقعتا اتفاقاً سترسلان بموجبه سفيريها إلى عاصمتيهما. وفي هذا الوقت ارتفع منسوب التفاؤل على طرفي خط الانقسام السني- الشيعي الذي يشطر الإقليم.

الصدوع الأهلية أعمق من أن تلتئم في أعقاب اتفاقٍ، الأرجح أنه عابر، فالشقاق وصل إلى مناطق تقدمت معها المصلحة بالحرب على المصلحة بالتسوية. والصين أقل حضوراً في التفاصيل من واشنطن، والشراكات الاقتصادية على أهميتها، لا تكفي لرأب صدع أهلي لطالما استُحضر من قرون غابرة، ولنا بمسلسل معاوية مثال ونموذج.

 الاتفاق برعاية صينية ولد من لا شيء! من هي الصين لكلا البلدين؟ شريك تجاري. هل هذا يكفي؟ الأرجح أن على المسارعين إلى التفاؤل، أن يتحلوا ببعض الروية. للسعودية حساب مع واشنطن، وفي الفترة الأخيرة مع أبو ظبي، وطهران مأزومة بسبب العقوبات الغربية. الصين ليست مخرجاً من الاختناقين، ولا تملك دالة على معظم خطوط النزاع. 

المحتفلون الممانعون بالاتفاق، وغير الخجلين مما سيفضي إليه خطاب شيطنة آل سعود، يعتقدون أن ما حصل هو انتصار لـ”خيار الشرق”، أما المرحبون بـ”الإنجاز الصيني” من الجهة الأخرى، فهم لطالما غرقوا في “شبر من الماء”، وعادوا بعد غرقهم إلى مواقعهم خائبين.

على ماذا اتفقت السعودية وإيران؟ على إنهاء الحرب في اليمن؟ أم على رئيس للجمهورية في لبنان؟ ماذا عن الانقسام الفلسطيني، أم الاستعصاء السوري، وهل العراق جزء من الصفقة؟ هذه قضايا تحتاج إلى سنوات من التفاوض وإلى فِرق ووفود وتفاصيل ومباحثات تعقب إعلان الرغبة في تسويتها. لا يكفي أن تعلن دولتا الحروب الأهلية عن نيتهما في حلها. وغياب واشنطن عن الصفقة تبقيها أحادية. فهذا الغياب يعني غياب تل أبيب والقاهرة، ناهيك بأبو ظبي وعمان.

على ماذا اتفقت السعودية وإيران؟ على إنهاء الحرب في اليمن؟ أم على رئيس للجمهورية في لبنان؟ ماذا عن الانقسام الفلسطيني، أم الاستعصاء السوري، وهل العراق جزء من الصفقة؟

الاتفاق كما أعلن، لا يعدو كونه لحظة شعرت فيها الدولتان بأنهما تريدان الالتفاف على ما هما فيه من تخبط، الرياض في علاقتها غير المستقرة مع واشنطن، وطهران في مواجهة الحصار الغربي. لكن الحاجة إلى الحروب ما زالت قائمة، وهياكل الصدام حصل استثمار هائل فيها. قد نشهد هدنة على بعض خطوط المواجهة، لكن الأمر لن يتعدى ذلك. هل ستقبل السعودية بدولة يتصدرها الحوثيون على حدودها؟ وهل ستفكك ايران “حزب الله” في لبنان؟ وأي وهم يمكن أن يمثله حل من دون هذه الشروط؟

هكذا وعلى حين غرة استيقظت صين أطاحت بأميركا في الشرق الأوسط، وأنجزت ما عجز عن إنجازه الغرب مجتمعاً! الاعتقاد بذلك يشبه الاعتقاد بالزراعة على شرفات المباني بوصفه حلاً لانهيار الاقتصاد اللبناني. الشرق وقد جاء ليطيح بسنوات من التفوق الغربي. وعلى طرفي هذه الأوهام تقيم نيات أخرى. وحده خطاب الصدام سيرتبك، لكن الصدام نفسه لن يجد بما حصل ما يبدده. المصلحة في الحروب أعمق بكثير من الرغبة في إرباك أميركا، والصين الصاعدة اقتصادياً غائبة عن تفاصيل النزاع. والشيطان مقيم في التفاصيل، على ما خبرنا. فأين الصين من منازعات الرئاسة في لبنان… وأينها في اليمن وغزة؟

لطالما شهدنا في هذا الشرق البائس لحظات مشابهة اعتقدنا فيها أن النزاعات، وهي عميقة وجوهرية، سيتم تجاوزها بصفقات. هل تذكرون صفقة الـ”سين سين” بين السعودية وسوريا بعد سنوات من الاحتقان في أعقاب اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وبرعاية فرنسية؟ حينها صدق السعوديون أنهم بهذه التسوية سيستعيدون بشار الأسد. وبعدها تمت الإطاحة بالـ”سين سين” وبلبنان وبسوريا.

في إيران وفي السعودية أنظمة ولادة للحروب في بلاد الآخرين. اتفاق عابر لا يكفي لتغيير طبيعة هذه الأنظمة. مركزا الصدع المذهبي هناك، ورأب هذا الصدع يبدأ من تغيير في طبيعتي النظامين. بكين، وقبلها واشنطن، وظفتا هذه الحقيقة في نفوذهما في الشرق. أما السبيل الفعلي لرأب الصدع، فيبدأ من تغيير في طبيعتي النظامين، وهذا ما لا يبدو أنه في المتناول اليوم.

يبقى أن ثمة ما سيكون مسلياً في موازاة الاتفاق. إنه خطاب الصراع الذي تم على هامشه بناء هياكل هائلة للمواجهة الإعلامية بين البلدين. فماذا سيحل بوسائل المواجهة الإعلامية وبوجوهها ومفوهيها؟ كيف ستصدر افتتاحيات “عكاظ” السعودية، و”الأخبار” اللبنانية. لن يطول الارتباك بانتظار انهيار وشيك للاتفاق، لكننا سنتسلى قليلاً قبل أن تداهمنا مجدداً حروب طهران والرياض في بلادنا.  

لن يطول الارتباك بانتظار انهيار وشيك للاتفاق، لكننا سنتسلى قليلاً قبل أن تداهمنا مجدداً حروب طهران والرياض في بلادنا.

“السعودية وإيران أعلنتا، عن توصلهما لاتفاق لإعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين والمقطوعة منذ 7 سنوات وذلك بوساطة صينية”! ولكن هل شمل الاتفاق الحروب الأهلية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وصولاً إلى فلسطين؟ الدولتان، مشعلتا الحروب الأهلية، وقعتا اتفاقاً سترسلان بموجبه سفيريها إلى عاصمتيهما. وفي هذا الوقت ارتفع منسوب التفاؤل على طرفي خط الانقسام السني- الشيعي الذي يشطر الإقليم.

الصدوع الأهلية أعمق من أن تلتئم في أعقاب اتفاقٍ، الأرجح أنه عابر، فالشقاق وصل إلى مناطق تقدمت معها المصلحة بالحرب على المصلحة بالتسوية. والصين أقل حضوراً في التفاصيل من واشنطن، والشراكات الاقتصادية على أهميتها، لا تكفي لرأب صدع أهلي لطالما استُحضر من قرون غابرة، ولنا بمسلسل معاوية مثال ونموذج.

 الاتفاق برعاية صينية ولد من لا شيء! من هي الصين لكلا البلدين؟ شريك تجاري. هل هذا يكفي؟ الأرجح أن على المسارعين إلى التفاؤل، أن يتحلوا ببعض الروية. للسعودية حساب مع واشنطن، وفي الفترة الأخيرة مع أبو ظبي، وطهران مأزومة بسبب العقوبات الغربية. الصين ليست مخرجاً من الاختناقين، ولا تملك دالة على معظم خطوط النزاع. 

المحتفلون الممانعون بالاتفاق، وغير الخجلين مما سيفضي إليه خطاب شيطنة آل سعود، يعتقدون أن ما حصل هو انتصار لـ”خيار الشرق”، أما المرحبون بـ”الإنجاز الصيني” من الجهة الأخرى، فهم لطالما غرقوا في “شبر من الماء”، وعادوا بعد غرقهم إلى مواقعهم خائبين.

على ماذا اتفقت السعودية وإيران؟ على إنهاء الحرب في اليمن؟ أم على رئيس للجمهورية في لبنان؟ ماذا عن الانقسام الفلسطيني، أم الاستعصاء السوري، وهل العراق جزء من الصفقة؟ هذه قضايا تحتاج إلى سنوات من التفاوض وإلى فِرق ووفود وتفاصيل ومباحثات تعقب إعلان الرغبة في تسويتها. لا يكفي أن تعلن دولتا الحروب الأهلية عن نيتهما في حلها. وغياب واشنطن عن الصفقة تبقيها أحادية. فهذا الغياب يعني غياب تل أبيب والقاهرة، ناهيك بأبو ظبي وعمان.

على ماذا اتفقت السعودية وإيران؟ على إنهاء الحرب في اليمن؟ أم على رئيس للجمهورية في لبنان؟ ماذا عن الانقسام الفلسطيني، أم الاستعصاء السوري، وهل العراق جزء من الصفقة؟

الاتفاق كما أعلن، لا يعدو كونه لحظة شعرت فيها الدولتان بأنهما تريدان الالتفاف على ما هما فيه من تخبط، الرياض في علاقتها غير المستقرة مع واشنطن، وطهران في مواجهة الحصار الغربي. لكن الحاجة إلى الحروب ما زالت قائمة، وهياكل الصدام حصل استثمار هائل فيها. قد نشهد هدنة على بعض خطوط المواجهة، لكن الأمر لن يتعدى ذلك. هل ستقبل السعودية بدولة يتصدرها الحوثيون على حدودها؟ وهل ستفكك ايران “حزب الله” في لبنان؟ وأي وهم يمكن أن يمثله حل من دون هذه الشروط؟

هكذا وعلى حين غرة استيقظت صين أطاحت بأميركا في الشرق الأوسط، وأنجزت ما عجز عن إنجازه الغرب مجتمعاً! الاعتقاد بذلك يشبه الاعتقاد بالزراعة على شرفات المباني بوصفه حلاً لانهيار الاقتصاد اللبناني. الشرق وقد جاء ليطيح بسنوات من التفوق الغربي. وعلى طرفي هذه الأوهام تقيم نيات أخرى. وحده خطاب الصدام سيرتبك، لكن الصدام نفسه لن يجد بما حصل ما يبدده. المصلحة في الحروب أعمق بكثير من الرغبة في إرباك أميركا، والصين الصاعدة اقتصادياً غائبة عن تفاصيل النزاع. والشيطان مقيم في التفاصيل، على ما خبرنا. فأين الصين من منازعات الرئاسة في لبنان… وأينها في اليمن وغزة؟

لطالما شهدنا في هذا الشرق البائس لحظات مشابهة اعتقدنا فيها أن النزاعات، وهي عميقة وجوهرية، سيتم تجاوزها بصفقات. هل تذكرون صفقة الـ”سين سين” بين السعودية وسوريا بعد سنوات من الاحتقان في أعقاب اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وبرعاية فرنسية؟ حينها صدق السعوديون أنهم بهذه التسوية سيستعيدون بشار الأسد. وبعدها تمت الإطاحة بالـ”سين سين” وبلبنان وبسوريا.

في إيران وفي السعودية أنظمة ولادة للحروب في بلاد الآخرين. اتفاق عابر لا يكفي لتغيير طبيعة هذه الأنظمة. مركزا الصدع المذهبي هناك، ورأب هذا الصدع يبدأ من تغيير في طبيعتي النظامين. بكين، وقبلها واشنطن، وظفتا هذه الحقيقة في نفوذهما في الشرق. أما السبيل الفعلي لرأب الصدع، فيبدأ من تغيير في طبيعتي النظامين، وهذا ما لا يبدو أنه في المتناول اليوم.

يبقى أن ثمة ما سيكون مسلياً في موازاة الاتفاق. إنه خطاب الصراع الذي تم على هامشه بناء هياكل هائلة للمواجهة الإعلامية بين البلدين. فماذا سيحل بوسائل المواجهة الإعلامية وبوجوهها ومفوهيها؟ كيف ستصدر افتتاحيات “عكاظ” السعودية، و”الأخبار” اللبنانية. لن يطول الارتباك بانتظار انهيار وشيك للاتفاق، لكننا سنتسلى قليلاً قبل أن تداهمنا مجدداً حروب طهران والرياض في بلادنا.