fbpx

خمس سنوات على اعتقالات “الريتز”… ما الذي تحقق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحرب ما زالت قائمة، والمشهد السياسي اللبناني أبعد من اختزاله بازالة الحريري، والفساد المزعوم مستمر، وقطر تستضيف مونديال 2022، والسعودية فتحت حدودها للحضور وستتابع البث عبر قنوات “بي أن سبورت” وليس “بي اوت”! 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خمس سنوات مرت منذ أن تلقى الشارع اللبناني والعالمي صدمة استقالة أو إقالة رئيس الوزراء اللبناني وقتذاك سعد الحريري من الرياض وما تخللها وأعقبها من تسريبات عن تعرض الحريري للتعنيف الكلامي والجسدي والاحتجاز لإجباره على الاستقالة، قبل أن تثمر الاتصالات الدولية عن الإفراج عنه. تابع الرأي العام بعدها ما ما سُمي حينها بحرب محمد بن سلمان على الفساد. 

من يستعيد تلك المرحلة سيجد كم وقعت وسائل إعلام عالمية حينها في فخ الانبهار بولي العهد السعودي الشاب، بخاصة أنه استجاب لطموحات دولية قبل أسابيع قليلة من واقعة الريتز كارلتون، باعتقال رجال دين، مدعياً أنها حملة تطهير ضد متشددين إسلاميين يفرضون قيودهم على المجتمع السعودي الراغب بالانفتاح. 

سقط من الانتباه الدولي أن ما عرف بحملة اعتقالات سبتمبر، شملت الكثير من المثقفين السعوديين الذين ما زالوا خلف القضبان، بعضهم بلا محاكمات حتى يومنا هذا، وآخرون أعيدت محاكماتهم في الخفاء وتم تمديد مدة سجنهم بعد انتهاء محكوميتهم، مثل الكاتب الاقتصادي ورجل الأعمال السعودي جميل فارسي وهو أحد أصدقاء الصحافي المغدور جمال خاشقجي المقربين.

الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، لعله التاريخ الأكثر صخباً في ذاكرة السعوديين منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، فبالرغم من تعدد تواريخ الاعتقالات والقتل خلال السنوات الاخيرة في السعودية، وبرغم من مفاجئة الاطاحة بولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، وزير الداخلية الشرس والذي عمل على حملة إعدامات واعتقالات عنيفة خاصة في صفوف الطائفة الشيعية في السعودية، إلا أن الرابع من نوفمبر قبل خمس سنوات، شهد لحظات الاطاحة برموز واسماء سعودية بارزة.

شعار تلك الاعتقالات العلني كان مكافحة الفساد لكن الحقيقة التي تجلت في كيفية حدوث الاعتقالات والعنف والتعذيب كشف أن الحملة كانت أيضاً عملية ثأر وتصفية حسابات تمهيداً للوصول إلى العرش.

 ثلاثة على الأقل من أبناء الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كانوا من بين أسماء المعتقلين بتهم فساد، شوهد لاحقاً اثنان منهم خارج القضبان، فيما بقي الخصم المقلق لبن سلمان، أمير الرياض السابق الأمير تركي بن عبدالله خلف القضبان حتى اللحظة، وقد خرجت تقارير وأنباء سرية عن حالة سجنه خلال الخمس سنوات تفيد بتعرضه لتعذيب قاسٍ وطلقة نار في كتفه. وأفادت آخر المعلومات بالحكم عليه بالسجن لـ17 عاماً. هذه كلها معلومات يتم تسريبها ولا كلام رسمياً واضحاً عن مصيره ومصير المعتقلين الاخرين.

اعتقالات الريتز استهدفت بيت آل سعود وأعوانهم من رجال أعمال أثرياء ونافذين. شعار تلك الاعتقالات العلني كان مكافحة الفساد لكن الحقيقة التي تجلت في كيفية حدوث الاعتقالات والعنف والتعذيب كشف أن الحملة كانت أيضاً عملية ثأر وتصفية حسابات تمهيداً للوصول إلى العرش. هذا هو أقل ما يمكن وصفه للحالة التي بلغتها السعودية بعد خمس سنوات مما يُسمى بحملات التطهير السياسية والاقتصادية في البلاد. ولعل الصورة تبدو أكثر وضوحاً إذا ما راقبنا تلك التجاوزات والاستثناءات في الأسماء المقربة من الملك أو الشق السلماني (نسبة إلى الملك الحالي سلمان) من العائلة الحاكمة في حملات مكافحة الفساد، فضلاً عن ولادة طبقة ثرية جديدة بعد الاطاحة بتلك السابقة. 

وبمراقبة أداء ولي العهد السعودي، فمن السهل ملاحظة طريقته في رمي الحصى في رقعة ماء لمعرفة نتائج التذبذبات قبل الإقدام على خطواته. فقبل اعتقالات الريتز كارلتون في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، كان محمد بن سلمان قد أجرى تجربة اتهام وزير بالفساد في نيسان/ أبريل 2017، لكن الشارع والوزراء وحتى خصومه من الأمراء وقفوا ساكنين ولم يتحركوا، وهم يشاهدون اتهام وزير الخدمة المدنية خالد العرج موقوفاً بتهم ارتكابه تجاوزات واستغلال للسلطة، ولعله من المضحك المبكي أن تكون مثل تلك التهمة مبنية على تعيينه  ابنه في وظيفة حكومية براتب 21 ألف ريال إن صحت المعلومات. لكن من يحاكم الأعرج؟ هل هو الملك سلمان أو ابنه!

 ومثلها نقرأ اليوم بعد خمس سنوات حادثة اعتقال مدير جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وهي إحدى أهم الجامعات السعودية، للأسباب ذاتها. 

ما الذي تحقق منذ حادثة الريتز كارلتون طالما أن الفساد مستمر تحت حكم الملك سلمان وابنه، أم أن الفساد تهمة كل معترض؟

 سبع سنوات وأكثر منذ انطلاق الحرب السعودية على اليمن، وخمس سنوات منذ فرض الهيمنة على الساحة السياسية في الداخل وفي أكثر من دولة عربية كما حصل في حادثة اختطاف الحريري، وحملات مكافحة الفساد واعتقال رجال دين ومثقفين وحملة اعتقال وتعذيب ناشطات ونشطاء، وبعد سنوات الأزمة مع قطر وتركيا، ومحاولة خلق هوية شعبوية سعودية جديدة، ماذا كانت النتيجة؟

الحرب ما زالت قائمة، والمشهد السياسي اللبناني أبعد من اختزاله بازالة الحريري، والفساد المزعوم مستمر، وقطر تستضيف مونديال 2022، والسعودية فتحت حدودها للحضور وستتابع البث عبر قنوات “بي أن سبورت” وليس “بي اوت”!