fbpx

هل يرفض بيطار مشاركة التحقيق؟
القضاء الأعلى ينحاز إلى التيار العوني على حساب ضحايا المرفأ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

القضية نفسها تتكرر. العونيون يقدمون حرية بدري ضاهر على العدالة لضحايا المرفأ. هنا ينكشف مرة أخرى حجم التواطؤ بين الطبقة السياسية التي فخّخت القضاء من خلال تعيينات تراعي مصالح السلطة على حساب الضحايا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

التيار الوطني الحر يريد “العدالة” لمدير عام الجمارك بدري ضاهر الموقوف في قضية جريمة انفجار المرفأ على حساب العدالة لأكثر من 230 قتيلاً ونحو ستة آلاف جريح من الضحايا. 

خطوة التفافية جديدة يقدم عليها طرف في السلطة لتقويض التحقيق في جريمة مرفأ بيروت الذي يواجه منذ اللحظات الأولى عراقيل سياسية وقضائية وأمنية دخلت الآن مرحلة جديدة.

إذ يبدو أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود استجاب لطلب التيار العوني، عبر صيغة غير قانونية كما أكدت مصادر قضائية لـ”درج”، تمثلت باجتراح محقق عدلي مواز للمحقق العدلي طارق بيطار الذي تتولى السلطة تعطيل عمله من خلال تمنّع وزير المالية يوسف الخليل التوقيع على مرسوم التشكيلات القضائية.

وكان وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري قد وجه كتابا إلى مجلس القضاء الأعلى طلب فيه “العمل على البتّ بمبدأ تعيين محقق عدلي لمعالجة الأمور الضرورية والملحة طيلة فترة تعذر قيام المحقق العدلي الأصب بمهامه – كطلبات إخلاء السبيل والدفوع الشكلية” وذلك إلى حين زوال المانع الذي يحول دون ممارسة الأخير مهامه لحسن سير العمل القضائي وإحقاق الحق”. وقد برر الوزير طلبه  بمعلومات وردته لجهة أن أحد موقوفي انفجار المرفأ قد أدخل بصورة طارئة إلى المستشفى لتدهور حالته الصحية، وأن معظم الموقوفين قد تردى وضعهم الصحي. 

برر الوزير قراره بأنه توجد سابقة قضائية قضت بتعيين محقق عدلي مناوب بسبب تعذر قيام الأصيل بمهامه. وقد تسرّب للإعلام أن مجلس القضاء الأعلى وافق على الكتاب بانتظار أن يقترح وزير العدل أسما للقاضي البديل. التيار الوطني الحرّ كان نظّم قبل الإعلان عن هذه الموافقة وقفة أمام قصر العدل لمناصرة بدري ضاهر المحسوب عليه، كما قصد عدد من نوابه مكتب مجلس القضاء الأعلى حيث نقلت وسائل إعلام أن لقاءهم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود لم يكن وديا بل شابه تلاسن وسجال. 

 قرار تعيين محقق عدلي جديد بدل القاضي بيطار أذهل الأوساط القانونية والحقوقية وأهالي الضحايا، فهو يعتبر انقضاضاً باسم السلطة من داخل القضاء على التحقيق بانفجار المرفأ. فقرار مجلس القضاء الأعلى هو محاولة التفاف سياسية على عمل القاضي طارق البيطار، على ما وصف مصدر قضائي الخطوة. 

ولعل ما يكشف حجم التدخل السياسي فيها هو العراضة النيابية العونية في مكتب القاضي سهيل عبود، الذي شهد في الأمس هجوماً من النواب العونيين دفاعاً عن “موقوفهم” بدري ضاهر، في وقت كشفت الوقائع أن الإفراج عن ضاهر عبر هذا الالتفاف غير القانوني على التحقيق، سيكون على حساب ضحايا الانفجار، وسيمثل ضربة للعدالة. وتبلغ مهزلة العراضة العونية ذروتها عندما نعرف أن نواب التيار قد توجهوا إلى مكتب عبود وليس إلى مكتب وزير المال الذي يعطل التحقيق. 

هنا ينكشف مرة أخرى حجم التواطؤ بين أفراد الطبقة السياسية التي فخّخت القضاء من خلال تعيينات تراعي مصالح السلطة على حساب الضحايا وأهاليهم.

المصادر القضائية أكدت لـ”درج” أن بإمكان القاضي بيطار عدم الاعتراف بقرار مجلس القضاء الأعلى، وأن يتابع تحقيقاته، لا سيما وأن ملف التحقيق لديه صار شبه مكتمل وفيه من الحقائق ما يكفي لاتهام المتورطين وتبرئة من تثبت براءتهم، وأن الموقوفين الذين يطالب التيار العوني بحل قضيتهم عالقون بسبب تمنّع وزير العدل، حليف التيار العوني، يوسف الخليل عن التوقيع على مرسوم التعيينات القضائية.

واعتبرت هذه المصادر أنه من حق القاضي بيطار قانوناً الاحتفاظ بملفات التحقيق وعدم مشاركتها مع قاضي التحقيق الجديد، وهو ما يرجح أن يقدم عليه بيطار.

بيان ائتلاف استقلال القضاء

في هذا السياق أصدر ائتلاف استقلال القضاء وهو هيئة تضم جهات حقوقية ومؤسسات مستقلة بياناً اعتبر فيه ما أقدم عليه المجلس العدلي سابقة خطيرة وفيه:

القرار غير قانوني طالما أنه يؤدي إلى نقل الملف القضائي من قاضٍ إلى آخر من دون موافقة القاضي الأول على ذلك. وهذا الأمر يتعارض مع جلّ المبادئ الدولية التي لا تسمح بعزل قاضٍ عن النظر في ملف قضائي إلا من خلال الآليات المحددة في القانون وهي الآليات التي عمدت القوى السياسية إلى تعطيلها، من خلال تعطيل مرسوم التشكيلات القضائية ومعه الهيئة العامة لمحكمة التمييز الناظرة في طلبات متصلة بالمرفأ كما سبق بيانه. فنحن هنا أمام تدخل مباشر من وزير العدل للتأثير على وجهة القرار في ملف قضائي معين وبتغطية من مجلس القضاء الأعلى المعين في غالبية أعضائه الكبرى من القوى السياسية وفق قاعدة المحاصصة.

ولا يرد على ذلك بوجود سابقة 2006، لأسباب عدة أهمها أن تعيين قاضٍ رديف محل القاضي الأصيل تمت آنذاك بموافقته وبرضاه، ولتغيبه في إجازة إرادية خارج الأراضي اللبنانية، في حين أن هذا التعيين يتم خلافا لإرادة القاضي الأصيل الموجود على الأراضي اللبنانية والممنوع عن العمل قسرا تبعا لتعطيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقرار سياسي غير قانوني أساسه استغلال النفوذ لضرب العدالة”

وبحسب ائتلاف استقلال القضاء فإن القرار الأخير يمهّد لـ”ارتكاب اعتداء جديد على حقوق ضحايا المرفأ وذويهم بالعدالة وحق المجتمع بالحقيقة، بعد ممارساتٍ عدوانية شرسة ضدّ المحقّق العدلي انتهت إلى تعطيل التحقيق بشكل كامل. وعليه، مؤدى القرار في حال تفعيله، فتح زاروب يمكن القوى السياسية من تهريب المدعى عليهم المحسوبين عليها وضمنا غير الموقوفين منهم من العدالة، مقابل التطبيع مع فكرة منع القاضي من العمل في إحدى أكبر الجرائم المرتكبة في لبنان. وما يزيد من خطورة الأمر أن القاضي الرديف الذي يعين في هذه الظروف سيكون بإمكانه تسريب معطيات سرية في الملف، مع ما يشكله ذلك من خطر على سلامة التحقيق برمته.”

وختم بيان ائتلاف استقلال القضاء أن قرار مجلس القضاء الأعلى “يميط هذا القرار اللثام مرة أخرى عن الدرك الذي وصل إليه أداء السلطات العامة المسخرة لخدمة مصالح شخصية وفئوية بما يناقض المصلحة العامة ويقوض حظوظ اللبنانيين بالعدالة. فوزير العدل الذي يفترض أنه مؤتمن على حسن سير العدالة، استباح القضاء بكتاب مفخخ ومفعم بسوء النية، مؤداه فرض تأويلات مخالفة تماما للمعايير استقلال القضاء وتهريب المدعى عليهم الفارين من العدالة، كل ذلك من دون ان يقوم بأي جهد حقيقي لإعادة التحقيق إلى سكته. والنواب الذين يفترض أنهم يمثلون الأمة، واصلوا سعيهم إلى تقزيم قضية المرفأ وآلاف الضحايا والعاصمة المدمرة في اتجاه اختزالها بقضية مشتبه به محسوب عليهم. ولم يجدوا حرجا في اقتحام مجلس القضاء الأعلى لإملاء مطالبهم في عدوان فئوي سافر عليه.

ومجلس القضاء الأعلى الذي يفترض أنه يسهر على استقلال القضاء وحسن سير العدالة، ها هو يذعن لمطالب القوى السياسية من دون مقاومة تذكر، في مشهد يشير أكثر من أي وقت مضى إلى سقوط الحماية المرجوة من هذه المؤسسة في مواجهة هذه القوى. وهو أمر ما كان ليتمّ لولا القانون الحالي والذي يخوّل هذه القوى تعيين الغالبية الكبرى من أعضاء هذا المجلس.

هذا فضلا عن عدم إمكانية استبعاد أن يكون هذا القرار جزءا من تسوية سياسية مؤداها تكريس نظام اللاعدالة”.

لا عدالة في لبنان

اذا، القضية نفسها تتكرر. 

العونيون يقدمون حرية بدري ضاهر على العدالة لضحايا المرفأ. كأنهم يقولون لأهالي الضحايا: “لا علاقة لنا بمعركتم مع الثنائي الشيعي، فما يعنينا هو موقوفنا الذي جندنا له نوابنا وتكتلنا ورئيسنا”. أما شركاؤهم  وحلفاؤهم في الثنائي الشيعي، فسيضاف إلى نصرهم على الضحايا نصر جديد على المحقق، ذاك أن مجلس القضاء الأعلى عيّن لهم محققاً عدلياً موازياً سيبنى على تعيينه احتمالات قد تفوق ما أناط التعيين به من مهام.     

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 14.10.2024

اجتياح لبنان: كيف يمكن لقرارات مجلس الأمن أن تغير المعادلة؟

في السياق اللبناني، يبرز النقاش حول تطبيق القرارين 1559 و1701 كأحد المحاور الأساسية. يدعو القرار 1559 الذي صدر عام 2004، إلى نزع سلاح الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة اللبنانية، بينما يركز القرار 1701 الصادر عام 2006، على وقف الأعمال العدائية وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على أراضيها، مع إنشاء منطقة عازلة خالية من الأسلحة بين الخط…
"درج"
لبنان
07.09.2022
زمن القراءة: 5 minutes

القضية نفسها تتكرر. العونيون يقدمون حرية بدري ضاهر على العدالة لضحايا المرفأ. هنا ينكشف مرة أخرى حجم التواطؤ بين الطبقة السياسية التي فخّخت القضاء من خلال تعيينات تراعي مصالح السلطة على حساب الضحايا.

التيار الوطني الحر يريد “العدالة” لمدير عام الجمارك بدري ضاهر الموقوف في قضية جريمة انفجار المرفأ على حساب العدالة لأكثر من 230 قتيلاً ونحو ستة آلاف جريح من الضحايا. 

خطوة التفافية جديدة يقدم عليها طرف في السلطة لتقويض التحقيق في جريمة مرفأ بيروت الذي يواجه منذ اللحظات الأولى عراقيل سياسية وقضائية وأمنية دخلت الآن مرحلة جديدة.

إذ يبدو أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود استجاب لطلب التيار العوني، عبر صيغة غير قانونية كما أكدت مصادر قضائية لـ”درج”، تمثلت باجتراح محقق عدلي مواز للمحقق العدلي طارق بيطار الذي تتولى السلطة تعطيل عمله من خلال تمنّع وزير المالية يوسف الخليل التوقيع على مرسوم التشكيلات القضائية.

وكان وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري قد وجه كتابا إلى مجلس القضاء الأعلى طلب فيه “العمل على البتّ بمبدأ تعيين محقق عدلي لمعالجة الأمور الضرورية والملحة طيلة فترة تعذر قيام المحقق العدلي الأصب بمهامه – كطلبات إخلاء السبيل والدفوع الشكلية” وذلك إلى حين زوال المانع الذي يحول دون ممارسة الأخير مهامه لحسن سير العمل القضائي وإحقاق الحق”. وقد برر الوزير طلبه  بمعلومات وردته لجهة أن أحد موقوفي انفجار المرفأ قد أدخل بصورة طارئة إلى المستشفى لتدهور حالته الصحية، وأن معظم الموقوفين قد تردى وضعهم الصحي. 

برر الوزير قراره بأنه توجد سابقة قضائية قضت بتعيين محقق عدلي مناوب بسبب تعذر قيام الأصيل بمهامه. وقد تسرّب للإعلام أن مجلس القضاء الأعلى وافق على الكتاب بانتظار أن يقترح وزير العدل أسما للقاضي البديل. التيار الوطني الحرّ كان نظّم قبل الإعلان عن هذه الموافقة وقفة أمام قصر العدل لمناصرة بدري ضاهر المحسوب عليه، كما قصد عدد من نوابه مكتب مجلس القضاء الأعلى حيث نقلت وسائل إعلام أن لقاءهم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود لم يكن وديا بل شابه تلاسن وسجال. 

 قرار تعيين محقق عدلي جديد بدل القاضي بيطار أذهل الأوساط القانونية والحقوقية وأهالي الضحايا، فهو يعتبر انقضاضاً باسم السلطة من داخل القضاء على التحقيق بانفجار المرفأ. فقرار مجلس القضاء الأعلى هو محاولة التفاف سياسية على عمل القاضي طارق البيطار، على ما وصف مصدر قضائي الخطوة. 

ولعل ما يكشف حجم التدخل السياسي فيها هو العراضة النيابية العونية في مكتب القاضي سهيل عبود، الذي شهد في الأمس هجوماً من النواب العونيين دفاعاً عن “موقوفهم” بدري ضاهر، في وقت كشفت الوقائع أن الإفراج عن ضاهر عبر هذا الالتفاف غير القانوني على التحقيق، سيكون على حساب ضحايا الانفجار، وسيمثل ضربة للعدالة. وتبلغ مهزلة العراضة العونية ذروتها عندما نعرف أن نواب التيار قد توجهوا إلى مكتب عبود وليس إلى مكتب وزير المال الذي يعطل التحقيق. 

هنا ينكشف مرة أخرى حجم التواطؤ بين أفراد الطبقة السياسية التي فخّخت القضاء من خلال تعيينات تراعي مصالح السلطة على حساب الضحايا وأهاليهم.

المصادر القضائية أكدت لـ”درج” أن بإمكان القاضي بيطار عدم الاعتراف بقرار مجلس القضاء الأعلى، وأن يتابع تحقيقاته، لا سيما وأن ملف التحقيق لديه صار شبه مكتمل وفيه من الحقائق ما يكفي لاتهام المتورطين وتبرئة من تثبت براءتهم، وأن الموقوفين الذين يطالب التيار العوني بحل قضيتهم عالقون بسبب تمنّع وزير العدل، حليف التيار العوني، يوسف الخليل عن التوقيع على مرسوم التعيينات القضائية.

واعتبرت هذه المصادر أنه من حق القاضي بيطار قانوناً الاحتفاظ بملفات التحقيق وعدم مشاركتها مع قاضي التحقيق الجديد، وهو ما يرجح أن يقدم عليه بيطار.

بيان ائتلاف استقلال القضاء

في هذا السياق أصدر ائتلاف استقلال القضاء وهو هيئة تضم جهات حقوقية ومؤسسات مستقلة بياناً اعتبر فيه ما أقدم عليه المجلس العدلي سابقة خطيرة وفيه:

القرار غير قانوني طالما أنه يؤدي إلى نقل الملف القضائي من قاضٍ إلى آخر من دون موافقة القاضي الأول على ذلك. وهذا الأمر يتعارض مع جلّ المبادئ الدولية التي لا تسمح بعزل قاضٍ عن النظر في ملف قضائي إلا من خلال الآليات المحددة في القانون وهي الآليات التي عمدت القوى السياسية إلى تعطيلها، من خلال تعطيل مرسوم التشكيلات القضائية ومعه الهيئة العامة لمحكمة التمييز الناظرة في طلبات متصلة بالمرفأ كما سبق بيانه. فنحن هنا أمام تدخل مباشر من وزير العدل للتأثير على وجهة القرار في ملف قضائي معين وبتغطية من مجلس القضاء الأعلى المعين في غالبية أعضائه الكبرى من القوى السياسية وفق قاعدة المحاصصة.

ولا يرد على ذلك بوجود سابقة 2006، لأسباب عدة أهمها أن تعيين قاضٍ رديف محل القاضي الأصيل تمت آنذاك بموافقته وبرضاه، ولتغيبه في إجازة إرادية خارج الأراضي اللبنانية، في حين أن هذا التعيين يتم خلافا لإرادة القاضي الأصيل الموجود على الأراضي اللبنانية والممنوع عن العمل قسرا تبعا لتعطيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقرار سياسي غير قانوني أساسه استغلال النفوذ لضرب العدالة”

وبحسب ائتلاف استقلال القضاء فإن القرار الأخير يمهّد لـ”ارتكاب اعتداء جديد على حقوق ضحايا المرفأ وذويهم بالعدالة وحق المجتمع بالحقيقة، بعد ممارساتٍ عدوانية شرسة ضدّ المحقّق العدلي انتهت إلى تعطيل التحقيق بشكل كامل. وعليه، مؤدى القرار في حال تفعيله، فتح زاروب يمكن القوى السياسية من تهريب المدعى عليهم المحسوبين عليها وضمنا غير الموقوفين منهم من العدالة، مقابل التطبيع مع فكرة منع القاضي من العمل في إحدى أكبر الجرائم المرتكبة في لبنان. وما يزيد من خطورة الأمر أن القاضي الرديف الذي يعين في هذه الظروف سيكون بإمكانه تسريب معطيات سرية في الملف، مع ما يشكله ذلك من خطر على سلامة التحقيق برمته.”

وختم بيان ائتلاف استقلال القضاء أن قرار مجلس القضاء الأعلى “يميط هذا القرار اللثام مرة أخرى عن الدرك الذي وصل إليه أداء السلطات العامة المسخرة لخدمة مصالح شخصية وفئوية بما يناقض المصلحة العامة ويقوض حظوظ اللبنانيين بالعدالة. فوزير العدل الذي يفترض أنه مؤتمن على حسن سير العدالة، استباح القضاء بكتاب مفخخ ومفعم بسوء النية، مؤداه فرض تأويلات مخالفة تماما للمعايير استقلال القضاء وتهريب المدعى عليهم الفارين من العدالة، كل ذلك من دون ان يقوم بأي جهد حقيقي لإعادة التحقيق إلى سكته. والنواب الذين يفترض أنهم يمثلون الأمة، واصلوا سعيهم إلى تقزيم قضية المرفأ وآلاف الضحايا والعاصمة المدمرة في اتجاه اختزالها بقضية مشتبه به محسوب عليهم. ولم يجدوا حرجا في اقتحام مجلس القضاء الأعلى لإملاء مطالبهم في عدوان فئوي سافر عليه.

ومجلس القضاء الأعلى الذي يفترض أنه يسهر على استقلال القضاء وحسن سير العدالة، ها هو يذعن لمطالب القوى السياسية من دون مقاومة تذكر، في مشهد يشير أكثر من أي وقت مضى إلى سقوط الحماية المرجوة من هذه المؤسسة في مواجهة هذه القوى. وهو أمر ما كان ليتمّ لولا القانون الحالي والذي يخوّل هذه القوى تعيين الغالبية الكبرى من أعضاء هذا المجلس.

هذا فضلا عن عدم إمكانية استبعاد أن يكون هذا القرار جزءا من تسوية سياسية مؤداها تكريس نظام اللاعدالة”.

لا عدالة في لبنان

اذا، القضية نفسها تتكرر. 

العونيون يقدمون حرية بدري ضاهر على العدالة لضحايا المرفأ. كأنهم يقولون لأهالي الضحايا: “لا علاقة لنا بمعركتم مع الثنائي الشيعي، فما يعنينا هو موقوفنا الذي جندنا له نوابنا وتكتلنا ورئيسنا”. أما شركاؤهم  وحلفاؤهم في الثنائي الشيعي، فسيضاف إلى نصرهم على الضحايا نصر جديد على المحقق، ذاك أن مجلس القضاء الأعلى عيّن لهم محققاً عدلياً موازياً سيبنى على تعيينه احتمالات قد تفوق ما أناط التعيين به من مهام.     

إقرأوا أيضاً: