لم يمض وقت طويل حتى صدقت هذه المخاوف، حين ظهرت أعراض إصابتها، التي أكدها فحص الكشف عن فايروس “كورونا”، PCR. عندها غادرت إلهام المستشفى من باب خلفي، بسيارة إسعاف إلى مستشفى “حجر ملوي” في محافظة المنيا، لتلقّي الرعاية التي سبق أن قدمتها للمصابين بـ”كورونا”.
سيّد، ممرض آخر يعمل في “المعهد القومي للأورام في القاهرة”، ظهرت عليه أعراض الإصابة وظل يتنقل بسيارة زميله الخاصة بين المستشفيات، بحثاً عن واحد يجري فيه مسحة PCR، لأن مكان عمله لم يوفر له ذلك.
أما غادة الممرضة في “مستشفى عين شمس العام”، فعلى رغم تعرضها لرذاذ من حالة مصابة بـ”كورونا”، فواصلت عملها، تنفيذاً لتعليمات إدارة مكافحة العدوى بـ”انتظار ظهور الأعراض”، قبل أن يسمح لها بإجراء فحص الـPCR. وعلى رغم أن تعليمات منظمة الصحة العالمية تنص على ضرورة ارتداء قناع تنفسي عالي الكفاءة N95|FFP2، في حال كان الشخص في منطقة معرضة لتناثر الرذاذ، كما توجب إرشادات “تقييم خطورة التعرض“- الصادرة عن المنظمة، والذي ضمنته “الإدارة العامة لمكافحة العدوى” في توصياتها للعاملين في وزارة الصحة- على غادة عزل نفسها في المنزل لمدة 14 يوماً وإجراء PCR، إلا أن ذلك لم يحدث، بسبب ما تقول إنه “قصور في الإمكانات”.
اتفقت غادة سراً مع مسؤول في فريق مكافحة العدوى في المستشفى لإجراء الفحص، بعدما ظهرت أعراض الإصابة على أبنائها. فاصطحبتهم وتوجّهت إلى المستشفى الذي تعمل فيه، وانتظرت دورها كأي مواطن عادي. فتعليمات “الإدارة المركزية للشؤون الوقائية” تمنع إجراء الـPCR للعاملين في المنشأة أو المخالطين لهم قبل ظهور أعراض قوية، تجعل من اشتباه الإصابة بالعدوى أمراً مؤكداً.
للأسف ثبتت إصابة غادة واثنين من أطفالها الأربعة، فعزلت نفسها في المنزل. لكنها تعرضت لمضاعفات دفعتها للانتقال إلى المستشفى على كرسي متحرك. تقول: “قمت بتركيب جهاز الأوكسجين لنفسي. رجال أمن البوابة وزملائي خافوا مني”. وعندما استدعيت للعمل، بينما كانت لا تزال تعاني من أعراض الإصابة، طلبت إجراء فحص آخر لتأكيد التعافي، لكن المستشفى رفض ذلك.
بحسب غادة، قام المستشفى، تجنباً لإثارة المشكلات، بسحب العينة منها ومن المصابين في الطاقم الطبي الذين يمضون فترات العزل، وهي عبارة عن مسحة من الحلق، لكن أحداً منهم لم يتلق نتيجة هذا الفحص.
حاولنا التواصل مع مدير “مكافحة العدوى” في المستشفى، لكنه كان قيد العزل بعد ثبوت إصابته أيضاً. كما حاولنا التواصل مع مدير المستشفى، لكن مسؤول مكتبه أحالنا إلى رئيسة فريق التمريض “ن. ع” التي أكدت أن “الوزارة لم توفر عدداً كافياً من مسحات PCR، ما اضطر إدارة المستشفى لإجراء هذه الفحوص لأعضاء الطاقم الذين هم على رأس عملهم، فقط، وهم معرضون بشكل أكبر للإصابة. أما العائدون من العزل فتطبق عليهم تعليمات وزارة الصحة التي تفيد بعدم الحاجة لأخذ مسحة بعد مرور 28 يوماً من ثبوت الإصابة، إذ تعتبر هذه الفترة كافية للتعافي”.
نتائج تحاليل غادة أظهرت ضعفاً في المناعة وقلة في نسبة الأوكسجين في الدم، ما يعني احتمال عدم شفائها الكامل، وتم تحويلها إلى التأمين الصحي لمنحها إجازة مرضية. عبر تتبع مسار هذه الحالات الثلاث، إلهام وسيد وغادة، ابتداء من التقاط العدوى إلى نقلها وحتى تماثلها للشفاء، يكشف التحقيق مسؤولية وزارة الصحة المصرية عن المساهمة في تفشي العدوى بين الطواقم الطبية أولاً، وجموع المخالطين لهم ثانياً، عبر تطبيقها بروتوكولات مجتزأة أحياناً، أو متناقضة أحياناً أخرى، أو عدم اعتمادها بروتوكولات محددة أصلاً للكشف المبكر عن العدوى ومحاصرة انتقالها بين العاملين.
البروتوكول الموحد
حتى منتصف نيسان/ أبريل الماضي، أي بعد شهرين من إعلان اكتشاف أول إصابة في مصر بتاريخ 14 شباط/ فبراير، لم تكن وزارة الصحة قد أعلنت عن بروتوكول موحد للتعامل مع إصابات الطواقم الطبية، وتركت الأمر لتقدير إدارات المستشفيات.
وفي 18 نيسان صدر البروتوكول الأول بهذا الخصوص وألحق في 12 أيار/ مايو بمنشور توضيحي مُوقع من “الإدارة المركزية للشئون الوقائية” بإدارة مكافحة العدوى، تم تحديثه لاحقاً وتضمّن تعريفاً متعلقاً بمنظومة تقييم ومتابعة حالات “الاشتباه المؤكدة”.
في وقت سابق على صدور “البروتوكول”، كانت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، أعلنت عن استعدادات الوزارة لمواجهة “كورونا”، بتجهيز 30 مستشفى للعزل موزعة على محافظات الجمهورية، ضمن خطة مرحلية امتدت من أواخر كانون الثاني/ يناير وحتى أيار/ مايو 2020، لاستيعاب حالات “كورونا” المبلغ عنها. لكن الطواقم الطبية في العيادات الخارجية وأقسام الطوارئ في المستشفيات العامة ظلت تعمل من دون بروتوكول موحد وواضح، وذلك بحسب بيانات نقابية اتهمت نقابة الأطباء في واحد منها وزارة الصحة بالقتل بـ”الترك”، فضلاً عن عمل مستشفيات وأقسام عزل بأكثر من بروتوكول -وذلك بحسب أطباء ونقابيين- جميعها لا يتناسب والخطر الذي صنفته “منظمة الصحة العالمية”، “وباءً” ومن ثم “جائحة”.
بيانات المستشفيات والوزارة
بالبحث في قاعدة بيانات وزارة الصحة الخاصة بتسجيل نتائج فحوصات الاشتباه، التي استطعنا الوصول إليها، لم نجد، حتى 1 حزيران/ يونيو، معلومات محددة توضح أسماء المصابين من الطواقم الطبية وأعدادهم.
غير أن البيانات الرسمية لوزارة الصحة تشير إلى أن الأعداد استمرت في التزايد، من قلة قليلة تعد على أصابع اليدين في منتصف آذار/ مارس إلى 81 حالة من إجمالي 803 إصابات، أي ما نسبته 10.1 في المئة حتى بداية نيسان/ أبريل. لتبلغ 13 في المئة، بحسب تصريحات مسؤول مكتب منظمة الصحة العالمية السابق في مصر جون جبور، في منتصف نيسان.
المستشفيات المخصصة للتعامل مع مرضى كورونا على مستوى الجمهورية | ذلك بحسب بيانات وزارة الصحة والسكان وحتى 3 يونيو
20 مستشفى للعزل
320 مستشفى عام ومركزى لخدمة مرضى كورونا
24 مستشفى جامعى
” ..القاهرة 35 مستشفى | الإسكندرية 13 | مرسى مطروح 7 | قنا 8 | شمال سيناء 6 | كفر الشيخ14 | سوهاج18|جنوبسيناء5 | بورسعيد5 | بنيسويف 8| اسيوط15 | أسوان14 | الوادي الجديد 5 | المنيا 15 | المنوفية 16 | القليوبية 13 | الفيوم 9 | الغربية 16 | السويس 4 | البحيرة 17 | الجيزة 17 | الشرقية 26 | الدقهلية 28 | الأقصر 5 | الإسماعلية 3 | دمياط 15 | البحر الأحمر 7 “
وبحسب بيان آخر لوزارة الصحة في 25 أيار/ مايو، وصلت حالات الوفاة بين الطواقم الطبية إلى 11 حالة، وسجلت 291 إصابة، 69 منها لأطباء في مستشفيات الحميات، والصدر، والعزل.
وصدر بيان عن نقابة الأطباء بالتاريخ نفسه، أعلن تسجيل 19 وفاة و350 إصابة بين الأطباء فقط. وحتى مطلع أيلول/ سبتمبر ارتفعت هذه الحصيلة إلى ما يزيد عن ألف إصابة و160 وفاة، بحسب تصريح للدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء.
وحتي 3 تشرين الثاني/ نوفمبر وصلت حصيلة الوفيات إلى أكثر من 200 وفاة ، وتم تسجيل أكثر من 3500 إصابة بحسب الدكتورة إيمان سلامة، مقرر اللجنة الإجتماعية بنقابة الأطباء، التي أكدت صرف دعم الإصابة لهذه الأعداد ضمن خطة النقابة لتعويض الأطباء.
تضاف إلى هذه الحصيلة، 5 حالات وفاة بين الصيادلة بحسب بيان النقابة في حزيران/ يونيو، و23 وفاة بين الممرضين، بحسب كوثر محمود نقيب التمريض وعضو مجلس الشيوخ، التي رفضت التصريح لنا بأعداد الإصابات قائلة: “مش هتاخدي مني أرقام”. لكن تقديرات النقابات الفرعية تقول بأن النسبة تجاوزت الـ20 في المئة في بعض المستشفيات، وذلك من اجمالي 300 ألف ممرض وممرضة، يعمل 220 ألفاً منهم في المستشفيات الحكومية، و21 ألفاً تم إلحاقهم بمستشفيات العزل، بحسب كوثر محمود نقيبة تمريض مصر.
أما عن عدد الإصابات بين الفنيين والعمال فلم يستكمل حصرها بعد بحسب عبير السعيد، المديرة العامة لنقابة العاملين بمجال الصحة.
على مدار ثلاثة أشهر (من منتصف شباط وحتى منتصف أيار 2020) تتبعنا ما نشرته مواقع وصحف مصرية حول إغلاق المستشفيات، ورصدنا من خلال دوائر رسمية وقائع مثبتة بالبيانات لانتقال العدوى بين طواقم أكثر من 30 مستشفى منها: “عين شمس“، و”الزيتون التخصصي“، و”الزهراء الجامعي“، و”الشروق“، و”بنها الجامعي“. وبحسب ما أفادت 30 شهادة مسجلة، كان ذلك لأسباب مرتبطة بغياب بروتوكولات محددة للتعامل مع الجائحة، أو بسبب تطبيق بروتوكولات وتحديثات تضمنت إما تعليمات جديدة معدلة، أو مكملة للبروتوكول نفسه، سهلت انتشار العدوى. ووثقنا إصابة 20 حالة، من خلال بيانات صادرة من المستشفيات، تبين تاريخ الإصابة والتشخيص الطبي وما أجري من فحوص ومسوحات، وبيانات إدارة الترصد التابعة لوزارة الصحة التي توثق معلومات الحالات التي تخضع للعلاج.
كمامات رديئة
خارج البوابة الرئيسة لـ”المعهد القومي للأورام” في القاهرة التقينا سيد، وهو ممرض في مستشفى “هرمل” الملحق بالمعهد. وافق سيد على التحدث إلينا شرط عدم ذكر اسمه بالكامل، وهو ما التزمنا به مع جميع الحالات التي طلبت ذلك، لا سيما أن بينهم من تعرضوا للتهديد من مديري المستشفيات التي يعملون فيها، بسبب اعتراضهم على عدم توفر أدوات الوقاية أو أجهزة للمرضى، كما عوقب آخرون بانتدابهم للعمل في مستشفيات أخرى لفترات زمنية محددة، تحت مسمى مأموريات خارجية.
“أنت من ضيعت المعهد”، جملة رددها زملاء سيد على مسامعه، فكانت أشد قسوة عليه من المرض نفسه. يقول: “في 21 آذار استقبلنا في قسم الطوارئ حالة لطفلة تعاني أعراضاً مشابهة لأعراض كورونا. طلبنا إجراء PCR للطفلة لكن ذلك لم يكن متاحاً في المستشفى، لعدم وجود بروتوكول يلزم المستشفيات العامة في ذلك الوقت بتوفير المسوحات. وعلى رغم أن الإدارة العامة لمكافحة العدوى توصي بأنه في حال التعامل مع المرضى العاديين غير المصنفين كحالات اشتباه، يجب فرزهم قبل دخول المنشأة الصحية اعتماداً على درجة الحرارة والأعراض التنفسية، مع ضرورة ارتداء الكمامة الطبية N95|FFP2″. يتابع سيد: “لم يوفروا لنا هذه الكمامات وكل ما قيل لنا: خدوا بالكم”.
طابقنا أقوال سيد مع ملاحظات 50 من العاملين في 20 مستشفى، وكلها أشارت إلى أنه لم يتم توفير “وسائل الحماية الشخصية، ومنها الكمامات الطبية”، وإن وجدت فهي مصنوعة من خامات رديئة (تسرب الهواء وسهلة القطع)، وبعضها غير مطابق للمواصفات، وهو ما تؤكده أيضاً بيانات نقابية، وخطابات صادرة عن اتحاد الصناعات- شعبة الأجهزة الطبية.
سيد الذي هاجمه فجأة ألم شديد، وعانى من ارتفاع في درجة الحرارة، لم توفر له كمامة بالمواصفات التي وضعتها “مكافحة العدوى” استناداً إلى تحديثات منظمة الصحة للوقاية الشخصية.
فاستخدم كمامة عادية لا تطابق المواصفات أثناء تعامله مع حالة الاشتباه، كما لم توفر له سيارة إسعاف عندما قرر مدير المعهد إرساله إلى “مستشفى المنيرة”، وهو من المستشفيات المخصصة لفرز حالات الاشتباه بـ”كورونا”، فنقله زميله محمد بسيارته الخاصة، وأصيب لاحقاً بالفايروس. محمد لم يستطع تحديد مصدر العدوى، وقال: “إما أنني التقطتها من الطفلة التي استقبلناها في الطوارئ، أو بعد ذلك من سيد. لكنني أعلم أنني بالتأكيد نقلت العدوى لأسرتي”.
العدوى تنتقل للأسر
ليس محمد وحده من نقل العدوى لأسرته فهناك حالات مماثلة كثيرة، مثل زين، وهو موظف حسابات في “مستشفى معهد ناصر” في القاهرة، الذي نقل العدوى لتسعة من أفراد عائلته، بحسب ابنته، الطبيبة في فريق مكافحة العدوى في “مستشفى بهتيم شبرا الخيمة”. تقول هدير: “لم يخف المعهد إصابة أحد الإداريين فحسب، إنما رفض أيضاً توفير فحوص للإداريين العاملين في المكتب الذي ظهرت فيه الحالة. سمح لوالدي بإجراء تحاليل دم وأشعة مقطعية فقط، وجاء التشخيص بناء عليها (دور برد) وليس كورونا”.
وأضافت: “توزيع وسائل الوقاية الشخصية على العاملين عموماً يتم بشكل عشوائي وبحسب توفرها. ومن موقعي كطبيبة في فرق مكافحة العدوى أقول إن التركيز كان على الطواقم الأكثر عرضة للفايروس مثل الأطباء والممرضين في أقسام العناية المركزة بالمقارنة مع بقية العاملين وخصوصاً الإداريين”.
فضلاً عن ذلك هناك صعوبة في توفير المسحات، إضافة إلى شرط ظهور أعراض لإجرائها، تم اتخاذ قرارات إدارية من بعض المحافظين والمديريات بتقليصها، إما بربطها بتوقيع طبيبين من فريق العزل داخل كل مستشفى، أو إلغائها نهائياً، والاكتفاء بالأشعة المقطعية وتحاليل الدم”.
استطاعت هدير بعلاقاتها الشخصية توفير مسحة PCR، لوالدها وأفراد عائلتها المخالطين، ونجحت في نقل والدها إلى “مستشفى حجر الإسكندرية” ووالدتها إلى “مستشفى قها” قبل تأكيد التقاطها هي العدوى وإخوتها، وأحد أعمامها وأسرته.
أما سيد فكان نقل إلى “مستشفى حجر 15 مايو” في القاهرة، ونقل محمد وأسرته إلى مستشفى قها في القليوبية، بينما ظل عاملون آخرون في مستشفيات مختلفة يتظاهرون للمطالبة بإجراء المسوح للمخالطين بينهم.
المستشفيات القابلة للعزل
” النجيلة بمطروح | أبو خليفة الإسماعلية | 15 مايو القاهرة | قها القليوبية | العجوزة الجيزة | الشيخ زايد النهيان القاهرة | العجمى الإسكندرية | بلطيم بكفر الشيخ | تمى الإمداد بالدقهلية | ملوي بالمنيا | كفر الزيات الغربية | الصداقة بأسوان | اسنا الأقصر | أبو تيج أسيوط | كفر الدوار البحيرة | هليوبوليس القاهرة ” وأضيف إليهم من المستشفيات الجامعية ” قصر العينى الفرنساوى | العبور التخصصي .
التمريض ناقل للعدوى
“مستشفى الصدر“ في المنصورة في محافظة الدقهلية، شهد واحدة من تلك التظاهرات، إذ تصف لنا إحدى الممرضات منى، الأوضاع الصعبة والضغوط التي تعرض لها طاقم التمريض هناك بالقول: “بعد إصابة 9 من الطاقم بكورونا طالبنا بتأمين مسحات للعاملين في الطبقة ذاتها، فقالوا لنا لا بد أولاً من ظهور أعراض، وعندما ظهرت الأعراض كانت العدوى قد انتقلت إلى طاقم التمريض في قسم آخر. بعد ذلك وضع 30 شخصاً من الطاقم في عزل منزلي، وكنا نوفّر لهم أدوية مما يتبقى من أدوية المرضى”. وتضيف: “أصبحنا نحن مصدراً للعدوى، حتى أن مدير المستشفى أعطى تعليمات بمنع دخول طاقم التمريض إلى مكتبه”.
المستشفيات التى سجلت إصابات بين طواقمها الطبية حسب مواقع وبيانات من إدارتها
المستشفيات التى سجلت إصابات بين طواقمها الطبيةحسب مواقع وبيانات من إدارتها” المنيرة | حميات إمبابة | معهد الأورام | الدمرداش | دكرنس | الزيتون التخصصي | معهد ناصر | معهد الكبد المنوفية| المبرة مصر القديمة | قصر العيني الفرنساوي | الخانكة | بنها الجامعي | مستشفى طلبة جامعة الإسكندرية | فاطمة الزهراء غرب إسكندرية | بنى سويف التخصصي | الزهراء الجامعى | مبنى الصدر والقلب بمستشفيات جامعة الزقازيق | مستشفى الطلبة بالجيزة | قسم الإستقبال بمستشفى أسوان الجامعى | النجيلة للعزل| المنصورة الجامعي | قناة السويس الجامعي| تأمين المنصورة| طب اسنان جامعة القاهرة | حميات مستشفى جامعة الزقزيق | المطرية | الزهراء الجامعي | عين شمس العام | حميات المنصورة العباسية | صدر العباسية ..
نقابة التمريض أكدت “وجود أكثر من شكوى من فرق التمريض في مستشفيات مختلفة”. وعندما اطلعنا على “مخطط التعامل مع المخالطين” لحالات الإصابة المؤكدة بـ”كورونا” الصادر عن الـOES (الإدارة العامة، الوبائيات والترصد) في مصر وجدناه يفيد بضرورة إجراء فحوص للمخالطين مخالطة لصيقة أو عارضة، لكن “بعد رصد ظهور أعراض تنفسية أو ارتفاع في درجة الحرارة”. وهو ما انتقده إيهاب الطاهر أمين عام نقابة الأطباء بقوله: “من الخطأ ربط قواعد السلامة بظهور أعراض. لقد تسبب ذلك بأن يصبح الفريق المتصدر لمواجهة الجائحة، والذي يفترض أن يحمي المواطنين ويقدم لهم العلاج مصدراً لتفشي العدوى. طالبنا مراراً بفحص شامل لأعضاء الفريق الطبي بهدف تقليل نسب انتقال العدوى من دون انتظار ظهور أعراض. لكن بلا جدوى”.
قرارات الوزارة لم توقف العدوى
كان قطاع الرعاية العلاجية في وزارة الصحة أصدر في 24 آذار قراراً بإيقاف العمل بالعيادات الخارجية، كمحاولة للحد من انتشار العدوى، ثم صدر قرار آخر في 5 نيسان من رئيس قطاع الطب الوقائي، الدكتور علاء عيد، ألقى فيه بمسؤولية مكافحة العدوى على إدارات المستشفيات، إذ نص على ضرورة تخصيص ممر خاص في المستشفى لدخول حالات الاشتباه بأعراض تنفسية، وإجراء فحص يومي صباحي screening، للعاملين في المستشفى قبل التوقيع في دفتر الحضور، وتخصيص مراقب observer من فريق مكافحة العدوى في المستشفى، للتأكد من التزام أفراد الفريق الطبي بسياسة ارتداء أدوات الوقاية الشخصية ونزعها، وإبلاغ مدير المستشفى فور ارتكاب أي تجاوز. وهو ما اعتبره الأطباء عبئاً جديداً يضاف إلى مجموع أعبائهم في متابعة الحالات، بخاصة أن بعض المستشفيات لم تكن مستعدة بالأساس لتطبيق هذه الإرشادات، مثل تخصيص ممر للمرضى العاديين وآخر للمشتبه فيهم.
الوزارة كانت اتخذت قرارات أخرى ضمن خطتها لمواجهة وباء “كورونا”، منها القرار “رقم 215” الصادر في 11 نيسان، الذي يقضي بتخصيص الإدارة العامة لمكافحة العدوى بالوزارة “دون غيرها” بإصدار جميع التعليمات الخاصة بمكافحة عدوى “كورونا”، وذلك لمواجهة حالة التخبط التي ظهرت في قرارات قطاعات مختلفة تابعة للوزارة.
والقرار رقم واحد الصادر بتاريخ 13 نيسان ضمنته الهيئة العامة للرعاية الصحية في الوزارة “تحذيرات” بالتوقف الجزئي أو الكلي للخدمة العلاجية في حال استمرار وقوع إصابات بين الطواقم الطبية، لكن من دون تحديد عدد هذه الإصابات، وهو القرار نفسه الذي أقر تقسيم العمل بالتناوب بين الفرق لتخفيف نسب التعرض وبالتالي عدد الإصابات.
% 10,1 نسبة الإصابة بين الطواقم الطبية حسب جداول وزارة الصحة وحتي 2ابريل
انتقال العدوى عودة من الخارج 60 بنسبة 7,5 %
انتقال العدوى مخالطين145 بنسبة 18,1%
انتقال العدوى فرق طبية 81 بنسبة 10,1%
انتقال العدوى قيد إستكمال البيانات 517 بنسبة 64,4%
الأجمالى 803 إصابة
يقول الطبيب وعضو مجلس نقابة الأطباء كريم مصباح: “انتظرنا مع بداية الأزمة فرقاً متخصصة في مكافحة العدوى تتولى مهمة مراقبة إجراءات الوقاية وحمايتنا، لكن حماية الأطقم الطبية لم تكن ضمن أولويات الوزارة”. وأبدى مصباح استغرابه من “الاتهامات”، على حد تعبيره، التي وجهها البعض للأطباء بأنهم “لا يريدون أن يعملوا”، بينما يعانون من عدم توفير أدوات الحماية الشخصية لهم مثل الكمامات، وغياب بروتوكول موحد للتعامل مع حالات الإصابة.
حالة من الغضب تصاعدت بين الأطباء دفعت بعضهم للتهديد بالاستقالة، اعتراضاً على “سوء الإجراءات” على حد تعبير أحدهم، وهو الطبيب في مستشفى الشروق خالد نشأت، الذي لم يكمل فترة انتدابه للعمل في مطار القاهرة الدولي. والاعتراض شمل إجراءات فحص المخالطين لحالة إيجابية بين العاملين، إذ تقرر إجراء تحليل الكاشف السريع لهم في حين كان من الضروري إجراء فحص PCR لهم، بحسب نشأت.
وبعد تدخل من مجلس الوزراء اضطرت وزارة الصحة إلى تشكيل لجنة تحقيق بحثت أسباب الاستقالة الجماعية التي لوح بها أطباء يعملون في مستشفى “المنيرة” ونشروها على صفحاتهم على “فايسبوك”، اعتراضاً على وفاة زميل لهم نتيجة “سوء الإجراءات”.
مستشفيات العزل تعتمد الكاشف السريع
من جهة أخرى، كانت مستشفيات العزل، وعددها 31 مستشفى، وكذلك أقسام الفرز في “الحميات” و”الصدر” تعمل وفق بروتوكولات تتوافق وتوصيات “منظمة الصحة العالمية”. لذا عندما شعرت إلهام بسعال خفيف تم إجراء فحص المسحة لها، وللفريق المخالط أيضاً، وأثبتت النتائج إصابة 6 من زملائها. (اطلعنا على أسمائهم في كشوف رصد المستشفى) ولم يعاود أحد منهم العمل، إلا بعد إجراء مسحتين إضافيتين لتأكيد التعافي التام.
لكن الأوضاع في مستشفيات العزل تغيرت قليلاً بعد استبدال اختبارات PCR، باختبارات الكاشف السريع RAPID TEST للكشف عن الإصابة بين الفرق الطبية. يقول الدكتور عبد الرحمن محمد عبد اللطيف إنه خضع لاختبار الكاشف السريع، والنتيجة كانت سلبية، بحسب ما هو مثبت بـإفادة صادرة عن “مستشفى حجر بلطيم النموذجي” في كفر الشيخ، لكنه يشير إلى أن دقة نتائج هذا الاختبار، التي تظهر خلال ربع ساعة، تقدر بنحو 45 في المئة بالمقارنة مع 65 في المئة لمصلحة اختبار PCR، لذلك فهو يلزم نفسه بالعزل الذاتي لمدة 14 يوماً، يبدأها من تاريخ انتهاء فترة خدمته في المستشفى.
ويرى الطاهر، أمين نقابة الأطباء، أن الوزارة أخطأت بقرارها تبديل الاختبارات ويقول: “كل يوم يخترعون لنا شيئاً جديداً”، ويوضح: “أطباء الفرق التي تعمل بالتناوب في مستشفيات العزل 14 يوماً، يفترض علمياً أن تؤخذ منهم مسحتان خلال 48 ساعة، لكن التعليمات الجديدة التي اعتمدت الكاشف السريع خالفت ذلك، وبدورنا حذرنا من هذا الأمر استناداً إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية”.
حاولنا التواصل مع خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة من دون جدوى. كما حاولنا الحصول على تصريحات من الدكتور إيهاب عطية، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة العدوى، فأكد لنا أن هناك تعليمات بعدم الإدلاء بأي معلومات للإعلام بلا إذن من المتحدث الرسمي للوزارة، وبالمثل رد الدكتور مصطفى غنيمة مدير عام الرعاية العلاجية.
عاد سيد إلى عمله بصمت، تحيط به اتهامات زملائه له بأنه سبب نقل العدوى إلى الفريق. وظلت غادة تعاني مضاعفات التقاطها العدوى، فيما سُجِّلت 15 إصابة أخرى بين زملائها.
زملاءغادةعادوا أيضاً إلى العمل بعد فترة عزل. م. ر. الذي يعمل في قسم الطوارئ يقوم بعمله مرتدياً كمامة جراحية وقفازات سميكة “ليس خوفاً من التقاط العدوى إنما خوفاً من نقلها”، بينما تتساءل ن. ر التي تعمل في قسم العيادات: “نعرف إننا خفينا إزاي؟ المستشفى استدعاني للعمل، وطالبت أكثر من مرة بإجراء مسحة لكن تحديث تقييم ومتابعة حالات الاشتباه المؤكدة ألغاها”. وتقول ج. ح. الممرضة في المستشفى نفسه: “لا مشكلة في معاودة العمل لكن يجب أن نتأكد من تعافينا أولاً. ما زلت خائفة من احتضان أولادي”.
لكن ممرضتين تواصلنا معهما عند إعداد هذا التحقيق لم تعودا أبداً إلى العمل، ففاطمة وبسمة اللتان عملتا في “مستشفى التأمين الصحي” في القاهرة، تدهورت حالتهما الصحية نتيجة الإصابة بكورنا ما أدى إلى وفاتهما.
أرقام مهمة
- هذا التحقيق أنجز بدعم من شبكة “أريج” للصحافة الاستقصائية
13% الإصابة بين الطواقم الطبية
حسب مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة وحتى منتصف ابريل
3 وفاة و 43 إصابة أطباء فقط
بحسب نقابة الأطباء وحتى 11ابريل
800 حالة تتلقى أو تلقت العلاج
رئيس قطاع الطب الوقائى ابريل
11 وفاة و 291 إصابة بينهم 69 طبيب
بيان وزارة الصحة لمستشفيات الصدر العزل الحميات 25مايو
19 وفاة وإصابة 350 طبيب
بيان نقابة الأطباء 25مايو
130 وفاة وإصابة 4000 ألف
بحسب حصر نقابة الأطباء نهاية يوليو