كان يعمل سابقاً عامل بناء عادي، وسرعان ما صعد قاسم سليماني إلى صفوف الحرس الثوري ليصبح واحداً من أبرز الشخصيات العسكرية في إيران.
قاد قاسم سليماني، أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في إيران اليوم، فيلق القدس وهي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني وكانت مسئولة عن عمليات إطلاق القذائف على إسرائيل. كما شارك في النشاط العسكري الإيراني في العديد من البلدان، بما في ذلك العراق وأفغانستان ودول القوقاز، ويُعد من أقرب الأشخاص إلى علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران.
لا يجري قاسم سليماني البالغ من العمر 61 عاماً -وهو أب لخمسة أطفال- مقابلات عديدة مع وسائل الإعلام الإيرانية، ويترك ذلك للسياسيين، الذين لا يحترمهم كثيراً. كما أنه ليس عالماً دينياً ولم يتلق التعليم الديني. إنما بدأ وهو شاب العمل في البناء لسداد دين قدره 100 دولار إلى حكومة الشاه، للمساعدة في دعم عائلته الفقيرة. وعمل فيما بعد فنياً لشؤون المياه المحلية في كرمان. بل إنه لا يُعرف حتى بمشاركته في المظاهرات التي أدت إلى إسقاط حكومة الشاه عام 1979. ولكنه بعد الثورة الإسلامية، انضم إلى الحرس الثوري الإيراني -قوة عسكرية منفصلة عن الجيش- وقاتل في الحرب العراقية الإيرانية من عام 1980 حتى عام 1988.وقد عُين قائد فيلق القدس عام 1998 بفضل تفكيره الاستراتيجي وجاذبيته وقدراته القيادية.
يعمل فيلق القدس خارج إيران وذلك لتوسيع نفوذ البلاد والعمل على انتشار الثورة الإسلامية.
وعلى الرغم من أنه لم ينل إلا ستة أسابيع من التدريب العسكري، يُعد سليماني اليوم الشخص الأكثر تأثيراً في الحرس الثوري، أكثر حتى من قائده محمد على جعفري.
تأسس فيلق القدس خلال الحرب العراقية الإيرانية كوحدة نخبة، وكان هدفه مساعدة الأكراد في حربهم مع صدام حسين، رئيس العراق، بل والأكثر من ذلك من أجل نشر مبادئ الثورة الإسلامية في وقت لم يكن واضحاً فيه أن الجيش سيظل مخلصاً للنظام الإيراني. لاحقاً، بدأ الفيلق في تدريب قواتٍ خارج إيران مثل حزب الله في لبنان، وشن هجمات ضد معارضي النظام في جميع أنحاء العالم.
ارتبط سليماني بالعديد من الهجمات ومحاولة شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تفجير مركز الجالية اليهودية في بونيس آيرس عام 1994 والهجوم على حافلة سياحية إسرائيلية في بورغاس ببلغاريا عام 2012، وإرسال سفينة الأسلحة كارين أيه إلى الفلسطينيين عام 2002 (تلك السفينة التي اعترضتها إسرائيل قبل وصولها إلى مقصدها)، وأخرها الهجوم الفاشل على أهداف للجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية مساء الأربعاء الماضي والذي أثار رداً ألحق ضرراً كبيراً بالبنية التحتية العسكرية التي أسسها سليماني في سوريا خلال العام الماضي.
أدى نفوذه الهائل إلى تعاون محدود مع الأميركيين، وعلى الرغم من تورطه في هجماتٍ على القوات المسلحة الأميركية بعد أن غزت أميركا العراق عام 2003، وعلى الرغم من كراهيته الواضحة لأميركا، إلا أنه تعاون مع الأميركيين لانتخاب رئيس الوزراء العراقي المؤقت عام 2010. وبناءًا على طلب من أميركا، أمر كذلك جيش المهدي الذي كان يقوده الزعيم الانفصالي العراقي مقتدى الصدر بالتوقف عن الهجوم على الأهداف الأميركية في بغداد. وعندما غزت أميركا أفغانستان بعد الهجمات الإرهابية الواقعة في 11 سبتمبر/أيلول 2001، أعطى المسؤولون الإيرانيون الممثلين الأميركيين خريطة قواعد طالبان لاستهدافها في أفغانستان وذلك بناء على أوامر سليماني.
كان يمكن للقوات الأمريكية قتل سليماني مرتين على الأقل، لكنها امتنعت، ويرجع ذلك في الأساس إلى اعتبارات السياسات المحلية ورغبة واشنطن في الحفاظ على التعاون السري مع طهران في الحرب على داعش في العراق.
يعد سليماني بطلاً قومياً إيرانياً، وقد وصفه الخامنئي بأنه “الشهيد الحي للثورة”.
وبالرغم من ذلك فإنه في عام 2015 تعرض لانتقادات بخصوص إداراته للحرب ضد داعش في العراق والتي أدت كما يبدو إلى تقييد سلطته في ذلك البلد. كما أنه على الرغم من علاقاته الوثيقة مع الحكومة الكردية، فشل في إقناع الأكراد العراقيين بالسماح له بنقل الأسلحة والقوات عبر منطقة الحكم الذاتي التابعة لهم وذلك لمساعدة الجيش السوري في الحرب الأهلية السورية.
اُنتقد سليماني أيضاً بسبب إدارته للحرب في سوريا، ومن ناحيته فقد اتهم الرئيس السوري بشار الأسد بإساءة إدارة الحرب وشكا من أن ضباط الجيش السوري لا يستمعون إلى نصائحه. قال ذات مرة “لو كان لدي فرقة واحدة من قوات الباسيج الإيرانية لغزوت سوريا”، مشيراً إلى قوة إيرانية شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري.
وعلى الرغم من الضربة الهائلة التي شنتها إسرائيل على سوريا بشكل غير معتاد مساء الأربعاء والتي ألحقت الضرر بإمكانيات إيران في ذلك البلد، يشك الجيش الإسرائيلي نفسه في أن هذا سيغير خطط فيلق القدس لترسيخ نفسه في سوريا بأكبر قدر ممكن وحتى لو على حساب نشوب صراع مسلح مع إسرائيل.
الموضوع مترجم عن موقع صحيفة Haaretz ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.