fbpx

كيف يتغلغل اليمين المتطرف في عقول الشباب؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

يستكشف كتاب جديد الطرق الغريبة التي تجعل الشباب ينجذبون إلى الأيديولوجيات السامة مثل تلك التي يروج لها اليمين المتطرف. ولكن وفقاً لمؤلف الكتاب، “العديد من الشباب الذين يخرجون، يعودون بهدوء مرّة أخرى إلى المجتمع”. لا يخفى على أحد أن المتطرفين الأميركيين العنيفين، بدءاً من جنود المشاة اليمينين المتطرفين، وحركة الميليشيات المتعصبة، وصولاً إلى النازيين الجدد الأصوليين، هم جميعهم من الرجال. وهؤلاء هم من يدرسهم مايكل كيميل…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يستكشف كتاب جديد الطرق الغريبة التي تجعل الشباب ينجذبون إلى الأيديولوجيات السامة مثل تلك التي يروج لها اليمين المتطرف. ولكن وفقاً لمؤلف الكتاب، “العديد من الشباب الذين يخرجون، يعودون بهدوء مرّة أخرى إلى المجتمع”.

لا يخفى على أحد أن المتطرفين الأميركيين العنيفين، بدءاً من جنود المشاة اليمينين المتطرفين، وحركة الميليشيات المتعصبة، وصولاً إلى النازيين الجدد الأصوليين، هم جميعهم من الرجال. وهؤلاء هم من يدرسهم مايكل كيميل.

كتب عالم الاجتماع من جامعة “ستوني بروك” في ولاية نيويورك، على نطاق واسع عن الذكورة، وأصدر للتو كتاباً جديداً بعنوان “الشفاء من الكراهية: كيف يلتحق الشباب – ويخرجون من التطرف العنيف” Healing from Hate: How Young Men Get into—and Out of—Violent Extremism، الذي يستكشف العملية التي يتشبث بها الشباب بوجهات النظر العالمية المتطرفة.

تتمثل فكرته الأساسية في أن الأشخاص الذين ينجذبون نحو الأيديولوجيات العنيفة هم في الغالب أولئك الذين لم تُمنح لهم الفرصة لإثبات قيمتهم بطرق أكثر اعتيادية ومن خلال الاتجاهات السائدة مثل الاعتناء بأسرة. ومن طريق توظيف المصطلحات نفسها التي استخدمها هو وغيره من المختصين في مجاله لشرح الأسباب التي يعزو إليها انجذاب دونالد ترامب للمجتمعات الريفية الأميركية البيضاء، يقول كيميل “يُعد الشعور بالأفضلية المُحزنة والتوق إلى المجتمع، جزءاً لا يتجزأ من التطرف، أكثر من أي قضية سياسية أو موقف معين”.

دعوتُ المؤلف إلى مقابلة ليتحدث عن الكيفية التي يتم بها إغراء الشباب للانضمام إلى أنظمة الاعتقاد الخطيرة، وعلى القدر ذاته من الأهمية، كيف يمكن إنقاذهم. النبأ السار هو أنه نظراً إلى أن الأيديولوجية نفسها لا تبدو عامل الجذب الرئيسي، فهناك بالفعل خريطة طريق إلى الخلاص.

مجلة Vice، “دائماً ما يبحث الشباب في كتابك عن الانضمام إلى مجموعة. إلا أن شبكة الإنترنت تعتبر من أكثر الأماكن التي يحدث من خلالها هذا التطرف في الوقت الحاضر. كيف تساهم كمية الوقت الكبيرة التي يقضيها الأشخاص على الإنترنت، في تجنيد اليمين المتطرف؟”.

مايكل كيميل، “بصراحة، لا أعرف الإجابة الكاملة عن ذلك السؤال حتى الآن، لأن جزءاً منه يتعلق بفاعلية المجتمعات عبر الإنترنت التي تقدم لك بالفعل تجربة المجتمع الغريزية. يعتبر موقع Reddit، من أشهر هذه المنصات، وكذلك كما تعرف، غرف الدردشة الموجودة على موقع Stormfront، وأمثاله، وبعض المواقع الأخرى المحصورة بالذكور، كالتي تُمثل مجموعات الدفاع عن حقوق الرجال- هذه هي الأماكن التي يقتات الناس فيها على بعضهم بعضاً. غير أن السؤال ما إذا كان ذلك كافياً، هو سؤال مطروح للنقاش. تتأجج مثل هذه المواقع بالطاقة، ويكون الأمر مثيراً للغاية في البداية، لكنني أعتقد أن الطاقة تتبدد عندما لا يُطلب منك الحضور شخصياً. وبالتالي، فإن ما لديك هو عدد ثابت من الأشخاص، ولكنهم يتدفقون إلى الداخل والخارج. ومع ذلك، فإن عمليتي الدخول والخروج أصبحتا أكثر اختصاراً بكثير مما كانتا عليه من قبل.

وكذلك، إذا اندمجت مع الجميع، فلا يساعدك ذلك نحو نوع هوية المعارضة، وهو نوع من العرض التوضيحي للنازيين القدامى. من أمثال جماعات The Doc Martens، The suspenders، The white T-shirt (مشيراً إلى الجماعات الأميركية المتطرفة التي تتميز بارتداء أحذية دكتور مارتن، وحمالة البنطال، والقميص الأبيض). أو أولئك الذين يرتدون في أوروبا، السترات الحريرية، والسراويل التي تشبه الملابس العسكرية. تلك الأشياء كلها تجعل مظهرك يبدو مميزاً. وكذلك الشباب في السويد، على وجه الخصوص، كانوا يخبرونني أنه عندما انضموا وحلقوا رؤوسهم وحصلوا على التجهيزات وعادوا إلى مدارسهم الثانوية، تعجب الناس بشدة من مظهرهم. كان الناس يخشونهم، وهذا أعطاهم متعة حقيقية. ولهذا السبب، ما زالت حركة “النازيين الجدد”، التي يتميز أفرادها بحلق رؤوسهم، شائعة بين الشباب، إذ بالنسبة إليهم لا تشكل تلك الحركة مجرد نوع من الأيديولوجية، بل أيضاً حركة هوية.

هل من المُعتاد إلى حد ما بالنسبة إلى هؤلاء الشباب أن ينضموا إلى اليمين المتطرف- سواء كان ذلك عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية أو كليهما- ثم يعودوا مرة أخرى إلى أوساط أكثر شيوعاً؟

نعم، العديد من الشباب الذين يخرجون، يعودون بهدوء مرة أخرى إلى المجتمع. أعتقد أن ذلك سيحدث بصورة أكبر مع الشباب الذين يؤمنون بالسياسات الاستيعابية. وبذلك سيكون من الأسهل عليهم أن يحصلوا على وظيفة، وأن ينشئوا أسرة، ويذهبوا إلى العمل، وما إلى ذلك.

لقد فوجئت عندما قرأت أن بعض الأشخاص الذين يمرون ببعض هذه البرامج لمغادرة نمط الحياة اليميني المتطرف لا يفعلون ذلك لأنهم يقررون التخلي عن الأيديولوجية، ولكن لأن أحد أصدقائهم سمح بتعرضهم للضرب أو حدث شيء معين تسبب في انزعاجهم. هل من الأفضل لهؤلاء الأشخاص أن يؤمنوا بوجهات نظر بغيضة في السر- ويعملون كجزء من المجتمع السائد- بدلاً من أن يحلقوا رؤوسهم بشكل علني؟

إنه سؤال جيد. غالياً ما ينضم الشباب إلى تلك الحركات لأنهم يرغبون في هذا النوع من الصداقة الحميمة والترابط والأخوة، ومن ثم تضاف الأيديولوجية إلى المعادلة في وقت متأخر. ولذلك عندما يريدون المغادرة، يمكن أن تتلاشى الأيديولوجية. يقضي [بعض الأشخاص] الكثير من الوقت مُسافرين إلى جميع أنحاء البلاد ويتحدثون عن تجاربهم وما يعتقدونه ولماذا. أعتقد أن هناك نوعاً من القيمة التعويضية في ذلك. بخلاف ذلك، أعتقد أن هؤلاء الشباب يقولون إنها كانت مرحلة في حياتهم، ويتركونها وراءهم ويشرعون في البحث عن وظيفة.

ما كان مثيراً للاهتمام بالنسبة إلي هو الفرق بين الشباب الذين كانوا يتأرجحون على حدود القومية البيضاء هنا في الولايات المتحدة، وما زالوا يؤمنون بشدة بمعتقدات اليمين المتطرف، وهم مناهضون للبيئة ومناهضون للهجرة [بعد انتهاء تلك “المرحلة”، من جهة، وبين الشباب في السويد من جهة أخرى. العديد منهم الآن يصوتون للديموقراطيين الاجتماعيين لأنهم يدعون بقوة إلى حماية البيئة. فهم يريدون حماية الريف السويدي الجميل، ولكن الآن ليست بالضرورة حمايته من مجموعات المهاجرين واليهود الذين يتلاعبون بهم.

تتحدث كثيراً عن الإخصاء باعتباره وازعاً وعاملاً للانضمام إلى اليمين المتطرف، ولكنني أشعر بأنك لا تستكشف الفشل الجنسي والحقيقة التي تقول إن كثيراً من هؤلاء الأشخاص الذي يغازلون القومية البيضاء هم فقط رجال لا يمكنهم الحصول على خليلة  

انظري، في كتاب (رجال بيض غاضبون) Angry White Men، أتحدث عن جورج سوديني (مطلق النار في حادث بلدة كولير عام 2009) وإيليوت رودغر (مطلق النار في ايسلا فيستا 2014) وهؤلاء الرجال الذين بدأوا  اغتيال النساء لأنهم لم يستطيعوا المضاجعة. كان إليوت رودغر غاضباً لأنه كان فتى ذا مظهر رائع ولا يزال يحتفظ بعذريته، أما جورج سوديني فلم يحظى بلقاء غرامي منذ عشر سنوات. أجل، بكل تأكيد هذه الأنواع من الحالات حاضرة ويمكن تعقبها مباشرة من نوعٍ من الفشل الجنسي باعتباره صورة من فشل الذكورة.

لم أسمع حقاً الكثير عن ذلك الجانب عندما أجريت مقابلة مع هؤلاء الرجال. ما سمعته بدلاً من ذلك كان أن أحد الأمور التي كانت جذابة هي: “اخرجوا معنا، لدينا حفلات رائعة، والجميع يحتسون الشراب، وستكون هناك فتيات”. إلا أن ذلك يمكن أن يكون إعلاناً للأخوة موجهاً إلى شاب يافع في جامعة عامة كبيرة. يبدو جذاباً لقليل من الشباب المراهقين الذين يعتقدون أنهم لن يحظوا بعلاقات جنسية بالقدر ذاته الذي يُفترض أن يحظوا به أو يرغبون فيه.

أعتقد أنني فضولية في شأن كيفية تناولك لذلك إذا ارتأيت أنه عاملٌ تحفيزيٌ للانحراف نحو اليمين المتطرف أو حتى الانخراط في العنف الجماعي.

أنت أيضاً لا تستطيع أن تقول للنساء: إذا اقتربتم قليلاً، فلن ينضم هؤلاء الرجال إلى النازيين. وبالمناسبة، نجح ذلك على اليسار أيضاً. إذ شهد عام 1969 هذا الملصق لجوان بايز وميمي فارينا، وكلتاهما كانتا بمثابة ملكات جمال لموسيقى الفولك، وكان الملصق يقول “الفتيات يقلن أجل للفتيان الذين يقولون كلا”، وكان إعلاناً ضد المشروع. لذا فإن (هذا النوع من المناشدات) يمكن أن ينجح على كلا الجانبين.

في هذا الصدد، هل تعتقد أن الأناركيين المجرمين يسعون أيضاً إلى استعادة الذكور أو استرجاعهم؟ وهل هذا نوع من الوجه الآخر للعملة ذاتها؟

أحياناً أعتقد ذلك. أخبرني بعض الشباب السويديين أنهم في ليلة يمكنهم أن يحتفلوا طوال الليل ويحتسوا الشراب ويتناولوا مسكنات الآلام، وأنهم من الممكن أن يخرجوا إلى الشارع ويبحثوا عن مجموعة من المهاجرين، أو “الأنتيفا”، أو مجموعة من الأناركيين المجرمين الذين قد يكونون أيضاً سكارى بسبب الشراب وتناول مسكنات الآلام ويبحثون أيضاً عن قتال. تخميني أن جميع هؤلاء الشباب قد يكونون في سعي إلى الانخراط في هذا النوع من البحث عن الهوية أو إظهار الهوية فقط من جوانب مختلفة من الطيف الأيديولوجي.

فلماذا الانضمام إلى واحدة مقابل الأخرى؟ إنهم متعارضون تماماً عبر طرق عدة، ولكن مثلما أوضحت، إنهم يجذبون على ما يبدو نوعاً مشابهاً في بعض الحالات.

إنه مشابه في الطريقة ولكن ليس كذلك في المكنون. أخبرني شاب وقال “في مدرستي الثانوية، ليس في مقدورك أن تكون وحيداً لأن الجميع يجب أن تكون لديهم مجموعة، لذا نظرت حولي، وكان هناك محبو موسيقى البانك روك، ومحبو موسيقى الهيب هوب، و”الأنتيفا”، وحليقو الرؤوس. كان الناس خائفين حقاً من حليقي الرؤوس، لذا انضممت إليهم”. إذ إن تظاهرك لدقيقة أن ذلك يشكل التزاماً أيديولويجياً دقيقاً سيسبب الإحباط نوعاً.

هل توجد أي طريقة يمكننا نحن كمجتمع أن نعتمدها كي نجعل هذا خياراً غير جذاب للشباب الساخطين؟

بكل وضوح، تشكل وسائل الإعلام بعضاً من الطرق للقيام بذلك، وبعض الطرق للقيام بذلك يمكن أن يكون عبر إخبار الحقيقة عن عدد هؤلاء الشباب القابعين في السجن بسبب جرائم العنف، وما هي نسبة جرائم الكراهية التي تُرتكب ممن هم ليسوا إرهابيين إسلاميين بل في الحقيقة هم قوميون بيض. كما سيكون من الجيد أن تجعل وسائل الإعلام من هؤلاء الشباب الخارجين عن أنماط الحياة نجوماً في الإعلام. إنني أعتقد أن فيلم (التاريخ الأميركي إكس) American History X، وبعض الأفلام الأخرى التي تناولت هؤلاء الشباب تعتبر مفيدة حقاً في إظهار الطريقة التي تسير بها المعضلة نوعاً ما. وما هي المخاطر في الواقع.

*ألي كونتي.

 هذا الموضوع تم إعداده وترجمته عن موقع VICE لمراجعة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي.