fbpx

هل يواجه المجر عقوبات أوروبية بسبب تسريبات “بيغاسوس”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

مع أن الأرقام المجرية تمثل جزءاً صغيراً من مجموع الأرقام المستهدفة، فإنها تبرز لأن المجر عضو في الاتحاد الأوروبي، حيث يفترض أن تكون الخصوصية حقاً أساسياً وقيمة مجتمعية أساسية، وتعتبر الضمانات للصحافيين والسياسيين المعارضين والمحامين قوية من الناحية النظرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

احتلت دولة المجر عناوين الصحف الأوروبية بعد تسريبات “بيغاسوس” والتي كشفت تورط الدولة المجرية بالتجسس على ما لا يقل عن 300 جهاز/ رقم من المقيمين المجريين والتي تعود إلى صحافيين ونشطاء ومحامين وأعضاء من المعارضة السياسية. 

فرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، هو أيضاً رئيس أكبر حزب يميني في البرلمان المجري، يعتبر من مشاكسي الاتحاد الأوروبي، وهو على علاقة جدلية معه باستمرار منذ تقلده الحكم عام 2010، وذلك من خلال تعليقاته وسياساته المثيرة للجدل تجاه اللاجئين والأقليات وتحالفه الاستراتيجي مع الصين وروسيا، وسطوته على الإعلام والمجتمع المدني المجريين. إضافة إلى هذا، الحكومة المجرية الحالية على علاقة حميمة مع إسرائيل، يتخللها تواصل أمني استخباراتي لمصلحة البلدين. من هنا فإن خبر تورط الحكومة المجرية بعمليات التنصت على فئات مختلفة من شعبها يأتي مناقضاً للتحول الديموقراطي التي مرت به البلاد بعد حكم اشتراكي قمعي طويل الأمد، ويساهم بالتشكيك بصدقية هذا الانتقال وفعاليته. لم تشأ NSO الكشف عن هوية زبائنها، إلا أن موظفاً سابقاً فيها، تحدث لـ”الواشنطن بوست”، بشرط عدم الكشف عن هويته، أكد أن الحكومة الهنغارية كانت من زبائنها.

من المرجح أن يتجه الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد بعد “بيغاسوس”، مع تراكم المخالفات المجرية، فهناك غضب عارم لدى الرأي العام الأوروبي ومطالبات بطرد المجر طالما أنها لا تزال ترفض الانصياع للقوانين الأوروبية.

وهذا يحمل تبعات كثيرة ومهمة من شأنها التأثير في الحكومة المجرية، خصوصاً أن التسريبات جاءت فيما ينهمك الاتحاد الأوروبي بكبح جماح أوربان لإخلاله بالكثير من المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الاتحاد، وانتهاكاته المستمرة لسيادة القانون. ونتيجة لذلك، كان الاتحاد بدأ مساراً تأديبيا للمجر وبولندا، كونهما أكثر الأعضاء إثارة للجدل، ويبدو أنه عقب تسريبات “بيغاسوس”، فإن المجر، متمثلة بحكومة أوربان، بدأت تتلقى انتقاداً حاداً، ودعوات من المعارضة السياسية في الداخل ودول في الاتحاد الأوروبي، بالتدخل غير الحكومي للإشراف على نزاهة التحقيقات، والمحافظة على حرية الإعلام وخصوصية الصحافيين، تماشياً مع المبادئ الأوروبية. تأتي تسريبات “بيغاسوس” ضمن سلسلة من الانتهاكات التي قامت بها الحكومة في الفترة الأخيرة، منها موافقة البرلمان على تشريع قانون يمنع نشر مواد لها علاقة بالمثلية الجنسية لمن هم دون الثامنة عشرة. وقبل ذلك كان يخوض معركة مع الاتحاد لإثبات نزاهة القضاء واستقلاليته، ويرد على مساءلة الاتحاد الأوروبي بشأن التصرف بأموال منحها الاتحاد للمجر، ويشترط شروطاً تعجيزية عليه للموافقة على خطط الدعم للدول الأخرى. فعلياً، يبدو أن الاتحاد الأوروبي سيتجه إلى التلميح بإمكانية إيقاف الدعم المالي الذي كان من المتوقع أن تتلقاه المجر بعد جائحة “كورونا”، بهدف التعافي الاقتصادي. ويعتبر هذا التهديد، الحل الأكثر فعالية تجاه المجر، مع انها تضررت بنسبة أقل من غيرها اقتصادياً، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على الدعم الأوروبي. كل هذا حتى الآن لا يزال يلوح في الأفق وينسب لبعض المتحدثين باسم الاتحاد الأوروبي، لكن بعد فضيحة “بيغاسوس”، باتت الصحف والهيئات الأوروبية تعتبره أكثر الحلول واقعية، لا سيما بعد إنذار المجر مراراً لاحترام قوانين الاتحاد، وحتى الآن، لم تنفع هذه الإنذارات كما يؤكد صحافيون. ومع ذلك فإن الأدوات المتاحة لتأديب الأعضاء ضعيفة. وتتمثل الوسيلة الرئيسية في العملية المنصوص عليها في المادة 7 من معاهدات الاتحاد الأوروبي، التي بدأتها بروكسيل ضد كل من بولندا والمجر. فهي تسمح للكتلة بتجريد بلد ما من حقه في التصويت إذا ما حددت كل الدول الأخرى خرقاً خطيراً ومستمراً لقيم الاتحاد الأوروبي. ولكن هذا الشرط يقتضي إجماع الدول الأوروبية، ويعني أن بوسع المجر وبولندا مساندة بعضهما بعضاً بما انهما محض الاتهام والاهتمام الحاليين. من هنا، أعيد طرح موضوع قدرة الاتحاد على طرد الدول منه إذا تم الإجماع على مخالفة الدولة المبادئ المشتركة. ومن المرجح أن يتجه الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد بعد “بيغاسوس”، مع تراكم المخالفات المجرية، فهناك غضب عارم لدى الرأي العام الأوروبي ومطالبات بطرد المجر طالما أنها لا تزال ترفض الانصياع للقوانين الأوروبية.

وتشير تسريبات “بيغاسوس” والتي شاركت فيها أيضا إحدى وسائل الاعلام البديلة في المجر Direkt36، إلى أن محاولة اختراق 300 جهاز لم تنجح بأكملها، ولكن على الأقل هناك ثلاثة هواتف من أصل ستة أرقام تمت معاينتها جنائياً، قد اخترقت بالفعل، وتم الولوج إلى معلومات أصحابها.

إقرأوا أيضاً:

على رغم أن هناك أرقام هواتف هنغارية مدرجة في القائمة مرتبطة بمجرمين مدانين وغيرهم ممن قد يشكلون أهدافاً مشروعة، إلا أن الهواتف التي اخترقتها “بيغاسوس” بشكل مؤكد، تعود إلى صحافيين اثنين من Direkt36، وهما سزابولس بانيي وأندراش سزابو، إلى جانب رجل أعمال لم يرغب في التعريف بهويته. إضافة الى ذلك هناك هواتف ظهرت عليها علامات محاولة استهداف تعود إلى طالب وناشط كندي-ب لجيكي، أدريان بودوين، ورجل أعمال آخر لم يكن يريد إدراج اسمه.

تعرض للاختراق أيضاً، مراسل هنغاري آخر، نادراً ما تناول مواضيع حساسة، وهو ديفيد ديركسيني. إذ إنه في إحدى المرات أرسل طلباً للحكومة للتعليق على قضية إرهاب، وبعد ذلك، أضيف إلى هاتفه الخليوي الشخصي إلى قائمة التنصت وكذلك هاتفه الخليوي الخاص بعمله، وهاتفه الثالث المسجل باسمه الذي تستخدمه زوجته السابقة. ومن بين الأسماء المجرية المرفقة بأرقام الهواتف المجرية، هي “فارغا”، واحدة من أجهزة الإعلام المستقلة القليلة المتبقية في البلاد، وذلك بعدما قام الموالون لأوربان بتوطيد السيطرة على معظم وسائل الإعلام.

ومع أن الأرقام المجرية تمثل جزءاً صغيراً من مجموع الأرقام المستهدفة، فإنها تبرز لأن المجر عضو في الاتحاد الأوروبي، حيث يفترض أن تكون الخصوصية حقاً أساسياً وقيمة مجتمعية أساسية، وتعتبر الضمانات للصحافيين والسياسيين المعارضين والمحامين قوية من الناحية النظرية. ولكن في المجر، يتم التراجع عن بعض هذه الضمانات، وكان هذا التراجع مصحوباً هذه المرة باستخدام أداة تنصّت فعالة جداً.

إقرأوا أيضاً:

"درج" | 06.12.2024

سوريا: سباق بين الغبطة واحتمالات الخيبة

جميعنا مأخوذون بالمشهد، نظام بشار الأسد يتداعى تحت أنظارنا، سؤال ما بعد السقوط، أو ما بعد انعقاد الخريطة على واقع مختلف، شرط سياسي لا بد منه، لكنه لا يستوي في بعده العاطفي مع السؤال السياسي. الكلام عن تأجيل السياسة إلى ما بعد انكشاف سير المعركة، يشبه طلب تأجيل نقد حماس إلى ما بعد نهاية الحرب…
"درج"
لبنان
22.07.2021
زمن القراءة: 4 minutes

مع أن الأرقام المجرية تمثل جزءاً صغيراً من مجموع الأرقام المستهدفة، فإنها تبرز لأن المجر عضو في الاتحاد الأوروبي، حيث يفترض أن تكون الخصوصية حقاً أساسياً وقيمة مجتمعية أساسية، وتعتبر الضمانات للصحافيين والسياسيين المعارضين والمحامين قوية من الناحية النظرية.

احتلت دولة المجر عناوين الصحف الأوروبية بعد تسريبات “بيغاسوس” والتي كشفت تورط الدولة المجرية بالتجسس على ما لا يقل عن 300 جهاز/ رقم من المقيمين المجريين والتي تعود إلى صحافيين ونشطاء ومحامين وأعضاء من المعارضة السياسية. 

فرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، هو أيضاً رئيس أكبر حزب يميني في البرلمان المجري، يعتبر من مشاكسي الاتحاد الأوروبي، وهو على علاقة جدلية معه باستمرار منذ تقلده الحكم عام 2010، وذلك من خلال تعليقاته وسياساته المثيرة للجدل تجاه اللاجئين والأقليات وتحالفه الاستراتيجي مع الصين وروسيا، وسطوته على الإعلام والمجتمع المدني المجريين. إضافة إلى هذا، الحكومة المجرية الحالية على علاقة حميمة مع إسرائيل، يتخللها تواصل أمني استخباراتي لمصلحة البلدين. من هنا فإن خبر تورط الحكومة المجرية بعمليات التنصت على فئات مختلفة من شعبها يأتي مناقضاً للتحول الديموقراطي التي مرت به البلاد بعد حكم اشتراكي قمعي طويل الأمد، ويساهم بالتشكيك بصدقية هذا الانتقال وفعاليته. لم تشأ NSO الكشف عن هوية زبائنها، إلا أن موظفاً سابقاً فيها، تحدث لـ”الواشنطن بوست”، بشرط عدم الكشف عن هويته، أكد أن الحكومة الهنغارية كانت من زبائنها.

من المرجح أن يتجه الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد بعد “بيغاسوس”، مع تراكم المخالفات المجرية، فهناك غضب عارم لدى الرأي العام الأوروبي ومطالبات بطرد المجر طالما أنها لا تزال ترفض الانصياع للقوانين الأوروبية.

وهذا يحمل تبعات كثيرة ومهمة من شأنها التأثير في الحكومة المجرية، خصوصاً أن التسريبات جاءت فيما ينهمك الاتحاد الأوروبي بكبح جماح أوربان لإخلاله بالكثير من المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الاتحاد، وانتهاكاته المستمرة لسيادة القانون. ونتيجة لذلك، كان الاتحاد بدأ مساراً تأديبيا للمجر وبولندا، كونهما أكثر الأعضاء إثارة للجدل، ويبدو أنه عقب تسريبات “بيغاسوس”، فإن المجر، متمثلة بحكومة أوربان، بدأت تتلقى انتقاداً حاداً، ودعوات من المعارضة السياسية في الداخل ودول في الاتحاد الأوروبي، بالتدخل غير الحكومي للإشراف على نزاهة التحقيقات، والمحافظة على حرية الإعلام وخصوصية الصحافيين، تماشياً مع المبادئ الأوروبية. تأتي تسريبات “بيغاسوس” ضمن سلسلة من الانتهاكات التي قامت بها الحكومة في الفترة الأخيرة، منها موافقة البرلمان على تشريع قانون يمنع نشر مواد لها علاقة بالمثلية الجنسية لمن هم دون الثامنة عشرة. وقبل ذلك كان يخوض معركة مع الاتحاد لإثبات نزاهة القضاء واستقلاليته، ويرد على مساءلة الاتحاد الأوروبي بشأن التصرف بأموال منحها الاتحاد للمجر، ويشترط شروطاً تعجيزية عليه للموافقة على خطط الدعم للدول الأخرى. فعلياً، يبدو أن الاتحاد الأوروبي سيتجه إلى التلميح بإمكانية إيقاف الدعم المالي الذي كان من المتوقع أن تتلقاه المجر بعد جائحة “كورونا”، بهدف التعافي الاقتصادي. ويعتبر هذا التهديد، الحل الأكثر فعالية تجاه المجر، مع انها تضررت بنسبة أقل من غيرها اقتصادياً، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على الدعم الأوروبي. كل هذا حتى الآن لا يزال يلوح في الأفق وينسب لبعض المتحدثين باسم الاتحاد الأوروبي، لكن بعد فضيحة “بيغاسوس”، باتت الصحف والهيئات الأوروبية تعتبره أكثر الحلول واقعية، لا سيما بعد إنذار المجر مراراً لاحترام قوانين الاتحاد، وحتى الآن، لم تنفع هذه الإنذارات كما يؤكد صحافيون. ومع ذلك فإن الأدوات المتاحة لتأديب الأعضاء ضعيفة. وتتمثل الوسيلة الرئيسية في العملية المنصوص عليها في المادة 7 من معاهدات الاتحاد الأوروبي، التي بدأتها بروكسيل ضد كل من بولندا والمجر. فهي تسمح للكتلة بتجريد بلد ما من حقه في التصويت إذا ما حددت كل الدول الأخرى خرقاً خطيراً ومستمراً لقيم الاتحاد الأوروبي. ولكن هذا الشرط يقتضي إجماع الدول الأوروبية، ويعني أن بوسع المجر وبولندا مساندة بعضهما بعضاً بما انهما محض الاتهام والاهتمام الحاليين. من هنا، أعيد طرح موضوع قدرة الاتحاد على طرد الدول منه إذا تم الإجماع على مخالفة الدولة المبادئ المشتركة. ومن المرجح أن يتجه الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد بعد “بيغاسوس”، مع تراكم المخالفات المجرية، فهناك غضب عارم لدى الرأي العام الأوروبي ومطالبات بطرد المجر طالما أنها لا تزال ترفض الانصياع للقوانين الأوروبية.

وتشير تسريبات “بيغاسوس” والتي شاركت فيها أيضا إحدى وسائل الاعلام البديلة في المجر Direkt36، إلى أن محاولة اختراق 300 جهاز لم تنجح بأكملها، ولكن على الأقل هناك ثلاثة هواتف من أصل ستة أرقام تمت معاينتها جنائياً، قد اخترقت بالفعل، وتم الولوج إلى معلومات أصحابها.

إقرأوا أيضاً:

على رغم أن هناك أرقام هواتف هنغارية مدرجة في القائمة مرتبطة بمجرمين مدانين وغيرهم ممن قد يشكلون أهدافاً مشروعة، إلا أن الهواتف التي اخترقتها “بيغاسوس” بشكل مؤكد، تعود إلى صحافيين اثنين من Direkt36، وهما سزابولس بانيي وأندراش سزابو، إلى جانب رجل أعمال لم يرغب في التعريف بهويته. إضافة الى ذلك هناك هواتف ظهرت عليها علامات محاولة استهداف تعود إلى طالب وناشط كندي-ب لجيكي، أدريان بودوين، ورجل أعمال آخر لم يكن يريد إدراج اسمه.

تعرض للاختراق أيضاً، مراسل هنغاري آخر، نادراً ما تناول مواضيع حساسة، وهو ديفيد ديركسيني. إذ إنه في إحدى المرات أرسل طلباً للحكومة للتعليق على قضية إرهاب، وبعد ذلك، أضيف إلى هاتفه الخليوي الشخصي إلى قائمة التنصت وكذلك هاتفه الخليوي الخاص بعمله، وهاتفه الثالث المسجل باسمه الذي تستخدمه زوجته السابقة. ومن بين الأسماء المجرية المرفقة بأرقام الهواتف المجرية، هي “فارغا”، واحدة من أجهزة الإعلام المستقلة القليلة المتبقية في البلاد، وذلك بعدما قام الموالون لأوربان بتوطيد السيطرة على معظم وسائل الإعلام.

ومع أن الأرقام المجرية تمثل جزءاً صغيراً من مجموع الأرقام المستهدفة، فإنها تبرز لأن المجر عضو في الاتحاد الأوروبي، حيث يفترض أن تكون الخصوصية حقاً أساسياً وقيمة مجتمعية أساسية، وتعتبر الضمانات للصحافيين والسياسيين المعارضين والمحامين قوية من الناحية النظرية. ولكن في المجر، يتم التراجع عن بعض هذه الضمانات، وكان هذا التراجع مصحوباً هذه المرة باستخدام أداة تنصّت فعالة جداً.

إقرأوا أيضاً: