عصر الأحد 13 حزيران/ يونيو 2021، وصلت إلى مستشفى ناصر بخان يونس المواطنة إ.ب (17 سنة)، من سكان بني سهيلا، شرق خانيونس، لتبين أنها جثة هامدة.
ووفقاً لتصريحات الشرطة، فإنه فور تلقيها نبأ وصول جثة المواطنة إ.ب إلى مستشفى ناصر، وهي متزوجة وحامل، وبدت على جسدها علامات ازرقاق، تم اعتقال زوجها م.أ (24 سنة)، الذي أقر خلال التحقيق معه بأنه اعتدى على زوجته بخرطوم مياه مجدول على أنحاء جسمها، ولكمها بيده في الجزء العلوي من الجسم، على مدار اليومين السابقين. وبعد الاعتداء عليها عصر الأحد أغمي عليها، فأبلغ والده وإخوته بما حدث وأحضروا جارهم الصيدلي لفحصها وتم نقلها إلى المستشفى حيث تبين أنها جثة هامدة. وحولت الجثة إلى الطب الشرعي، وأكد الفحص الطبي الظاهري تعرضها للكدمات إضافة إلى وجود ازرقاق في أنحاء الجسم نتيجة تعرضها للضرب.
وبحسب تصريحات الشرطة وفق إفادة الزوج، فالأخير اعتدى على زوجته بذريعة أنه فقد مبلغاً مالياً من المنزل.
هذه القصة وسواها من مآسي العنف الأسري، ما زالت تتكرر في أنحاء فلسطين، محفّزة مشاعر متضاربة من الغضب والظلم والعجز والفوضى. فيما ما زالت ثقافة الصمت سائدة، وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهمت في فضح بعض قصص العنف وجرائم قتل النساء. لكنّ ذلك يبقى غير كافٍ، ما دامت السلطة الحاكمة هشة تسمح بممارسة القوة على الضعفاء، وتسن قوانين تخدم مصالحها للحفاظ على نظامها، بينما تقف عاجزة أمام سن قوانين تحمي المجتمع والأسرة والمرأة. وما ذلك سوى تعزيز لسلطة العشيرة ورجال الدين ولجان الاصلاح الذين نصبوا أنفسهم قيمين على سلامة المجتمع وتطبيق العادات والتقاليد، فيمنحون صكوك الغفران لمن يرغبون ويسحبونها من آخرين متى شاؤوا.
قصص العنف المعنوي والجسدي والجنسي تجاه المرأة لا تنتهي، ففي بلادنا يبدو عادياً أن تُحرم امرأة فرحة مشاركة ابنها أو ابنتها فرحة الحصول على شهادة نهاية العام الدراسي، إذ تكتفي بصورة من بعيد، احتراماً للتقاليد والأعراف.
ويبدو مشهداً مألوفاً أن تجد فتاة في السابعة عشرة، نفسها زوجة بمسؤوليات كثيرة، وقبل أن تصبح أماً بأشهر تجد نفسها قتيلة بسبب عنف زوجها. ولا أحد يحاسبه، تنتهي الحكاية بجلسة مصالحة وتقفل القضية إلى الأبد، في ظل قضاة ومحامين هم جزء من ثقافة المجتمع يمارسون العنف البيروقراطي.
وفق إفادة الزوج، فالأخير اعتدى على زوجته بذريعة أنه فقد مبلغاً مالياً من المنزل
مقتل شابة/ طفلة حامل بعد تعرضها للضرب بعنف من زوجها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ليس الجريمة الأولى ولا الأخيرة، والتهمة قد تكون سُجلت تحت مسمى “ضرب أفضى إلى الموت”، كغيرها من الجرائم التي ارتكبت بحق نساء، وقضية إسراء غريب نموذج حي لهذا التلكؤ الواضح في معاقبة قاتلي النساء.
العنف ضد النساء ظاهرة في فلسطين، إذ قتلت خلال عام 2021 ،4 نساء في الضفة الغربية وقطاع غزة، 3 منهن في القطاع وامرأة واحدة في الضفة الغربية، إضافة إلى استمرار ظاهرة التزويج المبكر، على رغم المطالبات برفع سن الزواج.
تعمل منظمات نسوية وحقوقية لحماية النساء قدر المستطاع، ولا تسلم من الانتقادات والاتهامات، وهي اتهامات تحاول تبرئة المتهم الحقيقي، أي المجتمع والسلطة بما في ذلك الفصائل الوطنية والإسلامية، وتحرير هؤلاء من المسؤولية الأخلاقية والقانونية، فيما النساء يتساقطن يومياً جراء العنف المؤسس في المجتمع الفلسطيني.
قتلت خلال عام 2021 ،4 نساء في الضفة الغربية وقطاع غزة.
مطالبة السلطة والجهات المختصة بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف المتزايد، تبقى بلا جدوى بفعل معارضة العشائر وعدد من المشايخ، بادعاء أنه يدمر العائلة الفلسطينية. وبذلك يحصل المعنّفون على الحماية والشرعية من رجال الدين والعشائر لتنفيذ جرائمهم وتدمير حياة النساء.
إضافة إلى أن موقف الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون قاصرة وتدخلاتها قائمة على التسويات وعدم السرعة في التدخل، ما يعزز من تدخلات رجال الإصلاح التي لم تنجح سوى في زيادة الشروخ بين الأزواج والعائلات ومضاعفة التفكك الأسري جراء الصمت على العنف وتكراره، وضمنه صمت الضحية القسري وعائلتها أمام العادات والتقاليد.
ربما يحتاج الأمر إلى ثورة مجتمعية على هذا العبث بمصير المجتمع وفي مقدمتهم النساء، ثورة في التعليم والتربية والثقافة والعنف المتزايد في المجتمع عموماً.
إقرأوا أيضاً: