fbpx

عن معنى ترشح مثلي جنسياً إلى رئاسة دولة عربية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من المجدي قراءة فصول ترشح أول مثلي جنسياً، عربياً إلى الرئاسة بعيون متفحصة وبتأن شديد. فليس عادياً أن يعلن مواطن مثلي ترشحه إلى منصب في غاية الأهمية، وفي جعبته سلة مطالب تثير تساؤلات ونقاشاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
المحامي والناشط منير البعطور

من المجدي قراءة فصول ترشح أول مثلي جنسياً، عربياً إلى الرئاسة بعيون متفحصة وبتأن شديد. علينا مراقبة ردود فعل المجتمع الأهلي والإعلام والنوادي السياسية، إزاء هذا التحول الذي أراه مهماً للغاية في نضال مجتمع الميم، عربياً عموماً وتونسياً بخاصة. فليس عادياً أن يعلن مواطن مثلي ترشحه إلى منصب في غاية الأهمية، وفي جعبته سلة مطالب تثير تساؤلات ونقاشاً.

وإضافة إلى كون المرشح يناضل من أجل هويته الجنسية في مجتمع يلاحق المثليين والمثليات والعابرين/ات جنسياً ويتعدى على حرمة أجسامهم/ن (سجن لثلاثة أشهر بتهمة “اللواط”)، وينشط في المجال الحقوقي، منذ سنوات طويلة، إلا أن له أيضاً رأي سيزيد الحملات ضده للحط منه والمس بكرامته، في مسألة السلام مع إسرائيل والتطبيع معها. اذ صرّح منير بعطور المرشح الى الرئاسة التونسية عام 2017، بأنه مع “التطبيع الكامل وبكل المجالات مع إسرائيل. لكن هذا يعد تفصيلاً يمكن تجاوزه إذا ما تم اعتباره رأياً شخصياً وحسب، ولا يمكن فرضه في مسارات الترشح عموماً.

وبعطور، البالغ من العمر 48 سنة، محام تونسي قرر الترشح الى منصب حساس في دولة تعاني اليوم تمزقاً في نسيجها السياسي، على ضوء “ثورة الياسمين” التي أوصلت “حركة النهضة الإسلامية” الى الحكم، ومن ثم وصل القائد السبسي إلى سدة الرئاسة وهو في التسعين. ويأتي الترشح هذا في ظل انتهاكات حقوق الإنسان مع تعاظم دور الدولة البوليسي الذي يذكرنا بعهد الرئيس المعزول زين العابدين بن علي.

وفي بيان بعطور الانتخابي سلة مطالب مهمة في دفع الحراك السياسي في تونس إلى الامام وفتح نقاش عام حول مسائل “عالقة” وتشكل “تابوهات” محرمة في العمل السياسي. وعلى رأس اللائحة، يطالب بحماية حقوق الأقليات، ولا سيما ذوي البشرة السوداء الذين يعانون اضطهاداً وتمييزاً في المجتمع التونسي، إضافة الى مطالبته بـ”دسترة” حقوق الأمازيغ وإلغاء عقوبة الإعدام، وأيضاً شمل بيانه في البند التاسع اهتماماً ملحوظاً بـ”الدفاع عن حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسي والعابرات والعابرين جنسياً ومؤكدات ومؤكدي الجندر”، كما يقول بيانه. إذ تجرم المادة 230 من القانون الجزائي التونسي المثلية الجنسية، ففي النسخة العربية من الدستور التونسي استدلال واضح على تجريم المثلية بالقول: “اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلاً في أي صورة من الصور المقرّرة بالفصول المتقدّمة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثلاثة أعوام”.

 

 والحال، أن المثليين والمثليات والعابرين/ات يهتمون بمعنى السؤال السياسي ويشاركون في التظاهرات المدافعة عن حقوق الانسان العربي، الفقير والمعدم والمشتت والمسجون والمنفي والمرأة العربية أيضاً، المعنفة والمتحرش بها والمقتولة والمهددة كل يوم. وهم لا بد أنهم يجدون في هذا الحراك دعماً غير مباشر لحقوقهم ولوجودهم. هي قضايا تتقاطع كلها

 

القراءة الأولى لتصريحات بعطور مبشّرة، خصوصاً أنها تتجاوز أنساقاً مرسخة في بيانات الترشح الى رئاسيات تونس، وتعنى بشكل مهم في “التنوع الاجتماعي” وعدم التمييز وتتقاطع مع مسائل قانونية تتعاطى مباشرة مع مفاهيم الديموقراطية والحرية والمساواة.

ولأن هذا القرار الفردي ينعكس جلياً على مسارات حراك مجتمع الميم، ولا بد أن تكون له إضاءة على أحوالهم في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها أفراد هذا المجتمع في البلدان العربية جمعاء، فمن المهم دعم هذه الخطوة ومباركتها والتشديد على حق المثليين في الانخراط في المشهد السياسي وتصدرهم إياه، لتحقيق المساواة بين المواطنين وعدم التمييز الجندري والهوياتي في المشهد السياسي.

ولأن الخيار الآتي من حق “المواطنة” في الترشح الى منصب مهم، يصب خيار بعطور في التحولات السياسية التي يعيشها المثليون في تعاملهم مع ما يسمى “تقاطعية” القضايا، واندماجهم في الثورات العربية وحملات حقوق الانسان ودعم المرأة. هذا إضافة إلى ونشاطهم أيضاً في استنهاض خطاب حديث بالشأن السياسي، بعيداً من الكلاسيكية المهيمنة في العمل العام في معظم البلدان العربية، حيث تتكرس الوجوه الآتية من النوادي السياسية التقليدية أو الوجوه العسكرية المدججة بالسلاح والإفراط بالقوة او العائلية المتجذرة بإرثها السياسي.

 والحال، أن المثليين والمثليات والعابرين/ات يهتمون بمعنى السؤال السياسي ويشاركون في التظاهرات المدافعة عن حقوق الانسان العربي، الفقير والمعدم والمشتت والمسجون والمنفي والمرأة العربية أيضاً، المعنفة والمتحرش بها والمقتولة والمهددة كل يوم. وهم لا بد أنهم يجدون في هذا الحراك دعماً غير مباشر لحقوقهم ولوجودهم. هي قضايا تتقاطع كلها في نظر مواطنين يجدون أن تكافلهم ودعمهم مهم ومثمر لدفع الديموقراطية والحقوق إلى الواجهة في ظروف مأساوية وقوانين مجحفة وتكالب سلطات عنيفة وذكورية ضدهم في بلداننا العربية.

من هنا لا بد أن دعم هذه الخطوة عربياً من مجتمع الميم نفسه والمواطنين/ات عموماً، مهم للغاية ودافع حقيقي الى تبني أصوات تعيد طرح النقاش حول حق الفرد في العيش بكرامة ولا تساير المجتمع من أجل المنصب نفسه، وستحفّز هذه الخطوة على المدى القريب، خروج المزيد من المرشحين/ات بجرأة لكسر ما يمليه علينا الخطاب السياسي والمعايير المعلبة.

نعم لترشح منير بعطور، وكثر من أمثاله إلى الرئاسات العربية.

لماذا يدفع خالد أبو النجا ثمن دفاعه عن المثليين؟