fbpx

بوتين وأوكرانيا وحلم العودة إلى عالم ما قبل سقوط الاتحاد السوفياتي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع قرع طبول حرب واسعة بين روسيا وأوكرانيا ثمة شكوك في ما إذا كان بوتين سيستفيد شعبياً من حدث كهذا، أو على الأقل، إذا كان بإمكانه الاستناد إلى دعم شعبيّ كبير للحرب المحتملة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تبدو الأزمة أبعد من الجغرافيا وأكبر من الأمن، وأصبحت تمثل جوهر العلاقات بين أعضاء الناتو حول مستقبل تحالفهم من جهة، وروسيا واختبار القوة ومحاولاتها انتزاع الاحترام والجلوس على طاولة تقرير المصير الدولية، من جهة أخرى.

ربما لم يتبق جانب من الأزمة الروسية- الغربية حول أوكرانيا إلا وتناولته الصحافة العالمية، ولكن الهوامش يمكن العثور عليها بين السطور عبر التمعن والتدقيق في مواقف الأطراف المتواجهة.

فيما يحشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ماكينته الحربية ويزج بمئات آلاف الجنود الروس على حدود أوكرانيا، ويرسل الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة إلى حليفته المنبوذة شعبياً بيلاروسيا، ويتحالف مع عدو أميركا الصيني، يبقى الشيء المؤكد هو أن سكان شرق أوكرانيا الناطقين بالروسية يرفضون ما تقدمه قيادات الجماعات الانفصالية الحاكمة المدعومة من بوتين، من ترحيب وتأييد للغزو الروسي لمناطقهم. أظهر استطلاع للرأي نظمه مركز الاستطلاعات الروسي المستقل ( ليفادا) تضعضع وهشاشة في قاعدة بوتين الشعبية في أوساط هؤلاء. فقد عارضت سياسته نسبة 43 في المئة، تقابلها النسبة ذاتها من الداعمين له. من الواضح أن الجيل الجديد ممن هم تحت الأربعين، يرفض فكرة بوتين عن ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي، ويرى كثيرون أن الحرب في أوكرانيا “هدفها تعزيز سلطته”. 

بوتين وشعبه والحروب

في روسيا تبدلت امزجة الرأي العام عما كانت عليه إبان فترة غزو جزيرة القرم وضمها إلى الاتحاد الروسي عام 2014، عندما كانت قوة بوتين وصلت آنذاك إلى ذروتها. اليوم ومع قرع طبول حرب واسعة بين روسيا وأوكرانيا ثمة شكوك في ما إذا كان بوتين سيستفيد شعبياً من حدث كهذا، أو على الأقل، إذا كان بإمكانه الاستناد إلى دعم شعبيّ كبير للحرب المحتملة. فلقد أشار باحث في “مركز كارنيغي موسكو” ألكسندر كولسنيكوف إلى بحث أجراه المركز عام 2015 أظهر عدم وجود حماسة كبيرة لحرب واسعة “حقيقية” لدى المجتمع المديني الحديث في روسيا.

هذا يكشف بوضوح ان الرأي العام الروسي اصبح دفاعياً: “لا علاقة لروسيا بهذا الأمر، يجب لوم الولايات المتحدة وأوكرانيا على جميع الخسائر في الأرواح، ولا توجد حرب حقيقية جارية في أي حال”. ويسود الشعور ذاته الآن، إذ يتضح من استطلاع رأي حديث لمركز “ليفادا”، أن 50 في المئة  من المستطلعين رأوا أن واشنطن وحلف شمال الأطلسي يتحملان مسؤولية تدهور الأوضاع في أوكرانيا، بينما وجد 16 في المئة  أنّ أوكرانيا هي المسؤولة. وحمّل 4 في المئة  روسيا مسؤولية تدهور الأوضاع. فإذا كانت هذه الاستنتاجات دقيقة، فمن الجلي أن “الروس سيرفضون حرب الاختيار” التي بدأها زعيم أصبح مهووساً بحلمه عن الزواج الإجباري مع أوكرانيا، وإعادة بناء مكونات الاتحاد السوفياتي القديم وتحت فوهة المدفعية، رغماً عن شعوب هذه الدول”، بحسب البروفيسور اوغنيان منتشيف استاذ العلوم السياسية في جامعة صوفيا.

وأظهر استطلاع أجري عام 2014، أن 26 في المئة من الروس يعتبرون أن “روسيا محاطة بالأعداء من جميع الجهات”. وانخفضت النسبة إلى 16 في المئة  عام 2020. وازداد عدد من قالوا إنه من غير المجدي البحث عن أعداء لأن “جذور الشر كانت أخطاء روسيا نفسها”، من 17 في المئة إلى 25 في المئة  خلال الفترة نفسها. عام 2021، قال 23 في المئة  من الروس إنه على أوكرانيا وروسيا أن تكونا جارتين ودودتين مع الاحتفاظ بحدودهما. ودعم 17 في المئة  فقط توحيد الدولتين. وقال 66 في المئة من الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 إنهم يحتفظون بنظرة إيجابية أو إيجابية جداً تجاه أوكرانيا، على رغم الانتقادات اللاذعة الموجهة إليها على التلفزيون الحكومي والفكرة المتكررة بأن الهجمات الآتية من الخارج تتطلب اتخاذ روسيا إجراءات دفاعية.

ماذا عن موقف مواطني الاتحاد الأوروبي؟

الصورة على الجانب الأوروبي تشير إلى أن أن معظم الأوروبيين يؤيدون وقوف الاتحاد والحلف الأطلسي بجانب كييف في أزمتها الراهنة مع موسكو، واعتبروا أن روسيا سوف تقدم على غزو أوكرانيا خلال العام الحالي.

ونقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي أجرى الاستطلاع في سبع دول يمثل مواطنوها ثلثي سكان بلدان الاتحاد الأوروبي، إن البيانات تشير “إلى شيء من الصحوة الجيوسياسية في أوروبا”.

ووفقاً للمشرفين على الدراسة فإن معطيات الاستطلاع تدحض الأكاذيب بأنه “لم يعد هناك الكثير من الصدقية في العبارات المبتذلة التي تقول إن الأوروبيين يعتقدون أن الحرب لا يمكن تصورها، وأن السلام أمر مفروغ منه”، مؤكدين أن كثراً من الأوروبيين باتوا يعتقدون أنهم في عصر ما قبل الحرب، وليس ما بعدها. وعند سؤالهم عن الجهات التي يثقون في حمايتها لمصالح مواطني الاتحاد الأوروبي في حالة غزو روسيا لأوكرانيا، قال ما لا يقل عن نصف الذين شملهم الاستطلاع في كل دولة (ارتفعت النسبة إلى أكثر من 60 في المئة  في بولندا والسويد وإيطاليا ورومانيا) إنهم يثقون في الاتحاد الأوروبي. وفي السويد وفنلندا، كانت الثقة في الاتحاد الأوروبي أكبر مما كانت عليه في الناتو. وفي بولندا ورومانيا والسويد قالت معظم الآراء إن تقديم المساعدة لأوكرانيا “يستحق المخاطرة” بكل هذه العواقب المحتملة، وقال 53 في المئة  ممن شملهم الاستطلاع في بولندا على وجه الخصوص إن دعم أوكرانيا يستحق المخاطرة. ومع ذلك، ربما كان المواطنون في فرنسا وألمانيا هم الأقل استعداداً لتحمل أي من هذه الأعباء المحتملة، ما يشير إلى أنهم يعتقدون أن تكاليف مساندة كييف قد تفوق المنافع، على حد قول معدي الدراسة.


يراهن الرئيس بوتين على إرجاع العالم ليس إلى عام 1989 عندما انتهت الحرب الباردة بشكل فعلي، ولكن إعادته إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما فرضت موسكو ما أطلق عليه رئيس الحكومة البريطاني ونستون تشرشل “الستار الحديدي” لحماية مجال تأثيرها ونفوذها في المنطقة والعالم.


الأميركيون وأوروبا والحرب في أوكرانيا

 لننظر الآن إلى اتجاهات الرأي العام الأميركي في ما يخص التوتر المحتدم بين ادارة بايدن وبوتين حول أوكرانيا. يقول السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر، والباحث الآن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن روبرت فورد “أنه بعد مرور 31 سنة على تحرير الكويت، ما زال الكثير من الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة قامت بتلك الحرب بسبب النفط. إلا أن ريتشارد هاس الذي كان أكبر مسؤول في شؤون الشرق الاوسط في البيت الأبيض يدحض في مذكراته هذا الرأي، مؤكداً أن الرئيس بوش الأب طرد القوات العراقية من الكويت ليس بسبب النفط، بل لأنه أراد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي نظاماً دولياً يوقف العدوان على البلدان الصغيرة. ويضيف: “الآن وجهة النظر السائدة في واشنطن حول مساعدة أوكرانيا، هي وجهة نظر بوش الأب بشأن الكويت”، موضحاً أن هناك إجماعاً نادراً من الوحدة بين الزعماء الديموقراطيين والجمهوريين حول هذه المسألة. ومع أن اتجاهات الرأي العام الاميركي معادية لروسيا، وهذا مؤشر يتضح من استطلاع للرأي أجراه معهد (بيو) الأميركي يفيد “بأن 26 في المئة  فقط من الأميركيين يعتقدون أن التعبئة الروسية بالقرب من أوكرانيا تشكل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة، واعتبر 33 في المئة منهم أنه تهديد طفيف فقط، واعتبر 41 في المئة أن روسيا هي عدو للولايات المتحدة، فيما رأى 49 في المئة  انها منافس وليست عدواً. 

وحذر محللون أميركيون ينتمون إلى المدرسة الواقعية للسياسة الخارجية من أن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى الوحيدة، مشيرين إلى أنه نظراً للمنافسة مع الصين والتهديد الايراني، فإن واشنطن عليها أن تتوصل إلى اتفاق تسوية مع روسيا تقبل بموجبه أوكرانيا بعدم الانضمام أبداً إلى الناتو. 

وقال الإعلامي في “فوكس نيوز” تاكر كارلسون إن الصين هي من يشكل تهديداً كبيراً للمصالح الأميركية، لا روسيا. ولكي تتضح الصورة جيداً عما يحصل في كواليس النخبة السياسية الأميركية في ما يخص النزاع الخطير مع روسيا، فإن موضوع التدخل في بلدان مثل أوكرانيا يتسبب في انقسام في الحزب الجمهوري، وهذا ما يعكسه استطلاع أجراه معهد “يوغوف” مع تشارلز كوخ في كانون الأول/ ديسمبر 2021، وأفاد بأن 70 في المئة من الديموقراطيين و76 في المئة  من الجمهوريين يريدون أن تركز واشنطن على القضايا المحلية، وليس على السياسة الخارجية. والسبب في هذا الانقسام يعود إلى انصار ترامب الذين يرفضون السياسة الخارجية التقليدية والتدخلات الخارجية. 

 ما الذي يريده بوتين؟

 اللقاء الافتراضي بين الرئيسين الروسي والأميركي، كان كاشفاً لما يريده الكرملين الذي أوضح أن بوتين ندد خلال القمة بتنامي “القدرات العسكرية” (الناتو) على الحدود الروسية، وطالب بـ”ضمانات” بعدم توسيع الحلف شرقاً والعودة إلى فترة ما قبل انضمام دول أوروبا الشرقية إلى الحلف وسحب قواته وقواعده من بلغاريا ورومانيا. ما يعني أن بوتين يرغب في وقف التوسع الزاحف لحلف الناتو في بلد كان لقرون جزءاً من روسيا، وهو ما يعني أنه إما يُظهر استعداده للقتال أو أنه ينوي القتال بالفعل إذا لزم الأمر لوقف ما يراه تهديداً أمنياً لبلاده. في السياق، أصدرت الخارجية الروسية بياناً عرضت فيه مطالبها التفصيلية، إذ دعت حلف شمال الأطلسي إلى إلغاء بيانه الصادر عام 2008 بشأن انضمام أوكرانيا وجورجيا للحلف. وقالت إنه على الولايات المتحدة وحلفائها تقديم تأكيدات ملزمة قانوناً بعدم نشر أسلحة حول روسيا يرى الكرملين أنها تشكل تهديداً صريحاً. 

يراهن الرئيس بوتين على إرجاع العالم ليس إلى عام 1989 عندما انتهت الحرب الباردة بشكل فعلي، ولكن إعادته إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما فرضت موسكو ما أطلق عليه رئيس الحكومة البريطاني ونستون تشرشل “الستار الحديدي” لحماية مجال تأثيرها ونفوذها في المنطقة والعالم.

يكاد يتفق الخبراء والمحللون على أن ما تريده روسيا من ضمانات دائمة بأن دولا مثل أوكرانيا ودول الاتحاد السوفياتى السابق الأخرى لن تنضم إلى الناتو وستظل محايدة كأساس جديد لاستقرار الإقليم ولن تحظى بالقبول من الغرب. ويقولون إن الهدف من نشر القوات هو فقط للفت انتباه كييف والغرب إلى مخاوف موسكو.
فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة «روسيا في القضايا الدولية»، وهي مجلة رائدة فى مجال السياسة الخارجية فى موسكو، فسر ما قاله بوتين من أن «التوتر جيد»، وهو ما يعني أن إبقاء الغرب في قلق سيجعله يأخذ مصالح روسيا في الحسبان. ويستطرد لوكيانوف قائلاً إن بوتين يريد فتح فصل جديد يقضي فيه على عمليات توسع الناتو. 

إلا أن تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة “آر بولتيك” للأبحاث السياسية، في فرنسا، لها رأي مغاير وهو أن “بوتين ليس مستعداً للانتظار طويلاً، فإذا تأكد أنه لا سبيل للتفاهم، فلا يمكن استبعاد الخيار العسكري”. 

اعتقد القادة الغربيون كما يشدد لوكيانوف المقرب من الكرملين على مدى عقود بأن لكل دولة الحق فى الانضمام إلى الناتو، وأن على الناتو قبول عضويتهم دون مراعاة التداعيات الاستراتيجية. هذا شيء لم يشهده التاريخ من قبل، ويتعارض تماماً مع التفكير الاستراتيجي الكلاسيكي، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تبنى القادة الغربيون فكرة أن الناتو عليه أن يتوسع وحسب، واعتبروا بطريقة ما أن هذا هو الشيء الصحيح لفعله، وأنه لا ينبغى لأحد الاعتراض على ذلك.

وبرأي لوكيانوف فإن هذا اعتقاد أيديولوجي، لا يقوم على حسابات استراتيجية أو عسكرية. واستطرد أنه «عندما بدأ توسع الناتو، في التسعينات، لم يتوقع أحد أن تتعافى روسيا بهذه السرعة. لكن روسيا عادت، ويقلقها جوارها الاستراتيجي، وعليها توضيح أن أوكرانيا لا يمكن أن تنضم إلى الناتو. وجهة نظر بوتين هي أننا نحتاج إلى أن يأخذ القادة الغربيون ذلك على محمل الجد، وعدم الاكتفاء بالكلمات». ولكن مع ذلك فإن معظم المحللين والخبراء في الشؤون الدولية يتوقعون هزيمة بوتين في المعركة الدائرة، إلا إذا قرر الغرب التنازل أولاً.

هل الحرب حتمية؟

يجيب نيكولاى سونغوروفسكى، الخبير العسكري في مركز رازومكوف المستقل فى كييف قائلاً «من الصعب قياس التهديد الحقيقي. التهديد العسكري موجود دائماً. يحاول بوتين إثبات أنه لا يمكن أن تكون هناك حلول أمنية فى أوروبا بدون روسيا لكنه ليس على استعداد لتقديم أي تنازلات بشأن أوكرانيا». هذا فيما لا يرى فاديم كاراسوف، مدير المعهد المستقل للاستراتيجيات العالمية في كييف، “أي تهديد مباشر بالغزو العسكري في الوقت الحالي”، موضحاً، “قد يكون للقادة الروس موقف صارم، لكنهم ليسوا حمقى».

يطرح مراقبون الغربيون آراء وأفكاراً مختلفة فمنهم من يعتبر أن بوتين لا يريد التورط في صراع عسكري ربما يكلفه كثيراً، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي استبعاد ذلك الاحتمال بالنظر إلى أنه يرى أن روسيا، وحكمه الذي يستمر منذ أكثر من عقدين، يتعرضان لهجوم من الولايات المتحدة وحلفائها. 

الباحثة، المتخصصة في العلاقات بين روسيا والغرب لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كادري ليك تقول: “إن الاستعدادات العسكرية الروسية التي تنذر بغزو بري واسع قد تفضي لحرب ضخمة في قلب أوروبا، ما من شأنه أن يسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وإحداث تغييرات كبيرة في النظام الدولي”. وسألت “ولكن كيف سيفيد أي من هذا روسيا سواء على الصعيد المحلي أو الدولي؟”. وبحسب مقربين من الكرملين تحدثوا لموقع “بلومبيرغ”، فإن موسكو تعلم أن أي محاولة لاحتلال مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية عسكرياً سيكون مصيرها الفشل، إذ ستواجه معارضة عامة واسعة النطاق على الأرض وفرض عقوبات محتملة من الغرب. ومع ذلك، فبعد سنوات من المقاومة للعقوبات وغيرها من الضغوط، لا يبدو أن بوتين عوقب بالفعل، بل على النقيض فإنه يعتبر تحركاته العسكرية وسيلة فعالة في الضغط على الغرب.

 أظهرت دراسات واستطلاعات رأي ان الاوكرانيين سيقاومون أي غزو روسي لبلادهم، ووفقاً لموقع “ناشونال إنترست” الأميركي المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية “فإن غزو أوكرانيا لن يكون مجرد نزهة بالنسبة إلى روسيا”، مؤكداً أن الآراء عن انهيار واستسلام أوكرانيا بمجرد هجوم جيش روسيا بالدبابات والطائرات ربما تكون خاطئة. 

لكن يشير مراقبون روس إلى أن الكرملين يتفهم أنه لا توجد فرصة حقيقية للاستجابة لمطالب الرئيس الروسي، من جانب الناتو، بعدم الانتشار شرقاً أو نشر أسلحة الحلف بالقرب من روسيا، كما أن منح الكرملين أي نوع من الضمانات بشأن عدم ضم أوكرانيا للناتو سيكون بمثابة تنازل كبير للغاية. وتقول تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة “آر بوليتيك” للأبحاث السياسية، في فرنسا، إن بوتين ليس مستعداً للانتظار طويلاً، فإذا تأكد أنه لا سبيل للتفاهم، فلا يمكن استبعاد الخيار العسكري. 

مراكز القوى في موسكو والقرار النهائي

هناك مجموعتان رئيسيتان داخل النخبة الروسية، الأولى تتألف من المحافظين وهم من قوى صنع القرار، ويتميزون باستعدادهم الكامل لتحمل أى تكاليف للمواجهة الجديدة وذلك لأنهم قد يستفيدون منها، وهؤلاء هم الذين يهيمنون على أجندة البلاد، ويؤجِّجون مخاوف بوتين ويثيرون توتره ويُصعِّدون الأزمة، المجموعة الثانية تتكون من التكنوقراط الذين يسيطرون على الحكومة ولكن ليست لديهم صلاحية التدخل فى الشؤون الأمنية أو إثارة المخاوف بشأن الجغرافيا السياسية، وهم المُكلَّفون بتكييف الاقتصاد والنظام المإلى مع أي صدمات جيوسياسية. وهناك أيضاً نخبة رجال الأعمال (الاوليغارشيا)، (باستثناء أصدقاء بوتين المُقرَّبين، الذين غالباً ما يكونون أكثر تشدداً من الناحية الأيديولوجية من المجموعة الأولى)، الذين تم طردهم من عملية صنع القرار السياسي منذ سنوات، وهم لا يملكون الحق فى التحدث مع السلطات حول الجغرافيا السياسية، وفي حالة التصعيد فإن هؤلاء يفضلون الاختفاء التام والصمت لتجنب أي اشتباكات مع السلطات يمكن أن تثير الشكوك حول ولائهم ووطنيتهم. 

مع احتدام الصراع بين روسيا والغرب والولايات المتحدة والصين يلوح في الأفق الجيوسياسي العالمي محور جديد تسعى إيران لتكون جزءاً منه لكسب أوراق جديدة مع صراعها المستميت مع واشنطن بالتحديد، ولعل الاتفاق الاستراتيجي الذي أبرمته مع بكين، وعرض اتفاق مماثل على موسكو يصب في هذا المجرى. وقالت المحللة في مجلة “نيويوركر” روبن رايت إن الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي بوتين وقعا اتفاقية لمواجهة الولايات المتحدة والغرب، هدفها تحدي النظام العسكري والسياسي الدولي الحالي. وقالت إن الرئيسين اللذين ظهرا في صورة يرتديان ربطة باللون البنفسجي، أعلنا عن “عهد جديد” في النظام العالمي، وأكدا “أحقية كل منهما في أوكرانيا وتايون”. 

الثقة الأميركية والأوروبية على المحك

تكشف مواقف حكومات الدول الأوروبية بشقيها الغربي والشرقي ومعها الولايات المتحدة أنها تقف أمام اختبار الثقة، أولاً ثقة الأوروبيين ببعضهم خصوصاً دول أوروبا الفاعلة أو ما يسمى بـ”كبار أوروبا” (فرنسا وألمانيا) ودفاعهما عن مصالحهما مع روسيا بوجه دول أوروبا الشرقية المتخوفة من أن تكون هذه المصالح على حساب استقرارها، أما الثانية فهي الثقة ما بين الولايات المتحدة والأوروبيين، والتي تفتح الآن السؤال حول مستقبل الشراكة ما بين ضفتي الأطلسي وخصوصاً دور حلف الناتو ومستقبله، والذي يواجه الامتحان الأوكراني الذي سيحدد طبيعته الجديدة بعد نهاية مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وبتفسير أدق الناتو ما بعد الرد على المطالب الروسية أي ما يمكن وصفه بنهاية مرحلة 1991 وبداية مرحلة 2022.  من هنا فإن إصرار الناتو على توسيع عمله في أوروبا يكشف عن تغيير جديد في طبيعته، خصوصاً أنه هذه المرة يتموضع في محاذاة الحدود الروسية الأمر الذي يشكل تهديداً أمنياً لروسيا، ما دفع موسكو إلى تهديد الاستقرار الأوروبي، أي اللجوء إلى الهجوم من أجل الدفاع، وبات خيار غزو أوكرانيا قائماً فعلياً وإمكاناته متاحة، كما أن بعض صناع القرار الروسي يعتبرون أن نتائج الغزو واضحة وهي إبعاد التهديد من حدودنا ونقله إلى قلب أوروبا.

إقرأوا أيضاً:

أهداف بوتين الأكبر… والأسوأ 

لم يعد سراً الخلاف بين واشنطن وبروكسيل حول كيفية التعامل مع روسيا وعدوانها المحتمل على أوكرانيا، إدارة جو بايدن ترى أن الغزو الروسي يبدو احتمالاً كبيراً يستلزم نشر قوات اميركية في أوروبا الشرقية، فيما تستبعد أوروبا ذلك.

رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي كما يظهر من كلامه يميل إلى الموقف الأوروبي بعدما قلل من أهمية التهديد المباشر بالحرب، إذ قال، “الوضع خطير، ولكنه ملتبس”. وهنا يتساءل المحلل الدولي ومدير مركز دراسات الليبرالية ايفان كريستيف عن مغزى تقييم زيلنيسكي”، قائلاً “يشكك الأوروبيون والاوكرانيون بإمكانية غزو روسي كبير لأوكرانيا، ليس لأنهم ينظرون إلى بوتين نظرة أكثر اعتدالاً من نظرائهم الأميركيين، على العكس، بل لانهم يرونه أكثر خبثاً ودهاء”.

يعتقد الأوروبيون أن “الحرب ليست لعبة الكرملين، إنما هي مجموعة واسعة من التكتيكات المصممة لزعزعة استقرار الغرب، وبالنسبة إليهم فإن تهديداً بالحرب قد يكون أشد تدميراً من الحرب نفسها”. يرى كريستيف أن بوتين يريد فترة انفصال رمزية من تسعينات القرن العشرين يدفن خلالها نظام ما بعد الحرب الباردة. 

من الواضح أن الأميركيين يدركون أن بوتين لن يقوم بمغامرة غزو تكلفه الكثير في الداخل والخارج، بل ممارسة اقصى حدود الضغط من خلال استراتيجية مختلطة تضمن وجوداً عسكرياً على الحدود وعسكرة وتسييس تدفقات الطاقة والهجمات السيبرانية، فالرئيس الروسي يؤمن ويثق بأنها سوف تخدم أغراضه، يرى كريستيف أن “سياسة الضغط قد تؤدي في النهاية إلى انقسام شديد في حلف الناتو وشكل حركته”.

الواقع أن حكومات أوروبا الشرقية تشعر بالهلع من تردد ألمانيا الواضح في تقديم الدعم لهم لتعزيز قوتهم المسلحة. الحقيقة هي أن ألمانيا لم تتغير بشكل حاسم، بل العالم الذي تتحرك فيه قد تغير ووفقاً لمراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” في ألمانيا بويان بانشيفسكي فإن “ألمانيا تشبه قطاراً يقف ساكناً بعد اشتعال النيران في محطة السكك الحديدية”. يقول كريستيف، “لا تتحدد القوة الجيوسياسية اليوم بمقدار القوة الاقتصادية، بل بمقدار الالم الذي يمكنك تحمله، فعدوك على النقيض مما كان عليه في أثناء الحرب الباردة، ليس شخصاً مختفياً خلف ستار حديدي، بل هو شخص تتاجر معه، وتحصل منه على الغاز، وتصدر إليه السلع عالية التقنية، لقد أفسحت القوة الناعمة الطريق أمام المرونة”.

بحسب “نيويورك تايمز”، فإن هذه مشكلة حقيقية بالنسبة إلى أوروبا، لأنه إذا كان نجاح بوتين ستحدده قدرة المجتمعات الأوروبية على تهيئة نفسها ومقاومة ضغوط أسعار الطاقة المرتفعة والتضليل الإعلامي، وعدم الاستقرار السياسي على مدى فترة طويلة، فإنه يملك سبباً وجيهاً ليكون متفائلاً للغاية. وعلى ما يبدو فإن أوروبا ليست مستعدة لمواجهة هذه التحديات، ما يستلزم الاستثمار في القدرات القدرات العسكرية، وتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز التماسك الاجتماعي. يقول المثل الروسي “إذا قمت بدعوة الدب إلى الرقص، فلن تكون أنت من يقرر متى ينتهي الحفل، بل الدب”.

إقرأوا أيضاً:

"درج" | 06.12.2024

سوريا: سباق بين الغبطة واحتمالات الخيبة

جميعنا مأخوذون بالمشهد، نظام بشار الأسد يتداعى تحت أنظارنا، سؤال ما بعد السقوط، أو ما بعد انعقاد الخريطة على واقع مختلف، شرط سياسي لا بد منه، لكنه لا يستوي في بعده العاطفي مع السؤال السياسي. الكلام عن تأجيل السياسة إلى ما بعد انكشاف سير المعركة، يشبه طلب تأجيل نقد حماس إلى ما بعد نهاية الحرب…
13.02.2022
زمن القراءة: 13 minutes

مع قرع طبول حرب واسعة بين روسيا وأوكرانيا ثمة شكوك في ما إذا كان بوتين سيستفيد شعبياً من حدث كهذا، أو على الأقل، إذا كان بإمكانه الاستناد إلى دعم شعبيّ كبير للحرب المحتملة.

تبدو الأزمة أبعد من الجغرافيا وأكبر من الأمن، وأصبحت تمثل جوهر العلاقات بين أعضاء الناتو حول مستقبل تحالفهم من جهة، وروسيا واختبار القوة ومحاولاتها انتزاع الاحترام والجلوس على طاولة تقرير المصير الدولية، من جهة أخرى.

ربما لم يتبق جانب من الأزمة الروسية- الغربية حول أوكرانيا إلا وتناولته الصحافة العالمية، ولكن الهوامش يمكن العثور عليها بين السطور عبر التمعن والتدقيق في مواقف الأطراف المتواجهة.

فيما يحشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ماكينته الحربية ويزج بمئات آلاف الجنود الروس على حدود أوكرانيا، ويرسل الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة إلى حليفته المنبوذة شعبياً بيلاروسيا، ويتحالف مع عدو أميركا الصيني، يبقى الشيء المؤكد هو أن سكان شرق أوكرانيا الناطقين بالروسية يرفضون ما تقدمه قيادات الجماعات الانفصالية الحاكمة المدعومة من بوتين، من ترحيب وتأييد للغزو الروسي لمناطقهم. أظهر استطلاع للرأي نظمه مركز الاستطلاعات الروسي المستقل ( ليفادا) تضعضع وهشاشة في قاعدة بوتين الشعبية في أوساط هؤلاء. فقد عارضت سياسته نسبة 43 في المئة، تقابلها النسبة ذاتها من الداعمين له. من الواضح أن الجيل الجديد ممن هم تحت الأربعين، يرفض فكرة بوتين عن ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي، ويرى كثيرون أن الحرب في أوكرانيا “هدفها تعزيز سلطته”. 

بوتين وشعبه والحروب

في روسيا تبدلت امزجة الرأي العام عما كانت عليه إبان فترة غزو جزيرة القرم وضمها إلى الاتحاد الروسي عام 2014، عندما كانت قوة بوتين وصلت آنذاك إلى ذروتها. اليوم ومع قرع طبول حرب واسعة بين روسيا وأوكرانيا ثمة شكوك في ما إذا كان بوتين سيستفيد شعبياً من حدث كهذا، أو على الأقل، إذا كان بإمكانه الاستناد إلى دعم شعبيّ كبير للحرب المحتملة. فلقد أشار باحث في “مركز كارنيغي موسكو” ألكسندر كولسنيكوف إلى بحث أجراه المركز عام 2015 أظهر عدم وجود حماسة كبيرة لحرب واسعة “حقيقية” لدى المجتمع المديني الحديث في روسيا.

هذا يكشف بوضوح ان الرأي العام الروسي اصبح دفاعياً: “لا علاقة لروسيا بهذا الأمر، يجب لوم الولايات المتحدة وأوكرانيا على جميع الخسائر في الأرواح، ولا توجد حرب حقيقية جارية في أي حال”. ويسود الشعور ذاته الآن، إذ يتضح من استطلاع رأي حديث لمركز “ليفادا”، أن 50 في المئة  من المستطلعين رأوا أن واشنطن وحلف شمال الأطلسي يتحملان مسؤولية تدهور الأوضاع في أوكرانيا، بينما وجد 16 في المئة  أنّ أوكرانيا هي المسؤولة. وحمّل 4 في المئة  روسيا مسؤولية تدهور الأوضاع. فإذا كانت هذه الاستنتاجات دقيقة، فمن الجلي أن “الروس سيرفضون حرب الاختيار” التي بدأها زعيم أصبح مهووساً بحلمه عن الزواج الإجباري مع أوكرانيا، وإعادة بناء مكونات الاتحاد السوفياتي القديم وتحت فوهة المدفعية، رغماً عن شعوب هذه الدول”، بحسب البروفيسور اوغنيان منتشيف استاذ العلوم السياسية في جامعة صوفيا.

وأظهر استطلاع أجري عام 2014، أن 26 في المئة من الروس يعتبرون أن “روسيا محاطة بالأعداء من جميع الجهات”. وانخفضت النسبة إلى 16 في المئة  عام 2020. وازداد عدد من قالوا إنه من غير المجدي البحث عن أعداء لأن “جذور الشر كانت أخطاء روسيا نفسها”، من 17 في المئة إلى 25 في المئة  خلال الفترة نفسها. عام 2021، قال 23 في المئة  من الروس إنه على أوكرانيا وروسيا أن تكونا جارتين ودودتين مع الاحتفاظ بحدودهما. ودعم 17 في المئة  فقط توحيد الدولتين. وقال 66 في المئة من الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 إنهم يحتفظون بنظرة إيجابية أو إيجابية جداً تجاه أوكرانيا، على رغم الانتقادات اللاذعة الموجهة إليها على التلفزيون الحكومي والفكرة المتكررة بأن الهجمات الآتية من الخارج تتطلب اتخاذ روسيا إجراءات دفاعية.

ماذا عن موقف مواطني الاتحاد الأوروبي؟

الصورة على الجانب الأوروبي تشير إلى أن أن معظم الأوروبيين يؤيدون وقوف الاتحاد والحلف الأطلسي بجانب كييف في أزمتها الراهنة مع موسكو، واعتبروا أن روسيا سوف تقدم على غزو أوكرانيا خلال العام الحالي.

ونقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي أجرى الاستطلاع في سبع دول يمثل مواطنوها ثلثي سكان بلدان الاتحاد الأوروبي، إن البيانات تشير “إلى شيء من الصحوة الجيوسياسية في أوروبا”.

ووفقاً للمشرفين على الدراسة فإن معطيات الاستطلاع تدحض الأكاذيب بأنه “لم يعد هناك الكثير من الصدقية في العبارات المبتذلة التي تقول إن الأوروبيين يعتقدون أن الحرب لا يمكن تصورها، وأن السلام أمر مفروغ منه”، مؤكدين أن كثراً من الأوروبيين باتوا يعتقدون أنهم في عصر ما قبل الحرب، وليس ما بعدها. وعند سؤالهم عن الجهات التي يثقون في حمايتها لمصالح مواطني الاتحاد الأوروبي في حالة غزو روسيا لأوكرانيا، قال ما لا يقل عن نصف الذين شملهم الاستطلاع في كل دولة (ارتفعت النسبة إلى أكثر من 60 في المئة  في بولندا والسويد وإيطاليا ورومانيا) إنهم يثقون في الاتحاد الأوروبي. وفي السويد وفنلندا، كانت الثقة في الاتحاد الأوروبي أكبر مما كانت عليه في الناتو. وفي بولندا ورومانيا والسويد قالت معظم الآراء إن تقديم المساعدة لأوكرانيا “يستحق المخاطرة” بكل هذه العواقب المحتملة، وقال 53 في المئة  ممن شملهم الاستطلاع في بولندا على وجه الخصوص إن دعم أوكرانيا يستحق المخاطرة. ومع ذلك، ربما كان المواطنون في فرنسا وألمانيا هم الأقل استعداداً لتحمل أي من هذه الأعباء المحتملة، ما يشير إلى أنهم يعتقدون أن تكاليف مساندة كييف قد تفوق المنافع، على حد قول معدي الدراسة.


يراهن الرئيس بوتين على إرجاع العالم ليس إلى عام 1989 عندما انتهت الحرب الباردة بشكل فعلي، ولكن إعادته إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما فرضت موسكو ما أطلق عليه رئيس الحكومة البريطاني ونستون تشرشل “الستار الحديدي” لحماية مجال تأثيرها ونفوذها في المنطقة والعالم.


الأميركيون وأوروبا والحرب في أوكرانيا

 لننظر الآن إلى اتجاهات الرأي العام الأميركي في ما يخص التوتر المحتدم بين ادارة بايدن وبوتين حول أوكرانيا. يقول السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر، والباحث الآن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن روبرت فورد “أنه بعد مرور 31 سنة على تحرير الكويت، ما زال الكثير من الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة قامت بتلك الحرب بسبب النفط. إلا أن ريتشارد هاس الذي كان أكبر مسؤول في شؤون الشرق الاوسط في البيت الأبيض يدحض في مذكراته هذا الرأي، مؤكداً أن الرئيس بوش الأب طرد القوات العراقية من الكويت ليس بسبب النفط، بل لأنه أراد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي نظاماً دولياً يوقف العدوان على البلدان الصغيرة. ويضيف: “الآن وجهة النظر السائدة في واشنطن حول مساعدة أوكرانيا، هي وجهة نظر بوش الأب بشأن الكويت”، موضحاً أن هناك إجماعاً نادراً من الوحدة بين الزعماء الديموقراطيين والجمهوريين حول هذه المسألة. ومع أن اتجاهات الرأي العام الاميركي معادية لروسيا، وهذا مؤشر يتضح من استطلاع للرأي أجراه معهد (بيو) الأميركي يفيد “بأن 26 في المئة  فقط من الأميركيين يعتقدون أن التعبئة الروسية بالقرب من أوكرانيا تشكل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة، واعتبر 33 في المئة منهم أنه تهديد طفيف فقط، واعتبر 41 في المئة أن روسيا هي عدو للولايات المتحدة، فيما رأى 49 في المئة  انها منافس وليست عدواً. 

وحذر محللون أميركيون ينتمون إلى المدرسة الواقعية للسياسة الخارجية من أن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى الوحيدة، مشيرين إلى أنه نظراً للمنافسة مع الصين والتهديد الايراني، فإن واشنطن عليها أن تتوصل إلى اتفاق تسوية مع روسيا تقبل بموجبه أوكرانيا بعدم الانضمام أبداً إلى الناتو. 

وقال الإعلامي في “فوكس نيوز” تاكر كارلسون إن الصين هي من يشكل تهديداً كبيراً للمصالح الأميركية، لا روسيا. ولكي تتضح الصورة جيداً عما يحصل في كواليس النخبة السياسية الأميركية في ما يخص النزاع الخطير مع روسيا، فإن موضوع التدخل في بلدان مثل أوكرانيا يتسبب في انقسام في الحزب الجمهوري، وهذا ما يعكسه استطلاع أجراه معهد “يوغوف” مع تشارلز كوخ في كانون الأول/ ديسمبر 2021، وأفاد بأن 70 في المئة من الديموقراطيين و76 في المئة  من الجمهوريين يريدون أن تركز واشنطن على القضايا المحلية، وليس على السياسة الخارجية. والسبب في هذا الانقسام يعود إلى انصار ترامب الذين يرفضون السياسة الخارجية التقليدية والتدخلات الخارجية. 

 ما الذي يريده بوتين؟

 اللقاء الافتراضي بين الرئيسين الروسي والأميركي، كان كاشفاً لما يريده الكرملين الذي أوضح أن بوتين ندد خلال القمة بتنامي “القدرات العسكرية” (الناتو) على الحدود الروسية، وطالب بـ”ضمانات” بعدم توسيع الحلف شرقاً والعودة إلى فترة ما قبل انضمام دول أوروبا الشرقية إلى الحلف وسحب قواته وقواعده من بلغاريا ورومانيا. ما يعني أن بوتين يرغب في وقف التوسع الزاحف لحلف الناتو في بلد كان لقرون جزءاً من روسيا، وهو ما يعني أنه إما يُظهر استعداده للقتال أو أنه ينوي القتال بالفعل إذا لزم الأمر لوقف ما يراه تهديداً أمنياً لبلاده. في السياق، أصدرت الخارجية الروسية بياناً عرضت فيه مطالبها التفصيلية، إذ دعت حلف شمال الأطلسي إلى إلغاء بيانه الصادر عام 2008 بشأن انضمام أوكرانيا وجورجيا للحلف. وقالت إنه على الولايات المتحدة وحلفائها تقديم تأكيدات ملزمة قانوناً بعدم نشر أسلحة حول روسيا يرى الكرملين أنها تشكل تهديداً صريحاً. 

يراهن الرئيس بوتين على إرجاع العالم ليس إلى عام 1989 عندما انتهت الحرب الباردة بشكل فعلي، ولكن إعادته إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما فرضت موسكو ما أطلق عليه رئيس الحكومة البريطاني ونستون تشرشل “الستار الحديدي” لحماية مجال تأثيرها ونفوذها في المنطقة والعالم.

يكاد يتفق الخبراء والمحللون على أن ما تريده روسيا من ضمانات دائمة بأن دولا مثل أوكرانيا ودول الاتحاد السوفياتى السابق الأخرى لن تنضم إلى الناتو وستظل محايدة كأساس جديد لاستقرار الإقليم ولن تحظى بالقبول من الغرب. ويقولون إن الهدف من نشر القوات هو فقط للفت انتباه كييف والغرب إلى مخاوف موسكو.
فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة «روسيا في القضايا الدولية»، وهي مجلة رائدة فى مجال السياسة الخارجية فى موسكو، فسر ما قاله بوتين من أن «التوتر جيد»، وهو ما يعني أن إبقاء الغرب في قلق سيجعله يأخذ مصالح روسيا في الحسبان. ويستطرد لوكيانوف قائلاً إن بوتين يريد فتح فصل جديد يقضي فيه على عمليات توسع الناتو. 

إلا أن تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة “آر بولتيك” للأبحاث السياسية، في فرنسا، لها رأي مغاير وهو أن “بوتين ليس مستعداً للانتظار طويلاً، فإذا تأكد أنه لا سبيل للتفاهم، فلا يمكن استبعاد الخيار العسكري”. 

اعتقد القادة الغربيون كما يشدد لوكيانوف المقرب من الكرملين على مدى عقود بأن لكل دولة الحق فى الانضمام إلى الناتو، وأن على الناتو قبول عضويتهم دون مراعاة التداعيات الاستراتيجية. هذا شيء لم يشهده التاريخ من قبل، ويتعارض تماماً مع التفكير الاستراتيجي الكلاسيكي، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تبنى القادة الغربيون فكرة أن الناتو عليه أن يتوسع وحسب، واعتبروا بطريقة ما أن هذا هو الشيء الصحيح لفعله، وأنه لا ينبغى لأحد الاعتراض على ذلك.

وبرأي لوكيانوف فإن هذا اعتقاد أيديولوجي، لا يقوم على حسابات استراتيجية أو عسكرية. واستطرد أنه «عندما بدأ توسع الناتو، في التسعينات، لم يتوقع أحد أن تتعافى روسيا بهذه السرعة. لكن روسيا عادت، ويقلقها جوارها الاستراتيجي، وعليها توضيح أن أوكرانيا لا يمكن أن تنضم إلى الناتو. وجهة نظر بوتين هي أننا نحتاج إلى أن يأخذ القادة الغربيون ذلك على محمل الجد، وعدم الاكتفاء بالكلمات». ولكن مع ذلك فإن معظم المحللين والخبراء في الشؤون الدولية يتوقعون هزيمة بوتين في المعركة الدائرة، إلا إذا قرر الغرب التنازل أولاً.

هل الحرب حتمية؟

يجيب نيكولاى سونغوروفسكى، الخبير العسكري في مركز رازومكوف المستقل فى كييف قائلاً «من الصعب قياس التهديد الحقيقي. التهديد العسكري موجود دائماً. يحاول بوتين إثبات أنه لا يمكن أن تكون هناك حلول أمنية فى أوروبا بدون روسيا لكنه ليس على استعداد لتقديم أي تنازلات بشأن أوكرانيا». هذا فيما لا يرى فاديم كاراسوف، مدير المعهد المستقل للاستراتيجيات العالمية في كييف، “أي تهديد مباشر بالغزو العسكري في الوقت الحالي”، موضحاً، “قد يكون للقادة الروس موقف صارم، لكنهم ليسوا حمقى».

يطرح مراقبون الغربيون آراء وأفكاراً مختلفة فمنهم من يعتبر أن بوتين لا يريد التورط في صراع عسكري ربما يكلفه كثيراً، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي استبعاد ذلك الاحتمال بالنظر إلى أنه يرى أن روسيا، وحكمه الذي يستمر منذ أكثر من عقدين، يتعرضان لهجوم من الولايات المتحدة وحلفائها. 

الباحثة، المتخصصة في العلاقات بين روسيا والغرب لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كادري ليك تقول: “إن الاستعدادات العسكرية الروسية التي تنذر بغزو بري واسع قد تفضي لحرب ضخمة في قلب أوروبا، ما من شأنه أن يسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وإحداث تغييرات كبيرة في النظام الدولي”. وسألت “ولكن كيف سيفيد أي من هذا روسيا سواء على الصعيد المحلي أو الدولي؟”. وبحسب مقربين من الكرملين تحدثوا لموقع “بلومبيرغ”، فإن موسكو تعلم أن أي محاولة لاحتلال مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية عسكرياً سيكون مصيرها الفشل، إذ ستواجه معارضة عامة واسعة النطاق على الأرض وفرض عقوبات محتملة من الغرب. ومع ذلك، فبعد سنوات من المقاومة للعقوبات وغيرها من الضغوط، لا يبدو أن بوتين عوقب بالفعل، بل على النقيض فإنه يعتبر تحركاته العسكرية وسيلة فعالة في الضغط على الغرب.

 أظهرت دراسات واستطلاعات رأي ان الاوكرانيين سيقاومون أي غزو روسي لبلادهم، ووفقاً لموقع “ناشونال إنترست” الأميركي المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية “فإن غزو أوكرانيا لن يكون مجرد نزهة بالنسبة إلى روسيا”، مؤكداً أن الآراء عن انهيار واستسلام أوكرانيا بمجرد هجوم جيش روسيا بالدبابات والطائرات ربما تكون خاطئة. 

لكن يشير مراقبون روس إلى أن الكرملين يتفهم أنه لا توجد فرصة حقيقية للاستجابة لمطالب الرئيس الروسي، من جانب الناتو، بعدم الانتشار شرقاً أو نشر أسلحة الحلف بالقرب من روسيا، كما أن منح الكرملين أي نوع من الضمانات بشأن عدم ضم أوكرانيا للناتو سيكون بمثابة تنازل كبير للغاية. وتقول تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة “آر بوليتيك” للأبحاث السياسية، في فرنسا، إن بوتين ليس مستعداً للانتظار طويلاً، فإذا تأكد أنه لا سبيل للتفاهم، فلا يمكن استبعاد الخيار العسكري. 

مراكز القوى في موسكو والقرار النهائي

هناك مجموعتان رئيسيتان داخل النخبة الروسية، الأولى تتألف من المحافظين وهم من قوى صنع القرار، ويتميزون باستعدادهم الكامل لتحمل أى تكاليف للمواجهة الجديدة وذلك لأنهم قد يستفيدون منها، وهؤلاء هم الذين يهيمنون على أجندة البلاد، ويؤجِّجون مخاوف بوتين ويثيرون توتره ويُصعِّدون الأزمة، المجموعة الثانية تتكون من التكنوقراط الذين يسيطرون على الحكومة ولكن ليست لديهم صلاحية التدخل فى الشؤون الأمنية أو إثارة المخاوف بشأن الجغرافيا السياسية، وهم المُكلَّفون بتكييف الاقتصاد والنظام المإلى مع أي صدمات جيوسياسية. وهناك أيضاً نخبة رجال الأعمال (الاوليغارشيا)، (باستثناء أصدقاء بوتين المُقرَّبين، الذين غالباً ما يكونون أكثر تشدداً من الناحية الأيديولوجية من المجموعة الأولى)، الذين تم طردهم من عملية صنع القرار السياسي منذ سنوات، وهم لا يملكون الحق فى التحدث مع السلطات حول الجغرافيا السياسية، وفي حالة التصعيد فإن هؤلاء يفضلون الاختفاء التام والصمت لتجنب أي اشتباكات مع السلطات يمكن أن تثير الشكوك حول ولائهم ووطنيتهم. 

مع احتدام الصراع بين روسيا والغرب والولايات المتحدة والصين يلوح في الأفق الجيوسياسي العالمي محور جديد تسعى إيران لتكون جزءاً منه لكسب أوراق جديدة مع صراعها المستميت مع واشنطن بالتحديد، ولعل الاتفاق الاستراتيجي الذي أبرمته مع بكين، وعرض اتفاق مماثل على موسكو يصب في هذا المجرى. وقالت المحللة في مجلة “نيويوركر” روبن رايت إن الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي بوتين وقعا اتفاقية لمواجهة الولايات المتحدة والغرب، هدفها تحدي النظام العسكري والسياسي الدولي الحالي. وقالت إن الرئيسين اللذين ظهرا في صورة يرتديان ربطة باللون البنفسجي، أعلنا عن “عهد جديد” في النظام العالمي، وأكدا “أحقية كل منهما في أوكرانيا وتايون”. 

الثقة الأميركية والأوروبية على المحك

تكشف مواقف حكومات الدول الأوروبية بشقيها الغربي والشرقي ومعها الولايات المتحدة أنها تقف أمام اختبار الثقة، أولاً ثقة الأوروبيين ببعضهم خصوصاً دول أوروبا الفاعلة أو ما يسمى بـ”كبار أوروبا” (فرنسا وألمانيا) ودفاعهما عن مصالحهما مع روسيا بوجه دول أوروبا الشرقية المتخوفة من أن تكون هذه المصالح على حساب استقرارها، أما الثانية فهي الثقة ما بين الولايات المتحدة والأوروبيين، والتي تفتح الآن السؤال حول مستقبل الشراكة ما بين ضفتي الأطلسي وخصوصاً دور حلف الناتو ومستقبله، والذي يواجه الامتحان الأوكراني الذي سيحدد طبيعته الجديدة بعد نهاية مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وبتفسير أدق الناتو ما بعد الرد على المطالب الروسية أي ما يمكن وصفه بنهاية مرحلة 1991 وبداية مرحلة 2022.  من هنا فإن إصرار الناتو على توسيع عمله في أوروبا يكشف عن تغيير جديد في طبيعته، خصوصاً أنه هذه المرة يتموضع في محاذاة الحدود الروسية الأمر الذي يشكل تهديداً أمنياً لروسيا، ما دفع موسكو إلى تهديد الاستقرار الأوروبي، أي اللجوء إلى الهجوم من أجل الدفاع، وبات خيار غزو أوكرانيا قائماً فعلياً وإمكاناته متاحة، كما أن بعض صناع القرار الروسي يعتبرون أن نتائج الغزو واضحة وهي إبعاد التهديد من حدودنا ونقله إلى قلب أوروبا.

إقرأوا أيضاً:

أهداف بوتين الأكبر… والأسوأ 

لم يعد سراً الخلاف بين واشنطن وبروكسيل حول كيفية التعامل مع روسيا وعدوانها المحتمل على أوكرانيا، إدارة جو بايدن ترى أن الغزو الروسي يبدو احتمالاً كبيراً يستلزم نشر قوات اميركية في أوروبا الشرقية، فيما تستبعد أوروبا ذلك.

رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي كما يظهر من كلامه يميل إلى الموقف الأوروبي بعدما قلل من أهمية التهديد المباشر بالحرب، إذ قال، “الوضع خطير، ولكنه ملتبس”. وهنا يتساءل المحلل الدولي ومدير مركز دراسات الليبرالية ايفان كريستيف عن مغزى تقييم زيلنيسكي”، قائلاً “يشكك الأوروبيون والاوكرانيون بإمكانية غزو روسي كبير لأوكرانيا، ليس لأنهم ينظرون إلى بوتين نظرة أكثر اعتدالاً من نظرائهم الأميركيين، على العكس، بل لانهم يرونه أكثر خبثاً ودهاء”.

يعتقد الأوروبيون أن “الحرب ليست لعبة الكرملين، إنما هي مجموعة واسعة من التكتيكات المصممة لزعزعة استقرار الغرب، وبالنسبة إليهم فإن تهديداً بالحرب قد يكون أشد تدميراً من الحرب نفسها”. يرى كريستيف أن بوتين يريد فترة انفصال رمزية من تسعينات القرن العشرين يدفن خلالها نظام ما بعد الحرب الباردة. 

من الواضح أن الأميركيين يدركون أن بوتين لن يقوم بمغامرة غزو تكلفه الكثير في الداخل والخارج، بل ممارسة اقصى حدود الضغط من خلال استراتيجية مختلطة تضمن وجوداً عسكرياً على الحدود وعسكرة وتسييس تدفقات الطاقة والهجمات السيبرانية، فالرئيس الروسي يؤمن ويثق بأنها سوف تخدم أغراضه، يرى كريستيف أن “سياسة الضغط قد تؤدي في النهاية إلى انقسام شديد في حلف الناتو وشكل حركته”.

الواقع أن حكومات أوروبا الشرقية تشعر بالهلع من تردد ألمانيا الواضح في تقديم الدعم لهم لتعزيز قوتهم المسلحة. الحقيقة هي أن ألمانيا لم تتغير بشكل حاسم، بل العالم الذي تتحرك فيه قد تغير ووفقاً لمراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” في ألمانيا بويان بانشيفسكي فإن “ألمانيا تشبه قطاراً يقف ساكناً بعد اشتعال النيران في محطة السكك الحديدية”. يقول كريستيف، “لا تتحدد القوة الجيوسياسية اليوم بمقدار القوة الاقتصادية، بل بمقدار الالم الذي يمكنك تحمله، فعدوك على النقيض مما كان عليه في أثناء الحرب الباردة، ليس شخصاً مختفياً خلف ستار حديدي، بل هو شخص تتاجر معه، وتحصل منه على الغاز، وتصدر إليه السلع عالية التقنية، لقد أفسحت القوة الناعمة الطريق أمام المرونة”.

بحسب “نيويورك تايمز”، فإن هذه مشكلة حقيقية بالنسبة إلى أوروبا، لأنه إذا كان نجاح بوتين ستحدده قدرة المجتمعات الأوروبية على تهيئة نفسها ومقاومة ضغوط أسعار الطاقة المرتفعة والتضليل الإعلامي، وعدم الاستقرار السياسي على مدى فترة طويلة، فإنه يملك سبباً وجيهاً ليكون متفائلاً للغاية. وعلى ما يبدو فإن أوروبا ليست مستعدة لمواجهة هذه التحديات، ما يستلزم الاستثمار في القدرات القدرات العسكرية، وتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز التماسك الاجتماعي. يقول المثل الروسي “إذا قمت بدعوة الدب إلى الرقص، فلن تكون أنت من يقرر متى ينتهي الحفل، بل الدب”.

إقرأوا أيضاً:

13.02.2022
زمن القراءة: 13 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية