fbpx

10 في المئة من غابات العالم التهمتها الحرائق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتسرّع إيقاع تدمير الغابات الأصلية أو “العذراء”، إذ تصل المساحات التي يتم اقتلاع أشجارها بفعل فاعل أو جراء الحرائق، إلى نحو مئة ألف كيلومتر سنوياً.إنه مستقبل قاتم إن استمر البشر على هذا الإيقاع من استنزاف الأرض.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يتسرّع إيقاع تدمير الغابات الأصلية أو “العذراء” كما تسمى في اللغة الفرنسية بشكل مثير، إذ تصل المساحات التي يتم اقتلاع أشجارها بفعل فاعل أو جراء الحرائق، إلى نحو مئة ألف كيلومتر سنوياً. تشير معلومات تم الكشف عنها خلال مؤتمر عقد في جامعة أكسفورد تحت عنوان “الغابات السليمة” في شهر أيار/ مايو هذا العالم، إلى أن المساحات الخضراء التي تم تدميرها وتخريبها منذ عام 2000 تصل إلى 10٪ من مجموع الغابات الموجودة على الكرة الأرضية. وتساوي المساحات المغطاة بالأشجار والخضار التي نخسرها سنوياً مساحة بلد مثل نمسا. إنها صورة مأساة بيئية جديدة تضاف إلى أزمة ندرة المياه والتصحر، بخاصة أن الغابات السليمة وفق فرانسيس سيمور وهي باحثة في معهد مصادر العالم، تعتبر مفتاح الاستقرار البيئي وتشكل البنية التحتية الطبيعية الوحيدة لتخزين غاز الكربون وتقليل خطورته، ناهيك بدورها الفعال في الحفاظ على التنوع الحيوي ونوعية الهواء والمياه وتوفير مصادر العيش لنصف مليار إنسان.

تخسر الكُرة الأرضية النباتات والحيوانات والمياه بإيقاع غير مسبوق في تاريخها.

يقول بيتر باتوبوف في جامعة ماريلاند الأميركية: “هناك بلدان كثيرة معرضة لخسارة كل غاباتها البدائية خلال 15 أو 20 سنة مقبلة. ويضيف الباحث في مقابلة نشرتها صحيفة (لودوفوار) الكندية: بحسب هذا الإيقاع تختفي الغابات الأصلية في باراغواي، لاوس، غينيا، غينيا الاستوائية بحلول عام 2030، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، نيكاراغوا، بورما، كمبوديا وأنغولا بحلول عام 2040. وقد تؤدي إزالة الغابات التي تتنوع أسبابها بين الزراعة وقطع الأشجار والحرائق والحفر إلى مرحلة تفتقد فيها البشرية إلى غابات سليمة تنقذ هواءنا ومياهنا من التلوث، وتحمي نظامنا الآيكولوجي.

اقرأ أيضاً: بعد خراب البصرة… الحكومة تستنجد بالعشائر

في مذكرة صدرت عام 1992، حذّرت منظمة (اتحاد العلماء المعنيين) الأميركية العالم من تشويه الكوكب بشكل لا يمكن إصلاحه. وذهبت المنظمة المذكورة إلى القول بأن نشاط الانسان على الأرض قد يؤدي إلى ألم انساني كبير. ووقع 1700 عالم وعالمة تلك المذكرة التي كانت التحذير الأول من نوعه حول مستقبل الكوكب قبل ربع قرن من الآن. وعاد 1500 عالم وعالمة العام الماضي (2017) إلى إصدار مذكرة أخرى سميت “منصة التحذير الثاني” حول خطورة إزالة الغابات، انخفاض عدد الثدييات، ندرة مياه الشرب وانبعاث الغازات الناتجة عن الاحتباس الحراري، ذاك أن الاستجابة للتحذير الأول عام 1992 كانت مخيبة للآمال بحسب رأيهم. وجاء في تحذيرهم الجديد أن “الإنسانية لا تفعل ما يجب القيام به بشكل عاجل لإنقاذ المحيط الحيوي المهدّد”.

ووثق العلماء في مذكرتهم الثانية انخفاض حصة المياه الصالحة للشرب بنسبة 26 في المئة لكل فرد، الازدياد السكاني بنسبة 35 في المئة، ارتفاع عدد المناطق الميتة في المحيطات بنسبة 75 في المئة، انخفاض أعداد الثدييات، الأسماك، الحيوانات البرمائية والطيور بنسبة 29 في المئة، عدا عن فقدان ما يزيد عن 120.4 مليون هيكتار من الغابات وتحويلها إلى أراض زراعية ومجال لانبعاث ثاني أوكسيد الكربون وارتفاع درجات الحرارة. ودراسة أخرى سبقت تأسيس منصة التحذير الثاني، إذ حذرت جامعة أميركية من تأثير إزالة الغابات الخُثية أو الأراضي الرطبة في تسارع وتيرة الاحترار الكوني. وركزت الدراسة التي أعدها فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على مساهمة المستنقعات التي تحتل مناطق واسعة، لا سيما في جنوب شرقي آسيا، في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ذاك أنها تعتبر مَدفنةً لغاز الكربون. وفقاً للباحثين المشاركين في الدراسة ازدادت سرعة اختفاء هذه الأراضي الخُثية في الغابات بسبب القطع الواضح والاستخدام الزراعي، بما في ذلك نخيل الزيت أو الإنشاءات أو استخراج المواد الطبيعية. تجف هذه الأراضي الرطبة الاستوائية بعد الاستنزاف وتتحول مكوناتها العضوية إلى غاز الكربون وتنتقل إلى الجو. إضافة إلى كل ذلك يمكن ان تحترق هذه المناطق الرطبة ويستمر احتراقها لفترة طويلة وأن تشكل الحرائق غيوماً عملاقة قادرة على نشر كميات هائلة من الكربون. ويعزو البروفيسور تشارلز هارفي وهو أحد مؤلفي الدراسة المذكورة، سبب ذلك إلى احتواء هذه المناطق على نسب عالية من ثاني أكسيد الكربون تعادل كمية الوقود الأحفوري المحترقة عالمياً على مدى عقد كامل. وتشير المعلومات إلى إن حرائق الأراضي الرطبة في اندونيسيا وحدها تُقدر بنسبة 10 إلى 40 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في بعض سنوات. وعلى رغم ان الأراضي الخُثية الرطبة لا تشكل سوى 3 في المئة من سطح الأرض، انما بإمكانها تخزين أكثر من نصف مليار طن من الكربون.

اقرأ أيضاً البلاستيك في قمة كيبيك… وفي بحارنا حساء قاتل

نتيجة لكل ذلك، تخسر الكُرة الأرضية النباتات والحيوانات والمياه بإيقاع غير مسبوق في تاريخها. وأجرى العلماء تحقيقاً حول صحة الأرض في أميركا وأوروبا ووسط آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا، وكانت نتيجة التحقيق الذي استمر ثلاث سنوات من العمل المتواصل: لا شيء على ما يرام. ولا تتعلق هذا الدراسة التي كشف عنها العلماء المشاركون في كتابتها في شهر آذار/ مارس هذا العام، بنوع من أنواع الحيوانات، بل تهدف إلى ضمان بقاء الكوكب صالحاً للبشر، ذاك أنه يعتمد على التنوع الحيوي في الغذاء والماء الصالح للشرب والصحة العامة. ويذهب مسؤول المشروع روبيرت واتسن وهو عالم بريطاني-أميركي إلى القول إن واقع الكوكب الحالي “يقوض الرفاهية في جميع أنحاء العالم وهو تهديد طويل الأمد للمياه والطعام”، إذ إن البشرية تحتاج إلى المزيد من الطعام، مياه الشرب، الطاقة والمزيد من الأرض بطبيعة الحال. ولسد هذه الحاجات تضحي المجتمعات بالتنوع الحيوي. تالياً ووفقاً للباحث المذكور، يتم التفريط بالمناطق التي لا يمكن الاستغناء عنها، إذ تغزوها أنواع من كائنات مضرة، عدا عن انتشار مواد كيماوية تؤذي الحيوانات والطيور والنباتات والمستنقعات التي تنظف التلوث، ناهيك بنقص كبير في المياه الحلّوة على الكوكب. أما النتائج المأسوية كما ذهبت اليها الدراسة فهي: تفقد القارة الأميركية 15 في المئة من نباتاتها وحيواناتها بحلول 2050، سيتوقف الصيد التجاري في آسيا بحلول عام 2048 بسبب سوء أحوال المخزونات السمكية، فأكثر من ربع أنواع الحيوانات والطيور في أوروبا مهدد، وتفقد أفريقيا نصف طيورها وثديياتها بحلول عام 2100.

إنه مستقبل قاتم إن استمر البشر على هذا الإيقاع من استنزاف الأرض.