fbpx

“قمّة” إرسلان- لافروف: المير في ضيافة القيصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما الذي دها بعقل المير لكي يتوجه إلى موسكو في هذه الظروف الحالكة؟ والأصح كيف وأين سيصرف لافروف دعم طلال إرسلان موسكو في حربها على أوكرانيا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 دولة تخوض حرباً عالمية ثالثة، و”تفتتح زمن ما بعد الأحادية القطبية”، وفي هذا الوقت يستقبل وزير خارجيتها ووجهها الأبرز بعد قيصرها ونعني هنا سيرغي لافروف، وفداً من “الحزب الديموقراطي اللبناني”، على رأسه زعيم الحزب المير طلال إرسلان! 

جلس الوفدان، المضيف والضيف، متقابلين، والصورة تذهب بمن يتأملها إلى أن تناظراً دقيقاً تشهده طاولة التشاور والتفاوض، والتصريح الذي أدلى به المير في أعقاب اللقاء جاء ليعزز الاعتقاد بأن ما حصل في اللقاء لم يقتصر على صورة حرص إرسلان على التقاطها، فالأخير قال إنه يؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا، ولافروف ينقصه ضيوف يؤيدون الغزو، والمير في هذه اللحظة لا يقل عن وزير خارجية دولة عظمى! إذاً طلال ارسلان يؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلينا نحن اللبنانيين، وعلى الأوكرانيين أيضاً، أن نتّعظ! 

لو كنت مؤيداً متحمساً لغزو فلاديمير بوتين أوكرانيا، لقلقت من المشهد في صالون لافروف، أكثر مما يقلقني الاستعصاء العسكري الميداني الذي تعاني منه القوات الغازية. فشعور وزير خارجية الدولة الغازية بالحاجة لضيوف يبدو أنه بلغ مستوى يدفع إلى الاعتقاد بأن الطرق مقفلة كلها في وجه موسكو، فلافروف يفترض أن يكون منشغلاً بحرب ديبلوماسية موازية. ويفترض أن يضع أمامه على الطاولة خارطة العالم، وأن يكون بصدد البحث عن ثقب إبرة ليوجه عبره الرسائل الموازية للحرب. لديه أوروبا كلها وصولاً إلى المحيط غرباً وإلى تركيا شرقاً، ولديه آسيا وما تضمه من إمبراطوريات اقتصادية وعسكرية، ناهيك بأفريقيا واحتمالات اختراقها ديبلوماسياً. ووسط هذه الهموم وهذه المهمات كلها، استقبل لافروف وفداً من “الحزب الديموقراطي اللبناني” برئاسة المير طلال أرسلان!

هذا المؤشر يسبق التعثر الروسي العسكري في أوكرانيا في دلالاته، فهو يكشف حجم وكثافة العزلة التي يعيشها النظام في موسكو، وهي عزلة سرعان ما زحفت على الكرملين، بعدما كان قبل الحرب بأيام قليلة محجة لزعماء العالم من أمثال ايمانويل ماكرون، وبعد الحرب مباشرة أيضاً عبر زيارات لوزراء خارجية تركيا وإسرائيل وإيران! لكن العالم، اذ اصطدم بـ”إرادة الغزو”، انكفأ عن الكرملين، وبدأت تباشير التعثر العسكري تلوح، وأطلت القوة التدميرية بوصفها بديلاً عن النصر السريع، فوصل المير إلى موسكو وسط هذا الضيق معلناً تأييده الغزو، ومشدداً على الحقوق الثقافية للأقلية الناطقة باللغة الروسية في أوكرانيا.

يبدو صعباً تخليص السخرية من الجدية في هذا المشهد! ما الذي دها بعقل المير لكي يتوجه إلى موسكو في هذه الظروف الحالكة؟ والأصح كيف وأين سيصرف لافروف دعم طلال إرسلان موسكو في حربها على أوكرانيا؟ من المرجح أننا لن نعثر على أجوبة على هذين السؤالين، إلا أن لحظات تشهدها الحروب لا يمكن ردها لغير العدم، ولغير الرغبة في الانفصال عن الواقع. فالحروب ولادة للكثير من المشاهد والمشاعر غير المفسرة. في لبنان كنا نخاف من الهدنة أكثر من خوفنا من الحرب، وكنا نقدم تفسيرات غير منطقية لما يحصل. السقوط بمثلها خلال تفسيرنا استقبال القيصر المير أمر وارد. فلنكتف بالصورة إذاً، من دون أن نحاول تفسيرها، وفي الصورة يظهر المير واثقاً من قراره تأييد الغزو.

لكن صورة أخرى تلوح في هذه المناسبة، على رغم أن أشخاصها لا يشبهون أشخاص صورة المير ولافروف، وهي صورة الحاج أمين الحسيني متوسطاً هتلر وهملر خلال الحرب العالمية الثانية، وهي صورة ما زلنا ندفع أثمانها إلى اليوم. فلنأمل أن يُكبِّر العالم عقله، وأن يستوعب أننا نمزح هذه المرة!       

إقرأوا أيضاً:

03.04.2022
زمن القراءة: 3 minutes

ما الذي دها بعقل المير لكي يتوجه إلى موسكو في هذه الظروف الحالكة؟ والأصح كيف وأين سيصرف لافروف دعم طلال إرسلان موسكو في حربها على أوكرانيا؟

 دولة تخوض حرباً عالمية ثالثة، و”تفتتح زمن ما بعد الأحادية القطبية”، وفي هذا الوقت يستقبل وزير خارجيتها ووجهها الأبرز بعد قيصرها ونعني هنا سيرغي لافروف، وفداً من “الحزب الديموقراطي اللبناني”، على رأسه زعيم الحزب المير طلال إرسلان! 

جلس الوفدان، المضيف والضيف، متقابلين، والصورة تذهب بمن يتأملها إلى أن تناظراً دقيقاً تشهده طاولة التشاور والتفاوض، والتصريح الذي أدلى به المير في أعقاب اللقاء جاء ليعزز الاعتقاد بأن ما حصل في اللقاء لم يقتصر على صورة حرص إرسلان على التقاطها، فالأخير قال إنه يؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا، ولافروف ينقصه ضيوف يؤيدون الغزو، والمير في هذه اللحظة لا يقل عن وزير خارجية دولة عظمى! إذاً طلال ارسلان يؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلينا نحن اللبنانيين، وعلى الأوكرانيين أيضاً، أن نتّعظ! 

لو كنت مؤيداً متحمساً لغزو فلاديمير بوتين أوكرانيا، لقلقت من المشهد في صالون لافروف، أكثر مما يقلقني الاستعصاء العسكري الميداني الذي تعاني منه القوات الغازية. فشعور وزير خارجية الدولة الغازية بالحاجة لضيوف يبدو أنه بلغ مستوى يدفع إلى الاعتقاد بأن الطرق مقفلة كلها في وجه موسكو، فلافروف يفترض أن يكون منشغلاً بحرب ديبلوماسية موازية. ويفترض أن يضع أمامه على الطاولة خارطة العالم، وأن يكون بصدد البحث عن ثقب إبرة ليوجه عبره الرسائل الموازية للحرب. لديه أوروبا كلها وصولاً إلى المحيط غرباً وإلى تركيا شرقاً، ولديه آسيا وما تضمه من إمبراطوريات اقتصادية وعسكرية، ناهيك بأفريقيا واحتمالات اختراقها ديبلوماسياً. ووسط هذه الهموم وهذه المهمات كلها، استقبل لافروف وفداً من “الحزب الديموقراطي اللبناني” برئاسة المير طلال أرسلان!

هذا المؤشر يسبق التعثر الروسي العسكري في أوكرانيا في دلالاته، فهو يكشف حجم وكثافة العزلة التي يعيشها النظام في موسكو، وهي عزلة سرعان ما زحفت على الكرملين، بعدما كان قبل الحرب بأيام قليلة محجة لزعماء العالم من أمثال ايمانويل ماكرون، وبعد الحرب مباشرة أيضاً عبر زيارات لوزراء خارجية تركيا وإسرائيل وإيران! لكن العالم، اذ اصطدم بـ”إرادة الغزو”، انكفأ عن الكرملين، وبدأت تباشير التعثر العسكري تلوح، وأطلت القوة التدميرية بوصفها بديلاً عن النصر السريع، فوصل المير إلى موسكو وسط هذا الضيق معلناً تأييده الغزو، ومشدداً على الحقوق الثقافية للأقلية الناطقة باللغة الروسية في أوكرانيا.

يبدو صعباً تخليص السخرية من الجدية في هذا المشهد! ما الذي دها بعقل المير لكي يتوجه إلى موسكو في هذه الظروف الحالكة؟ والأصح كيف وأين سيصرف لافروف دعم طلال إرسلان موسكو في حربها على أوكرانيا؟ من المرجح أننا لن نعثر على أجوبة على هذين السؤالين، إلا أن لحظات تشهدها الحروب لا يمكن ردها لغير العدم، ولغير الرغبة في الانفصال عن الواقع. فالحروب ولادة للكثير من المشاهد والمشاعر غير المفسرة. في لبنان كنا نخاف من الهدنة أكثر من خوفنا من الحرب، وكنا نقدم تفسيرات غير منطقية لما يحصل. السقوط بمثلها خلال تفسيرنا استقبال القيصر المير أمر وارد. فلنكتف بالصورة إذاً، من دون أن نحاول تفسيرها، وفي الصورة يظهر المير واثقاً من قراره تأييد الغزو.

لكن صورة أخرى تلوح في هذه المناسبة، على رغم أن أشخاصها لا يشبهون أشخاص صورة المير ولافروف، وهي صورة الحاج أمين الحسيني متوسطاً هتلر وهملر خلال الحرب العالمية الثانية، وهي صورة ما زلنا ندفع أثمانها إلى اليوم. فلنأمل أن يُكبِّر العالم عقله، وأن يستوعب أننا نمزح هذه المرة!       

إقرأوا أيضاً:

03.04.2022
زمن القراءة: 3 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية