fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

وثائق “أوبر”
علاقات ضاغطة لتحميل السائقين الضرائب ولتمرير الثقافة “الذكورية”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
ICIJ

تظهر الوثائق المسربة أن أوبر انتهجت استراتيجية سافرة لتوجيه الانتباه بعيداً عن التزاماتها الضريبية: تتمثل في مساعدة السلطات على جمع الضرائب من سائقيها بدلاً من الشركة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سيلا اليتشي

في أوائل عام 2015، ضيقت الهيئات التنظيمية الأوروبية الخناق على شركات أبل وأمازون وغوغل، متهمةً عمالقة التكنولوجيا الأميركية بالمنافسة غير العادلة وإساءة استخدام الصفقات الضريبية الودية المحابية لها.

انتبه المسؤولون التنفيذيون في شركة “أوبر” تكنولوجي لهذا الأمر؛ وتظهر الوثائق المسربة حديثاً أنهم يخشون أن تكون شركتهم هي التالية. ومع توسع نطاق وجودها في مختلف أنحاء العالم، ابتكرت هذه الشركة العملاقة المتخصصة في تقديم خدمات النقل حسب الطلب أساليب لتوفير الملايين من الدولارات من الضرائب من خلال توجيه الأرباح عبر برمودا وغيرها من الملاذات الضريبية الآمنة.

كتب مارك ماكغان، كبير أعضاء جماعة الضغط في “أوبر” في أوروبا آنذاك، إلى رئيس قسم الضرائب بالشركة، يقول: “إن هيكلنا الضريبي في الشركة- من منظور سياسي أوروبي محض- هو نقطة ضعف الشركة”.

ومع تصاعد عمليات التدقيق والتحقيق، تظهر الوثائق المسربة أن أوبر انتهجت استراتيجية سافرة لتوجيه الانتباه بعيداً عن التزاماتها الضريبية: تتمثل في مساعدة السلطات على جمع الضرائب من سائقيها بدلاً من الشركة.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى مديرين آخرين، أعلن ماكغان أن تبادل المعلومات بشأن أرباح السائقين من الممكن أن “تتضمن” مطالب السلطات الضريبية. وكتب أنه من خلال القيام بذلك، ستكون شركة أوبر قادرة على “تجنب توسيع نطاق التحقيق ليشمل دولاً أخرى و/أو مسائل ضريبية أخرى (تتعلق بالشركة)”.

تتضمن ملفات “أوبر” رسائل إلكترونية ووثائق داخلية أخرى للشركة تم تسريبها إلى صحيفة الغارديان ومشاركتها مع الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين. وتكشف السجلات، التي تعود إلى الفترة بين عامي 2013 إلى 2017، كيف أدار المديرون التنفيذيون في الشركة الرائدة في تقديم خدمات النقل حسب الطلب الأزمات، بما في ذلك ردود الفعل السلبية على استراتيجيتها العدوانية للتهرب الضريبي، مع تحول أوبر من شركة تكنولوجيا ناشئة مشاكسة في وادي السيليكون إلى شركة عالمية عملاقة.

وتبرز الوثائق أيضاً كيف تواجه الحكومات صعوبات جمة لجعل الشركات الرقمية تدفع الضرائب في البلدان التي تعمل فيها – الأموال التي يمكن استثمارها في الرعاية الصحية والتعليم وحتى الطرق التي تستخدمها شركات النقل التشاركي.

في عهد مؤسسها، ترافيس كالانيك، اشتهرت شركة أوبر بثقافتها المؤسسية الذكورية القوية. وكانت هناك مزاعم بتفشي التحرش الجنسي والتجسس على المنافسين وعرقلة تحقيقات أجهزة إنفاذ القانون.

في حين تشير السجلات المسربة إلى أن نفس الموقف المتعجرف ساد في نهج “أوبر” تجاه قوانين الضرائب.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني السرية، قام المسؤولون التنفيذيون بتدريب المديرين الإقليميين على كيفية استباق الانتقادات الحكومية من خلال الحديث عن “الحلول” التي ابتكرتها شركة “أوبر” لضمان دفع سائقيها للضرائب. وقد كانت إحدى الحلول المذكورة في رسائل البريد الإلكتروني تتمثل في منصة رقمية لتقديم الإقرارات الضريبية تم اختبارها بالشراكة مع السلطات الضريبية في إستونيا.

وفي مذكرة صدرت عام 2016 حول الاجتماعات مع المسؤولين الأفارقة المحليين، وصف أحد كبار مديري السياسات كيف نجح فريق “أوبر” في نيجيريا في تحويل النقاش بشأن الضرائب من أوبر إلى السائقين.

فقد كتب المدير قائلاً، “التقينا بالسلطات الضريبية في لاغوس التي أثنت على جهودنا في ضمان امتثال [السائقين] بالضرائب، وحولنا تركيزهم من “تهرب “أوبر” من دفع الضرائب” إلى العمل معاً لضمان امتثال [السائقين]”.

وقد أدرك المسؤولون التنفيذيون في “أوبر” أن الموقف العدواني الذي تتبناه الشركة من شأنه أن يجذب انتباهاً غير مرغوب فيه كما تُظهر الوثائق.

“إن بعض المواضيع، مثل الضرائب المفروضة على الشركات، حساسة للغاية وتثير الكثير من الانتقادات”، هكذا كتب بيير ديمتري غور كوتي، أحد المديرين في شركة “أوبر” في مذكرة بعد مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس التنفيذي آنذاك، ترافيس كالانيك، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015.

وقد اعتبرت شركة تابعة لشركة “أوبر” في برمودا تمتلك براءات الاختراع لتكنولوجيا النقل حسب الطلب القيمة في الشركة أنها قد تضر بسمعة الشركة. وتدفقت عائدات استخدام تطبيق النقل التشاركي على فرع الشركة الموجود في برمودا، مما أدى إلى خفض مدفوعات “أوبر” الضريبية العالمية بشكل كبير.

وكتبت راشيل ويتستون، رئيسة شؤون الاتصالات والسياسة العامة في أوبر آنذاك، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى المديرين التنفيذيين: “إن الجزء الذي يغضب [الكثير] من الناس في أوروبا هو برمودا أو جزر الكايمان”، مضيفةً “حتى مجرد عدم كوننا جزءاً مما يحدث في منطقة الكاريبي سيضعنا في الصدارة عندما يتعلق الأمر بشركات التكنولوجيا الأميركية”.

وأردفت قائلةً، “على أي حال، بيننا فقط لأن هذه هي القضية التي لن نذكر اسمها”، في إشارة على الأرجح إلى التهرب الضريبي.

لم تعلّق ويتستون على استراتيجية ضرائب “أوبر”.

تدعي شركة “أوبر” أنها ليست شركة نقل، لكنها مشغل المنصة الرقمية التي تربط الركاب مع السائقين، وهم متعاقدون مستقلون وليسوا موظفين. ويسمح هذا النظام للشركة بتجنب مجموعة من التكاليف والمسؤوليات، مثل دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي وتحصيل ضرائب القيمة المضافة على الرحلات.

وقالت المتحدثة باسم الشركة، جيل هازلبيكر، في رد مكتوب على الأسئلة التي طرحها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشركائه من وسائل الإعلام: “إن شركة أوبر ملتزمة بالامتثال للقوانين واللوائح الضريبية أينما عملنا… وبتمكين موردي وشركاء وسائقي شركة أوبر من الوفاء بالتزاماتهم القانونية والضريبية”.

العلاقة مع هولندا

يقع المقر الرئيسي لشركة “أوبر” في سان فرانسيسكو، ويشغل مبنيين حديثين يواجهان الخليج. لكن المركز المالي للشركة، المسؤول عن أنشطتها في معظم أنحاء العالم، يقع في هولندا، وهي ملاذ ضريبي للشركات.

في عام 2012، بعد بضعة أشهر من انطلاقتها الأوروبية في فرنسا، أنشأت أوبر شركة هولندية، شركة أوبر بي.في، لتلقي المدفوعات من العملاء الذين يستخدمون خدماتها للنقل حسب الطلب في نيودلهي ولندن وسيدني ومئات المدن الأخرى في مختلف أنحاء العالم.

قامت شركة “أوبر بي.في” بتحويل ما يصل إلى 80% من كل أجرة إلى السائقين. وأرسلت معظم البقية إلى شركتها في برمودا، حيث لا تُفرض ضرائب على دخل الشركات.

وقد جعل هذا النظام من الصعب على السلطات الضريبية الوطنية معرفة مقدار ما يكسبه السائقون لأنهم يتقاضون أجورهم عبر هولندا.

تتضمن الوثائق المسربة مجموعة من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين ماكغان، كبير أعضاء جماعة الضغط، ومتحدث باسم شركة أوبر حول كيفية الرد على أسئلة مراسل موقع “تك كرانش” التقني العالمي، الذي سأل عن سبب وجود المقر الرئيسي الدولي للشركة في هولندا، وما علاقة ذلك بالضرائب.

كتب ماكغان قائلاً، “ثمة احتمال أن يُنظر إلى أي شيء نقوله باعتباره دفاعياً في أفضل تقدير”. مضيفاً، “يجب علينا توضيح أن مئات الشركات الدولية الكبرى اتخذت من [أمستردام] مقراً لها طوال عقود… فقد أظهرت أمستردام والحكومة الهولندية أن هولندا ‘منفتحة على الأعمال'”. 

أصبحت علاقة شركة “أوبر” الخاصة مع هولندا واضحةً في ربيع عام 2015 عندما تواصلت السلطات الضريبية في فرنسا وألمانيا والسويد والمملكة المتحدة وبلجيكا مع نظيرتها الهولندية من أجل طلب أن تقدم شركة “أوبر بي.في” معلومات عن السائقين.

وجاء في إحدى رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن السلطات أرادت معرفة أسماء العاملين وتواريخ ميلادهم ولوحات ترخيص السيارات وعدد الرحلات والحسابات المصرفية وتفاصيل أخرى لتحديد التزاماتهم الضريبية.

أظهرت السجلات المسربة أن الطلب أثار قلق مديري “أوبر” في البداية. فقد كانوا يخشون أن تبدأ السلطات في استهداف السائقين -الذين يمثلون مصدر إمداد الشركة – ويطالبونهم بدفع الضرائب المتأخرة ومشاركة البيانات مع الهيئات الأخرى. وكانوا قلقين من أن يغادر السائقون الشركة ويعملون مع منافسي “أوبر”.

إقرأوا أيضاً:

ذكر روب فان دير فاود، أحد مديري الضرائب الدوليين في “أوبر”، في رسائل البريد الإلكتروني السرية إلى المديرين التنفيذيين، إيجابيات وسلبيات الامتثال لمطالب السلطات.

وكتب، “القليل من المخاطر المالية التي قد تتعرض لها شركة أوبر”. و”مسؤولية مالية فورية تقع على عاتق الشركاء السائقين”.

ووفقاً للرسائل المسربة، بينما ناقش المسؤولون التنفيذيون في “أوبر” كيفية الرد، اعتمدت الشركة على السلطات الهولندية لكسب المزيد من الوقت.

وكتب روب فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “تحاول السلطات الضريبية الهولندية إبطاء عملية تبادل المعلومات ومن المرجح أن تفعل نفس الشيء إذا ما تقدمت دول أخرى بطلبات جديدة”.

لا توضح الوثائق ماهية التباطؤ الذي حدث. بيد أن محاضر الاجتماعات في ملفات أوبر تشير إلى أنه في أبريل/نيسان عام 2015، اجتمع المديرون التنفيذيون في الشركة مع خمسة من كبار المسؤولين الهولنديين في القنصلية الهولندية في سان فرانسيسكو لمناقشة أنشطة الشركة في هولندا وتوقيت عملية التدقيق التي تجريها السلطات الأوروبية. وتشير الوثائق أيضاً إلى أن “أوبر” اعتادت على قيام السلطات الهولندية بحماية الشركة من التدقيق التنظيمي من قبل الدول الأخرى.

وأشار فان دير فاود في رسالة سرية إلى أن “هذه العلاقة تتسم بأهمية عظيمة وقيمة كبيرة في ضوء هيكل الشركة والفعالية الضريبية لدينا”. وأضاف أن “السلطات الضريبية الهولندية كانت متعاونة وتدافع عنا”.

حققت دول الاتحاد الأوروبي الخمس أيضاً في شركة “أوبر” لتقييم ما إذا كانت الشركة تدفع ضرائب الدخل حيثما ينبغي، وما إذا كان يتعين عليها فرض ضريبة القيمة المضافة على الرحلات.

كتب فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “ستكون هذه المعركة المهمة، ونحن بحاجة إلى أن تدافع [السلطات الضريبية الهولندية] عنا”.

وأضاف فان دير فاود أنه بعد إجراء مناقشات داخلية في أواخر عام 2015، قرر مديرو شركة أوبر الامتثال لطلب مشاركة معلومات عن السائقين المقدم من السلطات الأوروبية لإثبات أن الشركة أخذت الامتثال الضريبي للسائقين “على محمل الجد”.

موضحاً أن المسؤولين الهولنديين منحوا الشركة الوقت الكافي “لترتيب شؤوننا”.

في ديسمبر/كانون الأول 2015، شارك فان دير فاود “آخر المستجدات الإيجابية” مع زملائه: فقد طمأنه أحد معارفه العاملين في هيئة الضرائب الهولندية أنه بمجرد أن تحصل الدول المشاركة في التدقيق على المعلومات الخاصة بالسائقين، فإنها “لن تتخذ نهجاً عقابياً” لتحصيل الضرائب من السائقين.

وأوضح فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى زملائه أن المسؤولين لم يكشفوا أيضاً عن أن شركة “أوبر” قدمت المعلومات المستخدمة لتذكير السائقين بدفع ضرائبهم.

أشار فان دير فاود في رسالة أخرى عبر البريد الإلكتروني إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الخمس بالإضافة إلى هيئة الضرائب الهولندية قد اتفقت على أن سياسة “أوبر” بعدم فرض ضريبة قيمة مضافة على رسوم الخدمات هي سياسة “سليمة” ولن تؤدي إلى رفع دعاوى ضد الشركة.

ومنذ ذلك الحين، غادر كلاً من ماكغان وفان دير فاود الشركة. ولم يعلقوا على دورهما في التعامل مع السلطات الضريبية.

قال خبراء أجرى معهم شركاء الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين مقابلات، إن المسؤولين الهولنديين ربما انتهكوا القوانين المحلية إذا أوقفوا أو أخروا بطريقة ما طلب السلطات الأوروبية للحصول على معلومات، وشاركوا تفاصيل عملية التدقيق مع شركة “أوبر”.

وقال متحدث باسم هيئة الضرائب الهولندية لصحفيي منصة “إنفستيكو” للأبحاث الصحفية، إن المسؤولين لم يقصروا باي واجب أو يؤخروا التحقيق، وإنهم لم يظهروا أي “محاباة” تجاه شركة “أوبر”.

وقال المتحدث إن سلطات الضرائب اتبعت الإجراءات “بشكل صحيح” و “ملتزمة بشدة” بالامتثال للاتفاقيات الدولية. ولم يعلق على قضية “أوبر”.

توقعت شركة أوبر إرسال المعلومات المطلوبة حول سائقيها إلى هيئة الضرائب الهولندية في يناير/كانون الثاني 2016، وبعد ذلك سيشاركها الهولنديون مع المسؤولين الأوروبيين الآخرين، وفقاً للملفات المسربة.

ليس من الواضح أي الدول تلقت البيانات في ذلك الوقت. لكن في عام 2018، طالبت سلطات الضرائب الدنماركية حوالي 1200 سائق يعملون في “أوبر” بدفع ضرائب إضافية بقيمة 1.9 مليون دولار بعد تحليل البيانات التي قدمها الهولنديون.

ورداً على الأسئلة التي طرحها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين قالت المتحدثة باسم شركة “أوبر” إن الشركة “ملتزمة بالحفاظ على علاقة عمل مفتوحة وشفافة مع السلطات الضريبية”.

وقالت، “كجزء من التزاماتنا بالإبلاغ عن الضرائب ومراجعة حساباتنا الضريبية، تقدم شركة “أوبر” بشكل روتيني بيانات ضريبية إلى السلطات الضريبية، بما يتماشى مع قوانين الضرائب ولوائح حماية البيانات”.

الهند: “اغتنام الفوضى”

قال ترافيس كالانيك في إحدى المرات خلال مقابلة تلفزيونية إن “علاقة الحب” بينه وبين الهند بدأت عندما أمضى شهراً في بلدة فاركَالا الجنوبية، وهو يعمل من الشاطئ.

وقال إن المرة الثانية التي زار فيها كالانيك الهند كانت لإطلاق أول وحدة هندية لشركة التكنولوجيا، وهي شركة “أوبر إنديا” للأنظمة الخاصة “. Uber India Systems Private Ltd”، في عام 2013.

قال كالانيك خلال المقابلة، “عندما بدأنا، كنا في الواقع نفكر فقط في حل مشكلة، ثم أصبحت مشكلة نحلها لكثير من الناس. ثم تحققت الثروة بعد ذلك، لكنها لم تكن مجرد ثروة للأشخاص الذين عملوا بجد في شركة “أوبر” (أنا والمؤسس المشارك وموظفينا) فحسب، بل كانت ثورة للسكان عموماً”.

تُظهر الملفات المسربة وسجلات الشركة والأبحاث التي أجراها الخبراء الماليون صورة مختلفة لمساهمة شركة “أوبر” في الاقتصاد الهندي. وأوضحوا كيف ابتكرت الشركة طرقاً لخفض مدفوعاتها الضريبية، وخاضت معارك قانونية ضد السلطات الضريبية في المحكمة واستخدمت الشركات الهولندية التابعة لها للقيام بأنشطتها التجارية الرئيسية في الهند.

في عام 2014، بعد أشهر من التأسيس، جذبت عمليات شركة أوبر الهندية انتباه الهيئات التنظيمية. ووجه البنك المركزي اتهام إلى الشركة بعدم الامتثال لقواعد معاملات بطاقات الائتمان، وقالت السلطات الضريبية إن الشركة لا تدفع ضرائب الخدمة على الأسعار، كما يقتضي القانون.

في حين طلب المسؤولون بإدارة الإيرادات الهندية من مدير شركة “أوبر” في الهند أن يمثل أمامهم وأن يدلي ببيان، وفقاً للملفات المسربة.

وقد وظفت الشركة محامين – وشركة المحاسبة العملاقة “إرنست ويونغ”- للتصدي لادعاءات السلطات.

كتب أكسل مارتينيز، نائب رئيس “أوبر” وأمين الخزانة، في استعراض عام للقضايا الضريبية خلال عرض تقديمي حمل عنوان “مشروع روبرت دينيرو”، “إن شركة “إرنست ويونغ”/المحامين يشعرون بالارتياح لموقفنا بأن “أوبر” لا تتحمل أي مسؤولية عن ضريبة الخدمات”. (يبدو أن اسم المشروع عبارة عن تورية تجمع بين الكلمة الإسبانية “دينيرو” التي تعني المال، وإشارة إلى الممثل روبرت دي نيرو، نجم الفيلم الكلاسيكي “سائق التاكسي”).

بينما تصدى محامو “أوبر” لادعاءات الحكومة، أرسل ألين بن، الذي ترأس بعد ذلك عمليات أوبر في آسيا، رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الفريق الهندي مع رمز تعبيري مبتسم لتشجيع الفريق على مواصلة التركيز والعمل بجد من أجل “السيطرة على السوق”.

كتب بن في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “اغتنم الفوضى، فهي تعني أنك تفعل شيئاً ذا مغزى”. مضيفاً “أنتم وشركة أوبر من يعمل على تحسين الهند”.

لم يستجب بن ومارتينيز لطلبات التعليق من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشركائه من وسائل الإعلام. وكذلك شركة “إرنست ويونغ”، لم ترد على طلبات التعليق.

بحلول أوائل عام 2015، كان من الواضح أن أوبر قد خسرت معركتها الأولى مع السلطات الهندية. وقد طلبت وزارة المالية من جميع شركات النقل حسب الطلب دفع ضريبة خدمة على كل ثمن رحلة. فضلاً عن أنها طلبت من أوبر تسليم معلومات عن السائقين الذين يتعين عليهم التسجيل لدى السلطات الضريبية. بيد أن الشركة كان لديها حل لهذه الضريبة الجديدة.

وفي أبريل/نيسان 2015، أعلنت شركة “أوبر” أنها ستدرج ضريبة الخدمة في تكلفة الرحلات. وتشير السجلات المسربة إلى أن الشركة أرادت “إظهار الالتزام بالامتثال” للقواعد الهندية، واختارت نهجاً مشابهاً للنهج الذي تبنته في أوروبا.

توضح إرشادات العرض التقديمي الخاصة بالمشروع، “أننا سنضمن امتثال شركائنا [السائقين] وتحسين العلاقات مع السلطات المحلية”. وكذلك أن “الهدف يتمثل في أن نضطلع بدور المُيسر لتحصيل الضرائب والتحويلات”.

على مدى السنوات التالية، استأنفت شركة أوبر العديد من الأحكام الضريبية في الهند. وخفضت مدفوعاتها الضريبة الخاصة بدخل الشركة من 35 مليون دولار إلى 8 ملايين دولار للأعوام 2018 و2019 و2020، وفقاً للبيانات المالية. وقد ورد في أحدث بيان مالي أن الشركة تلقت حكماً مؤاتياً بعد الطعن في المطالبات الضريبية لعامي 2016 و2017 وكانت تنتظر لمعرفة ما إذا كانت السلطات ستستأنف الحكم.

ووفقاً لتقرير حديث صادر عن شبكة العدالة الضريبية، فقد خسرت الهند ما يقدر بنحو 16 مليار دولار سنوياً بسبب تهرب الشركات الضريبي وغيرها من الانتهاكات الضريبية كل عام.

إعادة التنظيم على مستوى العالم

في عام 2019، تحقق جزئياً اقتراح ويتستون، رئيسة شؤون الاتصالات والسياسة العامة في “أوبر” سابقاً، بأن أوبر تغلق عملياتها في الملاذات الضريبية في منطقة الكاريبي. وقبل إدراج الشركة في بورصة نيويورك، أعادت “أوبر” هيكلة أعمالها على مستوى العالم.

اشترت شركة تابعة هولندية الملكية الفكرية التي كانت مملوكة سابقاً لشركة “أوبر” الوهمية في برمودا، باستخدام قرض بقيمة 16 مليار دولار من شركة “أوبر” في سنغافورة. وقال متحدث باسم أوبر لوكالة أنباء “بلومبرج نيوز” إن هذه الخطوة جاءت في أعقاب حملة الاتحاد الأوروبي على التهرب الضريبي.

بيد أن هذا النظام الجديد كان له مزايا ضريبية مربحة. فقد نسقت أوبر القرض من شركة تابعة لها لخفض دخلها الخاضع للضريبة في هولندا بما يقدر بمليار دولار سنوياً لمدة عقدين، وهي مدة القرض، وفقاً لتقرير صادر عن مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث “CICTAR”.

انتاب المدافعون عن العدالة الضريبية الغضب. وأطلق أحدهم على أوبر اسم “دوري أبطال أوروبا للتهرب الضريبي”.

ووفقاً لتقديرات الباحثين في مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث أنه في عام 2019، وهو عام الاكتتاب العام، تجنبت شركة “أوبر” دفع ما لا يقل عن 556 مليون دولار من الضرائب على مستوى العالم. وفي الإقرارات الضريبية الأخيرة التي قدمتها الشركة، صرحت أوبر أنها تواجه في الوقت الراهن العديد من عمليات التدقيق من قبل هيئات الضرائب في الولايات المتحدة وخارجها.

ووفقاً لما قاله جيسون وارد، الباحث في مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث، الذي راجع عمليات شركة أوبر في هولندا والهند ودول أخرى، فإن الشركات أمثال أوبر، “تعيد تنظيم هيكلها باستمرار” في محاولة لتجنب الضرائب وإرباك السلطات الضريبية.

مضيفاً أنه “كلما أجرت الشركة تغييرات، زادت صعوبة تتبعها”.

المساهمون: رومي فان دير بورغ، جابي دي جروت، جيريمي باروخ، أولا ويستربرغ، كريستوف كليريكس، ريتو سارين وشياملال ياداف.

إقرأوا أيضاً:

11.07.2022
زمن القراءة: 12 minutes

تظهر الوثائق المسربة أن أوبر انتهجت استراتيجية سافرة لتوجيه الانتباه بعيداً عن التزاماتها الضريبية: تتمثل في مساعدة السلطات على جمع الضرائب من سائقيها بدلاً من الشركة.

سيلا اليتشي

في أوائل عام 2015، ضيقت الهيئات التنظيمية الأوروبية الخناق على شركات أبل وأمازون وغوغل، متهمةً عمالقة التكنولوجيا الأميركية بالمنافسة غير العادلة وإساءة استخدام الصفقات الضريبية الودية المحابية لها.

انتبه المسؤولون التنفيذيون في شركة “أوبر” تكنولوجي لهذا الأمر؛ وتظهر الوثائق المسربة حديثاً أنهم يخشون أن تكون شركتهم هي التالية. ومع توسع نطاق وجودها في مختلف أنحاء العالم، ابتكرت هذه الشركة العملاقة المتخصصة في تقديم خدمات النقل حسب الطلب أساليب لتوفير الملايين من الدولارات من الضرائب من خلال توجيه الأرباح عبر برمودا وغيرها من الملاذات الضريبية الآمنة.

كتب مارك ماكغان، كبير أعضاء جماعة الضغط في “أوبر” في أوروبا آنذاك، إلى رئيس قسم الضرائب بالشركة، يقول: “إن هيكلنا الضريبي في الشركة- من منظور سياسي أوروبي محض- هو نقطة ضعف الشركة”.

ومع تصاعد عمليات التدقيق والتحقيق، تظهر الوثائق المسربة أن أوبر انتهجت استراتيجية سافرة لتوجيه الانتباه بعيداً عن التزاماتها الضريبية: تتمثل في مساعدة السلطات على جمع الضرائب من سائقيها بدلاً من الشركة.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى مديرين آخرين، أعلن ماكغان أن تبادل المعلومات بشأن أرباح السائقين من الممكن أن “تتضمن” مطالب السلطات الضريبية. وكتب أنه من خلال القيام بذلك، ستكون شركة أوبر قادرة على “تجنب توسيع نطاق التحقيق ليشمل دولاً أخرى و/أو مسائل ضريبية أخرى (تتعلق بالشركة)”.

تتضمن ملفات “أوبر” رسائل إلكترونية ووثائق داخلية أخرى للشركة تم تسريبها إلى صحيفة الغارديان ومشاركتها مع الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين. وتكشف السجلات، التي تعود إلى الفترة بين عامي 2013 إلى 2017، كيف أدار المديرون التنفيذيون في الشركة الرائدة في تقديم خدمات النقل حسب الطلب الأزمات، بما في ذلك ردود الفعل السلبية على استراتيجيتها العدوانية للتهرب الضريبي، مع تحول أوبر من شركة تكنولوجيا ناشئة مشاكسة في وادي السيليكون إلى شركة عالمية عملاقة.

وتبرز الوثائق أيضاً كيف تواجه الحكومات صعوبات جمة لجعل الشركات الرقمية تدفع الضرائب في البلدان التي تعمل فيها – الأموال التي يمكن استثمارها في الرعاية الصحية والتعليم وحتى الطرق التي تستخدمها شركات النقل التشاركي.

في عهد مؤسسها، ترافيس كالانيك، اشتهرت شركة أوبر بثقافتها المؤسسية الذكورية القوية. وكانت هناك مزاعم بتفشي التحرش الجنسي والتجسس على المنافسين وعرقلة تحقيقات أجهزة إنفاذ القانون.

في حين تشير السجلات المسربة إلى أن نفس الموقف المتعجرف ساد في نهج “أوبر” تجاه قوانين الضرائب.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني السرية، قام المسؤولون التنفيذيون بتدريب المديرين الإقليميين على كيفية استباق الانتقادات الحكومية من خلال الحديث عن “الحلول” التي ابتكرتها شركة “أوبر” لضمان دفع سائقيها للضرائب. وقد كانت إحدى الحلول المذكورة في رسائل البريد الإلكتروني تتمثل في منصة رقمية لتقديم الإقرارات الضريبية تم اختبارها بالشراكة مع السلطات الضريبية في إستونيا.

وفي مذكرة صدرت عام 2016 حول الاجتماعات مع المسؤولين الأفارقة المحليين، وصف أحد كبار مديري السياسات كيف نجح فريق “أوبر” في نيجيريا في تحويل النقاش بشأن الضرائب من أوبر إلى السائقين.

فقد كتب المدير قائلاً، “التقينا بالسلطات الضريبية في لاغوس التي أثنت على جهودنا في ضمان امتثال [السائقين] بالضرائب، وحولنا تركيزهم من “تهرب “أوبر” من دفع الضرائب” إلى العمل معاً لضمان امتثال [السائقين]”.

وقد أدرك المسؤولون التنفيذيون في “أوبر” أن الموقف العدواني الذي تتبناه الشركة من شأنه أن يجذب انتباهاً غير مرغوب فيه كما تُظهر الوثائق.

“إن بعض المواضيع، مثل الضرائب المفروضة على الشركات، حساسة للغاية وتثير الكثير من الانتقادات”، هكذا كتب بيير ديمتري غور كوتي، أحد المديرين في شركة “أوبر” في مذكرة بعد مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس التنفيذي آنذاك، ترافيس كالانيك، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015.

وقد اعتبرت شركة تابعة لشركة “أوبر” في برمودا تمتلك براءات الاختراع لتكنولوجيا النقل حسب الطلب القيمة في الشركة أنها قد تضر بسمعة الشركة. وتدفقت عائدات استخدام تطبيق النقل التشاركي على فرع الشركة الموجود في برمودا، مما أدى إلى خفض مدفوعات “أوبر” الضريبية العالمية بشكل كبير.

وكتبت راشيل ويتستون، رئيسة شؤون الاتصالات والسياسة العامة في أوبر آنذاك، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى المديرين التنفيذيين: “إن الجزء الذي يغضب [الكثير] من الناس في أوروبا هو برمودا أو جزر الكايمان”، مضيفةً “حتى مجرد عدم كوننا جزءاً مما يحدث في منطقة الكاريبي سيضعنا في الصدارة عندما يتعلق الأمر بشركات التكنولوجيا الأميركية”.

وأردفت قائلةً، “على أي حال، بيننا فقط لأن هذه هي القضية التي لن نذكر اسمها”، في إشارة على الأرجح إلى التهرب الضريبي.

لم تعلّق ويتستون على استراتيجية ضرائب “أوبر”.

تدعي شركة “أوبر” أنها ليست شركة نقل، لكنها مشغل المنصة الرقمية التي تربط الركاب مع السائقين، وهم متعاقدون مستقلون وليسوا موظفين. ويسمح هذا النظام للشركة بتجنب مجموعة من التكاليف والمسؤوليات، مثل دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي وتحصيل ضرائب القيمة المضافة على الرحلات.

وقالت المتحدثة باسم الشركة، جيل هازلبيكر، في رد مكتوب على الأسئلة التي طرحها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشركائه من وسائل الإعلام: “إن شركة أوبر ملتزمة بالامتثال للقوانين واللوائح الضريبية أينما عملنا… وبتمكين موردي وشركاء وسائقي شركة أوبر من الوفاء بالتزاماتهم القانونية والضريبية”.

العلاقة مع هولندا

يقع المقر الرئيسي لشركة “أوبر” في سان فرانسيسكو، ويشغل مبنيين حديثين يواجهان الخليج. لكن المركز المالي للشركة، المسؤول عن أنشطتها في معظم أنحاء العالم، يقع في هولندا، وهي ملاذ ضريبي للشركات.

في عام 2012، بعد بضعة أشهر من انطلاقتها الأوروبية في فرنسا، أنشأت أوبر شركة هولندية، شركة أوبر بي.في، لتلقي المدفوعات من العملاء الذين يستخدمون خدماتها للنقل حسب الطلب في نيودلهي ولندن وسيدني ومئات المدن الأخرى في مختلف أنحاء العالم.

قامت شركة “أوبر بي.في” بتحويل ما يصل إلى 80% من كل أجرة إلى السائقين. وأرسلت معظم البقية إلى شركتها في برمودا، حيث لا تُفرض ضرائب على دخل الشركات.

وقد جعل هذا النظام من الصعب على السلطات الضريبية الوطنية معرفة مقدار ما يكسبه السائقون لأنهم يتقاضون أجورهم عبر هولندا.

تتضمن الوثائق المسربة مجموعة من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين ماكغان، كبير أعضاء جماعة الضغط، ومتحدث باسم شركة أوبر حول كيفية الرد على أسئلة مراسل موقع “تك كرانش” التقني العالمي، الذي سأل عن سبب وجود المقر الرئيسي الدولي للشركة في هولندا، وما علاقة ذلك بالضرائب.

كتب ماكغان قائلاً، “ثمة احتمال أن يُنظر إلى أي شيء نقوله باعتباره دفاعياً في أفضل تقدير”. مضيفاً، “يجب علينا توضيح أن مئات الشركات الدولية الكبرى اتخذت من [أمستردام] مقراً لها طوال عقود… فقد أظهرت أمستردام والحكومة الهولندية أن هولندا ‘منفتحة على الأعمال'”. 

أصبحت علاقة شركة “أوبر” الخاصة مع هولندا واضحةً في ربيع عام 2015 عندما تواصلت السلطات الضريبية في فرنسا وألمانيا والسويد والمملكة المتحدة وبلجيكا مع نظيرتها الهولندية من أجل طلب أن تقدم شركة “أوبر بي.في” معلومات عن السائقين.

وجاء في إحدى رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن السلطات أرادت معرفة أسماء العاملين وتواريخ ميلادهم ولوحات ترخيص السيارات وعدد الرحلات والحسابات المصرفية وتفاصيل أخرى لتحديد التزاماتهم الضريبية.

أظهرت السجلات المسربة أن الطلب أثار قلق مديري “أوبر” في البداية. فقد كانوا يخشون أن تبدأ السلطات في استهداف السائقين -الذين يمثلون مصدر إمداد الشركة – ويطالبونهم بدفع الضرائب المتأخرة ومشاركة البيانات مع الهيئات الأخرى. وكانوا قلقين من أن يغادر السائقون الشركة ويعملون مع منافسي “أوبر”.

إقرأوا أيضاً:

ذكر روب فان دير فاود، أحد مديري الضرائب الدوليين في “أوبر”، في رسائل البريد الإلكتروني السرية إلى المديرين التنفيذيين، إيجابيات وسلبيات الامتثال لمطالب السلطات.

وكتب، “القليل من المخاطر المالية التي قد تتعرض لها شركة أوبر”. و”مسؤولية مالية فورية تقع على عاتق الشركاء السائقين”.

ووفقاً للرسائل المسربة، بينما ناقش المسؤولون التنفيذيون في “أوبر” كيفية الرد، اعتمدت الشركة على السلطات الهولندية لكسب المزيد من الوقت.

وكتب روب فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “تحاول السلطات الضريبية الهولندية إبطاء عملية تبادل المعلومات ومن المرجح أن تفعل نفس الشيء إذا ما تقدمت دول أخرى بطلبات جديدة”.

لا توضح الوثائق ماهية التباطؤ الذي حدث. بيد أن محاضر الاجتماعات في ملفات أوبر تشير إلى أنه في أبريل/نيسان عام 2015، اجتمع المديرون التنفيذيون في الشركة مع خمسة من كبار المسؤولين الهولنديين في القنصلية الهولندية في سان فرانسيسكو لمناقشة أنشطة الشركة في هولندا وتوقيت عملية التدقيق التي تجريها السلطات الأوروبية. وتشير الوثائق أيضاً إلى أن “أوبر” اعتادت على قيام السلطات الهولندية بحماية الشركة من التدقيق التنظيمي من قبل الدول الأخرى.

وأشار فان دير فاود في رسالة سرية إلى أن “هذه العلاقة تتسم بأهمية عظيمة وقيمة كبيرة في ضوء هيكل الشركة والفعالية الضريبية لدينا”. وأضاف أن “السلطات الضريبية الهولندية كانت متعاونة وتدافع عنا”.

حققت دول الاتحاد الأوروبي الخمس أيضاً في شركة “أوبر” لتقييم ما إذا كانت الشركة تدفع ضرائب الدخل حيثما ينبغي، وما إذا كان يتعين عليها فرض ضريبة القيمة المضافة على الرحلات.

كتب فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “ستكون هذه المعركة المهمة، ونحن بحاجة إلى أن تدافع [السلطات الضريبية الهولندية] عنا”.

وأضاف فان دير فاود أنه بعد إجراء مناقشات داخلية في أواخر عام 2015، قرر مديرو شركة أوبر الامتثال لطلب مشاركة معلومات عن السائقين المقدم من السلطات الأوروبية لإثبات أن الشركة أخذت الامتثال الضريبي للسائقين “على محمل الجد”.

موضحاً أن المسؤولين الهولنديين منحوا الشركة الوقت الكافي “لترتيب شؤوننا”.

في ديسمبر/كانون الأول 2015، شارك فان دير فاود “آخر المستجدات الإيجابية” مع زملائه: فقد طمأنه أحد معارفه العاملين في هيئة الضرائب الهولندية أنه بمجرد أن تحصل الدول المشاركة في التدقيق على المعلومات الخاصة بالسائقين، فإنها “لن تتخذ نهجاً عقابياً” لتحصيل الضرائب من السائقين.

وأوضح فان دير فاود في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى زملائه أن المسؤولين لم يكشفوا أيضاً عن أن شركة “أوبر” قدمت المعلومات المستخدمة لتذكير السائقين بدفع ضرائبهم.

أشار فان دير فاود في رسالة أخرى عبر البريد الإلكتروني إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الخمس بالإضافة إلى هيئة الضرائب الهولندية قد اتفقت على أن سياسة “أوبر” بعدم فرض ضريبة قيمة مضافة على رسوم الخدمات هي سياسة “سليمة” ولن تؤدي إلى رفع دعاوى ضد الشركة.

ومنذ ذلك الحين، غادر كلاً من ماكغان وفان دير فاود الشركة. ولم يعلقوا على دورهما في التعامل مع السلطات الضريبية.

قال خبراء أجرى معهم شركاء الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين مقابلات، إن المسؤولين الهولنديين ربما انتهكوا القوانين المحلية إذا أوقفوا أو أخروا بطريقة ما طلب السلطات الأوروبية للحصول على معلومات، وشاركوا تفاصيل عملية التدقيق مع شركة “أوبر”.

وقال متحدث باسم هيئة الضرائب الهولندية لصحفيي منصة “إنفستيكو” للأبحاث الصحفية، إن المسؤولين لم يقصروا باي واجب أو يؤخروا التحقيق، وإنهم لم يظهروا أي “محاباة” تجاه شركة “أوبر”.

وقال المتحدث إن سلطات الضرائب اتبعت الإجراءات “بشكل صحيح” و “ملتزمة بشدة” بالامتثال للاتفاقيات الدولية. ولم يعلق على قضية “أوبر”.

توقعت شركة أوبر إرسال المعلومات المطلوبة حول سائقيها إلى هيئة الضرائب الهولندية في يناير/كانون الثاني 2016، وبعد ذلك سيشاركها الهولنديون مع المسؤولين الأوروبيين الآخرين، وفقاً للملفات المسربة.

ليس من الواضح أي الدول تلقت البيانات في ذلك الوقت. لكن في عام 2018، طالبت سلطات الضرائب الدنماركية حوالي 1200 سائق يعملون في “أوبر” بدفع ضرائب إضافية بقيمة 1.9 مليون دولار بعد تحليل البيانات التي قدمها الهولنديون.

ورداً على الأسئلة التي طرحها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين قالت المتحدثة باسم شركة “أوبر” إن الشركة “ملتزمة بالحفاظ على علاقة عمل مفتوحة وشفافة مع السلطات الضريبية”.

وقالت، “كجزء من التزاماتنا بالإبلاغ عن الضرائب ومراجعة حساباتنا الضريبية، تقدم شركة “أوبر” بشكل روتيني بيانات ضريبية إلى السلطات الضريبية، بما يتماشى مع قوانين الضرائب ولوائح حماية البيانات”.

الهند: “اغتنام الفوضى”

قال ترافيس كالانيك في إحدى المرات خلال مقابلة تلفزيونية إن “علاقة الحب” بينه وبين الهند بدأت عندما أمضى شهراً في بلدة فاركَالا الجنوبية، وهو يعمل من الشاطئ.

وقال إن المرة الثانية التي زار فيها كالانيك الهند كانت لإطلاق أول وحدة هندية لشركة التكنولوجيا، وهي شركة “أوبر إنديا” للأنظمة الخاصة “. Uber India Systems Private Ltd”، في عام 2013.

قال كالانيك خلال المقابلة، “عندما بدأنا، كنا في الواقع نفكر فقط في حل مشكلة، ثم أصبحت مشكلة نحلها لكثير من الناس. ثم تحققت الثروة بعد ذلك، لكنها لم تكن مجرد ثروة للأشخاص الذين عملوا بجد في شركة “أوبر” (أنا والمؤسس المشارك وموظفينا) فحسب، بل كانت ثورة للسكان عموماً”.

تُظهر الملفات المسربة وسجلات الشركة والأبحاث التي أجراها الخبراء الماليون صورة مختلفة لمساهمة شركة “أوبر” في الاقتصاد الهندي. وأوضحوا كيف ابتكرت الشركة طرقاً لخفض مدفوعاتها الضريبية، وخاضت معارك قانونية ضد السلطات الضريبية في المحكمة واستخدمت الشركات الهولندية التابعة لها للقيام بأنشطتها التجارية الرئيسية في الهند.

في عام 2014، بعد أشهر من التأسيس، جذبت عمليات شركة أوبر الهندية انتباه الهيئات التنظيمية. ووجه البنك المركزي اتهام إلى الشركة بعدم الامتثال لقواعد معاملات بطاقات الائتمان، وقالت السلطات الضريبية إن الشركة لا تدفع ضرائب الخدمة على الأسعار، كما يقتضي القانون.

في حين طلب المسؤولون بإدارة الإيرادات الهندية من مدير شركة “أوبر” في الهند أن يمثل أمامهم وأن يدلي ببيان، وفقاً للملفات المسربة.

وقد وظفت الشركة محامين – وشركة المحاسبة العملاقة “إرنست ويونغ”- للتصدي لادعاءات السلطات.

كتب أكسل مارتينيز، نائب رئيس “أوبر” وأمين الخزانة، في استعراض عام للقضايا الضريبية خلال عرض تقديمي حمل عنوان “مشروع روبرت دينيرو”، “إن شركة “إرنست ويونغ”/المحامين يشعرون بالارتياح لموقفنا بأن “أوبر” لا تتحمل أي مسؤولية عن ضريبة الخدمات”. (يبدو أن اسم المشروع عبارة عن تورية تجمع بين الكلمة الإسبانية “دينيرو” التي تعني المال، وإشارة إلى الممثل روبرت دي نيرو، نجم الفيلم الكلاسيكي “سائق التاكسي”).

بينما تصدى محامو “أوبر” لادعاءات الحكومة، أرسل ألين بن، الذي ترأس بعد ذلك عمليات أوبر في آسيا، رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الفريق الهندي مع رمز تعبيري مبتسم لتشجيع الفريق على مواصلة التركيز والعمل بجد من أجل “السيطرة على السوق”.

كتب بن في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “اغتنم الفوضى، فهي تعني أنك تفعل شيئاً ذا مغزى”. مضيفاً “أنتم وشركة أوبر من يعمل على تحسين الهند”.

لم يستجب بن ومارتينيز لطلبات التعليق من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشركائه من وسائل الإعلام. وكذلك شركة “إرنست ويونغ”، لم ترد على طلبات التعليق.

بحلول أوائل عام 2015، كان من الواضح أن أوبر قد خسرت معركتها الأولى مع السلطات الهندية. وقد طلبت وزارة المالية من جميع شركات النقل حسب الطلب دفع ضريبة خدمة على كل ثمن رحلة. فضلاً عن أنها طلبت من أوبر تسليم معلومات عن السائقين الذين يتعين عليهم التسجيل لدى السلطات الضريبية. بيد أن الشركة كان لديها حل لهذه الضريبة الجديدة.

وفي أبريل/نيسان 2015، أعلنت شركة “أوبر” أنها ستدرج ضريبة الخدمة في تكلفة الرحلات. وتشير السجلات المسربة إلى أن الشركة أرادت “إظهار الالتزام بالامتثال” للقواعد الهندية، واختارت نهجاً مشابهاً للنهج الذي تبنته في أوروبا.

توضح إرشادات العرض التقديمي الخاصة بالمشروع، “أننا سنضمن امتثال شركائنا [السائقين] وتحسين العلاقات مع السلطات المحلية”. وكذلك أن “الهدف يتمثل في أن نضطلع بدور المُيسر لتحصيل الضرائب والتحويلات”.

على مدى السنوات التالية، استأنفت شركة أوبر العديد من الأحكام الضريبية في الهند. وخفضت مدفوعاتها الضريبة الخاصة بدخل الشركة من 35 مليون دولار إلى 8 ملايين دولار للأعوام 2018 و2019 و2020، وفقاً للبيانات المالية. وقد ورد في أحدث بيان مالي أن الشركة تلقت حكماً مؤاتياً بعد الطعن في المطالبات الضريبية لعامي 2016 و2017 وكانت تنتظر لمعرفة ما إذا كانت السلطات ستستأنف الحكم.

ووفقاً لتقرير حديث صادر عن شبكة العدالة الضريبية، فقد خسرت الهند ما يقدر بنحو 16 مليار دولار سنوياً بسبب تهرب الشركات الضريبي وغيرها من الانتهاكات الضريبية كل عام.

إعادة التنظيم على مستوى العالم

في عام 2019، تحقق جزئياً اقتراح ويتستون، رئيسة شؤون الاتصالات والسياسة العامة في “أوبر” سابقاً، بأن أوبر تغلق عملياتها في الملاذات الضريبية في منطقة الكاريبي. وقبل إدراج الشركة في بورصة نيويورك، أعادت “أوبر” هيكلة أعمالها على مستوى العالم.

اشترت شركة تابعة هولندية الملكية الفكرية التي كانت مملوكة سابقاً لشركة “أوبر” الوهمية في برمودا، باستخدام قرض بقيمة 16 مليار دولار من شركة “أوبر” في سنغافورة. وقال متحدث باسم أوبر لوكالة أنباء “بلومبرج نيوز” إن هذه الخطوة جاءت في أعقاب حملة الاتحاد الأوروبي على التهرب الضريبي.

بيد أن هذا النظام الجديد كان له مزايا ضريبية مربحة. فقد نسقت أوبر القرض من شركة تابعة لها لخفض دخلها الخاضع للضريبة في هولندا بما يقدر بمليار دولار سنوياً لمدة عقدين، وهي مدة القرض، وفقاً لتقرير صادر عن مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث “CICTAR”.

انتاب المدافعون عن العدالة الضريبية الغضب. وأطلق أحدهم على أوبر اسم “دوري أبطال أوروبا للتهرب الضريبي”.

ووفقاً لتقديرات الباحثين في مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث أنه في عام 2019، وهو عام الاكتتاب العام، تجنبت شركة “أوبر” دفع ما لا يقل عن 556 مليون دولار من الضرائب على مستوى العالم. وفي الإقرارات الضريبية الأخيرة التي قدمتها الشركة، صرحت أوبر أنها تواجه في الوقت الراهن العديد من عمليات التدقيق من قبل هيئات الضرائب في الولايات المتحدة وخارجها.

ووفقاً لما قاله جيسون وارد، الباحث في مركز ضرائب الشركات الدولية والمساءلة والبحوث، الذي راجع عمليات شركة أوبر في هولندا والهند ودول أخرى، فإن الشركات أمثال أوبر، “تعيد تنظيم هيكلها باستمرار” في محاولة لتجنب الضرائب وإرباك السلطات الضريبية.

مضيفاً أنه “كلما أجرت الشركة تغييرات، زادت صعوبة تتبعها”.

المساهمون: رومي فان دير بورغ، جابي دي جروت، جيريمي باروخ، أولا ويستربرغ، كريستوف كليريكس، ريتو سارين وشياملال ياداف.

إقرأوا أيضاً: