fbpx

دبلوماسية الزلزال… هل حقاً رفض المغرب المساعدة الفرنسيّة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتحول الكوارث الطبيعية عادةً، إلى مناسبة لرأب أي صدع شهدته علاقات البلد المنكوب الخارجية في أوقات سابقة. لكن الزلزال الذي ضرب المغرب لم يساهم في التقارب بين الرباط وباريس، لا بل يُخشى أن يصبّ الزيت على نار علاقاتهما الثنائية المتوتّرة أصلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال في المغرب، تأهبت الأجهزة الرسمية الفرنسية ومنظماتها غير الحكومية للمشاركة في أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات العينية. إلا أن الرباط لم توافق على قبول الدعم الفرنسي، ما دفع وسائل الإعلام الفرنسية الى التساؤل عما إذا كان هذا “التلكؤ” في الرد على العرض الفرنسي رفضاً ضمنياً. وعليه، بادرت إلى التذكير بالمطبات التي عرفتها العلاقات الفرنسية – المغربية خلال السنوات الأخيرة، موحيةً بأن الموقف المغربي تعبير عن قرار سلبي تجاه باريس، وواصفة إياه بـ “دبلوماسية الزلزال”. 

في أيلول/ سبتمبر 2021، قلّصت فرنسا عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، رداً على رفض الرباط التعاون في ترحيل مواطنيها غير الشرعيين المقيمين في فرنسا. على رغم تسوية الأمر في كانون الأول/ ديسمبر 2022، إلا أن ارتداداته السلبية لا تزال تطغى على علاقات البلدين.

قضية بيغاسوس تساهم بدورها في تعكير صفو العلاقات الفرنسية – المغربية، إذ تحوم شكوك حول تورط أجهزة أمنية مغربية في اختراق هاتف الرئيس إيمانويل ماكرون للتجسس عليه، وهو ما نفته الرباط. ملف ثالث لا يقل أهمية، وهو اتهام الرباط باريس بالتقارب مع الجزائر، خصم المغرب في عدد من الملفات الخلافية.

كما عرفت العلاقات الفرنسية – المغربية فصلاً جديداً من التدهور في شباط/ فبراير 2023، بعد إنهاء مهام السفير المغربي في فرنسا من دون تعيين بديل له حتى الساعة، على خلفية اتهام باريس بالوقوف وراء توصية أقرها البرلمان الأوروبي تنتقد تدهور حرية الصحافة داخل المملكة.

وتعد الصحراء الغربية أم الخلافات والإشكالات مع امتناع باريس عن الاعتراف بسيادة المغرب عليها، على عكس ما أقدمت عليه دول أخرى مثل إسبانيا والولايات المتحدة.  

ولتأكيد “دبلوماسية الزلزال” هذه، توقف الإعلام الفرنسي عند قبول المغرب المساعدات الإسبانية والبريطانية والإماراتية والقطرية وحتى الجزائرية على رغم علاقاتها المقطوعة منذ آب/ أغسطس 2021، بعد اتهام الجزائر المغرب “بارتكاب أعمال عدائية”. ومن خلال مقابلات مع ممثلين عن منظمات غير حكومية، تناولوا فيها أهمية تقديم العون، لا سيما في الأيام الثلاثة الأولى، إذ تكون فرص العثور على ناجين في أوجها. بذلك، أوحى بعض الصحافيين أن المغرب اختار مصالحه السياسة على حساب الوضع الإنساني.

الجهات الرسمية الفرنسية سعت إلى إخماد الجدل تجنباً للأسوأ: وزيرة الخارجية كاترين كولونا أكدت أنها على اتصال دائم بنظيرها المغربي، كما تواصل ماكرون مع الملك محمد السادس، مضيفة أن المغرب دولة ذات سيادة وهي الجهة الوحيدة القادرة على تقييم احتياجاتها، معتبرة أن كل ما يُطرح إعلامياً في غير مكانه.

دخل ماكرون شخصياً على الخط من خلال مقطع مصور نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى حساسية الموقف. وطالب بوقف الجدل احتراماً للضحايا، مؤكداً وقوف فرنسا إلى جانب الشعب المغربي. 

سعى متخصصون إلى تصويب الأمور، إذ إن الباحثة المتخصصة في التنمية الأفريقية والرئيسة السابقة لمنظمة “العمل ضد الجوع” سيلفي برونيل، أكدت في مقابلة مع صحيفة Le Figaro، أن تدفق المساعدات الإنسانية من دون تنسيق مسبق يعطي نتائج عكسية، كالتسبب بازدحام وعدم الإدراك المسبق للخصوصية الاجتماعية لبعض المناطق، مضيفة أن المغرب ليس بلداً منهاراً، مثل هايتي، لتتدفق المساعدات عشوائياً، في إشارة إلى الزلزال الذي ضرب الجزيرة المذكورة في العام 2010. بالتالي، من الطبيعي أن يتمسك المغرب بسيادته، بخاصة أن عمليات الإنقاذ والإغاثة المحلية تبقى الأكثر فعالية. مسألة تناولها كل من فرنسوا أوديه، مدير المركز الكندي للأزمات والأعمال الانسانية، ورئيس مركز العمليات الإنسانية في وزارة الخارجية الفرنسية بيار سالينيون، اللذان أكدا في مقابلة مع موقع Mediapart، أن دولاً عدة باتت تتجه إلى تنظيم المساعدات والإغاثة على نحو لا مركزي لفعاليتها.  

الباحث المتخصص في الشؤون المغربية لويس مارتينيز، وصف ما يجري بالجدل فرنكو – فرنسي. فقد عرضت دول عدة مساعدات على المغرب ولم تتلقّ رداً، كالولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب مارتينيز الذي تساءل: لماذا شعرت فرنسا دون غيرها بالإهانة؟

مارتينيز اعتبر في حديث إلى صحيفتي minutes20 و Libération، أن المغرب قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ومن الطبيعي أن يتعاون مع البلدان التي يتمتع معها بعلاقات أوثق: سياسة إسبانيا منحازة الى المغرب، بخاصة مع اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء الغربية إلى جانب كونها شريكاً أساسياً في ملف الهجرة كما على صعيد التعاون الأمني. أما اختيار المملكة المتحدة فهو لتسجيل موقف ضد الاتحاد الأوروبي، كما أن قطر والإمارات حليفان تقليديان للمغرب.

يختم مارتينيز حديثه قائلاً: “كان بإمكان فرنسا الانضمام الى تلك الدول لعلاقاتها التاريخية بهذا البلد كما خبرتها في إدارة الكوارث. لكن، لماذا سيلجأ إليها المغرب وعلاقاتهما ليست في أحسن أحوالها؟ يتناسى البعض أنه عندما لا نحافظ على علاقات ودية مع دولة ما، يحلّ محلنا آخرون”. 

منذ سنوات والنفوذ الفرنسي داخل أفريقيا في انكماش مستمر، بخاصة بعد اعتلاء أنظمة عسكرية معادية لباريس الحكم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. وعليه، استبعاد المغرب فرنسا يحمل من دون شك مؤشرات رمزية إلى الانحدار المستمر للمصالح الفرنسية في القارة السمراء، ما يفسر جانباً من ردة الفعل الحادة تلك.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 13.09.2024

انتخابات الأردن: “الإخوان” هم الإجابة الهاشميّة عن الترانسفير 

وصول "الإخوان المسلمين"، الذين تصنفهم دول خليجية كجماعة إرهابية، إلى البرلمان، يكشف أيضاً عن طبيعة التوتر الصامت بين عمان وبين دول اتفاقات "إبراهام"، التي زادت من مخاوف الأردن الديموغرافية، بفعل عدم ربطها بين السلام وبين حق الفلسطينيين بدولة في الضفة الغربية والقدس. ولا بد والحال هذه من تذكير الدول الإبراهيمية باحتمالات السلام المجاني، و"الإخوان المسلمين"…
15.09.2023
زمن القراءة: 4 minutes

تتحول الكوارث الطبيعية عادةً، إلى مناسبة لرأب أي صدع شهدته علاقات البلد المنكوب الخارجية في أوقات سابقة. لكن الزلزال الذي ضرب المغرب لم يساهم في التقارب بين الرباط وباريس، لا بل يُخشى أن يصبّ الزيت على نار علاقاتهما الثنائية المتوتّرة أصلاً.

منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال في المغرب، تأهبت الأجهزة الرسمية الفرنسية ومنظماتها غير الحكومية للمشاركة في أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات العينية. إلا أن الرباط لم توافق على قبول الدعم الفرنسي، ما دفع وسائل الإعلام الفرنسية الى التساؤل عما إذا كان هذا “التلكؤ” في الرد على العرض الفرنسي رفضاً ضمنياً. وعليه، بادرت إلى التذكير بالمطبات التي عرفتها العلاقات الفرنسية – المغربية خلال السنوات الأخيرة، موحيةً بأن الموقف المغربي تعبير عن قرار سلبي تجاه باريس، وواصفة إياه بـ “دبلوماسية الزلزال”. 

في أيلول/ سبتمبر 2021، قلّصت فرنسا عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، رداً على رفض الرباط التعاون في ترحيل مواطنيها غير الشرعيين المقيمين في فرنسا. على رغم تسوية الأمر في كانون الأول/ ديسمبر 2022، إلا أن ارتداداته السلبية لا تزال تطغى على علاقات البلدين.

قضية بيغاسوس تساهم بدورها في تعكير صفو العلاقات الفرنسية – المغربية، إذ تحوم شكوك حول تورط أجهزة أمنية مغربية في اختراق هاتف الرئيس إيمانويل ماكرون للتجسس عليه، وهو ما نفته الرباط. ملف ثالث لا يقل أهمية، وهو اتهام الرباط باريس بالتقارب مع الجزائر، خصم المغرب في عدد من الملفات الخلافية.

كما عرفت العلاقات الفرنسية – المغربية فصلاً جديداً من التدهور في شباط/ فبراير 2023، بعد إنهاء مهام السفير المغربي في فرنسا من دون تعيين بديل له حتى الساعة، على خلفية اتهام باريس بالوقوف وراء توصية أقرها البرلمان الأوروبي تنتقد تدهور حرية الصحافة داخل المملكة.

وتعد الصحراء الغربية أم الخلافات والإشكالات مع امتناع باريس عن الاعتراف بسيادة المغرب عليها، على عكس ما أقدمت عليه دول أخرى مثل إسبانيا والولايات المتحدة.  

ولتأكيد “دبلوماسية الزلزال” هذه، توقف الإعلام الفرنسي عند قبول المغرب المساعدات الإسبانية والبريطانية والإماراتية والقطرية وحتى الجزائرية على رغم علاقاتها المقطوعة منذ آب/ أغسطس 2021، بعد اتهام الجزائر المغرب “بارتكاب أعمال عدائية”. ومن خلال مقابلات مع ممثلين عن منظمات غير حكومية، تناولوا فيها أهمية تقديم العون، لا سيما في الأيام الثلاثة الأولى، إذ تكون فرص العثور على ناجين في أوجها. بذلك، أوحى بعض الصحافيين أن المغرب اختار مصالحه السياسة على حساب الوضع الإنساني.

الجهات الرسمية الفرنسية سعت إلى إخماد الجدل تجنباً للأسوأ: وزيرة الخارجية كاترين كولونا أكدت أنها على اتصال دائم بنظيرها المغربي، كما تواصل ماكرون مع الملك محمد السادس، مضيفة أن المغرب دولة ذات سيادة وهي الجهة الوحيدة القادرة على تقييم احتياجاتها، معتبرة أن كل ما يُطرح إعلامياً في غير مكانه.

دخل ماكرون شخصياً على الخط من خلال مقطع مصور نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى حساسية الموقف. وطالب بوقف الجدل احتراماً للضحايا، مؤكداً وقوف فرنسا إلى جانب الشعب المغربي. 

سعى متخصصون إلى تصويب الأمور، إذ إن الباحثة المتخصصة في التنمية الأفريقية والرئيسة السابقة لمنظمة “العمل ضد الجوع” سيلفي برونيل، أكدت في مقابلة مع صحيفة Le Figaro، أن تدفق المساعدات الإنسانية من دون تنسيق مسبق يعطي نتائج عكسية، كالتسبب بازدحام وعدم الإدراك المسبق للخصوصية الاجتماعية لبعض المناطق، مضيفة أن المغرب ليس بلداً منهاراً، مثل هايتي، لتتدفق المساعدات عشوائياً، في إشارة إلى الزلزال الذي ضرب الجزيرة المذكورة في العام 2010. بالتالي، من الطبيعي أن يتمسك المغرب بسيادته، بخاصة أن عمليات الإنقاذ والإغاثة المحلية تبقى الأكثر فعالية. مسألة تناولها كل من فرنسوا أوديه، مدير المركز الكندي للأزمات والأعمال الانسانية، ورئيس مركز العمليات الإنسانية في وزارة الخارجية الفرنسية بيار سالينيون، اللذان أكدا في مقابلة مع موقع Mediapart، أن دولاً عدة باتت تتجه إلى تنظيم المساعدات والإغاثة على نحو لا مركزي لفعاليتها.  

الباحث المتخصص في الشؤون المغربية لويس مارتينيز، وصف ما يجري بالجدل فرنكو – فرنسي. فقد عرضت دول عدة مساعدات على المغرب ولم تتلقّ رداً، كالولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب مارتينيز الذي تساءل: لماذا شعرت فرنسا دون غيرها بالإهانة؟

مارتينيز اعتبر في حديث إلى صحيفتي minutes20 و Libération، أن المغرب قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ومن الطبيعي أن يتعاون مع البلدان التي يتمتع معها بعلاقات أوثق: سياسة إسبانيا منحازة الى المغرب، بخاصة مع اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء الغربية إلى جانب كونها شريكاً أساسياً في ملف الهجرة كما على صعيد التعاون الأمني. أما اختيار المملكة المتحدة فهو لتسجيل موقف ضد الاتحاد الأوروبي، كما أن قطر والإمارات حليفان تقليديان للمغرب.

يختم مارتينيز حديثه قائلاً: “كان بإمكان فرنسا الانضمام الى تلك الدول لعلاقاتها التاريخية بهذا البلد كما خبرتها في إدارة الكوارث. لكن، لماذا سيلجأ إليها المغرب وعلاقاتهما ليست في أحسن أحوالها؟ يتناسى البعض أنه عندما لا نحافظ على علاقات ودية مع دولة ما، يحلّ محلنا آخرون”. 

منذ سنوات والنفوذ الفرنسي داخل أفريقيا في انكماش مستمر، بخاصة بعد اعتلاء أنظمة عسكرية معادية لباريس الحكم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. وعليه، استبعاد المغرب فرنسا يحمل من دون شك مؤشرات رمزية إلى الانحدار المستمر للمصالح الفرنسية في القارة السمراء، ما يفسر جانباً من ردة الفعل الحادة تلك.