fbpx

لم تمت بالكوليرا فقتلتها حقنة لمعالجة إسهال…
هكذا يتصدّى لبنان للوباء!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وسط غياب شبه تام للدولة اللبنانية، يتفشى وباء “الكوليرا” لا سيما في المناطق النائية، ويواجه الفقراء المرض وحيدين، وسط خدمات صحية ووقائية غير كافية. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“حبيبي جيب معك خبز للأولاد وتعا خدني ع المستشفى، تعبانة كتير”… كانت هذه الرسالة النصية الأخيرة من رويدا علي (37 سنة) إلى زوجها، بعدما شعرت بأن أعراض الكوليرا باتت لا تحتمل.

توجه الزوجان من منزلهما في ببنين في شمال لبنان إلى مستشفى المنية الحكومي، لتتأكد إصابة رويدا بالوباء، ويتم حقنها بإبرة، أخبرها الطاقم الطبي أنها لوقف الإسهال. عادت إلى المنزل، ظناً منها أنها ستكون بخير، إلا أنها بعد ساعتين أصيبت بنوبة ألم في الرجلين، وفارقت الحياة في اليوم ذاته في 24 تشرين الأول/ أكتوبر.

يوضح أحد أقربائها لـ”درج” أن “رويدا لم تكن تعاني من أي مشكلات صحية، أصيبت بالإسهال والقيء واتصلت بزوجها ليأخذها إلى المستشفى، هناك أعطوها الإبرة وكانت النهاية، المستشفى أنكر إعطاء رويدا الحقنة، ونحن لا ناقة لنا ولا جمل، ابنها آدم أصيب أيضاً بالكوليرا بعد وفاتها وقد خاف أن يحقن بإبرة ويموت مثل أمه، لقد نقلناه بألف حيلة إلى المستشفى”.

اتصلنا بمديرة مستشفى المنية الحكومي الدكتورة ربى جمّال، لكي   نسألها عن التفاصيل، فكان الرد على الشكل التالي: “ما عندي هيك معلومات، والله صرنا منعرف شو صاير من الصحافة قبل المستشفى”. بذلك يمكن أن يموت مريض بسبب حقنة في مستشفى، ويبدو الخبر غير مهماً لدرجة أن مديرة المستشفى لا علم لها به!

“حبيبي جيب معك خبز للأولاد وتعا خدني ع المستشفى، تعبانة كتير”… كانت هذه الرسالة النصية الأخيرة من رويدا علي (37 سنة) إلى زوجها، بعدما شعرت بأن أعراض الكوليرا باتت لا تحتمل.

تجدر الإشارة إلى أن رويدا ليست حالة الوفاة الأولى التي تسجّل، بعد الحقن بإبرة “ديبلوفيناك” لوقف الإسهال، فقد توفي الشاب السوري فراس المشهداني بعدما حقن بإبرة من النوع ذاته في تشرين الأول 2022 أيضاً ولكن في عيادة طبية لا في مستشفى، فشعر بالأعراض التي عانت منها رويدا، وما لبث أن فارق الحياة أيضاً.

وعادة ما يتم استعمال هذا النوع من الحقن لعلاج حالات الإسهال الحاد الناتج عن البكتيريا، أو التهاب القولون المزمن، أو التهاب الأمعاء، بفعل احتوائها على مادة  فعالة تسمى “ديبلوفيناك”، وهي مضاد حيوي يساعد في القضاء على البكتيريا المعوية المسببة للإسهال. فلماذا يتوفى البعض بعد حقنهم بها؟ 

يوضح الدكتور محمد سبسبي المختص في الصحة العامة لـ”درج” إن حقنة وقف الإسهال المعروفة بـ”ديبلوفيناك” إن أعطيت مراراً لمن يعاني من الإسهال الحاد قد تؤدي إلى تأجيج المشكلة الصحية وإحداث ردود فعل عكسية، وربما تحدث تجلطاً في الدم، قد يؤدي إلى الوفاة، وهو ما يبدو أنه حدث مع رويدا وفراس. 

وسط غياب شبه تام للدولة اللبنانية، يتفشى وباء “الكوليرا” لا سيما في المناطق النائية، ويواجه الفقراء المرض وحيدين، وسط خدمات صحية ووقائية غير كافية. 

وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض أعلن عن تسلم لبنان 13440 جرعة لقاح مضاد للكوليرا، مقدمة من شركة Sanofi عبر مؤسسة Fondation S، بدعم من فرنسا وهي الدفعة الأولى من اللقاح، علماً أن لبنان يرتقب تسلم اللقاحات التي كان طلبها من الجمعية الدولية لتنسيق اللقاحات التابعة لمنظمة الصحة العالمية خلال عشرة أيام بمعدل ستمائة ألف جرعة.

مع الإشارة إلى أن لبنان هو من بين 29 دولة أبلغت عن تفشي المرض منذ مطلع العام الحالي، وكانت آخر إصابة بالكوليرا في لبنان سجلت بالفعل قبل 30 عاماً، ليعود الوباء وينتشر في الفترة الأخيرة. ومنذ ذلك الحين وأعداد الاصابات ترتفع في البلاد، خصوصاً في القرى والبلدات الفقيرة والمنسية، فيما يترك المرضى من دون مساعدات حقيقية أو أطر للحماية أو الوقاية لمن حولهم.

وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في 31 تشرين الأول، عن تسجيل إصابتين جديدتين ليرتفع العدد التراكمي إلى 390 إصابة و17 حالة وفاة، مع الإشارة إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بكثير، نظراً إلى لجوء كثيرين من سكان القرى والبلدات النائية إلى المستوصفات أو الصيدليات المحلية أو يواجهون آلامهم في البيت، ما يحول دون تسجيلهم على بيانات وزارة الصحة.

شمالاً، وتحديداً في عكار، يتزايد تفشي الوباء خطورة، خصوصاً في بلدة ببنين التي دخل الوباء إلى معظم منازلها، في حين يشكو السكان من تقاعس السلطات اللبنانية حيال هذا الملف، إذ اقتصرت عمليات التصدي للوباء على بعض المبادرات الفردية التي يقوم بها الأهالي كتوزيع أقراص الكلور على المنازل في البلدة.