fbpx

“ديبلوماسيّو الظلّ”: مقرّب من النظام السوري
ومتّهم بتمويل “القاعدة” قنصلان فخريان للكويت

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تنصيب بعض رجال الأعمال قناصل فخريين مكّنهم من تحقيق مكاسب مالية وشخصية سمحت لهم بتوطيد علاقاتهم مع مسؤولي السّلطة. كان لدولة الكويت حصّة من ذلك أيضاً، فأحدهم متّهم بعملية اختلاس وتزوير في جزر القمر، والآخر مدرج على لائحة العقوبات بسبب تمويله جماعات إسلامية تعتبر متطرّفة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ديبلوماسيو الظل”مشروع تحقيقات استقصائية عابرة للحدود بإشراف “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيّين” (ICIJ) وProPublica وبمشاركة نحو 160 صحافياً من 46 دولة. يرصد المشروع ملف القناصل الفخريّين والشبهات المتعلّقة بهم وبعملهم، وتحديداً محمد بشار كيوان، رجل الأعمال السوري الفرنسي المولود والمترعرع في الكويت، وأحمد إدريس نصر الدين، رجل الأعمال والقنصل الفخري للكويت في ميلانو الإيطالية، ويشتبه بالرجلين بالقيام بأعمال خارجة عن القانون، وفقاً للمحكمة الكويتية والمحكمة العليا الإيطالية والسويسرية.  

يكشف التحقيق أن القنصلين الفخريين اللذين عيّنتهما الكويت في دول أوروبية وعربيّة متّهمان باستغلال مناصبهما لمصالحهما الخاصّة مثل شراء الأراضي، ونقل مبالغ مالية ضخمة، والتخابر لمصلحة دول أخرى، وتمويل جماعات متطرّفة كتنظيم “القاعدة”، علماً أنّ الاتهامات كانت حاضرة قبل تعيينهما، وذلك بحسب التسلسل الزمني وفق البحث الذي أجراه “درج”. 

أصدرت الكويت عام 1962 قانون السلك الديبلوماسي والقناصل، ونصّت المادّة 13 على أن الوظيفة الرسمية للقناصل الفخريين في الكويت، هي تعزيز العلاقة بين الكويت والدولة المعنيّة، وأهم الشروط أن يكون للكويت مصالح اقتصادية فعّالة في البلد الذي يتم فيه تعيين القناصل الفخريين.  لتعود وتعدّل هذه المادّة في 2015 وتلغي النص المتعلّق بالقناصل الفخريين. 
عادة، تعيّن الدولة قنصلاً فخرياً في الدول التي تفتقد فيها إلى تمثيل ديبلوماسي رسمي، مع الإشارة إلى أن القانون يختلف بين دولة وأخرى. وقضت الأعراف بأن يكون القنصل الفخري رجل أعمال أو صاحب علاقات وطيدة مع السلطة، فكان القناصل إمّا يعملون مع السلطات أو يستغلّونها لتحقيق مكاسب شخصية سياسية وماديّة. مع العلم أنّ القنصل الفخري من حيث المبدأ لا يملك صلاحيات تذكر ولا يتقاضى راتباً، إنّما تقتصر مهماته على الشكليات والبروتوكولات، وتوطيد العلاقات بين الدولتيْن خصوصاً العلاقات التجاريّة والاقتصاديّة. 

بشار كيوان: مقرب من النظام السوري

محمّد بشّار كيوان، رجل أعمال سوري- فرنسي ثبّت قدميه في الكويت وأنشأ عدداً من الشركات عبر شبكة من العلاقات كوّنها على مدى سنوات. عمل كيوان للوصول إلى مفاتيح السلطة في الكويت، حتى أصبح شريكاً أساسياً لرئيس الوزراء السابق، الأمير صباح جابر مبارك آل الصباح في شركة “كومورو الخليج للطيران”، بحسب وثائق “بارادايز” وهو مشروع عابر للحدود يكشف الشركات الـ”أوف شور” والتجاوزات المالية، نشرته ICIJ عام 2017 وشارك فيه “درج”. استثمر كيوان أيضاً ببناء علاقات مع رئيس دولة جزر القمر، أحمد عبدالله سامبي، عبر تقديم مشاريع وخطط اقتصادية مربحة، وخلال فترة رئاسة سامبي عُيّن كيوان قنصلاً فخرياً للكويت في جزر القمر عام 2007.  

بدأ اسم رجل الأعمال يظهر منتصف عام 2020، بعدما كشفت التحقيقات الكويتية أنّه شريك أساسي في عملية غسل أموال كبيرة من ماليزيا، بالشراكة مع مجد سليمان نجل اللواء السوري بهجت سليمان المقرب من رئيس النظام السوري بشار الأسد ورئيس فرع المخابرات 251 سابقاً، المتخصّص بتتبّع التجسس في الأمن الداخلي ورقّاه حافظ الأسد لاحقاً إلى رتبة لواء. وكان الفضل لسليمان الابن بتقريب كيوان من الأسد. 

من هو بهجت سليمان؟ 
من مواليد اللاذقية وتخرّج من الكلية الحربية في حمص. هو سفير سابق لسوريا في الأردن (2009-2014) ولواء في الجيش السوري، مقرّب من الرئيس الرّاحل حافظ الأسد الذي كان له دور في ترقيته وتثبيت قدميه في سوريا. طردته الدولة الأردنية من البلد ردّاً على  عنف النظام السوري تجاه المعارضين. 
عمل سليمان لفترة مع شقيق الأسد الأب، رفعت الأسد ليحصر اختياره بحافظ الأسد بعد محاولة رفعت الأسد الوصول الى الرّئاسة. كنوع من المكافأة، عيّنه الأسد رئيساً لفرع 300 المختصّ بالمراقبة والتجسّس، ومن ثمّ نقله إلى فرع 251 أو الفرع الداخلي،الذي ذاع صيته خصوصاً بعد اندلاع الاحتجاجات السورية. 
توفّي بهجت في 25 شباط/ فبراير 2021 في مستشفى “تشرين العسكري” في دمشق عن عمر ناهز 72 سنة.  

نجح كيوان ومجد سليمان، في بناء علاقة متينة تجارياً، وتعاونا على مشاريع بين ماليزيا وجزر القمر مستفيديْن من العلاقات مع رئيس جزر القمر حينذاك، فباعا،  بحسب “Pro Justice” الذي تابع بالتفاصيل ملفات فساد للنخب الحاكمة في سوريا ” وموقع “روزنة”، جوازات سفر لرجال أعمال يصعب تنقلّهم داخل الدولة وخارجها، إمّا لعدم امتلاكهم جنسيّات مثل “البدون” (يختلفون عن البدو) في الإمارات الذين يعيشون على الحدود ويصارعون لامتلاك جنسيّة، أو بسبب العقوبات المدرجة عليهم، عرفت بالجنسية الاقتصادية. وحينها تعهّدت الإمارات، بحسب صحيفة “الغارديان” بأنّها ستدفع ملايين الدولارات لجزر القمر للحصول على هذه الجنسية مقابل موافقتها على منح الجنسية لـ4 آلاف من “البدون”. وبرغم معارضة برلمان جزر القمر الشديدة آنذاك، إلاّ أنّ قانوناً بديلاً أُقرّ، يفتح الباب أمام الشركات التي تحاول القيام بدور الوسيط في تأمين جنسية جزر القمر مقابل 60 ألف دولار، كما نشرت صحيفة “الجسر” ومقرها اسطنبول.
لم يُجب سليمان على أسئلة “درج”، وأرسل عبر وكيله القانوني المحامي حافظ المولى رداً قال فيه: “يقتضي إهمال ما ورد فيه جملة وتفصيلاً”.

لماذا جزر القمر؟ 

في فترة التسعينات وما بعدها، كانت تعاني هذه الدولة من أزمة اقتصادية جسيمة، وكانت تسعى لاستقطاب رجال أعمال مستعدّين للاستثمار فيها تمكّنها من شراء الفيول، تعبيد الطرق، وتوظيف المواطنين. بدأ كيوان جولته في التسعينات، وبحسب الكاتبة والصحفية في صحيفة “الغارديان”  أتوسا أبرهاميان، انغرم كيوان بطبيعة جزر القمر إلاّ أنّ لم تسنح له الفرصة بالاستثمار حينها. 

توضح أبرهاميان لـ”درج” أنّ جزر القمر كانت الخيار الأنسب، لأن كيوان كان يعلم بصعوبة الحصول على الجنسية الكويتية كما أنّ صلاحياته كانت محدودة. في المقابل، جزر القمر كانت المكان الأنسب ليصبح نافذاً، خصوصاً أنّه من خارج الدولة. وتابعت أبرهاميان: “قدّم كيوان وعوداً عبر شركته Comoro Gulf Holding، وكانت هذه الخطّة (أي منح جوازات السفر) كأنها طفل بشّار المدلّل”. 

عام 2005، استضاف رئيس جزر القمر أزلي أصوماني عدداً من رجال الأعمال، وكان كيوان من بينهم واستشعر حينها أنّه الوقت المناسب لانتهاز الفرصة، بحسب رواية أبرهاميان. في العام التالي، كانت جزر القمر على موعد مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فدرس كيوان شخصيّة كلّ مرشّح، ووصل إلى نتيجة تناسبه: أحمد عبدالله السّامبي هو الأفضل! 

بعد فوز السامبي في الانتخابات، أدرك كيوان أنّ الرئيس لا يملك الحنكة السياسية المطلوبة، فكثّف زياراته الى القصر الجمهوري حتى أصبح ذراعه الأيمن، وطرح خطّط اقتصادية سحرت الرئيس، وأقنعه ببيع ما عرف بـ”الجنسية الاقتصادية”. طُرحت الفكرة على البرلمان، إلاّ أنّه جوبه برفض بعض الأعضاء، الذين اعتبروا  أنّها خطّة لبيع هويّة البلد مقابل المال وهذا غير أخلاقي، ما اضطرّه إلى إقناعهم عبر إهدائهم ساعات فاخرة وأجهزة لابتوب واستضافتهم في الكويت في فنادق فاخرة، بحسب تقرير الغارديان. مع ذلك، لم تنجح خطّته بإبهار النوّاب المعارضين، في الجلسة الثانية لإقرار القانون، علت الأصوات ورفضوا إقرار القانون بدعم من رئيس المجلس حينها، ولم يقرّ في البرلمان. 

في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 وقّع رئيس جزر القمر رغماً عن المعارضة الشديدة في البرلمان، مرسوم إعطاء جوازات السفر لغير المجنّسين، بعدما اقتنع بمشروع كيوان. 

باع كيوان “البدون” أحلاماً بأنهم سيتمكّنون من الحصول على الجنسية الإماراتية مع الوقت بحال قبولهم بجواز سفر جزر القمر، لذا كان رفضهم لهذا العرض شبه مستحيل، وفقاً للكاتبة والصحافية أبرهاميان. 

الخطة فشلت 

تعتقد أبرهاميان أنّه فعلاً كان لكيوان خطّة لتحويل جزر القمر إلى دبي، كما أراد الاستفادة مادياً من المشاريع. واعتبر نفسه حينها أكثر دهاء من رجال الأعمال القمريين، فقالت: “كان واضحاً أنّ ظنه خاب مع فشل المشروع، برغم أنه اضطر إلى خرق بعض القوانين لأجل تحقيقه، لكن الواقع كان مختلفاً”. 

بالفعل، منح أكثر من 4000 من البدون جوازات سفر، لكنهم صدموا بعد خسارة الرئيس سامبي بانتخابات 2011 الرئاسية، فالبرلمان الجديد والرّئيس رفضا تجديد جوازاتهم ليعودوا إلى نقطة الصفر. 

المشكلة الأخرى، والتي رفعت أصوات نواب البرلمان، هي استحصال شركة “كومورو الخليج القابضة” على أموال جوازات السفر، إذ لم يصرّح كيوان أنّ الشركة ستستلم الأموال فاعتقد البرلمان آنذاك بأن الدولة ستستلم المبلغ من الإمارات ليكون من حصّة المال العام، أي 25 مليون دولار لخزينة الدولة، و175 مليون دولار لتعبيد الطرق، شراء الفيول، والكهرباء. 

ورد في مقال أبرهاميان في الغارديان التالي: “في نيسان/ أبريل 2015، قضت محكمة موروني (الرئيس) بأن شركة “كومورو الخليج القابضة” مدينة للدولة بمبلغ 16 مليون دولار أميركي من برنامج “المواطنة الاقتصادية”. أخبرني اللواء محمد دوسر، الذي مثل الدولة في الاتفاقية الموقعة بين كيوان والحزبين القمري والإماراتي، قبل أربعة أشهر أنه “من الواضح أن مجموعة CGH لم تنقل كامل المبلغ المستحق لنا”.

ملفات مفتوحة في الكويت

برغم الأصداء الإعلامية التي بلغت أوجّها في 2020 حول أعمال كيوان، إلاّ أن ملفاته كانت قد فتحت في الكويت عام 2017 عندما أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكماً بسجنه مدّة 5 سنوات مع أشغال شاقّة بتهمة اختلاس الأموال والتزوير، كما اتهم باختلاس 33 مليون دينار من المال العام الكويتي، أي ما يعادل 106 ملايين دولار أميركي. 

في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2017، هرب كيوان من الكويت الى البصرة العراقية بمساعدة شقيقه أشرف كيوان عبر سائق شاحنة وشخص آخر. في اليوم التالي، أي في 28 كانون الأول دخل كيوان الى لبنان بجواز سفره الفرنسي ليذهب بعد شهر أي في كانون الثاني/ يناير 2018 إلى دبي، حيث ألقي القبض عليه استناداً إلى مذكّرة التوقيف التي عمّمها الانتربول في الكويت– وهو ليس مكتب الانتربول الدولي في الكويت إنّما انتربول أنشأته الكويت وهو شبيه بفكرة الانتربول الدولي– وتوجه وفد كويتي من الانتربول الى الامارات لإعادته إلى الكويت. 

 في 11 شباط/ فبراير 2018 أمر القضاء الكويتي باستمرار اعتقال مهرّبي كيوان بأمر يقضي بسجنهم مدّة 14 يوماً على أن يتم عرضهم على المحكمة بعد انتهاء هذه المدّة. 

لبنان لم يكن مجرّد محطّة عبور لكيوان لأنّه يمتلك شركات وأسهماً لشركات في لبنان منها “اللبنانية المتّحدة للإعلان التجاري”، المعنية بإجراء صفقات تجارية خارج الأراضي اللبنانية، وشركة “انتغرا للنشر والتسويق” وأحد شركائه في هذه الشركة هو عماد كريدية مدير عام “هيئة أوجيرو” ومستشار مجلس إدارة شركة “الوسيط” منذ 2015.  

وسّع كيوان نشاطاته لتتجاوز حدود الكويت، فإلى جانب امتلاكه عدداً من الشركات في الكويت، يمتلك شركات في دول خليجية أخرى مثل الإمارات حيث افتتح شركة للنشر والإعلانات بالشراكة مع رئيس الحكومة الكويتي السابق صبّاح جابر آل الصبّاح، وهي “الوسيط الدولية” ولها فروع في دول عربية عدّة منها لبنان. 

ذكرت صحيفة “الراي” وأخرى خليجية وهي Gulf Daily News، أنه تم إلقاء القبض على كيوان في دبي ومن غير المعروف كيفية انتقاله الى إسبانيا برغم إلقاء القبض عليه وتسليمه للانتربول الكويتي. في المقابل، تشير معلومات “درج” إلى أنّ كيوان لم يتّجه الى الإمارات، لكن ساعدته شريكته عقيلة مجد سليمان، زينة الخير، عبر علاقاتها في الانتقال إلى أوروبا. علماً أنّ الخير تقيم في دبي وتدير علامة تجارية خاصّة بها متعلّقة بالموضة والأزياء “Le Marais 101” وتشارك في عروض الأزياء في باريس. 

محطّة كيوان الأخيرة كانت إسبانيا حيث كان في طريقه لمشاهدة مباراة كرّة قدم بين ناديي ريال مدريد وبرشلونا وألقي القبض عليه في مدريد (2019) لتقدّم السلطات الكويتية بعدها عبر سفارتها في مدريد مذكّرة شفوية تطلب تسليمه، إلاّ أن المحكمة الاسبانية العليا رفضت ذلك لسببيْن: الأوّل لأنها لم تضمن إعادة محاكمته، والثاني لأن المحكمة العليا وجدت أن عقوبة “الأشغال الشّاقة” تنتهك بحد ذاتها الحق الأساسي للكرامة والسلامة الجسدية. لكن في العام المقبل، وتحديداً في آذار/ مارس، حكمت المحكمة الاسبانية لمصلحة كيوان وأصرّت على عدم تسليمه للسلطة الكويتية، معتبرين أن كيوان وقع ضحيّة اضطهاد سياسي من رجال السلطة في الكويت، ليعود ويستقرّ في باريس لفترة. 

من المهم تسليط الضوء على أنّه لم تعرف البنود التي تناولتها المحكمة الإسبانية في التحقيق كما أنّها لم توضح أسباب إطلاق سراحه عدا تصريحها بأن الموضوع إنساني بعدما صرّح كيوان أنّه تعرّض للتعذيب داخل السّجن في الكويت لمدّة 48 يوماً. أيضاً، من غير المعروف ما إذا برّأت المحكمة الإسبانية كيوان علماً أنّنا تواصلنا مع الجهات الإسبانية والكويتية، إضافة الى كيوان لكننا لم نحصل على رد منهم. 

الرواية الثانية 

لدى بشار كيوان رواية أخرى تقول بأنّ خلفيات القبض عليه تدور حول امتناعه عن الخوض في صفقة غسيل الأموال المعروفة بـ 1MBD) 1Malaysia Development Berhad) التي شجّع عليها الأمير الحاكم صباح جابر آل الصباح بمساعدة رجل الأعمال الماليزي جو لو المتواري عن الأنظار الذي كان على علاقّة تجارية وسياسية عميقة مع الصباح، كونه يزور دائماً الكويت ممثّلاً رئيس الحكومة الماليزية حينها نجيب رزاق.

اعتبر كيوان أنّ الدعوى المرفوعة ضّده من العائلة الحاكمة مؤامرة  لرفضه الرشوى وغسل الأموال التي من خلالها تم اختلاس صندوق الثروة السيادية الماليزي بطريقة ممنهجة، بحسب ما نشرت صحيفة “Sarawak Report” الماليزية المسؤولة عن نشر فضيحة 1MBD. 

وأشار كيوان في حديث للمنصّة نفسها أنّه تعرّض للتعذيب والعنف خلال فترة اعتقاله لـ48 يوماً في الكويت معتبراً أنّه دفع ثمن رفضه الخوض في الصفقة. 

يدير كيوان أمواله وأعماله اليوم من فرنسا بالتعاون مع شركائه وأبرزهم مجد سليمان وزينة الخير، وتستمر شركته، “الوسيط العالمية”، بالعمل بصورة طبيعية في الإمارات، ولبنان، وسوريا، والبحرين، والأردن على ما يظهر على منصة Linkedin، وهي منصّة تستخدم للتواصل المهني والتطوير الوظيفي إضافة الى فرعها في مدينة دبي الإعلامية، في الإمارات.   

أحمد إدريس نصرالدين: مموّل تنظيم “القاعدة”؟ 

على الجانب الآخر، اتهمت الإدارة الأميركية في عهد جورج بوش الابن، القنصل الفخري لدولة الكويت في ميلانو الإيطالية، رجل الأعمال الكويتي-الفرنسي أحمد إدريس نصرالدين، بأنّه العرّاب المالي والمموّل الأساسي لتنظيم “القاعدة” عبر مصرفه “التقوى”. يمتلك الكويتي- الفرنسي عدد من الشركات في مدينة ميلانو منها “ناسكو ساس” و”ادريس ليمتد” في مالطا، عدا شركة “ادريس الدولية القابضة” الموجودة في سويسرا.

وفقاً لتسريبات قضائية حصل عليها فريق عمل L’Espresso، وهم شركاؤنا في المشروع، بدأ التداول باسم نصرالدين مع ورود اسمه بين المشتبه بهم بهجوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001 المعروف بـ9/11 في الولايات المتّحدة الأميركية بالشراكة مع رجل الأعمال والمصرفي المصري يوسف الندا المرتبط بشكل مباشر بالإخوان المسلمين وهو من سكّان إيطاليا وسويسرا. حينها، شنّ بوش حملة عدائية على الحركات والأحزاب الإسلامية كافّة وكل من يموّلهم إنتقاماً من الهجوم. 

انطلقت الجولة الأولى من التحقيقات في كلّ من سويسرا وإيطاليا بين 15 و23 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2001 وأفادت بأنّ نصرالدين وشريكه، يوسف ندا، لهما أسهم في مصرفيْ “العقيدة” و”التقوى” إنّما ركّزت التحقيقات الأولية على ندا وعلي غالب همّت – رجل أعمال سوري إيطالي وقيادي في الإخوان المسلمين في سوريا وأوروبا.

تبيّن لاحقاً، بحسب الإدارة الأميركية، أنّ المصرفيْن يحوّلان أموال الى كلّ من “القاعدة” والإخوان المسلمين في الدول العربية، والجماعة الإسلامية في لبنان، وحزب النهضة في تونس. بعد الغوص في تحرّكاتهم ووضعهم على لائحة العقوبات الأميركية، بدأت الجولة الثانية من التحقيقات من الجانب الإيطالي في 30 تشرين الأول 2001.

في هذا التاريخ، حقّقت المحكمة المعنيّة بالجرائم المالية والتهريب Guardia di Finanza في مجموعة نصرالدين، أي مجموعة من المؤسسات يرأسها المشتبه به أحمد إدريس نصر الدين، لافتراضات تمويل الإرهاب الدولي ضد الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المرتبطين بما يسمى “مجموعة نصرالدين”، بحسب “L’Espresso”. 

حكمت المحكمة على عمر نصرالدين، أي نجل أحمد إدريس نصرالدين، بتهمة اختلاس الأموال والتهرّب الضريبي من دون التطرّق إلى الارتباطات بالحركات الإسلامية في أوروبا وخارجها. 

فتحت الملفّات المتعلّقة بعلاقة مجموعة نصرالدين بمصرف “التقوى” في 6 و8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، وانطلقت سلسلة طويلة من التحقيقات، كان آخرها في آذار/ مارس 2005 من الشرطة القضائية الفدرالية السويسرية، وآذار 2007 بالمحكمة المعنيّة بالجرائم المالية والتهريب في إيطاليا. 

وعلى أثرها، أصدرت المحكمتان أحكاماً متشابهة، إذ شهدت التحقيقات في سويسرا وايطاليا عراقيل بما يخص الاتهامات بالعلاقة مع مجموعات إرهابية. فقد تبيّن أنّها مرتبطة بالملاذ الضريبي وغير متعلّقة بتنظيم “القاعدة”، كما أنّ التحقيقات في قضية نصرالدين وندا بدأت بعد فترة طويلة من تأسيس شركاتهما، ما يعني أن الدعوى عرضيّة. وتابع النّص القضائي المسرّب لـ”L’Espresso” أن المشتبه بهم لم يرغبوا في توضيح الحركات الاقتصادية والمالية التي تقودها شركاتهم لتصبح نتيجة الاستجواب غير مجدية خصوصاً وأن المحكمة افتقرت للوثائق التي تثبت الاتهامات بحق الشركات.

برغم إعراب ندا عن استعداده لحضور الجلسة، غاب عنها واقتصر الحضور على أحمد إدريس نصرالدين في 14 أيار/ مايو 2007 وأنكر فيها ارتباطه بالإخوان المسلمين وقال ما يلي: “جاءت فكرة إنشاء المصرف عام 1982 برئاسة ندا وهمّت لأنهما أرادا إنشاء مصرف إسلامي، وفي ذلك الوقت كنت قد قمت بالفعل بتأسيس مصرف “العقيدة” في جزر الباهاما”.

 وأضاف نصرالدين، حسب تسريبات “L’Espresso”: “كنت أنا من أحلتهم إلى محامي… في جزر البهاما حيث أسست المصرف لأن المعاملة كانت أسرع  وأرخص بكثير”.

استثمر نصرالدين حوالى 300 ألف دولار في مصرف ندا وهمّت بطلب منهما، مبرّراً خطوته بأنّها “مجاملة”، رغبة في المشروع الإسلامي في عالم الأعمال. وقبل منصب “المدير المشارك” بشرط مكتوب ورد فيه أحقيّته بالغياب عن اجتماعات مجلس الإدارة. 

حتى قبل 11 سبتمبر وبداية هذه التحقيقات، حاولت السلطات الإدارية السويسرية تسليط الضوء على “التقوى”، ولكن من دون أدلّة. في 31 كانون الثاني/ يناير 2000، قادت اللجنة المصرفية الفيدرالية السويسرية (هيئة الرقابة المصرفية) تقريراً عن أحد عملاء المصرف الذي قدم شكاوى ضدّه. 

كان نصرالدين الممول الرئيسي للمركز الإسلامي في ميلانو، الذي ذكرت الأجهزة الأمنية الأميركية أنه محطة إرسال المتدربين إلى معسكر تدريب تنظيم “القاعدة” في أفغانستان. هذه الاتهامات أدّت  الى وضع اسمه على لائحة العقوبات الأميركية مرفقة بشبكة مصارفه “العقيدة” والتقوى” عام 2002. 

سبقت الأمم المتّحدة الإدارة الأميركية بنشر لائحة العقوبات، وهذا بحسب بحث قام به شركاؤنا في المشروع “L’Espresso” الإيطالية، ففي 8 آذار/ مارس 2001 أصدرت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتّحدة أوّل لائحة للعقوبات للمصنّفين إرهابيين على أن تتطوّر مع ورود أسماء جديدة. عادت ونشرت لجنة العقوبات نفسها النسخة الجديدة في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 المعروفة بلائحة “طالبان والقاعدة” وضمّت كلّ من نصرالدين وندا.

إضافة إلى ذلك، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات بتجميد الأصول والنشاطات الاقتصادية للمتّهمين وتعليق العمل في شركاتهم، ونصرالدين كان أبرزهم. 

ورد في لائحة العقوبات الأميركية ما يلي: “نصرالدين وندا، اللذان عملا سوياً عن كثب لسنوات، كلاهما مدير في بنك التقوى وبنك العقيدة. يمتلك ندا حصة مسيطرة في مصرف “التقوى”، ونصرالدين لديه حصة مسيطرة في مصرف “العقيدة”. مصرفي “التقوى” و”العقيدة” ليسا مؤسستين مصرفيتين عاملتين بالمعنى التقليدي. إنهما شركتان وهميتان تفتقران إلى الوجود المادي وتشتركان في العنوان ذاته في جزر البهاما حيث تم ترخيصها. وأدّت العلاقات إلى إلغاء حكومة جزر البهاما تراخيص مصرفي “التقوى” “العقيدة”.”

ارتبط اسم شريك نصرالدين في شركته “ادريس ليمتد” بـوثائق “بارادايز” التي نشرها فريق ICIJ بالشراكة مع وسائل إعلام عابرة للحدود ومنها “درج” عام 2017، المتعلّقة بشركات “أوف شور” إضافة إلى غسل الأموال. 

تمتّع نصرالدين بشبكة من العلاقات السياسية المقرّبة مع الجماعات الإسلامية في مختلف الدول العربية، كما تنقّل للعيش بين سويسرا، إيطاليا، والمغرب وبنى القنصلية الكويتية في فندقه الخاص في كورسو سيمبيوني وهي منطقة في ميلانو. 

لم تتحرّك الحكومة الكويتية آنذاك فيما يخصّ هذا الأمر، فيبدو من خلال البحث أنّها لم تتحرَّ عن نصرالدين حتى أنّها لم تصدر بحقّه أي مذكّرة توقيف أو حكم قضائي بشكل علني، علماً أن القضاء السويسري والإيطالي باشر بالتحقيقات في تشرين الأول/ أكتوبر 2001 أي بعد صدور اللائحة بـحوالي 7 أشهر، حسب البحث الذي قام به فريق عمل “L’Espresso”، وكما ذكر إعلاه. 

توفّي نصرالدين في أيار 2021 عن عمر ناهز 96 سنة في إيطاليا. 

في خطوة لافتة، ألغت دولة الكويت القانون المتعلّق بالقناصل الفخريين عام 2015، أي قبل إصدار الحكم بقضية بشار كيوان. في هذا العام، أجرى البرلمان الكويتي حملة من التعديلات على بعض القوانين ليشمل قانون السلك الديبلوماسي، وركّز على إلغاء هذا المنصب. 

اليوم، يستمر كيوان في عمله داخل فرنسا وإسبانيا وعلاقة الشراكة مع سليمان والخير ما زالت مستمرة، لكن حكومة الكويت تسعى الى استرجاعه ومحاكمته. كما اعتقلت السلطات الكويتية رئيس الحكومة السّابق الشيخ صباح جابر آل الصباح (شريك كيوان) عام 2021 على خلفية الفساد في المال العسكري- علماً أنها كانت قد ساندته في موضوع كيوان- ومن ثم أطلقت سراحه بعد أشهر. 

لم نتلقَ رداً من الجهات التالية: بشار كيوان وشقيقه أشرف، وزارة الخارجية الاسبانية، وزارة الخارجية الكويتية، السفارة الاسبانية في دمشق، ومساعدة كيوان نعمة كونسطانطين. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.