fbpx

عن قصة 234 مهاجراً…
سفينة “أوشن فايكينغ” تعري الاتحاد الأوروبي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رغم ظروف الركاب السيئة وحاجة بعضهم للعلاج وبرغم أن السواحل الإيطالية كانت الأقرب إلى “أوشن فايكينغ”، لم تستجب حكومة جورجيا ميلوني، اليمينية المتطرفة، لنداءات الاستغاثة التي أصدرها طاقم السفينة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ظاهرياً، يبدو أن النهاية التي عرفتها سفينة أوشن فايكينغ (Ocean Viking) كانت مرضية بعدما سُمح لها بالرسو في ميناء تولون الفرنسي يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر، لتنتهي بذلك معاناة 234 مهاجراً ظلوا عالقين في عرض البحر نحو 20 يوماً. لكن ما كشفته الأزمة من عيوب لا يبعث على التفاؤل مستقبلاً. 

هذه السفينة التابعة لمنظمة SOS Méditerranée الإنسانية، تعمل على إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط. خلال السنوات الست الماضية، نجحت في اغاثة نحو 37000 شخص. 

الأزمة اندلعت عندما رفضت السلطات الإيطالية منح الإذن للسفينة المذكورة بالرسو في أحد موانئها، ما أشعل غضب باريس. وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أعلن استقبال المهاجرين “على نحو استثنائي” و”لأغراض إنسانية”، إذ سيتلقون الرعاية الطبية اللازمة قبل دراسة ملفاتهم وتحديد من يستحق صفة اللجوء، لتوزيعهم لاحقاً على عدة أوروبية.   

دارمانان انتقد بشدة موقف الحكومة الإيطالية لعدم “تحملها مسؤولياتها كدولة أوروبية” إلى جانب عدم احترامها “التشريعات الدولية”. لم يخطئ وزير الداخلية في إتهام روما بالإخلال بالتزاماتها: الاتفاقية الدولية لسلامة الحياة في البحار (اتفاقية SOLAS) تفرض على القباطنة المحافظة على حيوات الركاب عبر الإبلاغ عن حالات الطوارئ. من جهتها، تلزم الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في أعالي البحار (اتفاقية SAR) السلطات المحلية بتقديم المساعدة لمن يحتاج، دون تمييز لناحية الجنسية أو الوضع القانوني. كما ألزمت اتفاقية SAR الدولة الأقرب جغرافياً بعملية الإنقاذ، بناءً على خرائط بحرية جرى وضعها لهذه الغاية.    

رغم ظروف الركاب السيئة وحاجة بعضهم للعلاج وبرغم أن السواحل الإيطالية كانت الأقرب إلى “أوشن فايكينغ”، لم تستجب حكومة جورجيا ميلوني، اليمينية المتطرفة، لنداءات الاستغاثة التي أصدرها طاقم السفينة. 

بعيداً من التباينات القانونية وموازين القوى السياسيةالمؤسساتية، يمكن القول إن الجانب الإنساني كان الوجه الأخطر الذي كشفت عنه الأزمة. 

الخطوة الإيطالية عكست كذلك إخلالاً بالاتفاقات والتعهدات المبرمة بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما “آلية توزيع المهاجرين” المتفق عليها في حزيران الفائت. الحكومة الإيطالية استندت في تصرفها إلى جملة من الحجج: بداية تمسكت بحقها في ممارسة سيادتها على موانئها. من جهة أخرى اعتبرت أنها المتضرر الأكبر من موجات الهجرة، فموقعها الجغرافي حَوَّل سواحلها إلى بوابة لدخول أوروبا. 

وأضافت إيطاليا أن “آلية توزيع المهاجرين” ليست الحل المنشود: فالاتفاقيات الدولية نصت على وجوب إنقاذ المهاجرين لكنها لم توضح آلية استقبالهم، تضاف إليها القوانين الأوروبية التي تفرض على المهاجر تقديم طلب اللجوء في بلد الوصول، ما يعني إمكانية بقائهم على الأراضي الإيطالية. 

بغض النظر عن صوابية الموقف الإيطالي من عدمه، أدى قرار روما إلى اعادة إحياء التساؤلات حول فعالية الشراكة الأوروبية المتجسدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي. فالأزمات الاقتصادية والصحية التي عرفتها القارة العجوز خلال السنوات الماضية، دلت على عدم فعالية مبدأ “سمو القانون الأوروبي على القوانين الوطنية”، إن لوجود ثغرات وإن لميزان قوى يميل لمصلحة الحكومات على حساب مؤسسات الاتحاد. 

طبقاً لاتفاقية الشنغن، باتت الحدود الخارجية للدول مشتركة، ما يوحي بوجود تشريعات موحدة ترعى هذا الملف. لكن أزمة “أوشن فايكنغ” دلت على أن الحكومات المحلية هي صاحبة القرار الفعلي، كما أن “الية توزيع المهاجرين” هي اتفاقية بين البلدان المعنية بها وليس لها أي بعد إقليمي. بالتالي اتضح عجز الاتحاد الأوروبي عن فرض أي قرار على الحكومة الإيطالية ما يثير الاستغراب سواء لضعف المؤسسات الإقليمية أو لقدرة الدول الأعضاء على نبذ مبدأ التضامن، أحد أسس الشراكة الأوروبية، متى أرادت.   

بعيداً من التباينات القانونية وموازين القوى السياسية- المؤسساتية، يمكن القول إن الجانب الإنساني كان الوجه الأخطر الذي كشفت عنه الأزمة. 

من المبادئ التي قام عليها الاتحاد الأوروبي، وتشكل أساساً لانضمام أي دولة جديدة، أن مسألة احترام حقوق الإنسان والمساواة لا تتجزأ: صحيح أن فرنسا استقبلت السفينة، لكن ليس عن طيب خاطر وهو ما تؤكده التصريحات الرسمية التي شددت على استثنائية القرار، بعكس الحماسة و”السخاء” اللذين ابدتهما عند استقبال اللاجئين الأوكرانيين. إيطاليا وفرنسا ليستا استثناء، دول أوروبا الشرقية اعتبرت نفسها غير معنية باستقبال المهاجرين عند اندلاع الأزمة عام 2015، مقابل فتح حدودها في الفترة الأخيرة أمام الأوكرانيين. 

هيئات الأمم المتحدة كما “منظمة العفو الدولية”، وثقت سياسة “الكيل بمكيالين” في معرض مقارنتها بين حال اللاجئين الأوكرانيين من جهة، وأقرانهم القادمين من أفريقيا وسوريا والعراق وسواها من البلدان غير الآمنة. تقاريرهم الدورية سلطت الضوء على إتباع دول الاتحاد سياسة انتقائية في ما يخص استقبال اللاجئين، في خرق للاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي تنص على وجوب تأمين الحماية لجميع اللاجئين دون تمييز على أساس الهوية أو الجنسية أو العرق أو الدين. 

كما لاحظت التقارير غياب الشفافية في عملية ضبط الحدود بعد لجوء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأوروبية إلى العنف غير المبرر لمنع دخول اللاجئين غير الأوكرانيين. وانسحب نقص الشفافية كذلك على عملية دراسة طلبات اللجوء إلى جانب التعتيم على ظروف إيوائهم.  

أما الأسوأ فهو تخلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن مسؤولياتها على نحو انتقائي، والمقصود هي الاتفاقيات التي أُبرِمت مع بعض الدول (تركيا، المغرب …) ليمنعوا انطلاق اللاجئين من أراضيهم،  في تناقض إضافي مع “رحابة الصدر” التي عرفها الأوكرانيون. 

بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أكدت أن المهاجرين الأوكرانيين كانوا أكثر عدداً، بالتالي قرار إغلاق الحدود من عدمه لا علاقة له بالعبء الاقتصادي الذي قد يشكله هؤلاء اللاجئون، بحسب دول الاتحاد الأوروبي. للانتقائية خلفية سياسة مردها الرغبة بتسجيل موقف ديبلوماسي، إذ تعتبر الدول الأوروبية أن الحرب باتت على الأبواب منذ 20 شباط/ فبراير 2022. كما تفسر هذه الانتقائية بما صدر من مواقف عنصرية، على لسان سياسيين وإعلاميين، اعتبرت اللاجئين الأوكرانيين “شبيهين بالأوروبيين” لناحية “المظهر الخارجي” و”التحضر”.

هذه السياسة الانتقائية لا تؤدي إلى مضاعفة العنصرية على المستوى العالمي وحسب، بنظر منظمة “مجلس أوروبا”، بل قد تؤدي أيضاً إلى حالة من “الشقاق والشعور بالعداء” بين المهاجرين أنفسهم.   

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.