fbpx

معتقلو حراك الرّيف بالمغرب: حزن وغضب بعد المحاكمات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يحاول السكان هنا تجاوز ما حصل، فمسلسل الاحتجاجات الذي دام لأكثر من ستة أشهر وما سجله من تجاوزات حقوقية وخطابات التخوين والتجاهل من قبل الحكومة لم يكن هيناً. زائر المنطقة حالياً يشعر كما لو أن سكانها أخذوا “استراحة محارب” في انتظار أفق الحل

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا شيء يبعث على الاحتقان بمدينة الحسيمة في شهر آب/ أغسطس هذا العام. المحلات التجارية مفتوحة، المقاهي تستقبل عشاق الشاي بالنعناع المحلي، الشواطئ مزدحمة، الساحات تغصّ بالمارة مساءً، الفنادق تعمل بشكل طبيعي، السيارات تجوب الطرقات ومعظمها ذات ترقيم أوروبي، مغاربة المهجر حاضرون هنا بقوة وهم بمعظمهم من أبناء المنطقة، مغاربة الداخل هم هنا أيضاً وبشكل لافت.

الحياة إذاً تمضي هنا بسلاسة وإن بشكل حذر، سيارات الشرطة موجودة هنا وهناك، وفي أماكن متفرّقة من المدينة وعددها قليل عموماً، قياساً بالأشهر الماضية، الأجواء تبدو عادية نوعا ماً.

قبل أكثر من عام، وفي تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2016، لم تكن أحوال المدينة بهذا الشكل عندما طُحِنَ بائع السمك محسن فكري في شاحنة نفايات. كانت حادثة مؤلمة تسبّبت في اندلاع شرارة الانتفاضة، التي عمّت الحسيمة وما جاورها من قرى وبلدات، نادى من خلالها السكان بمطالب اجتماعية-اقتصادية وأخرى ثقافية تشمل توفير الخدمات، وتنمية منطقتهم وتأهيلها وإعادة الاعتبار لها.

بيد أن مطالب الحراك قوبلت في أشهرها الأولى بالقمع والتعسّف الأمنيين، وما تلى ذلك من اعتقالات شملت نشطاء ومتظاهرين وُجهت لهم تهم وصفت بأنها “ثقيلة” و”مسيسة”.

بشكل ما يحاول السكان هنا تجاوز ما حصل، فمسلسل الاحتجاجات الذي دام لأكثر من ستة أشهر وما سجلّه من تجاوزات حقوقية وخطابات التخوين والتجاهل من قبل الحكومة لم يكن هيناً.

زائر المنطقة حالياً يشعر كما لو أن سكانها أخذوا “استراحة محارب” في انتظار أفق الحل، لكن يبقى ملف المعتقلين مطلباً ملحاً ولا يقبل الانتظار.

الأسود تعبيراً عن أحكام “قاسية”

قبل نحو شهرين، توشّحت أسطح منازل منطقة الحسيمة بالأسود وكذلك صفحات “فيسبوك”، والسبب: صدور أحكام قضائية وصفت بـ”القاسية” في حق معتقلي حراك الرّيف، والتي قضت بالسجن لقائد الحراك ناصر الزفزافي ورفاقه لمدّة 20 سنة، وتمت إدانة البقية بعقوبات سجنية تجاوز مجموعها 300 سنة.

أجواء حزينة خيّمت على أسر المعتقلين بعد صدور الأحكام التي يرونها “ظالمة” في حقهم.

يقول والد أحد المعتقلين الذين صدرت الأحكام في حقهم في مقابلة معه، “سنوات لن أرى خلالها ابني. لماذا هذا الظلم؟ أبناؤنا نادوا بحقوقهم لأنهم يحبون بلدهم. ويريدونها أن تخطو خطوات للأمام. لماذا نقتل شبابنا الذي لديه غيرة على وطنه. حتى الساعة لم أصدّق ما حصل، ومنذ أيام لم أنم”.

في بيان لها نشر في الصحافة المحلية، انتقدت عائلات المعتقلين الأحكام الصادرة على أبنائها، إذ وصفت الأحكام القضائية بأنها “انتقامية” و”مجزرة” في حق العدالة وفي حق “شباب ذنبهم الوحيد هو مطالبتهم بمطالب عادلة ومشروعة أقرت بشرعيتها المؤسسات الرسمية، حكومة ودولة. وقد ناضلوا من أجلها بطرائق سلمية حضارية وراقية” يورد البيان.

خروقات وانتهاكات

لا توجد إحصاءات دقيقة حول أعداد المعتقلين، هناك تضارب في الأرقام الصادرة من المنظمات الحقوقية والتنسيقيات المحلية وما تكشف عنه السلطات المحلية.

أسماء الوديع، محامية وعضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الرّيف، أكدت لـ”درج” أن العدد يفوق 500 معتقل ومتابع من بينهم مُرحّلون إلى الدار البيضاء يصل عددهم إلى 54 متابعاً، منهم 5 متابعين في حالة تسريح، والآخرون رهن الاعتقال بالسجن المحلي عين السبع في المدينة ذاتها.

و تعليقاً على الأحكام الصادرة، أكّدت الوديع خلو الملف من أي حجة أو دليل على ما سمته بـ”صك الاتهام الثقيل جداً”.

وأضافت أن الملف “مصنوع على مقاس التهم التي كانت محضّرة سلفاً والتي لا علاقة لها بالأنشطة التي كان يقوم بها النشطاء”، من خلال “إجبار المعتقلين على التوقيع على محاضر لم يقرأوها ولم يصرّحوا بما دُوّن فيها بكل الوسائل بما في ذلك الترغيب والمساومة ثم الترهيب وإشاعة الرعب بينهم وتخوينهم ثم إخضاعهم لأساليب كثيرة من التعذيب وهي الأمور التي استطعنا إثباثها بالخبرة الطبية”.

وتسرد الوديع ما وصفته بـ”الخروقات” التي شابت ملف معتقلي حراك الريف من قبيل ظروف الاعتقال وما رافقه من “مداهمات وإشاعة الرعب بين الأسر والاعتداء أحياناً على الأمهات والزوجات بل وحتى الأبناء بتهديدهم بالاغتصاب”، إضافة إلى “عزل المعتقلين خلال المحاكمة”، داخل صندوق زجاجي مطلي من جميع الجهات إلا الواجهة المقابلة لهيئة الحكم وذلك لإظهارهم بمظهر الخطورة والمجرمين المصنفين خطراً على الجميع، وهي الصناديق التي ابتدعت بمناسبة قضايا الإرهاب” تستطرد الوديع.

يرى المحلل السايسي وأستاذ القانون الدستوري “عبد الرحيم العلام” أن الاحكام “مبالغ فيها” و”غير مؤسسة بشكل قانوني”، إذ تم الاعتماد “على محاضر ضابطة الشرطة القضائية التي ركز فيها القضاة بشكل كبير على ما هو ورقي”.

وأضاف العلام في حديث مع “درج” أن “المشكلة أنه لم يتم التعامل مع هؤلاء المحكومين على أنهم معتقلين سياسيين وإنما على أساس أنهم جناة حوكموا بالقانون الجنائي، وعندما تم تجريدهم من صفة معتقلين سياسيين كانت الاحكام قاسية، تم تسييسها ليس فقط من داخل المحكمة، ولكن أيضاً من خلال محاضر الشرطة القضائية “.

في المقابل، يرى المحامي محمد كروط ممثل الطرف المدني عن الدولة، أن الأحكام “مخففة مقارنة مع التهم الموجهة للملاحقين والعقوبات التي ينص عليها القانون”، مؤكداً أن القضاء كان بإمكانه أن يصدر أحكاماً بالإعدام نظراً إلى كون المحكومين متابعين بالقانون الجنائي.

العيد عيدان”… فرحة الأسر بعد الإفراج عن أبنائها في انتظار خروج البقية

بمناسبة الأعياد، أصدر ملك المغرب محمد السادس عفواً شمل أكثر من 180 من معتقلي حراك الرّيف. “خطوة سليمة” يراها مراقبون في مسار البدء في حلحلة الملف.

أسر المعتقلين تنفّست الصعداء بعد هذه الخطوة، على رغم أن العفو الملكي لم يشمل بقية المعتقلين واستثنى قيادات بارزة على رأسها ناصر الزفزافي، إلا أن ذلك لم يمنع أبناء الريف من الاحتفال، يحدوهم أمل بالإفراج عن البقية وتحقيق مطالبهم في تنمية منطقتهم ورفع التهميش عنها.

حياة بولحجول، شقيقة أحد المفرج عنهم، تصف ما حدث بأنه” مفاجأة” وتقول في تصريح صحافي  إنه “بهذا العفو ستتوقف معاناتنا كعائلة، وكسكان الريف، هناك إخوان لنا في السجن، والفرحة الكبيرة ستكون يوم خروج كل المعتقلين. نريد ان يعم الفرح الأسر الأخرى”.

ترى الوديع، أن ما يقتضي بعد هذه الخطوة هو: “مصلحة الوطن وتغليب كفة الحكمة، وعقد مصالحة مع سكان الرّيف، واحتضانهم، وربما أيضاً تكليفهم بمسؤوليات في المنطقة لاحتضانهم من جديد وإنهاء سياسة الانتقام وتصفية الحسابات الضيقة”.

إقرأ أيضاً:
المغرب وأرامله ينتفضن لكي يرثن الأرض
في المغرب: كارثة تتفاقم مع سياسات الليبرالية الجديدة
الحسيمة… صوت ريف المغرب المنسي

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!