fbpx

“جسد مريم حقها”: مصريات ممنوعات
من إجراء عملية جراحية دون موافقة الزوج

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في مصر يتم التعامل مع أجساد النساء بوصفها ملكية عامة تتنقل في تسلسل عامر بالوصاية والسيطرة والتحكم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يكسو ملامحها الضعف، تجر قدميها وهي تنتقل من مستشفى إلى آخر طارقة كل الأبواب، بجسد نحيل أنهكته الأنيميا التي نالت منها بعد ثلاثة أشهر من النزيف الحاد، فقد أصيبت مريم (25 سنة)، بورم خبيث يستدعي استئصال الرحم لإنقاذ حياتها، لتصطدم مباشرة مع المنظومة الطبية التي تنتقص من أهلية المرأة البالغة، بعد رفض محاولاتها إجراء الجراحة إلا بموافقة الزوج، حتى بعدما أخبرتهم برفعها دعوى خُلع.

استغاثات كثيرة خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي كانت مريم بطلتها تحت “هاشتاغ” بعنوان “جسد مريم_حقها”، بعدما جمعتها المصادفة بالمخرجة نيفين شلبي من خلال أصدقاء مشتركين، لتكون اليد التي تنقذها.

 نشرت شلبي عبر حسابها على “تويتر” تدوينة عن حالة مريم وحاجتها للجراحة العاجلة، تواصل “درج” مع شلبي لمعرفة المزيد عن القصة قالت “ما دفعني للتفاعل مع قصة مريم هو شعوري كامرأة تعرف الخطر الواقع عليها خاصة بعد أن علمت بتعرضها للنزيف منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر دون تلقي أي مساعدة وما ترتب عليه من مضاعفات من أنيميا وغيرها”.

قصة مريم فتحت الستار على نوع أخر من العنف المتسلسل والوصاية على أجساد النساء، في المنطقة العربية. وهنا في مصر يتم التعامل مع أجساد النساء بوصفها ملكية عامة تتنقل في تسلسل عامر بالوصاية والسيطرة والتحكم. 

منذ بداية التنشئة تُلقن الأنثى “كتالوغ” التعامل مع جسدها تحت إشراف كل ذكور العائلة، وتُحرم التعامل الحر مع أعضائه، بخاصة رحمها، العضو الذي يحمل قيمة بيولوجية واجتماعية، إذ يُفرض على النساء أخذ الإذن من الزوج- وقبله من الأب- للتعامل مع هذا الجزء الحساس من الجسد. 

محمد جاب الله استشاري الطب الشرعي وعضو الجمعية اليابانية لعلوم الطب الشرعي أكد لـ”درج” أنه لا يوجد في اللوائح أو القوانين المنظمة للعمل الطبي ما يسمى بإذن الزوج، “في أي إجراءات صحية من شأنها التدخل السريع لإنقاذ حياة المرأة وهي في كامل وعيها لا يحق لأحد أن يقرر غيرها وفي حالة فقدانها الوعي تؤخذ موافقة أحد أفراد العائلة ليس الذكور فقط، ولكن أي شخص بالغ عاقل يستطيع أن يوقع بالموافقة حتى وإن كانت الأم”.

 وأضاف “لكن هناك بعض لوائح العمل الداخلية التي تطلب إذن الزوج أو الأب وأحياناً توقيع من شاهد كوسيلة دفاعية لتحمي نفسها من أي ادعاء بالرفض من أحد الأطراف بخاصة في حالة الخلافات الزوجية”. وأوضح أن هناك بعض الحالات التي تحتاج لموافقة الزوج، “بمعنى أدق تحتاج إلى قرار تشاركي في ما يتعلق بالإنجاب مثل ربط قناتي فالوب كوسيلة لمنع الحمل”.

تحكي نيفين شلبي عن ما واجهته مع “مريم” في المراكز الطبية لإنقاذها تقول: “أكثر من مشفى عام رفضت إجراء العملية رغم الاطلاع على كل الفحوصات الطبية الخاصة بالحالة والتي تثبت ضرورة إجراء العملية، منها مستشفى القصر العيني حيث أتى رفضها لعدم وجود موافقة كتابية من الزوج” وأضافت “للأسف دعوى الخلع ليست لها قيمة طالما لا تزال متزوجة في الأوراق الرسمية”.

مريم كآلاف النساء اللائي يتعرضن للخطر يومياً بسبب ممارسات فرضها العُرف السائد على المجتمع، وتقول إيمان أبوالعزم اختصاصية طب النساء وناشطة نسوية، إن “الأزمة الحقيقية هي عدم حماية الأطباء فنحن الخط الأول للتعامل مع أهل المريض، وما يحدث نابع من الحساسية المفرطة في التعامل مع العضو التناسلي للمرأة لأن المجتمع يرى أنه ملك له وهو ما ينعكس على أداء الأطباء التي لا غطاء قانوني لهم، حتى في الأمور الطبية البسيطة، بسبب “رهاب العذرية” فمثلاً عند وجود تجمع سائل حول البظر بسبب الختان وهو أمر مؤلم جداً ويستوجب إجراء بسيط يرفض الأطباء التعامل معه، بسبب رفض الأهالي، على رغم أن دورك كطبيب هو تحديد العلاج المناسب لإزالة ألم المريض ضد خرافات المجتمع”.

مصر هي أولى الدول العربية التي صدقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، والتي تنص على أن تتخذ الدول إجراءات لإنهاء التمييز ضد المرأة في الرعاية الصحية وتقديم الخدمات المناسبة لتحقيق المساواة بين الجنسين، لكن تركيز البحث كله في ملف مناهضة العنف الطبي ضد النساء اتجهت لدورها البيولوجي في الإنجاب، والعنف الذي تتعرض له أثناء الولادة، وبعض الحديث اتجه للتمييز في تشخيص المرضى، منهم ورقة بعنوان ألم فوق الألم: العنف الطبي ضد النساء في مصر” أصدرها مركز التنمية والدعم والإعلام (دام)، لم تتضمن تقييد تلقي العلاج بأمر الذكور.

إقرأوا أيضاً:

في هذا الصدد، تقول الباحثة النسوية رنيم العفيفي، لـ”درج”، “إذا اعتبرنا أن القرارات التي تخص الرحم هي أمر تشاركي بين الزوجين، فلماذا لا يُطلب من الرجل إخطار زوجته في أي قرار يخص البروستاتا أو الخصيتين مثلاً، لذلك علينا النظر إلى بداية الوصاية على أجسادنا كنساء، فالمجتمع يتعامل مع جسدنا كشيء مركب على شخوصنا فنُربى على أنها ملك لرب العائلة من الأب إلى الأخ ثم الزوج، وحتى في غيابهم يكون الملك للأبناء الذكور، بداية من ختان الفتيات في الطفولة، ثم فرض الحجاب عليهن وغير ذلك”. 

 في كتاب “المرأة والجنس” للدكتورة نوال السعداوي إن جزءاً من تربية الفتيات في مصر يركز على ضرورة أن تنتبه الفتاة إلى كيفية جلوسها، بحيث لا تنفرج الساقان، مثلاً، بما يجعل ثيابها الداخلية ظاهرة لمن يجلس في مقابلها. ويجب ألا تضع ساقاً على ساق، لأن هذا يخدش الصورة النمطية للفتاة الخجولة.

قضية مريم تفتح باب جديداً للنبش في أشكال العنف المقنع ضد النساء. وخلال النقاش حول قضيتها ، ظهر رأي مغاير أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشيخ “محمد كريمة قال في تصريحات لدرج” إن الإسلام يعتبر جسد الإنسان ملك له وهو حر في تقرير الاستغناء عن أي جزء منه طالما أن هناك ضرورة طبية ولا يسبب تشوهاً، وأكد أن الأصل في الزواج هو المشاركة وفي حالة التعامل مع الرحم يجب إخطار الزوج من باب احترام حقه في الإنجاب”.

أكدت نيفين شلبي عدم تواصل أي مسؤول من نقابة الأطباء بالحالة لمحاولة مساعدتها وإنقاذ حياتها، فالقضية التي راجت، نفى الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء لـ”درج”، معرفته بها، وأضاف أنه لا يعلم إذا كانت اللوائح الطبية تمنع إجراء عمليات كهذه بدون إذن الزوج ولا حتى الإجراءات القانونية التي تؤخذ ضد الطبيب الممتنع في حال تضرر المريضة، لكن كل ما ذكره أن على المرضى تقديم شكوى للنقابة في “دار الحكمة” وستشكل لجنة للنظر فيها، دون ذكر أي تفاصيل أخرى. 

أصيبت مريم (25 سنة)، بورم خبيث يستدعي استئصال الرحم لإنقاذ حياتها، لتصطدم مباشرة مع المنظومة الطبية التي تنتقص من أهلية المرأة البالغة، بعد رفض محاولاتها إجراء الجراحة إلا بموافقة الزوج، حتى بعدما أخبرتهم برفعها دعوى خُلع.

وصرح المحامي أحمد شمس الخبير بقضايا المسؤولية الطبية، ل ايوجد نص قانوني يحرم المرأة من حقها في إنقاذ حياتها، وفي حالة حدوث أي ضرر لها من حقها رفع دعوى ضد المشفى التي رفضتها مستنداً إلى المادة 27 من القانون الجنائي، والتي تكفل حق المتضرر من الجريمة في رفع دعوى أمام النيابة أو مأموري الضبط القضائي.

أضافت رنيم العفيفي، “أجساد النساء هي صلب الحراك النسوي، بخاصة بعد ثورة 25 يناير، والتي مرت كل أحداثها على أجسادنا، وأنجبت جيلاً أكثر جرأة في طرح ونقاش القضايا التي تخص حرية الجسد وملكيته للمرأة وحدها والأحقية المطلقة في التعامل معه، وأعتقد أن استمرار الحديث عن مثل هذه القضايا هو ما يساعدنا في خلق التغيير المجتمعي”.

بسبب ضغط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، استطاعت مريم دخول أحد المستشفيات، وقالت نيفين شلبي “تواصل معنا أحد الأطباء الكبار وقام بالاطلاع على ملف الحالة الصحية لمريم واستقبلها في أحد المستشفيات لعمل الأشعة اللازمة، وبالفعل أجرت العملية بنجاح متجاوزاً موافقة الزوج لخطورة الحالة، أكدت تحسن حالتها الصحية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ حياتها”.

دائماً ما يشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاباته على اهتمامه بشؤون المرأة وتخفيف القيود المجتمعية عن كاهلها، كخطوة للدولة نحو المدنية ودعم الحقوق، لكن الواقع يثبت مدى التمسك بالوصاية على النساء عقولاً وأجساداً، فنسب العنف في ارتفاع مستمر وما زلنا نكتشف المزيد من صوره التي تمارس على حساب أمان النساء وحياتهن.

إقرأوا أيضاً:

"درج" | 06.12.2024

سوريا: سباق بين الغبطة واحتمالات الخيبة

جميعنا مأخوذون بالمشهد، نظام بشار الأسد يتداعى تحت أنظارنا، سؤال ما بعد السقوط، أو ما بعد انعقاد الخريطة على واقع مختلف، شرط سياسي لا بد منه، لكنه لا يستوي في بعده العاطفي مع السؤال السياسي. الكلام عن تأجيل السياسة إلى ما بعد انكشاف سير المعركة، يشبه طلب تأجيل نقد حماس إلى ما بعد نهاية الحرب…
05.04.2022
زمن القراءة: 6 minutes

في مصر يتم التعامل مع أجساد النساء بوصفها ملكية عامة تتنقل في تسلسل عامر بالوصاية والسيطرة والتحكم.

يكسو ملامحها الضعف، تجر قدميها وهي تنتقل من مستشفى إلى آخر طارقة كل الأبواب، بجسد نحيل أنهكته الأنيميا التي نالت منها بعد ثلاثة أشهر من النزيف الحاد، فقد أصيبت مريم (25 سنة)، بورم خبيث يستدعي استئصال الرحم لإنقاذ حياتها، لتصطدم مباشرة مع المنظومة الطبية التي تنتقص من أهلية المرأة البالغة، بعد رفض محاولاتها إجراء الجراحة إلا بموافقة الزوج، حتى بعدما أخبرتهم برفعها دعوى خُلع.

استغاثات كثيرة خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي كانت مريم بطلتها تحت “هاشتاغ” بعنوان “جسد مريم_حقها”، بعدما جمعتها المصادفة بالمخرجة نيفين شلبي من خلال أصدقاء مشتركين، لتكون اليد التي تنقذها.

 نشرت شلبي عبر حسابها على “تويتر” تدوينة عن حالة مريم وحاجتها للجراحة العاجلة، تواصل “درج” مع شلبي لمعرفة المزيد عن القصة قالت “ما دفعني للتفاعل مع قصة مريم هو شعوري كامرأة تعرف الخطر الواقع عليها خاصة بعد أن علمت بتعرضها للنزيف منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر دون تلقي أي مساعدة وما ترتب عليه من مضاعفات من أنيميا وغيرها”.

قصة مريم فتحت الستار على نوع أخر من العنف المتسلسل والوصاية على أجساد النساء، في المنطقة العربية. وهنا في مصر يتم التعامل مع أجساد النساء بوصفها ملكية عامة تتنقل في تسلسل عامر بالوصاية والسيطرة والتحكم. 

منذ بداية التنشئة تُلقن الأنثى “كتالوغ” التعامل مع جسدها تحت إشراف كل ذكور العائلة، وتُحرم التعامل الحر مع أعضائه، بخاصة رحمها، العضو الذي يحمل قيمة بيولوجية واجتماعية، إذ يُفرض على النساء أخذ الإذن من الزوج- وقبله من الأب- للتعامل مع هذا الجزء الحساس من الجسد. 

محمد جاب الله استشاري الطب الشرعي وعضو الجمعية اليابانية لعلوم الطب الشرعي أكد لـ”درج” أنه لا يوجد في اللوائح أو القوانين المنظمة للعمل الطبي ما يسمى بإذن الزوج، “في أي إجراءات صحية من شأنها التدخل السريع لإنقاذ حياة المرأة وهي في كامل وعيها لا يحق لأحد أن يقرر غيرها وفي حالة فقدانها الوعي تؤخذ موافقة أحد أفراد العائلة ليس الذكور فقط، ولكن أي شخص بالغ عاقل يستطيع أن يوقع بالموافقة حتى وإن كانت الأم”.

 وأضاف “لكن هناك بعض لوائح العمل الداخلية التي تطلب إذن الزوج أو الأب وأحياناً توقيع من شاهد كوسيلة دفاعية لتحمي نفسها من أي ادعاء بالرفض من أحد الأطراف بخاصة في حالة الخلافات الزوجية”. وأوضح أن هناك بعض الحالات التي تحتاج لموافقة الزوج، “بمعنى أدق تحتاج إلى قرار تشاركي في ما يتعلق بالإنجاب مثل ربط قناتي فالوب كوسيلة لمنع الحمل”.

تحكي نيفين شلبي عن ما واجهته مع “مريم” في المراكز الطبية لإنقاذها تقول: “أكثر من مشفى عام رفضت إجراء العملية رغم الاطلاع على كل الفحوصات الطبية الخاصة بالحالة والتي تثبت ضرورة إجراء العملية، منها مستشفى القصر العيني حيث أتى رفضها لعدم وجود موافقة كتابية من الزوج” وأضافت “للأسف دعوى الخلع ليست لها قيمة طالما لا تزال متزوجة في الأوراق الرسمية”.

مريم كآلاف النساء اللائي يتعرضن للخطر يومياً بسبب ممارسات فرضها العُرف السائد على المجتمع، وتقول إيمان أبوالعزم اختصاصية طب النساء وناشطة نسوية، إن “الأزمة الحقيقية هي عدم حماية الأطباء فنحن الخط الأول للتعامل مع أهل المريض، وما يحدث نابع من الحساسية المفرطة في التعامل مع العضو التناسلي للمرأة لأن المجتمع يرى أنه ملك له وهو ما ينعكس على أداء الأطباء التي لا غطاء قانوني لهم، حتى في الأمور الطبية البسيطة، بسبب “رهاب العذرية” فمثلاً عند وجود تجمع سائل حول البظر بسبب الختان وهو أمر مؤلم جداً ويستوجب إجراء بسيط يرفض الأطباء التعامل معه، بسبب رفض الأهالي، على رغم أن دورك كطبيب هو تحديد العلاج المناسب لإزالة ألم المريض ضد خرافات المجتمع”.

مصر هي أولى الدول العربية التي صدقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، والتي تنص على أن تتخذ الدول إجراءات لإنهاء التمييز ضد المرأة في الرعاية الصحية وتقديم الخدمات المناسبة لتحقيق المساواة بين الجنسين، لكن تركيز البحث كله في ملف مناهضة العنف الطبي ضد النساء اتجهت لدورها البيولوجي في الإنجاب، والعنف الذي تتعرض له أثناء الولادة، وبعض الحديث اتجه للتمييز في تشخيص المرضى، منهم ورقة بعنوان ألم فوق الألم: العنف الطبي ضد النساء في مصر” أصدرها مركز التنمية والدعم والإعلام (دام)، لم تتضمن تقييد تلقي العلاج بأمر الذكور.

إقرأوا أيضاً:

في هذا الصدد، تقول الباحثة النسوية رنيم العفيفي، لـ”درج”، “إذا اعتبرنا أن القرارات التي تخص الرحم هي أمر تشاركي بين الزوجين، فلماذا لا يُطلب من الرجل إخطار زوجته في أي قرار يخص البروستاتا أو الخصيتين مثلاً، لذلك علينا النظر إلى بداية الوصاية على أجسادنا كنساء، فالمجتمع يتعامل مع جسدنا كشيء مركب على شخوصنا فنُربى على أنها ملك لرب العائلة من الأب إلى الأخ ثم الزوج، وحتى في غيابهم يكون الملك للأبناء الذكور، بداية من ختان الفتيات في الطفولة، ثم فرض الحجاب عليهن وغير ذلك”. 

 في كتاب “المرأة والجنس” للدكتورة نوال السعداوي إن جزءاً من تربية الفتيات في مصر يركز على ضرورة أن تنتبه الفتاة إلى كيفية جلوسها، بحيث لا تنفرج الساقان، مثلاً، بما يجعل ثيابها الداخلية ظاهرة لمن يجلس في مقابلها. ويجب ألا تضع ساقاً على ساق، لأن هذا يخدش الصورة النمطية للفتاة الخجولة.

قضية مريم تفتح باب جديداً للنبش في أشكال العنف المقنع ضد النساء. وخلال النقاش حول قضيتها ، ظهر رأي مغاير أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشيخ “محمد كريمة قال في تصريحات لدرج” إن الإسلام يعتبر جسد الإنسان ملك له وهو حر في تقرير الاستغناء عن أي جزء منه طالما أن هناك ضرورة طبية ولا يسبب تشوهاً، وأكد أن الأصل في الزواج هو المشاركة وفي حالة التعامل مع الرحم يجب إخطار الزوج من باب احترام حقه في الإنجاب”.

أكدت نيفين شلبي عدم تواصل أي مسؤول من نقابة الأطباء بالحالة لمحاولة مساعدتها وإنقاذ حياتها، فالقضية التي راجت، نفى الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء لـ”درج”، معرفته بها، وأضاف أنه لا يعلم إذا كانت اللوائح الطبية تمنع إجراء عمليات كهذه بدون إذن الزوج ولا حتى الإجراءات القانونية التي تؤخذ ضد الطبيب الممتنع في حال تضرر المريضة، لكن كل ما ذكره أن على المرضى تقديم شكوى للنقابة في “دار الحكمة” وستشكل لجنة للنظر فيها، دون ذكر أي تفاصيل أخرى. 

أصيبت مريم (25 سنة)، بورم خبيث يستدعي استئصال الرحم لإنقاذ حياتها، لتصطدم مباشرة مع المنظومة الطبية التي تنتقص من أهلية المرأة البالغة، بعد رفض محاولاتها إجراء الجراحة إلا بموافقة الزوج، حتى بعدما أخبرتهم برفعها دعوى خُلع.

وصرح المحامي أحمد شمس الخبير بقضايا المسؤولية الطبية، ل ايوجد نص قانوني يحرم المرأة من حقها في إنقاذ حياتها، وفي حالة حدوث أي ضرر لها من حقها رفع دعوى ضد المشفى التي رفضتها مستنداً إلى المادة 27 من القانون الجنائي، والتي تكفل حق المتضرر من الجريمة في رفع دعوى أمام النيابة أو مأموري الضبط القضائي.

أضافت رنيم العفيفي، “أجساد النساء هي صلب الحراك النسوي، بخاصة بعد ثورة 25 يناير، والتي مرت كل أحداثها على أجسادنا، وأنجبت جيلاً أكثر جرأة في طرح ونقاش القضايا التي تخص حرية الجسد وملكيته للمرأة وحدها والأحقية المطلقة في التعامل معه، وأعتقد أن استمرار الحديث عن مثل هذه القضايا هو ما يساعدنا في خلق التغيير المجتمعي”.

بسبب ضغط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، استطاعت مريم دخول أحد المستشفيات، وقالت نيفين شلبي “تواصل معنا أحد الأطباء الكبار وقام بالاطلاع على ملف الحالة الصحية لمريم واستقبلها في أحد المستشفيات لعمل الأشعة اللازمة، وبالفعل أجرت العملية بنجاح متجاوزاً موافقة الزوج لخطورة الحالة، أكدت تحسن حالتها الصحية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ حياتها”.

دائماً ما يشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاباته على اهتمامه بشؤون المرأة وتخفيف القيود المجتمعية عن كاهلها، كخطوة للدولة نحو المدنية ودعم الحقوق، لكن الواقع يثبت مدى التمسك بالوصاية على النساء عقولاً وأجساداً، فنسب العنف في ارتفاع مستمر وما زلنا نكتشف المزيد من صوره التي تمارس على حساب أمان النساء وحياتهن.

إقرأوا أيضاً: