على اللبنانيين أن ينتظروا بشرى سارة في اليومين المقبلين، هكذا بشّرهم سمير جعجع، رئيس القوات اللبنانية، من مقره في معراب بعد لقائه كتلة اللقاء الديموقراطي التي يتزعمها وليد جنبلاط.
بشرى “سارة” في ظل مقتل ما يقارب 200 شخص وإصابة الآلاف إضافة إلى عشرات المفقودين. وممن ستأتي البشرى؟ من سمير جعجع، الرجل الذي يجيد استغلال الاستقالات وتوظيفها.
لم يستقل سمير جعجع من حكومة الوحدة الوطنية بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين، إلا عندما تأكد أن الحكومة ستسقط في كل الأحوال.
يتريث اليوم كثيراً، ولا يتهور في الإقدام على الاستقالة من مجلس النواب قبل تأكده من استقالة كتلتي سعد الحريري ووليد جنبلاط، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
أطل على الناس بخطاب نقدي للانتفاضة، معارضاً بشدة “كلن يعني كلن”، قائلاً: “مش صحيح كل القوى السياسية ما بتسوى، نحنا منسوى”.
لا أدري إن كان يعلم أن 35 سورياً، و5 بنغلادشيين وآخرين ماتوا في هذه الجريمة، لا أعلم إن كان يدري أن “مسلمين” و”شيعة” ماتوا أيضاً في هذا الانفجار.
لا ندري ماذا كان يعني تحديداً حين قال إنهم، أي القوات، “جيدون”، لقد شهد شاهد من أهلها. هذه العبارة تذكرني بما راح جمهور “حزب الله” يردده حين قرر أن يرد على “كلن يعني كلن”: “كلن يعني كلن ونصرالله أشرف منن”. الجمهوران يلتقيان عند نقاط كثيرة، من الهوموفوبيا وصولاً إلى البلطجة.
يحبّ سمير جعجع السلطة كما يحبها جبران باسيل تماماً، وما انزعاج الرجل البارحة من شتائم المتظاهرين لجميع أركان السلطة سوى دليل على ذلك. لقد كان السباق بإعلان مضيه بانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية. بررّ انعطافته تجاه عون لسببين أساسيين:
أولاً لتقاسم الحصص المسيحية في إدارات الدولة مناصفة مع العونيين، وهو ما عاد وانقلب عليه جبران باسيل، وثانياً كي تكون رئاسة عون تمهيداً له، لوصوله إلى رئاسة الجمهورية بعد نهاية ولاية عون.
لا شك في أن حساباته وقعت مراراً في فخ سوء التقدير والخطأ.
في تصريحه الأخير وإمعاناً منه في “تواضعه” قال جعجع
إن الناس يريدون وزراء كوزراء القوات اللبنانية!
الفلسطينيون المقيمون في لبنان يريدون وزير عمل ككميل بو سليمان، يمنعهم من العمل (وضع شروطاً تعجيزية لأصحاب العمل كي لا يوظفوا فلسطينيين)، أو كوزراء الشؤون الاجتماعية المحسوبين على القوات والذين لم تسجل انجازات تذكر في عهدهم، أو لإزالة لائحة التنفيعات التي تضعها الأحزاب في وزارة الشؤون لمصلحة محازبيها لا المحتاجين لخدمات الوزارة.
أو كالوزير كغسان حاصباني الذي أنجز مشروع البطاقة الصحية تماماً كما أنجز جبران باسيل مشروع الكهرباء 24/24، على الورق فقط.
بماذا يختلف سمير جعجع عن جبران باسيل؟
لا شيء. هدفه السلطة لا أكثر، والركوب على موجة الانتفاضة بعدما تأكد أن جبران باسيل يقدم له “عضم السلطة لا لحمها” كي ينهشاه سوياً، ثم بكل وقاحة يخرج ليعارض هذا العهد الذي كان يتباهى بأنه عرابه منذ عام 2016.
قام سمير جعجع بزيارة الأشرفية بعد انفجار مرفأ بيروت، وسط تصفيق بعض المحازبين، وامتعاض كثيرين. قام بزيارة مدروسة إلى خيمة في الأشرفية تابعة للقوات اللبنانية، ولم يزر مار مخايل والجميزة. وصف الانفجار بأنه انفجار “الأشرفية” لا انفجار بيروت.
لا أدري إن كان يعلم أن 35 سورياً، و5 بنغلادشيين وآخرين ماتوا في هذه الجريمة، لا أعلم إن كان يدري أن “مسلمين” و”شيعة” ماتوا أيضاً في هذا الانفجار.
أكره تكرار المكرر والبديهيات بأن كل الّذين قتلوا هم أناس وبشر وإخوة في الانسانية وكل ذلك الشعر الذي فقد معناه أمام هول الجريمة وصفاقة مرتكبيها، لكن القول إنه “تفجير الأشرفية” لا تفجير بيروت أو لبنان، ليس زلة لسان، هو مسار تتويج رخيص لمسار طائفي لقوى اليمين الرجعية.