fbpx

تغير المناخ يجعل العالم العربي أكثر بؤساً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أصبحت اللامبالاة تجاه تغير المناخ أمراً شائعاً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على رغم تفاقم المشكلات المرتبطة به.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل 6 سنوات، عاد الخبير في شؤون البيئة الكردي نبيل موسى إلى العراق بعد قضاء أكثر من عقد خارج البلاد ليجد أنها قد تغيرت. جفت الأنهار التي كان كثيراً ما يسبح فيها طوال العام، وتحولت إلى أتربة في الصيف. واختفت اللقالق وطائر مالك الحزين من السماء التي كانت تزدحم بها. ودفع الجفاف المزارعين إلى هجر محاصيلهم، وأدت العواصف الترابية، والتي كانت نادرة في وقت ما، إلى اختناق الهواء، ما دفع موسى للانضمام إلى مجموعة محلية لحماية البيئة تسمى “طبيعة العراق”، للضغط على الحكومات من أجل إنقاذ المساحات الخضراء. لكن لم يكترث له المسؤولون الأكراد ولم يمنحوه أي اهتمام. يقول موسى متهكماً نقلاً عنهم، “من آخر الأشياء التي نريد أن نفكر بها هو تغير المناخ”.

أصبحت اللامبالاة تجاه تغير المناخ أمراً شائعاً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على رغم تفاقم المشكلات المرتبطة به. إذ من المتوقع أن تحدث موجات جفاف أطول وأكثر حرارة، فضلاً عن عواصف ترابية متكررة وذلك بين الرباط وطهران، وفقاً لما ذكره “معهد ماكس بلانك” الألماني للكيمياء. أصبحت المواسم الجافة الطويلة أصلاً أكثر طولاً وجفافاً ما يدمر المحاصيل. ويعتبر ارتفاع درجة الحرارة من المشكلات المتزايدة أيضاً، إذ تصل البلاد إلى درجات حرارة فتاكة بانتظام في فصل الصيف، وهو ما يبدو مخيفاً إذا استمر خلال السنوات القليلة المقبلة، أما إذا استمر بضعة عقود، فيبدو الأمر أشبه بنهاية العالم.

ويتوقع المعهد أن ترتفع درجات الحرارة صيفاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل أكثر من ضعف سرعة المتوسط العالمي. ومن المحتمل أن تكون درجة الحرارة القصوى المتمثلة في 46 درجة مئوية (115 درجة فهرنهايت) أو أكثر، أكثر احتمالية بخمس مرات بحلول عام 2050 وهو أكثر ما كانت عليه في بداية القرن، حين كانت تصل إلى هذه الدرجة المماثلة لمدة 16 يوماً في المتوسط في السنة. وبحلول عام 2100، قد يرتفع “ميزان درجات الحرارة الرطبة”، وهو مقياس للرطوبة والحرارة، إلى درجة عالية في بلاد الخليج، ما يجعلها جميعاً غير صالحة للسكن، وذلك وفقاً لدراسة في جريدةNature ، على رغم أن معظم توقعاتها الكارثية تستند إلى افتراض عدم انخفاض الانبعاثات. اقتربت إيران في العام الماضي من كسر الرقم القياسي لأعلى درجة حرارة مسجلة وصلت لها وهي 54 درجة مئوية، وكانت وصلت إليها الكويت في العام السابق.

جاف وغير مستساغ

تشكل المياه مشكلة أخرى. إذ يتوافر القليل من المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المتوقع أن تنخفض نسبة هطول الأمطار بسبب التغير المناخي. وفي بعض المناطق- مثل مرتفعات المغرب- من المتوقع أن تنخفض المتساقطات بنسبة 40 في المئة، (من المحتمل أن يزيد التغير المناخي نسبة الأمطار في البلاد الساحلية مثل اليمن ولكن يقابل هذا نسبة عالية من التبخر)، ما يدفع المزارعين الذين يكافحون من أجل تغذية المحاصيل العطشى إلى حفر المزيد من الآبار، ما يؤدي إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية التي تعود إلى قرون مضت. أظهرت دراسة باستخدام الأقمار الصناعية المملوكة لوكالة “ناسا” أن نهري دجلة والفرات خسرا 144 كيلومتراً مكعباً من المياه العذبة (وهي نسبة تساوي حجم البحر الميت) في الفترة ما بين عام 2003 حتى عام 2010. وقد نجم معظم هذا الانخفاض عن ضخ المياه الجوفية لتعويض انخفاض هطول الأمطار.

يجعل تغير المناخ المنطقة أكثر تقلباً من الناحية السياسية. فعندما اجتاح الجفاف شرق سوريا من 2007 إلى 2010، فر 1.5 مليون شخص إلى المدن، إذ كافح كثيرون منهم هناك. وفي إيران، تسببت دورة من الجفاف الشديد منذ تسعينات القرن الماضي في نزوح آلاف المزارعين المحبطين عن الريف. وما زال النقاش مستمراً حول كيفية تغذية هذه الأحداث الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011 والاضطرابات الأخيرة في إيران، لكن المؤكد أن مثل هذه المشكلات ساهمت في الظلم والحزن اللذين يشعر بهما كثيرون في كلا البلدين.

يمكن أن يؤدي مجرد احتمال نقص الموارد إلى صراعات، حيث تتسابق الدول لتأمين إمدادات المياه على حساب دول مجرى النهر المجاورة. فإثيوبيا بدأت بناء سد هائل على النيل، الذي من المحتمل أن يحد من تدفق المياه، هددت مصر بالحرب إذ أنها تعتمد على النهر كمصدر المياه الوحيد لديها تقريباً. وأثارت السدود التركية والإيرانية على طول نهري دجلة والفرات والأنهار الأخرى، غضباً مماثلاً في العراق الذي يعاني من موجات الجفاف.

وضع العلماء خطوات بإمكان الدول العربية اتخاذها للتكيف مع تغير المناخ. إذ يمكنهم تحويل الإنتاج الزراعي إلى محاصيل قادرة على التكيف مع درجات الحرارة. تستخدم إسرائيل الري بالتنقيط، ما يخزن المياه وتمكن محاكاة هذه الطريقة في باقي البلدان، ويمكن تعديل المدن للتقليل من “ظاهرة الجُزر الحرارية في الحضر”، والتي تعني أن المدن تصبح أدفأ من المناطق الريفية القريبة وذلك بسبب الحرارة المنبعثة من المباني والسيارات فيها. طبقت الحكومات العربية القليل من هذه الجهود، والتي غالباً ما تكون منشغلة بمشكلات أخرى. يقول موسى إن المسؤولين الأكراد الذين مارس الضغط عليهم كانوا مشتتين بسبب حربهم مع تنظيم الدولة الإسلامية، والاستفتاء الفاشل على الاستقلال، وإصلاح العلاقات مع الحكومة المركزية العراقية في بغداد حالياً.

غالباً ما تكون السياسة عقبة في طريق حل المشكلات. ونادراً ما تستطيع البلدان الاتفاق على كيفية تقاسم الأنهار وطبقات المياه الجوفية. في غزة، يؤدي تسرب المياه المالحة ومياه الصرف الصحي إلى طبقة المياه الجوفية التي تستخدم بكثرة، إلى زيادة خطر الإصابة بالمرض، كما صعّب الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر من إمكانية بناء وتشغيل محطات التحلية. هناك بعض الأمل في لبنان بأن تقوم الحكومة -المقسمة على أسس طائفية- بفعل أي شيء لإدراك نقص إمدادات المياه التي تنبأت بها وزارة البيئة. وتكافح دول مثل العراق وسوريا، التي دمرت الحرب بنيتها التحتية، من أجل الاستعداد لمستقبل أكثر حرارةً وجفافاً.

تقوم بعض الدول على الأقل بكبح الانبعاثات التي تؤدي إلى التغير المناخي، إذ يقوم المغرب ببناء محطة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء، مثل تلك الموجودة في دبي بالإمارات العربية المتحدة، وعلى رغم أن السعودية لن تتوقف عن تصدير النفط، إلا أنها تخطط لبناء محطة للطاقة الشمسية أكبر حجماً بنحو 200 مرة من أكبر منشأة للطاقة الشمسية موجودة حالياً، إذ تعتبر السعودية الطاقة الشمسية وسيلة فعالة جداً من حيث التكلفة لزيادة إمدادات الكهرباء وتخفيض الاعتماد على مصادر الطاقة. تقول صفاء الجيوسي من منظمة IndyACT، وهي مجموعة لحماية البيئة في بيروت، “عندما بدأت العمل لأول مرة، نظر الناس إلى أنصار حماية البيئة باعتبارهم أشخاصاً يحافظون على الأشجار فقط، لكنني أعتقد الآن أن النقاش الأهم الآن هو النقاش الاقتصادي”.

لا تستطيع الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فعل الكثير من أجل تخفيف التغير المناخي. ولكن سيتعين عليهم حتماً أن يتكيفوا مع التغيرات الجديدة، حتى الآن لم يُبذل الكثير من الجهد في هذا الشأن، وهو ما يسبب الإحباط،. يقول موسى: “أشعر أحياناً بأنني أدور في حلقة مفرغة”.

هذا الموضوع مترجم موقع the economist ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".