fbpx

لماذا يتودد المغرب لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من الناحية السياسية، من الأسهل للمغرب أن تحصل على حلفاء عبر الصحراء أكثر من منطقة جوارها؛ فالتكامل الإقليميّ في منطقة المغرب العربيّ الكبير، يعوقه التنافس الطويل بين المغرب والجزائر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت سنة واعدة بالنسبة إلى الملك المغربيّ محمد السادس. فالملك الذي زار على الأقل 14 بلداً أفريقيّاً منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016، قد قلّص من أسفاره بعد عمليّةٍ في القلب أجريت له في شباط/ فبراير الماضي. ومع ذلك فقد استضاف رئيس وزراء مالي في آذار/ مارس، كما زار جمهوريّة الكونغو في نيسان/ أبريل. وفي الشهر الماضي، رافق الرئيس النيجيريّ محمد بخاري في موكب بالسيّارات في العاصمة المغربيّة الرباط، حيث قُوبِل بترحيب من الجماهير.

وعلى غرار ملكهم، فإنّ الشركات المغربيّة كذلك تركز اهتمامها على غرب أفريقيا. ويقدّر بنك التنمية الأفريقيّ أنّ 85 ٪ من الاستثمارات الخارجيّة المباشرة (FDI) للمغرب، تذهب إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتأتي التجارة بعد هذه الاستثمارات بفارق كبير، لكنّها أيضاً تتنامى. فالصادرات المغربيّة من البضائع إلى غرب أفريقيا قد تضاعفت إلى ثلاثة أضعاف منذ 2006 وحتّى 2016. ويصطحب الملك معه وفوداً تجاريّة كبيرة في رحلاته المطوّلة إلى الدول الأفريقيّة، وعادةً ما يتم توقيع مجموعة كبيرة من الصفقات مع تلك الدولة المستضيفة.

من الناحية السياسية، من الأسهل للمغرب أن تحصل على حلفاء عبر الصحراء أكثر من منطقة جوارها؛ فالتكامل الإقليميّ في منطقة المغرب العربيّ الكبير، يعوقه التنافس الطويل بين المغرب والجزائر. وبعد حملات مكثّفة، عاد المغرب في العام الماضي مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقيّ، مُنهياً قطيعةً دامت 32 عاماً. وكان المغرب قد خرج من الاتحاد عام 1984 بعدما قبل الاتحاد عضويّة الصحراء الغربيّة كدولة، وهي التي يعتبرها المغرب جزءاً من أراضيه. ومع دراسة الجمعيّة الاقتصاديّة لدول غرب أفريقيا ECOWAS لعضويّة المغرب، فإنّ التدفق المغربيّ في المنطقة يتواصل؛ فقد تبرّع المغرب بـ25 ألف طنّ من الأسمدة الزراعيّة، كما درّب 300 إمام من مالي.

وعلى الجانب الاقتصاديّ، فإن الانخراط في شؤون غرب أفريقيا يفتح المجال أمام المغرب من أجل التنويع وجهات التبادل الاقتصاديّ بدلاً من التركيز التقليديّ على أوروبا، كما يقول إساندر الأمراني، عضو مجموعة الأزمات الدوليّة ICG، وهو مركز أبحاث مقرّه بروكسيل. وعلى رغم أنّ المغرب قد برز كمركز تصنيع منخفض التكلفة بالنسبة إلى الشركات الأوروبيّة، فإنّ الشركات المغربيّة نفسها ما زالت تكافح من أجل المنافسة في أوروبا؛ ولكن يمكنها أن تزدهر في غرب أفريقيا.

هذا وقد تزعمت شركات الصرافة والهاتف والتأمين المغربيّة هذه المبادرات. ففي 2015 كانت هذه الشركات تمثّل 88 ٪ من الاستثمارات الخارجيّة المباشرة للمغرب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتمتلك أكبر ثلاثة مصارف مغربيّة ما يقارب ثلث حصّة السوق في 8 دول تستخدم عملة الفرانك الصادر عن غرب أفريقيا. فمثلاً بنك “التجاري وفا”، أكبرهم، له 443 فرعاً في غرب أفريقيا. أمّا شركة “اتصالات المغرب”، كبرى شركات الاتصالات في البلاد، فنحو 43 في المئة من إيراداتها تأتي من شركات تابعة لها في المنطقة. ويأمل المغرب كذلك بأن يصبح المقر الإقليميّ للشركات الغربيّة المستثمرة في أفريقيا؛ فقد أنشأ مركزاً ماليّاً في عاصمته الاقتصاديّة الدار البيضاء، ويعرض فيه إعفاءات ضريبيّة لجذب الشركات. وبإمكان عضوية المغرب في الجمعيّة الاقتصاديّة لدول غرب أفريقيا إيكواس (ECOWAS)، أن تساهم في توسيع نطاق الاستثمار المغربيّ؛ فالصادرات المغربيّة من البضائع إلى الدول الأعضاء في إيكواس يمكن أن تُعفَى من التعريفات الجمركيّة.

لكن المحاولة المغربيّة للانضمام إلى الجمعيّة كشفت حدود تأثيرها. فقد بدت الأمور جيّدة في حزيران/ يونيو الماضي، حين وافقت الجمعيّة “مبدئيّاً” على انضمام المغرب؛ لكن شركات الأعمال في غرب أفريقيا كانت أقل حماسة لانضمام المغرب، خوفاً من منافسة طاحنة مع المنافسين المغاربة. وكانت الانتقادات أعلى صوتاً في نيجيريا، أكبر اقتصادات إيكواس؛ فكثيرون هناك قلقون من أنّ المغرب قد يستفيد من التجارة الحرة مع دول الجمعيّة لكنه سيتملّص من القواعد الأخرى لها، كإلغاء تأشيرات السفر مع تلك البلدان. لذا فإنّ طلب المغرب الانضمام يبدو مؤجّلاً؛ إذ تم تجاهل الأمر في القمم الأخيرة للجمعيّة.

لكن المملكة ما زالت تأمل بشقّ طريقها إلى عضويّة الجمعيّة. فأثناء زيارة الرئيس النيجيريّ محمد بخاري الأخيرة إلى الرباط، اتفق هو والملك المغربيّ على إنشاء خطوط نقل الغاز من نيجيريا إلى المغرب. لكن ليس للمقترح أيّ خطط تمويليّة، كما تحوم الشكوك حول إمكان تنفيذه.

ومع كل هذه الاستثمارات المغربيّة في غرب أفريقيا، فإنّ المواطنين المغاربة لم يَجنُوا ثماراً بعد. فالاستثمارات في مجال الصرافة والاتصالات في الخارج لا تأتي بالكثير من الوظائف في الداخل. وفي الوقت ذاته فإنّ 43 في المئة من الشباب في الحضر يعانون البطالة، بينما تتواصل الاضطرابات في منطقة الريف بشمال البلاد. يجدر بالملك السائح في البلاد، قبل أن يخطط لرحلته المقبلة في غرب أفريقيا، أن يتعامل مع الشواغل المحليّة.

هذا المقال مترجم عن موقع the economist ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي