fbpx

انتخابات نيابية كُرديّة يغيب عنها الحديث عن مهمّات البرلمان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يخوض إقليم كردستان العراق انتخابات نيابية مقرّرة نهاية هذا الشهر أيلول/ سبتمبر، إلا أن الخطاب الذي يسود حملات المرشّحين والأحزاب منذ انطلاقها تتجاوز المهمّات المنوطة بالبرلمان وتطغى عليه لغة التحدّي والتخندق الحزبي على غرار أول انتخابات أجريت في الإقليم قبل أكثر من ربع قرن من الزمن

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يخوض إقليم كردستان العراق انتخابات نيابية مقرّرة نهاية هذا الشهر أيلول/ سبتمبر، إلا أن الخطاب الذي يسود حملات المرشّحين والأحزاب منذ انطلاقها تتجاوز المهمّات المنوطة بالبرلمان وتطغى عليه لغة التحدّي والتخندق الحزبي على غرار أول انتخابات أجريت في الإقليم قبل أكثر من ربع قرن من الزمن.

يخوض أكثر من 700 مرشّح السباق الانتخابي للفوز بـ100 مقعد مخصّص للتنافس العام، فيما ستكون المقاعد الـ11 المتبقّية للبرلمان من حصة “الأقليات” التي يفضّل قادتها وصفه بـ”المكوّنات”. وعلى رغم تمتّع برلمان كردستان بصلاحية تشريع القوانين المحليّة وتعديل التي تصدر من البرلمان الاتحادي في بغداد، إلا أن المرشحين يفضّلون تقمّص دور وزراء المستقبل والحديث عن المشاريع الخدمية والعمرانية، وتقديم المعونات لشرائح معيّنة، ويحمل بعضهم لواء الثأر من الخصوم ولجأ آخرون إلى نبش الماضي بدل الحديث عن مشاريع القوانين والفصل التشريعي المقبل للبرلمان.

وضمن هذا السياق، هدّدت مرشحة تحمل اسم “رقيقة ناسك” وهي موظفة في وزارة الثقافة، بقطع لسان مناوئي حزبها وسط تصفيق الجمهور وبحضور رئيس القائمة. فيما وعد مرشّح من الجبهة الموازية يحمل شهادة ماجستير أميركية، وينتمي إلى الاتحاد بتحويل البرلمان إلى “جهنم لخصوم الاتحاد” إن أوصله الناخبون الى البرلمان.

وبعد موجة من الاستنكار والتعليقات على تهديد “رقيقة”، نشرت توضيحاً وأكدت أنها لا تقصد قطع لسان المعارضين لحزبها في الداخل، بل الأعداء الخارجيين الموتورين، وعادت لتؤكّد المضي بتهديد “قطع الألسن”، وكأنها متجهة إلى المسالخ بدل قبة البرلمان وفق تعليقات وموجات سخرية رافقت تصريحاتها على مواقع التواصل.

حدّد القانون والعرف السياسي مهمّات البرلمان بتشريع القوانين ومراقبة أداء الحكومة وإقرار الميزانية المالية السنوية للكابينة الوزارية، إلا أن المراقبين يلاحظون هيمنة الخطاب الإعلامي الحزبي على حملات انتخابات البرلمان، وهذا الخطاب معهود لدى الشارع الكُردي منذ انطلاق أول انتخابات في أيار/ مايو 1992 وكأن البرلمان موقع لإثبات الذات وليس مكاناً لتشريع القوانين والبحث عن الحلول للمشكلات والأزمات.

يرفع أكبر الأحزاب الكُردية “الديموقراطي الكُردستاني” شعار “كردستان قوي”، ويتحدّث عن منجزات الحزب في التصدّي لـ “محاولات محو الإقليم بعد الاستفتاء” ضمن حملة الانتخابات ويستذكر مقاومة مقاتليه لزحف الحشد الشعبي والجيش العراقي باتجاه أطراف إربيل ودهوك، إلاّ أن أقرب منافسيه الذي يتمثل بالاتحاد الوطني، ينشغل بالحديث عن إرث زعيمه الراحل “مام جلال” وضرورة إنعاش الحزب بعد سلسلة من الانشقاقات والأزمات، عبر تلبية مطالب الجماهير المتعلقة بالأمن وفرص العمل والخدمات. وتدور بقية أحزاب المعارضة وفي مقدّمتهم “التغيير” في فلك الحديث عن الإصلاحات واستئصال الفساد، وسط اللجوء إلى المشاعر الدينية والحديث عن الحلال والحرام من قبل الإسلاميين الذين يعتبرون التصويت شهادة وجزءا من العقيدة والإيمان.

“في خضمّ هذه المنافسة الشرسة، ضاعت القضايا البرلمانية الداخلية المتعلقة بالقوانين وكيفية إدارة الدورة التشريعية المقبلة في كردستان”

حذّر زعيم الديموقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني مرشّحي حزبه في خطاب تدشين الحملة الانتخابية، من إطلاق الوعود ووجّههم بدلاً من ذلك إلى الحديث عن “المنجزات” و”المآثر التاريخية للحزب”. وطالبهم بالحصول على “نصر حاسم” في هذه الانتخابات، ما يؤشر إلى رغبة الحزب في السيطرة على مقاليد القرار في كردستان بشكل تام. وتتحدث الماكنة الانتخابية لحملة الديموقراطي عن الحصول على نحو 46 مقعداً من أصل 100 مخصصة للاقتراع العام، واثنى نيجيرفان بارزاني، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب، على النكتة الكردية السائدة التي تقول إن الديموقراطي لو خاض الاقتراع مع الصين سيكون النصر حليفه، على رغم الفارق الهائل بين مصوّتي كل منهما، فيما يرى آخرون أن الحزب مهما حصل على نتائج، فإن قواعد القوة والنفوذ مقسمة على حزامين في كردستان، الأول يحكمه الديموقراطي ويتمتع بعلاقات قوية مع تركيا ودول الغرب، والثاني يقع تحت سلطة ونفوذ الاتحاد المقرب من إيران والقوى الشيعية في بغداد.

وبموازاة التنافس في كردستان، فاجأ الديمقراطي الكردستاني حليفه وغريمه المتمثل بالاتحاد، بمطالبته منصب رئاسة الجمهورية، ورفض مرشح الاتحاد لرئاسة جمهورية العراق، برهم صالح، في مؤشر على خروج الحزب من معادلة تقاسم السلطات والأدوار التي كانت سائدة بين الطرفين منذ سقوط نظام صدام. ويبرّر الديموقراطي هذا التوجّه بأن الرئاسة استحقاق كردي وليست إرثاً حزبياً خاصاً بالاتحاد.

تشير المعطيات السياسية المتاحة إلى أن الديموقراطي يسعى إلى استخدام فوزه المتوقّع الكاسح في انتخابات برلمان كردستان وسيلة لتعزيز نفوذه في بغداد، في حين يسعى الاتحاد إلى لملمة صفوفه وتحسين صورته بعد نكسات تعرّض لها بسبب الخلافات، عبر استرجاع بعض قواعده ومقاعده في انتخابات برلمان كردستان، ويقود حملة الحزب أحد أبناء طالباني “قوباد” الذي دخل المشهد السياسي في 2014 بعد أن غيب المرض كاريزما والده “مام جلال”. فيما تسعى حركة التغيير المعارضة إلى إثبات أنها خيار مستدام ولم تنقرض بعد رحيل مؤسسه “نوشيروان”، في وقت يطرح “الجيل الجديد” نفسه بديلاً ونموذجاً جديداً للمعارضة التي “تعثرت في تحقيق إنجازات بسبب تهالك وسائلها”.

وفي خضم هذه المنافسة الشرسة المتعلقة ببسط القوة والنفوذ وإثبات الذات، ضمن الخارطة الكردية والعراقية، ضاعت القضايا البرلمانية الداخلية المتعلقة بالقوانين وكيفية إدارة الدورة التشريعية المقبلة في كردستان.

إقرأ أيضاً:
الأكراد یعیدون ترتیب أوراقهم عبر إجراء انتخابات لـ”برلمان کُردستان”
أغاني الصراع في سوريا(3):الاتحاد الديموقراطي الكردي وأسطرة المقاتلين