fbpx

موت ضيف “الجديد” على الهواء :
مأساة تزامنت مع تحقيق استقصائي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يجب أن نتذكر من يقف حقاً وراء بؤس لبنان الحقيقي. الصحفيون الجديون يحاولون نقل المعلومة والحقيقة، التي تؤلم في بعض الأحيان لأنها تكشف المستور. لكن أولئك الذين يصنعون هذه الحقيقة هم الذين يتحملون اللوم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


مطلع شهر تشرين الأول/ اكتوبر، شاهد آلاف من اللبنانيين في ذهول سقوط رجل أعمال على الهواء مباشرة خلال مقابلة مصورة عبر تطبيق زووم  مع اثنين من الصحفيين الاستقصائيين . 

كان الصحفيان، رياض قبيسي وهادي الأمين، يحاولان منذ أشهر كشف انتهاكات نظام الدعم الحكومي الذي تم اتهام رجل الأعمال شكر الله المعلوف وغيره باستغلاله.

وعندما واجه الصحفيان معلوف يوم 28 تشرين اول / اكتوبر شوهد وهو يسقط على الأرض. صدمة أفراد أسرة رجل الأعمال ينادون اسمه ويحاولون إيقاظه تابعها كل من حضر الحلقة أو تابعها لاحقاً على الانترنت. توفي معلوف في  وقت لاحق في المستشفى ودفن جثمانه بعدها بأيام وأصدرت إدارة تلفزيون “الجديد” بياناً قدمت فيه التعازي للعائلة و المشاهدين. طبعاً الواقعة مأساوية، لكنها منفصلة عن مسار العمل الصحافي.

كان الحدث مأساة أصابت الجميع بالذهول والحزن.  وقد تفاجأ فريق البرنامج بما وقع على الهواء فيما كان الضيف يقدم دفاعه عن تجارته ويدلي بآرائه  بناء على طلبه الشخصي بالظهور المباشر بحسب إدارة  القناة. 

لسوء الحظ، يستغل كثيرون في المؤسسة السياسية الفاسدة في لبنان الآن الحادث بسخرية في محاولة لتأليب الرأي العام ضد القلة القليلة المتبقية من الصحفيين المستقلين في البلاد وتحفيز السلطات على إسكات زملائنا عبر تشديد القوانين وإستخدام السلطة القضائية وحسابات وسائل التواصل الإجتماعي.  لسنوات، كان برنامج “يسقط حكم الفاسد”  بإدارة قبيسي شوكة في خاصرة الطبقة السياسية الفاسدة، والتي تبدو قادرة على أن تتفق فقط عندما يتعلق الأمر بسرقة المال العام.  

يستغل كثيرون في المؤسسة السياسية الفاسدة في لبنان الآن الحادث بسخرية في محاولة لتأليب الرأي العام ضد القلة القليلة المتبقية من الصحفيين المستقلين في البلاد وتحفيز السلطات على إسكات زملائنا عبر تشديد القوانين وإستخدام السلطة القضائية وحسابات وسائل التواصل الإجتماعي.

وأدى الفساد المستفحل إلى تحويل لبنان من دولة الطبقة المتوسطة إلى مستنقع مختل منقسم بين نخبة ثرية وغالبية السكان، الذين بالكاد يجنون لقمة العيش ويواجهون فقراً مدقعاً، إلى أن وصلهم مؤخراً مرض الكوليرا الذي سبق أن انتصرت عليه البشرية ليعود وينبعث من بين ركام الفساد في لبنان.  

في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة مالية وانفجار كارثي في مرفأ بيروت عام 2020 – وكلاهما في نهاية المطاف نتاج الفساد والمحسوبية والمحاصصة الطائفية –  عمل قبيسي والأمين على فضح المخالفات الرسمية ومحاسبة السلطة. 

ولهذا السبب، يتم تحويلهما الآن على ما يبدو إلى كبش فداء من قبل منظومة الفساد برعاية رسمية، ويتم الإساءة إليهما على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعرضان لتهديدات قانونية من قبل عائلة التاجر الراحل. 

كان معلوف يدير شركة في مجال علف الحيوانات واتُهم مع تجار آخرين بالاستفادة من عملية قام بها التجار عبر تضخيم الفواتير للحصول على مبالغ بالدولار الأمريكي بسعر الصرف الرسمي – وهو جزء صغير من  سعر السوق السوداء – ثم استوردوا سلعاً مثل الأعلاف والاسمدة وباعوها. كما زعم أنهم قاموا بتهريب البضائع إلى سوريا ويحتمل أن يكون القمحالمدعوم ضمنها. وعند مواجهته لم ينكر التهريب عبر المعابر غير الشرعية ولكنه نفى أن يكون القمح المهرب مدعوماً.

استخدم قبيسي والأمين تسجيلات صوتية مسربة ووثائق ومعاملات مصرفية لإثبات علاقة معلوف بالعملية. ومع ذلك لم يكن ذلك هو هدفهم. كانوا يتوقعون منه أن يأتي إلى البرنامج، ويفضح المسؤولين الذين سهلوا العملية. 

كان قبيسي، وهو مراسل استقصائي حائز على جوائز دولية عديدة  والأمين يقومان بعملهما فقط وإصرارهما على  منح حق الرد لكل من يرد اسمه ضمن سياق التحقيقات الإستقصائية. وعلى مدى سنوات، بذلا جهوداً كبيرة لمحاسبة السياسيين الفاسدين في لبنان، وأباطرة الأعمال، والزعماء الطائفيين . هذه الطبقة هي التي تسببت في الفظائع الحقيقية وهي المسؤولة عن الفقر والألم في بلد بأكمله. 

ودفعت التحقيقات التي أجراها قبيسي  مع مشروع تغطية الجريمة المنطمة والفساد العابر للحدود OCCRP بشأن محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أربع دول أوروبية على الأقل إلى فتح تحقيقات في الاختلاس وغسل الأموال التي تورط بها حاكم مصرف لبنان  الذي لم يكن من الممكن المساس به من قبل. كما ساعدت تلك التحقيقات في إظهار كيف قام نجل المصرفي بنقل ملايين الدولارات خارج البلاد بينما رأى معظم اللبنانيين مدخراتهم مجمدة.

وساعد قبيسي مع اثني عشر مراسلا وشريكا إعلاميا في  OCCRP في الكشف عن هوية السفينة التي وصلت إلى ميناء لبنان في عام 2013 وعلى متنها 2,750 طناً من نترات الأمونيوم المتفجرة، حيث ظلت في ظروف غير آمنة لسنوات. أدى هذا القدر من الفساد وعدم كفاءة الحكومة الى قتل أكثر من 230 شخصا وترك 300,000 شخص بلا مأوى. وحتى الآن، لم يتم محاسبة أحد.

كصحفيين نتفهم أن عملنا يمكن أن يسبب الضرر في بعض الأحيان. الأشخاص الذين نحقق معهم يتعرضون أحيانًا للاعتقال والطرد والسجن والرفض من قبل أصدقائهم وعائلاتهم. هذا ما لا نريد أن نراه يحدث، ولا يمكننا التحكم في نبض قلب السيد معلوف.

بالتأكيد لم يرغب قبيسي والأمين في إيذاء معلوف. لقد أوضحا ذلك في كل ظهور تلفزيوني لهما منذ وقوع المأساة.  لكن كثيرين يريدون الآن  الاصطياد في المياه العكرة،  تماماً كما حدث  بالفعل لعشرات  من الزملاء الصحفيين. 

يجب أن نتذكر من يقف حقاً وراء بؤس لبنان الحقيقي. 

الصحفيون الجديون يحاولون نقل المعلومة والحقيقة، التي تؤلم في بعض الأحيان  لأنها تكشف المستور. لكن أولئك الذين يصنعون هذه الحقيقة هم الذين يتحملون اللوم. 

* رنا الصباغ هي كبيرة محرري الشرق الاوسط وشمال افريقيا لدى  مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود  OCCRP 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.