fbpx

السوريون بين غَزَلٍ مصري وعَزلٍ لبناني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عندما انقطع البث عن القاهرة أثناء العدوان الثلاثي، قال المذيع السوري عبد الهادي نصّار عبارته الشهيرة “من دمشق هنا القاهرة”. بعد أكثر من 4 عقود، عاد صدى هذه الجملة ليتردّد عبر “هاشتاغ” أطلقه مغرّدون مصريون بالعاميّة: “السوريين منورين مصر”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما انقطع البث عن القاهرة أثناء العدوان الثلاثي، قال المذيع السوري عبد الهادي البكار عبارته الشهيرة “من دمشق هنا القاهرة”. بعد أكثر من 4 عقود، عاد صدى هذه الجملة ليتردّد عبر “هاشتاغ” أطلقه مغرّدون مصريون بالعاميّة: “السوريين منورين مصر”.

انتشرت هذه العبارة الترحيبية عقب بلاغٍ قدّمه المحامي سمير صبري يطالب فيه بالكشف عن مصدر أموال السوريين في مصر. والمعروف أنّ قضايا هذا المحامي لا تنفكّ تُشعل سجالاتٍ مُستمرّة، خصوصاً أنّها مدفوعة غالباً من النظام المصري نفسه. وقد تخوّف السوريون من أن يكون بلاغ صبري تمهيداً للكشف عن رغبة الحكومة في الاستيلاء على الاستثمارات السورية في مصر. لكنّ دعوى المحامي المثير للجدل جابهتها ردود أفعال نخبوية وشعبوية، اجتمعت تحت عبارةٍ “منورين مصر”، التي تحمل الكثير من الود الاحتواء في عالمٍ عربي غارق في كراهيته وصراعاته وانقساماته.

تركزّت تلك الحكايات على جمالية الحياة في ظل اختلاط سوري مصري، سواء عبر المطبخ السوري اللذيذ الذي انتشر عبر مطاعم ومحلات عديدة في مصر أو عبر المخزون اللغوي المفعم بالكلمات المُحبّة من “تسلم روحك” إلى “تسلم يا حبّاب” و”على عيني”.

دعوى المحامي المثير للجدل جابهتها ردود أفعال نخبوية وشعبوية، اجتمعت تحت عبارةٍ “منورين مصر”، التي تحمل الكثير من الود الاحتواء في عالمٍ عربي غارق في كراهيته وصراعاته وانقساماته.

وإذا راقبنا تفاعل المثقفين والفنانين مع “الهاشتاغ” الذي تصدّر قائمة التغريدات، نجدها كلّها داعمة ومساندة للوجود السوري في مصر. نوّارة أحمد فؤاد نجم، وهي من رموز ثورة يناير، كتبت على صفحتها: “انتو بتخلوا كل مكان بتكونوا فيه أجمل. احنا زارنا النبي”. سامية صلاح جاهين قالت: “والله مش محتاجين نكتب هاشتاغ علشان نقول السوريين منورين مصر. بيتكم ومطرحكم ولينا الشرف اننا في وسطكم. واللي يقول غير كده ولا يحسسكم بغير كده داهية تاخده انشالله، قولوا يا رب”.

مطعم سوري في القاهرة

أما الشاعر الفلسطيني – المصري تميم البرغوتي، فقال: “يا أهل الشام الشريف، كل بلاد العرب بلادكم، ومن أراد إخراجكم منها فليخرج هو، وهذه الحدود والأعلام أصباغ على الخرائط وألقاب بلا معنى”. بينما كتبت الفنانة السورية كندة علوش، المتزوجة من الممثل المصري عمرو يوسف: “هاشتاغ جميل وكله محبة. لقيتو متصدر التراند في مصر فرحت جداً صراحة… وأنا مني المصريين منورين الدنيا”.

في مقابل النقاش السوري المصري الايجابي بدا المشهد اللبناني وعلاقته باللجوء السوري أكثر اشكالية وتعقيداً بل وعدائية.

التصريحات المتكررة لوزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل وفريقه السياسي التي تحمل اللجوء السوري مسؤولية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وآخرها تصريحه “الدارويني” عن التفوّق الجيني وهجومه على اليد العاملة السورية لم يرافقه استنكار شعبي واسع سوى انتقادات عبر السوشيل ميديا ووقفة تضامنية ضد تصريحات باسيل.

لكن ما حدث على الساحة اللبنانية لم يكن بحجم ما حدث على حسابات المصريين، الذين نشروا صور مطاعم سورية ومحلات سورية اعتادوا عليها ودافعوا عن الوجود السوري لأجلها…

في مقابل النقاش السوري المصري الايجابي بدا المشهد اللبناني وعلاقته باللجوء السوري أكثر اشكالية وتعقيداً بل وعدائية.

قد تصعب مقاربة اللجوء السوري في لبنان مع أي بلد عربي، نظراً إلى مساحة البلد الصغيرة (10452 كلم2) وعدد اللاجئين الكبير نسبة إلى عدد السكان (مليون و200 ألف لاجئ)، إضافة إلى أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية والبيئية في حين إن عدد اللاجئين والمقيمين السوريين في مصر لا يشكل أكثر من ثلاثمئة ألف في بلد يفوق عدد سكانه عن المئة مليون نسمة. ولنعترف أنّ مسألة اللجوء السوري في لبنان لا يتم تقديمها بأرقام ومعلومات صحيحة إذ يجري غالباً توظيفها في السياسة وفي حسابات الأطراف المحلية.

نعم هناك عبء يرزح تحته لبنان لكنّ تكريس التفرقة والكراهية لا يُمكن تبريرها، خصوصاً أنّ خطاب باسيل الأخير عقبه اقتحامات نفذها مناصرو “التيار الوطني الحرّ” على بعض المحلات السورية في لبنان بشكل استفزازي وغير مقبول لجهة طريقة التعامل مع العمال والموظفين.

أزمة اللاجئين السوريين سبقت خطاب باسيل بأعوام، والشرخ الحاصل بين اللبناني (المواطن) والسوري (اللاجئ) مُعلن، وقضية اللاجئين دخلت في غياهب المعترك اللبناني حيث يغطس اللبنانيون أنفسهم في أزمات لا تنتهي.

كثيرون رفضوا خطاب باسيل “الشوفيني”… ولكن هل نجد في لبناذن من يردّد على طريقة عبد الهادي نصّار، عبارة “من بيروت… هنا دمشق”. وبعد تحميل السوريين فاتورة انقساماتنا اللبنانية وعجزنا الاقتصادي وتفاقم عللنا وتلوّث بيئتنا، هل ثمّة من يقول للسوريين: “السوريين منورين لبنان؟”.

حين تتحوّل تغريدة عنصريّة إلى حملة منظّمة: ماذا يمكن أن يحصل بعد؟