fbpx

لبنان: الفراغ إذ تملؤه ستيفاني صليبا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

القضاء لن يعدم دوراً في هذه المسرحية، فهو أوقف ستيفاني صليبا بسبب هدايا من حاكم مصرف لبنان، لكنه لم يقترب من الحاكم الذي كان قبل أيام قد التقط صورة لنفسه محاطاً بسبائك الذهب، وهي صورة أين منها صورة صليبا مرتدية الليرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 في رده على سؤال عن مشاركة الوزير جورج بوشيكيان في اجتماع الحكومة اللبنانية على رغم قرار حزب الطاشناق الأرمني مقاطعته، قال أمين عام الحزب آغوب بقرادونيان أن بوشيكيان يملك شركة للوازم الطبية، وأنه نكث بقرار الحزب لأن جلسة الحكومة كانت ستقر اعتمادات يستفيد منها أصحاب هذه الشركات! 

وفي هذا الوقت قال وزير الاقتصاد أمين سلام أن بوشيكيان شارك بالوفد الذي رافق رئيس الحكومة إلى السعودية لأن عقداً بقيمة مليون ونصف المليون دولار سيوقعه بين شركته وبين السلطات السعودية!

لا نملك الكثير من الوثائق التي تؤكد ما قاله كل من بقرادونيان وسلام، عن زميل الأول في الحزب وزميل الثاني في الحكومة، لكننا نميل إلى تصديقهما على رغم الريبة التي يثيرانها فينا. ذاك أن الحياة السياسية في لبنان تزدحم بهذا النوع من الأخبار، ففي نفس اليوم الذي سمعنا فيه من أمين عام الطاشناق ومن الوزير سلام ما سمعناه عن زميلهما، قرأنا خبراً مذهلاً عن ممثلة صدر بحقها مذكرة توقيف بسبب تلقيها “هدايا ثمينة” من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. 

هذا هو لبنان الحقيقي. لبنان المفلس والمنهار والمقاوم. لبنان الذي يعيش فراغاً سيتم ملؤه بهذه الوقائع. الوزير الذي خان حزبه من أجل شركته، والممثلة التي ارتدت فستاناً على شكل ليرة في زمن ذواء الليرة وفي زمن سطو رياض سلامة على ما تبقى من ليراتنا.

الممثلة هي نفسها كانت ظهرت في إعلان تجاري لمصرف لبنان وهي ترتدي فستاناً مفصلاً على شكل ليرة لبنانية! الليرة اللبنانية نفسها… هل تذكرونها؟ لقد أعادت ستيفاني صليبا تذكيرنا بها عبر فستان بالغ الأناقة. ويبدو أن القاضية المحسوبة على التيار العوني غادة عون قررت الانتقام من رئيسها المدعي العام غسان عويدات المحسوب على تيار المستقبل بأن أصدرت مذكرة التوقيف بحق الممثلة، لكن عويدات بحسب وسائل الإعلام أعاق إنفاذ المذكرة. اذاً القضاء لن يعدم دوراً في هذه المسرحية، فهو أوقف ستيفاني صليبا بسبب هدايا من حاكم مصرف لبنان، لكنه لم يقترب من الحاكم الذي كان قبل أيام قد التقط صورة انفسه محاطاً بسبائك الذهب، وهي صورة أين منها صورة صليبا مرتدية الليرة. 

هذا هو لبنان الحقيقي. لبنان المفلس والمنهار والمقاوم. لبنان الذي يعيش فراغاً سيتم ملؤه بهذه الوقائع. الوزير الذي خان حزبه من أجل شركته، والممثلة التي ارتدت فستاناً على شكل ليرة في زمن ذواء الليرة وفي زمن سطو رياض سلامة على ما تبقى من ليراتنا. لبنان الذي فشل مجلسه النيابي في انتخاب رئيس على مدى تسع جلسات حضر خلالها النواب للمشاركة في مسرحية ركيكة لعبوا فيها أدواراً مخجلة. لبنان الذي رهن فيه مواطن سيارته لكي توافق المستشفى على تسليمه جثة ابنه لكي يدفنه!

الحياء، هو من بين ما فقدناه في سياق الانهيار، فالحكومة تعرض موبقاتها على الشاشات، والأحزاب لا تخجل من أنها شاركت بوزير يقدم شركته على وزارته، ورئيس الحكومة وزع صورة لنفسه أثناء إدائه العمرة في لقطة “ملائكية” لا يمكن توظيفها إلا في دار الفتوى. يجري ذلك في بلد أهله جائعون وأنهاره تنقل الكوليرا إلى السكان، وحاكم مصرفه مطلوب من القضاء في خمسة دول على الأقل. وكل هذا لا يمنع النواب من إشهار فشلهم في إنجاز المهمة الأولى التي انتدبهم الناخبون إليها، وهي انتخاب رئيس للجمهورية.

نجيب ميقاتي يؤدي العمرة، ونبيه بري يحدد مواعيد متلاحقة لانتخاب لن ينجب رئيس، ورياض سلامة يعطي أوامره بالترويج لليرة عبر حسناوات تقول القاضية أنه أغدق عليهم الهدايا. الفراغ أُعِد لهؤلاء، ولهذه الوظائف، لكنه أعد أيضاً لكي يكون لبنان جزءاً طبيعياً من هلال الممانعة الذي يتطلب تفريغ الحياة العامة من أي مناعة قد تفضي إلى مسار يعيق الوظيفة الوحيدة التي انتدب إليها لبنان، والمتمثلة في أنه ساحة للصفقة المقبلة بين طهران وواشنطن.

وبانتظار الصفقة، لا بأس بأن نمتّع أنظارنا بالليرة اللبنانية على جسد العارضة، وأن لا نحسد الوزير على نجاحه بإبرام الصفقة لشركته.  

09.12.2022
زمن القراءة: 3 minutes

القضاء لن يعدم دوراً في هذه المسرحية، فهو أوقف ستيفاني صليبا بسبب هدايا من حاكم مصرف لبنان، لكنه لم يقترب من الحاكم الذي كان قبل أيام قد التقط صورة لنفسه محاطاً بسبائك الذهب، وهي صورة أين منها صورة صليبا مرتدية الليرة.


 في رده على سؤال عن مشاركة الوزير جورج بوشيكيان في اجتماع الحكومة اللبنانية على رغم قرار حزب الطاشناق الأرمني مقاطعته، قال أمين عام الحزب آغوب بقرادونيان أن بوشيكيان يملك شركة للوازم الطبية، وأنه نكث بقرار الحزب لأن جلسة الحكومة كانت ستقر اعتمادات يستفيد منها أصحاب هذه الشركات! 

وفي هذا الوقت قال وزير الاقتصاد أمين سلام أن بوشيكيان شارك بالوفد الذي رافق رئيس الحكومة إلى السعودية لأن عقداً بقيمة مليون ونصف المليون دولار سيوقعه بين شركته وبين السلطات السعودية!

لا نملك الكثير من الوثائق التي تؤكد ما قاله كل من بقرادونيان وسلام، عن زميل الأول في الحزب وزميل الثاني في الحكومة، لكننا نميل إلى تصديقهما على رغم الريبة التي يثيرانها فينا. ذاك أن الحياة السياسية في لبنان تزدحم بهذا النوع من الأخبار، ففي نفس اليوم الذي سمعنا فيه من أمين عام الطاشناق ومن الوزير سلام ما سمعناه عن زميلهما، قرأنا خبراً مذهلاً عن ممثلة صدر بحقها مذكرة توقيف بسبب تلقيها “هدايا ثمينة” من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. 

هذا هو لبنان الحقيقي. لبنان المفلس والمنهار والمقاوم. لبنان الذي يعيش فراغاً سيتم ملؤه بهذه الوقائع. الوزير الذي خان حزبه من أجل شركته، والممثلة التي ارتدت فستاناً على شكل ليرة في زمن ذواء الليرة وفي زمن سطو رياض سلامة على ما تبقى من ليراتنا.

الممثلة هي نفسها كانت ظهرت في إعلان تجاري لمصرف لبنان وهي ترتدي فستاناً مفصلاً على شكل ليرة لبنانية! الليرة اللبنانية نفسها… هل تذكرونها؟ لقد أعادت ستيفاني صليبا تذكيرنا بها عبر فستان بالغ الأناقة. ويبدو أن القاضية المحسوبة على التيار العوني غادة عون قررت الانتقام من رئيسها المدعي العام غسان عويدات المحسوب على تيار المستقبل بأن أصدرت مذكرة التوقيف بحق الممثلة، لكن عويدات بحسب وسائل الإعلام أعاق إنفاذ المذكرة. اذاً القضاء لن يعدم دوراً في هذه المسرحية، فهو أوقف ستيفاني صليبا بسبب هدايا من حاكم مصرف لبنان، لكنه لم يقترب من الحاكم الذي كان قبل أيام قد التقط صورة انفسه محاطاً بسبائك الذهب، وهي صورة أين منها صورة صليبا مرتدية الليرة. 

هذا هو لبنان الحقيقي. لبنان المفلس والمنهار والمقاوم. لبنان الذي يعيش فراغاً سيتم ملؤه بهذه الوقائع. الوزير الذي خان حزبه من أجل شركته، والممثلة التي ارتدت فستاناً على شكل ليرة في زمن ذواء الليرة وفي زمن سطو رياض سلامة على ما تبقى من ليراتنا. لبنان الذي فشل مجلسه النيابي في انتخاب رئيس على مدى تسع جلسات حضر خلالها النواب للمشاركة في مسرحية ركيكة لعبوا فيها أدواراً مخجلة. لبنان الذي رهن فيه مواطن سيارته لكي توافق المستشفى على تسليمه جثة ابنه لكي يدفنه!

الحياء، هو من بين ما فقدناه في سياق الانهيار، فالحكومة تعرض موبقاتها على الشاشات، والأحزاب لا تخجل من أنها شاركت بوزير يقدم شركته على وزارته، ورئيس الحكومة وزع صورة لنفسه أثناء إدائه العمرة في لقطة “ملائكية” لا يمكن توظيفها إلا في دار الفتوى. يجري ذلك في بلد أهله جائعون وأنهاره تنقل الكوليرا إلى السكان، وحاكم مصرفه مطلوب من القضاء في خمسة دول على الأقل. وكل هذا لا يمنع النواب من إشهار فشلهم في إنجاز المهمة الأولى التي انتدبهم الناخبون إليها، وهي انتخاب رئيس للجمهورية.

نجيب ميقاتي يؤدي العمرة، ونبيه بري يحدد مواعيد متلاحقة لانتخاب لن ينجب رئيس، ورياض سلامة يعطي أوامره بالترويج لليرة عبر حسناوات تقول القاضية أنه أغدق عليهم الهدايا. الفراغ أُعِد لهؤلاء، ولهذه الوظائف، لكنه أعد أيضاً لكي يكون لبنان جزءاً طبيعياً من هلال الممانعة الذي يتطلب تفريغ الحياة العامة من أي مناعة قد تفضي إلى مسار يعيق الوظيفة الوحيدة التي انتدب إليها لبنان، والمتمثلة في أنه ساحة للصفقة المقبلة بين طهران وواشنطن.

وبانتظار الصفقة، لا بأس بأن نمتّع أنظارنا بالليرة اللبنانية على جسد العارضة، وأن لا نحسد الوزير على نجاحه بإبرام الصفقة لشركته.