fbpx

المخدرات الرقمية كذبة.. تهويل.. أم إدمان؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يأتي الحديث عن المخدرات الرقمية مصحوباً بالتخويف والتهويل… هل يشبه تأثيرها المخدرات العادية؟ هل تقتل؟ هل تسبب الإدمان؟ كيف نحمي أولادنا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا شكّ في أنك سمعت ذات مرة في إحدى الجلسات أو الندوات عن المخدرات الرقمية Digital drugs، أو ربما قرأت في صحيفة أو شاهدت على التلفزيون تقريراً عن هذا الموضوع. ويأتي الحديث عن المخدرات الرقمية مصحوباً بالتخويف والتهويل… هل يشبه تأثيرها المخدرات العادية؟ هل تقتل؟ هل تسبب الإدمان؟ كيف نحمي أولادنا؟
تنتشر المخدرات الرقمية على أكثر من موقع، وهي عبارة عن مقاطع صوتية MP3، يمكن الحصول عليها مجاناً أو مقابل دولارات قليلة، وتقوم على إدخال نغمين مختلفين في كل أذن، ما يعطي متعاطيها نوعاً من النشوة، التي تشبه الإحساس الذي تمنحه المخدرات العادية، عبر خداع الدماغ بالنغمتين، فيما يعتبر آخرون أنّ آثار المخدرات الرقمية لا تتخطى الاسترخاء والهدوء، كالشعور الذي قد يعتريك عند ممارسة اليوغا مثلاً.
وفي الواقع، ليست المخدرات الرقمية اختراعاً جديداً، بل نشأت ما قبل الانترنت والثورة التكنولوجية الحاصلة. إذ كانت تستخدم في الثمانينات لمعالجة بعض حالات الاكتئاب والأرق، بحيث تعمل هذه النغمات على إفراز منشطات ومعدلات للمزاج، عبر تذبذبات كهرومغناطيسية.
إلا أنّ الفوضى الالكترونية والرقمية، جعلت هذه المخدرات في متناول الجميع، الصغار والكبار وليس في يد الأطباء أو العارفين بآثارها، ويتم الترويج لها، بطريقة تجذب المتلقي وتجعله يغرق بها، يوماً بعد يوم، عبر الإعلانات المنتتشرة. كما أن المروّجين يقدّمون هذه السجلات الصوتية مجاناً في المرات الأولى، ثمّ حين يستسيغها الشخص، لا سيما الأطفال والمراهقون، يصبح الحصول عليها مقابل المال.
ووفق دراسة ميدانية أجريت في الإمارات العربية المتحدة على عينة من 500 طالب من مختلف الجامعات الخاصة والرسمية، تتراوح أعمارهم بين 18 و23 سنة، تبين أن 46 في المئة من المستطلعة آراؤهم، لا يوافقون على أن المخدرات الرقمية ظاهرة منتشرة في الإمارات، واعتبر 55 في المئة من الطلاب أن السجلات الصوتية يمكن أن تسبب الإدمان. وقال 37 في المئة إنهم لا يعرفون ما المخدرات الرقمية، ورأى 23 في المئة أن لا أدلة علمية متاحة في هذا المجال.


في المقابل، قال 40 في المئة من المستطلعة آراؤهم أنه لا تنبغي مناقشة موضوع المخدرات الرقمية لأنه غير واضح، حتى لا يتم التسويق له، فيحاول الناس الدخول في التجربة. كما أكد 74 في المئة من الطلاب أنهم لا يملكون أي توصيات بهذا الشأن، معتبرين أن المخدرات الرقمية ليست خطيرة وتفتقر إلى أساس علمي. واقترح 14 في المئة منهم أن يكون هناك بعض الوعي حول هذا الموضوع.
في المقابل، يرى الأخصائي الإقليمي في السلامة السيبيرية أكرم كرامة أن “التخويف الذي نشهده اليوم في بعض وسائل الإعلام أو في المدارس أو الجامعات حول المخدرات الرقمية، بات يشكل حلقة من حلقات الرعب في حياة أطفالنا، تؤدي عملياً إلى أضرار أكثر مما تنفع. إذ لا يمكن حل مشكلة من خلال الخوف ومعالجة الخوف بالخوف”.
ويضيف لـ”درج”: “تعريفاً، المخدرات الرقمية هي عبارة عن ملفات صوتية، إذ يسمع المتلقي في كل أذن نغمة مختلفة عن الأذن الأخرى، ما يؤدي إلى تفاعل النغمتين في دماغ الإنسان. إنما حين نقول تفاعل، لا نقصد تأثير المخدر الحقيقي، ولا التأثير الفيزيولوجي أو الجسدي، الذي تسببه المخدرات غير الرقمية التي نعرفها”.

“ربما تؤدي إلى نوع من التعلق بالإحساس الذي تمنحه، ولكنه ليس الإدمان ذاته الذي يواجهه متعاطو المخدرات متل الكوكايين والهيرويين”

وإذ يلفت كرامة إلى أنه “حتى الآن، العلم لم يستطع إثبات أن المخدرات الرقمية لها أثر جسدي مباشر على الأشخاص”، يوضح أن “بعض الأطفال أو المراهقين يحاولون الاستفادة من هذه الظاهرة لتجريب حالة معينة أو نشوة معينة، وفي الفيديوات التي نراها، نلحظ أن المراهقين يبالغون في ردود أفعالهم”.
أما الإشارات الحمراء التي علينا كأهل وكتربويين ومربين التقاطها، يقول كرامة “فهي أننا حين نرى المراهقين أو الأطفال يسعون إلى المخدرات الرقمية، علينا أن نسأل لماذا يبحث هذا الطفل عن هذا الشعور بالنشوة أو اللذة. وهذا السلوك وأسبابه ربما قد تدفع الطفل إلى تعاطي المخدرات السامة المضرة، لا تلك الرقمية المحدودة الآثار وحسب. لذلك علينا أن ننتبه من الجهة السلوكية إلى سعي الطفل إلى تعاطي المخدرات الرقمية وأسباب هذا الفضول وهذا الاندفاع، بحثاً عن نشوة المخدرات ذاتها. وعلينا معالجة تلك الأسباب وذاك الاندفاع مبكراً”. ويضيف: “هذا الطفل الذي يدخل إلى هذه المواقع للبحث عن هذه الملفات الصوتية وأحياناً يشتريها ويحمّلها عنده، يتعرّض في الحقيقة لعروض أخرى لمنتجات يتم الترويج لها وهي تهدد الطفولة والصحة العامة، كالعروض الجنسية أو المخدرات العادية وغير ذلك. علينا أن نرى إلى أين يدخل هذا الطفل ليحصل على هذه الملفات ولماذا”.
وعن سؤال ما إذا كانت المخدرات الرقمية تؤدي إلى الإدمان، يستبعد كرامة الأمر، معتبراً أنها “ربما تؤدي إلى نوع من التعلق بالإحساس الذي تمنحه، ولكنه ليس الإدمان ذاته الذي يواجهه متعاطو المخدرات متل الكوكايين والهيرويين”.
يختم كرامة قائلاً: “إذا كان هناك من نصيحة لمواجهة ما يمكن تسميته المخدرات الرقمية أو غيرها من الأمور المنتشرة في الفضاء الالكتروني، فهي مرافقة أطفالنا في حياتهم الرقمية، فاليوم إذا كان ابني يبحث عن المخدرات الرقمية، علي أن أتدخل وأفهم أسباب هذا التوجه ومساعدته على تحديد المشكلة، فالمخدرات الرقمية قد تكون بداية لأمور أخرى”.