fbpx

في مديح زحمة بيروت قبل العيد بأيام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عشرة أيام من الزحمة، عشرة أيام من التخدّر، ثم نعود إلى واقع الدولار الذي يقترب من حافة الـ50 ألف ليرة، والشباب الواقفين أمام السفارات بانتظار موافقة… عشرة أيام وتهدأ الزحمة في بيروت، ونعود إلى تكلفة الوقود التي توازي راتباً، وتكلفة التدفئة المستحيلة في الجبال، في شتاء بدأ برده يكوينا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نتبادل التحذيرات أصدقائي وأنا، نحاول أن نخرج في وقت تتراجع فيه الزحمة، لأن الطرق تعج بالسيارات قبيل عيدي الميلاد ورأس السنة… إنه مشهد وإن كان لا يخلو من السأم والغضب إثر احتجازنا ساعاتٍ للوصول إلى العمل أو إلى “المول” لشراء الهدايا أو حاجيات الاحتفال، إلا أنه دليل على أننا ما زلنا أحياء، وأن بيروت ما زالت تتمسك بفكرة الفرح، وفكرة العيد. وأن هؤلاء الذين يقال عنهم إنهم تخدّروا من شدة الطعن والقهر، ما زالوا يحاولون الاستفادة من تأثير المخدّر، من أجل الحفاظ على صورة المدينة الضاحكة، المزدحمة بالمحتفلين والخارجين والداخلين والهاربين والمقاومين… والأطفال الحالمين.

لا شكّ في أن معظم المتجولين في الأسواق الميلادية Marché de Noël، يكتفون بالفرجة وباصطحاب أطفالهم إلى جو العيد، بما أنهم على الأرجح عاجزون عن شراء الهدية المرغوبة أو صناعة الاحتفال المرجو… لكنّ زحمة بيروت تعيدني إلى ما قبل الأزمة وما قبل الحرب السورية وامتداد جراحها إلينا، إثر تدخل قوى لبنانية في الصراع.

عام 2010-2011، كان العام الأفضل سياحياً واقتصادياً في لبنان، وكنا في الجريدة في السنوات التالية حين نجري تحقيقاً، نقارن الأرقام بالعام 2010-2011، الذي تلاه الانحدار التراكمي، ومعدلات النمو المتهالكة، وصولاً إلى انفجار الأزمة عام 2019، وحتى اليوم… اليوم الذي بتنا ننظر فيه إلى زحمة السير كباب فرج وحيد، وكدليل على أن سكان البلد لم يهاجروا جميعاً، وما زال الكثير منهم راغبين في الاحتفال وفي شراء ثياب جديدة و”حبشة” تجتمع حولها العائلة والأصدقاء، من أجل كأس وضحكة.

 إنه مشهد وإن كان لا يخلو من السأم والغضب إثر احتجازنا ساعاتٍ للوصول إلى العمل أو إلى “المول” لشراء الهدايا أو حاجيات الاحتفال، إلا أنه دليل على أننا ما زلنا أحياء، وأن بيروت ما زالت تتمسك بفكرة الفرح، وفكرة العيد.

أصبحت فترات الأعياد راهناً هي الأمل الوحيد لبث بعض الروح في اقتصاد تم قتله، تبدأ الحملات لاجتذاب السياح والمغتربين لضخ بعض الأموال في الاقتصاد، لعله يتنفّس الصعداء… إننا نستجدي المغتربين حتى يأتوا، كي لا يكسروا أملنا المتبقي.

في تصريح لإحدى الصحف، يقول نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، إن الزخم السياحي الحالي يمتد بشكل أساسي لنحو 10 أيام فقط، لافتاً إلى أن «80 في المئة ممن يزورن البلد راهناً هم من اللبنانيين المغتربين، و20 في المئة من العراق والأردن ومصر». ويوضح الأشقر أن «إشغال الفنادق يصل في مناطق خارج بيروت إلى 80 في المئة، بينما يتراوح في فنادق العاصمة بين 65 و75 في المئة، مع العلم أن 1400 غرفة لا تزال مقفلة بعد انفجار مرفأ بيروت»، مشيراً إلى أنه «خلال الصيف كان هناك نحو 100 يوم ممتاز سياحياً، لكن للأسف معظم المداخيل ذهبت لتأمين الطاقة والمياه». ويضيف: «نحن لدينا المقومات والقدرات لنكون بلداً سياحياً لـ365 يوماً في السنة، لكن نحتاج الاستقرار الداخلي، وأن نكون دعاة انفتاح ومصالحة بين كل الدول؛ كي نعود سياحياً كما كنا”.

إنه تصريح قرأته فيما أقلّب أخبار المواقع صباحاً، وشعرت مجدداً بذل استجداء المغتربين، فكل ما نملكه عشرة أيام لتعويض الخسارات وإنعاش القلب الميت…

عشرة أيام من الزحمة، عشرة أيام من التخدّر، ثم نعود إلى واقع الدولار الذي يقترب من حافة الـ50 ألف ليرة، والشباب الواقفين أمام السفارات بانتظار موافقة… عشرة أيام وتهدأ الزحمة في بيروت، ونعود إلى تكلفة الوقود التي توازي راتباً، وتكلفة التدفئة المستحيلة في الجبال، في شتاء بدأ برده يكوينا…

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 15.10.2024

عن صحافيين رافقوا الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان:  أين حدود الاعتبارات المهنية والأخلاقية؟ 

أثارت الجولة التي نظمها الجيش الإسرائيلي لوسائل إعلام أجنبية جنوب لبنان قضية "الصحافة المرافقة للقوات العسكرية"، خاصة عند دخول الصحافيين أراضي محتلة برفقة قوات غازية. رغم أن هذه الجولات توفر وصولاً فريداً إلى بعض مناطق النزاع، إلا أنها تفرض تغطية صحافية تتماشى مع رواية الجهة التي تُنظم الزيارة.
23.12.2022
زمن القراءة: 3 minutes

عشرة أيام من الزحمة، عشرة أيام من التخدّر، ثم نعود إلى واقع الدولار الذي يقترب من حافة الـ50 ألف ليرة، والشباب الواقفين أمام السفارات بانتظار موافقة… عشرة أيام وتهدأ الزحمة في بيروت، ونعود إلى تكلفة الوقود التي توازي راتباً، وتكلفة التدفئة المستحيلة في الجبال، في شتاء بدأ برده يكوينا.

نتبادل التحذيرات أصدقائي وأنا، نحاول أن نخرج في وقت تتراجع فيه الزحمة، لأن الطرق تعج بالسيارات قبيل عيدي الميلاد ورأس السنة… إنه مشهد وإن كان لا يخلو من السأم والغضب إثر احتجازنا ساعاتٍ للوصول إلى العمل أو إلى “المول” لشراء الهدايا أو حاجيات الاحتفال، إلا أنه دليل على أننا ما زلنا أحياء، وأن بيروت ما زالت تتمسك بفكرة الفرح، وفكرة العيد. وأن هؤلاء الذين يقال عنهم إنهم تخدّروا من شدة الطعن والقهر، ما زالوا يحاولون الاستفادة من تأثير المخدّر، من أجل الحفاظ على صورة المدينة الضاحكة، المزدحمة بالمحتفلين والخارجين والداخلين والهاربين والمقاومين… والأطفال الحالمين.

لا شكّ في أن معظم المتجولين في الأسواق الميلادية Marché de Noël، يكتفون بالفرجة وباصطحاب أطفالهم إلى جو العيد، بما أنهم على الأرجح عاجزون عن شراء الهدية المرغوبة أو صناعة الاحتفال المرجو… لكنّ زحمة بيروت تعيدني إلى ما قبل الأزمة وما قبل الحرب السورية وامتداد جراحها إلينا، إثر تدخل قوى لبنانية في الصراع.

عام 2010-2011، كان العام الأفضل سياحياً واقتصادياً في لبنان، وكنا في الجريدة في السنوات التالية حين نجري تحقيقاً، نقارن الأرقام بالعام 2010-2011، الذي تلاه الانحدار التراكمي، ومعدلات النمو المتهالكة، وصولاً إلى انفجار الأزمة عام 2019، وحتى اليوم… اليوم الذي بتنا ننظر فيه إلى زحمة السير كباب فرج وحيد، وكدليل على أن سكان البلد لم يهاجروا جميعاً، وما زال الكثير منهم راغبين في الاحتفال وفي شراء ثياب جديدة و”حبشة” تجتمع حولها العائلة والأصدقاء، من أجل كأس وضحكة.

 إنه مشهد وإن كان لا يخلو من السأم والغضب إثر احتجازنا ساعاتٍ للوصول إلى العمل أو إلى “المول” لشراء الهدايا أو حاجيات الاحتفال، إلا أنه دليل على أننا ما زلنا أحياء، وأن بيروت ما زالت تتمسك بفكرة الفرح، وفكرة العيد.

أصبحت فترات الأعياد راهناً هي الأمل الوحيد لبث بعض الروح في اقتصاد تم قتله، تبدأ الحملات لاجتذاب السياح والمغتربين لضخ بعض الأموال في الاقتصاد، لعله يتنفّس الصعداء… إننا نستجدي المغتربين حتى يأتوا، كي لا يكسروا أملنا المتبقي.

في تصريح لإحدى الصحف، يقول نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، إن الزخم السياحي الحالي يمتد بشكل أساسي لنحو 10 أيام فقط، لافتاً إلى أن «80 في المئة ممن يزورن البلد راهناً هم من اللبنانيين المغتربين، و20 في المئة من العراق والأردن ومصر». ويوضح الأشقر أن «إشغال الفنادق يصل في مناطق خارج بيروت إلى 80 في المئة، بينما يتراوح في فنادق العاصمة بين 65 و75 في المئة، مع العلم أن 1400 غرفة لا تزال مقفلة بعد انفجار مرفأ بيروت»، مشيراً إلى أنه «خلال الصيف كان هناك نحو 100 يوم ممتاز سياحياً، لكن للأسف معظم المداخيل ذهبت لتأمين الطاقة والمياه». ويضيف: «نحن لدينا المقومات والقدرات لنكون بلداً سياحياً لـ365 يوماً في السنة، لكن نحتاج الاستقرار الداخلي، وأن نكون دعاة انفتاح ومصالحة بين كل الدول؛ كي نعود سياحياً كما كنا”.

إنه تصريح قرأته فيما أقلّب أخبار المواقع صباحاً، وشعرت مجدداً بذل استجداء المغتربين، فكل ما نملكه عشرة أيام لتعويض الخسارات وإنعاش القلب الميت…

عشرة أيام من الزحمة، عشرة أيام من التخدّر، ثم نعود إلى واقع الدولار الذي يقترب من حافة الـ50 ألف ليرة، والشباب الواقفين أمام السفارات بانتظار موافقة… عشرة أيام وتهدأ الزحمة في بيروت، ونعود إلى تكلفة الوقود التي توازي راتباً، وتكلفة التدفئة المستحيلة في الجبال، في شتاء بدأ برده يكوينا…

إقرأوا أيضاً: