ما هي تطورات الساعات التي سبقت إعلان تنحي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي؟
برغم الارتياح الكبير الذي رافق الخطوة، إلا أن تفاصيل الحدث بقيت غامضة. يتحدث مسؤولون في تصريحات رسمية عن توافق تام، أفضى إلى قرار نقل السلطة في اليمن، لكن في المقابل يتداول معارضون ونشطاء رواية أخرى، تتحدث عن أن ما حصل فجر السابع من نيسان/ أبريل 2022، كان عبارة عن حبكة سعودية، بالتنسيق مع قيادات يمنية أو دون أي تنسيق. هذه الحبكة أفضت على وجه السرعة إلى إقناع الرئيس السابق عبدربه منصور هادي بالخروج لإعلان بيان عزل نفسه، نزولاً عند تلك الضغوط وما قيل له إنه حل توافقي بين المشاركين في المشاورات.
وتقول الرواية التي نشرها نشطاء وإعلاميون معارضون، ومنهم السكرتير الصحافي السابق في الرئاسة اليمنية مختار الرحبي، إن القيادات اليمنية السياسية المشاركة في المشاورات برعاية مجلس التعاون الخليجي، وبعدما برزت ملامح خلاف حول مقترح الحل السياسي، دُعيت إلى الديوان الملكي مساء الأربعاء 6 أبريل، قبل أن يُدعى أيضاً الرئيس هادي وفريقه وأبنائه.
وبحسب الرحبي الذي نشر سلسلة تدوينات يقول إنها معلومات حول كواليس ما حصل فإنه “تم استدعاء كل القيادات السياسية للديوان الملكي، وتم عزلهم عن بعض من الساعة السابعة إلى الثانية بعد منتصف الليل دون معرفة أي تفاصيل عما حدث ويحدث”، ثم”تم استدعاء الرئيس هادي إلى الديون على غير العادة حيث يذهب محمد أو خالد بن سلمان إلى مقر إقامة هادي، وليس العكس”.
ما هي تطورات الساعات التي سبقت إعلان تنحي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي؟
ووفقاً للمصدر الذي نقل عنه الرحبي فقد “وصل الرئيس هادي إلى الديوان الملكي مع أولاده والحارس الشخصي وبعض الموظفين”، ثم “تم عزل الرئيس عن كل المساعدين، مع منع وسائل الاتصال عن جميع من وصلوا إلى القصر وهو ما يدل على حدوث شيء كبير، مهم ومفصلي وخطير”. وهناك عقد لقاء جمع هادي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي تقول المعلومات غير الرسمية، أنه أبلغ هادي أن هناك توافقاً على “الحل”، الذي تم تقديمه إليه وهو “الإعلان الرئاسي”، حيث “طلب من الرئيس التوقيع على القرارات التي قيل له إن كل الأطراف السياسية قد وافقت عليها”.
تذهب هذه الرواية إلى أن القيادات السياسية اليمنية التي دُعيت إلى الديوان الملكي، تم توزيعها في غرف بقيت فيها، قبل أن يتم إبلاغها فجراً بأن الرئيس قد أعلن القرار، وأن ما عليها هو التوقيع؟.
ما حصل لم يكن في الحسبان
الادعاء، بصيغة أخرى وتفاصيل أخرى، قدمه الصحافي الخطاب الروحاني بتغريدات على حسابه، معتبراً ما حصل أنه “بعد الإفطار تلقت كل القيادات اليمنية الحزبية والحكومية إخطارا بالاستعداد للخروج إلى اجتماع رفيع. الساعة 10 مساء وصل الجميع إلى الديوان الملكي السعودي، وأخذت منهم تلفوناتهم ومستلزماتهم ووزعوا على غرف، كل منهم على حدة، عدا بعض الكتل السياسية التي وضع أعضاؤها في غرفة واحدة”. وقد “استمر انتظارهم، أو إحتجازهم، حتى الثالثة فجراً لحضور اجتماع موعود لحل الخلافات بشأن المقترحات التي قدمت في المشاورات”. لكن ما حصل بحسب الروحاني “لم يكن في الحسبان، إذ تم استدعاء الرئيس هادي وأولاده وطاقمه عند الساعة 12 ليلاً إلى الديوان، ووزع طاقمه في غرف بدون أجهزة اتصال أو انترنت”، فيما دخل هو منفرداً للاجتماع مع محمد بن سلمان لساعتين، استدعي بعدها وزير الإعلامي معمر الإرياني منفردا، حيث كان ينتظر في غرفة مع ثلاثة وزرا.ء
يضيف المصدر “بعد دقائق، خرج مسؤولون سعوديون مع الإرياني وأرسلوا قرار إقالة النائب علي محسن، والخطابات، لوسائل الإعلام الرسمية. ثم ذهب المسؤولون السعوديون بعد الثالثة فجراً إلى كل غرفة لأخذ تواقيع القيادات السياسية المنتظرة منذ العاشرة ليلاً”. “اعترض البعض وانتفض لكن السعوديين قالوا إن الرئيس قد وقع وإن البيان قد أذيع والمجلس قد تشكل، وليس أمامهم إلا التوقيع، فوقع الجميع بذهول”.
الروحاني يذهب إلى أن “أحداً لم يكن يعرف عن المجلس ولا عن ما الذي جصل في اجتماع هادي ببن سلمان بما في ذلك رشاد العليمي وبقية الأعضاء المعينين، الذين فوجئوا هم أيضا بتعيينهم”. وأنه “لاحقاً قيل إن السعوديين خدعوا هادي بأن جميع الحاضرين قد اتفقوا ووقعوا على المجلس ولم يبق إلا حفظ ماء الوجه ويبدو أن هادي لم يبد أي مقاومة بعدما أخبره بن سلمان بذلك”.
إقرأوا أيضاً:
أين الحقيقة؟
سعى “درج”، للتحقق من صحة الروايات ، من خلال التواصل مع مصادر يمنية مشاركة في المشاورات أو على تواصل معها، لكنها في الواقع لا تقدم ما يثبت أو ينفي، بالنسبة إلى أهم ما جاء في هذه الرواية على الأقل، في ظل التباين الذي تورده التفاصيل أو المزاعم المتداولة حول ما دار في الساعات التي سبقت الإعلان.
وعلى رغم الغموض، فإن هناك جانبين يعززان أن الرواية ليست عارية عن الصحة، أولاً لناحية السياق الذي جاء فيه الإعلان، إذ لم يكن فريق المحور السياسي في المشاورات قد توصل أو مهد بما يكفي للإعلان عما تم إعلانه، وكانت النقاشات تدور حول منصب الفريق علي محسن الأحمر، الذي أقيل بقرار سبق استقالة هادي بدقائق، وكون التطور كان مفاجئاً بحجمه وتفاصيله، فإن الادعاءات تتحدث عن تنحي هادي نتيجة ضغوط لم تكن محل توافق بالضرورة، مسألة منطقية.
الجانب الآخر، الذي يعزز التفاصيل هو ما نشره وزير الثقافة الأسبق عبدالله عوبل، وهو عضو في فريق المحور السياسي في المشاورات، حيث نشر على حسابه في “فايسبوك” تفاصيل، وقال إن “الجلسة قبل الأخيرة كانت تتسم بالهدوء الذي يسبق العاصفة. وقد جاءت العاصفة بصورة مفاجئة لم يتوقعها أيٌ من التشاوريين”، ويضيف “جلسة 6 في نهايتها كانت بعرض مصفوفة القضايا والحلول والآليات، كانت النقطة رقم واحد، أصلاح مؤسسة الرئاسة وذلك من طريق إنشاء مجلس رئاسي يتولى قيادة المرحلة الانتقالية أو نائبين للرئيس واحد شمالي وآخر جنوبي”. وهناك “اعترض الإصلاح بشدة ليس على المقترحين، بل لماذا فقط عرضت مقترحين وأهملت بقية المقترحات ومنها نائب توافقي أو إعادة تكوين هيئة المستشارين، تعطلت الجلسة فذهبنا جميعاً الى الفنادق للافطار كان الوقت متأخرا قبل الفطور”.
بحسب عوبل فإنه “بعد الإفطار بدأت الكولسة والترضيات، في الثامنة والنصف تواصلت أمانة مجلس التعاون مع فريق المحور السياسي، أنا مع ثلاثة آخرين لم يتم التواصل معنا وإبلاغنا بحضور اللقاء المسائي مع الأمير خالد بن سلمان”، و”قيل إن من لم يتم التواصل معه يعود الى الفندق، وفي التاسعة تحرك الفريق الى فندق انتركونتيننتال، بداية وقفت السيارات هناك حتى العاشرة، ومن ثم الحركة والوقوف في الشارع ثم الى القصر الملكي عند الحادية عشرة مساء”.
يختم عوبل أنه “تم توزيع أعضاء اللجنة على غرف مكثوا هناك حتى الخامسة فجراً، وهناك حضر أحد موظفي المجلس ليقرأ عليهم قرار الرئيس حول نقل صلاحياته وطلب منهم التوقيع مباشرة”.
لا يوجد تأييد أو نفي قاطع للمعلومات المسربة حول التفاصيل الأخيرة التي سبقت إعلان هادي نقل السلطة إلى مجلس رئاسي، وقد جاء الإعلان مفاجئاً في سياق يعزز وجود ضغوط ومفاوضات غير معلنة دارت قبيل فجر الخميس 7 نيسان/ أبريل في الديوان الملكي.
لكن مع ذلك، فقد جاءت تفاصيل كثيرة من الروايات المسربة، متباينة أحياناً على صعيد التوقيت مثلاً، كما أن فرضية أن القيادات اليمنية لم تكن على علم بالقرار، تبدو رواية قد ضعيفة، إذ لم نسمع اعتراضاً واسع النطاق على ما حصل، بل انشغل معظم هؤلاء بالتهاني والتأييد.
إقرأوا أيضاً: