بحسب معلومات حصل عليها مراسلنا في موسكو، عبّر الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين عن رغبة في وقف الإنتاج الحربيّ الروسيّ إلاّ ما اقتصر منه على التصدير الخارجيّ. أمّا بالنسبة إلى الجيش الروسيّ نفسه “فالأفضل أن نشتري السلاح من دول صديقة في الغرب”، وفقاً لما نُسب إليه.
هذا الموقف البالغ الغرابة ردّده بوتين في اجتماع مغلق عُقد في الكرملين وحضره خمسة من كبار قادة جيشه ووزيرا الخارجيّة والدفاع سيرجي لافروف وسيرجي شويغو، إلاّ أنّ عطلاً تقنيّاً جعل الصوت يتسرّب من القاعة المغلقة إلى الخارج حيث يحتشد الصحافيّون وموظّفو القصر.
ويبدو أنّ موقف الرئيس الروسيّ، وفقاً لمراسل “درج”، استند إلى حجج ثلاث متكاملة، هي التالية:
“أوّلاً، لا شكّ في أنّ تصديرنا للأسلحة يوفّر فرص عمل كثيرة لشبّاننا وخبرائنا، كما يدرّ على اقتصادنا أرباحاً ضخمة نحن في أمسّ الحاجة لها، وهذا ما لا ينبغي أبداً التفريط فيه، سيّما وأنّنا، للأسف، لا ننتج أموراً كثيرة في هذا البلد. مع ذلك، علينا بالتمييز بين الذين يريدون شراء أسلحتنا وبين أنفسنا. فنحن سنبقى على أتمّ الاستعداد لإنتاج السلاح للتصدير المدفوع الثمن إلى دول نستطيع أن نضحك عليها، أمّا أن نضحك على أنفسنا فهذا شيء آخر.
ثانياً، ممّا يؤلمني أنّ سلاحنا لا يفيدنا عسكريّاً في شيء. التجارب كلّها تقريباً تعلّمنا درساً واحداً: ينبغي أن يغيب السلاح الغربيّ عن المواجهة كي ينتصر سلاحنا. هذا ما حصل في القرم وسوريا. وهو يصحّ على تاريخنا الحديث منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية.
ثالثاً، يمكننا أن نسلّح جيشنا بأسلحة نأتي بها من الغرب: اليوم، علاقاتنا ممتازة مع إيطاليا، وهناك أصدقاء لنا قد يصلون إلى السلطة في فرنسا، كمارين لوبن، وفي بريطانيا، كجيريمي كوربن. هذه دول تصنع أسلحة أفضل كثيراً منّا. ولا أخفيكم أنّ ترامب أبدى لي استعداده لبيعنا أسلحة أميركيّة بعد أن يتغلّب على بعض المصاعب في إدارته وفي القوانين وما إلى ذلك. ودونالد، كما تعلمون، يفعلها” (ضحك).
هذه الحجج الثلاث للرئيس الروسيّ لاقت استقبالاً طيّباً أبداه الحاضرون جميعاً باستثناء وزير الدفاع شويغو الذي تعهّد بوضع خطّة مضادّة يناقشها المجتمعون في لقاء قريب. بيد أنّ بوتين، وفقاً لمراسلنا، لم يبدُ مسروراً بهذا الاعتراض غير المتوقّع من أحد وزرائه.