fbpx

“تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” في مصر:
انصياع للأوامر الأمنية وفقر في التدريب 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“تنسيقية الشباب والأحزاب” احتفلت بعامها الرابع فقط، وقد تستمر لسنوات طويلة، إلا أن أمر بقائها أو اختفائها ليس مرهوناً باستيعابها للشباب، إنما برغبة الضابط المسؤول عنها، وببقاء النظام نفسه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لفتت قمة المناخ  الدولية في مدينة شرم الشيخ الأنظار إلى سناء سيف شقيقة المعتقل المصري علاء عبد الفتاح الذي أعلن أضراباً كلياً عن الطعام والماء قبل أن يضطر إلى إنهائه، ما وضع التنظيمات الشبابية التابعة للنظام المصري وعلى رأسها “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” في اختبار عالمي في التعامل مع التوتر الناتج عن مناقشة سجل الدولة في قضايا حقوق الإنسان.

هذا الاختبار فشل فيه النائب عمرو درويش عضو التنسيقية بافتعال مشاجرة انتهت بطرده من فعالية أقامتها مجموعة “DCJ” الناشطة في مجال العدالة المناخية، ولاقى موقف درويش سخرية من العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتسبب بإحراج للنظام، قبل أن تصدر الأوامر بحسب مصدر داخل التنسيقية بإدارة الدفة داخلياً وتنظيم وقفات ضد طرد درويش، واعتبار موقفه دفاعاً عن الدولة ضد ما اعتبر “استقواء بالخارج” من سناء وشقيقها.

غياب التدريب والانصياع للأوامر

هناك من رفضوا تصرف درويش داخل التنسيقية ولم يعلنوا عن هذا صراحة، فحتى هذا الرفض العلني غير مسموح به، و كشفوا أيضاً أن التنسيقية لا تخضع أعضاءها لتدريبات مهنية تخص طريقة التعامل داخل المحافل الدولية، كما أنها تعتمد الأساليب الإقصائية في الرد على خصومها السياسيين. يقول عضو تنسيقية الشباب والأحزاب الذي اشترط عدم الكشف عن هويته  لـ”درج”، إن “التنسيقية هي خليط واسع من التوجهات، فهي تضم أعضاء من اليسار ومن الإسلاميين والليبراليين، وضمن الإسلاميين في عضويتها النائب عمرو درويش الذي كان في لجنة وضع دستور الإخوان، فأنا وكثر من أعضاء التنسيقية رفضنا هذا التصرف واعتبرناه مسيئاً لمصر، إلا أننا التزمنا الصمت بعد صدور الأوامر بضرورة دعم موقف النائب عمرو درويش. وهو ما اتضح حتى خارج التنسيقية بالوقفات الاحتجاجية التي تمت أثناء قمة المناخ، والتحركات داخل البرلمان، نحن لم نتلقَّ أي تدريبات حول التعامل السياسي بخاصة في المحافل الدولية، ومن الطبيعي أن الأعضاء الآتين من تجارب إقصائية مثل درويش ستكون تصرفاتهم إقصائية”.

من جانب آخر، يرى مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، أن التنسيقية حتى وإن ضمت توجهات مختلفة إلا أن هؤلاء في النهاية يمثلون توجه الدولة، والخطوط الحمر لدى النظام هي نفسها لدى التنسيقية مهما ادعى أعضاؤها التوزن، فما حصل داخل قمة المناخ ليس لغياب التدريب السياسي، ولكن لأن التنظيم بأكمله هو تنظيم الصوت الواحد، لا يضم في عضويته سوى أعضاء بتوجهات محددة تدعم النظام، وبالتالي فهم لا يتوقعون وجود اصوات مغايرة ومختلفة، وحين وجدوا أنفسهم أمام صوت مختلف تجب مواجهته بالحجة، فشلوا في ذلك بصورة كبيرة، بحسب رأي السيد.

سياسة الضباط 

بحسب الموقع الرسمي لتنسيقية الشباب والأحزاب، فإن العضوية تختلف شروطها ما بين الحزب وشباب السياسيين، كما تنقسم الشروط إلى شروط أساسية وأخرى إضافية، يجب توفر اثنين منها على الأقل، بينها خوض انتخابات نقابية أو نيابية، والحصول على درجة الماجستير على الأقل، وضمن الشروط الأساسية عدم تجاوز سن الأربعين، وكذلك ترك العمل الحزبي في حالة الأفراد، وحسن السمعة والتمتع بحق مباشرة الحقوق السياسية.

“كل هذه الشروط فشنك”، بهذه العبارة بدأ مصدر خاص داخل التنسيقية حديثه لـ”درج”، قائلاً “الشرط الأساسي كان موافقة المقدم أحمد شعبان مدير مكتب رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، والمتحكم الكامل في ملف الإعلام والسياسة قبل تركه منصبه دون مبرر واضح منذ شهور، فإذا وافق شعبان فمرحباً بك أنت عضو في التنسيقية، وإذا لم يوافق ينتهي طلب انضمامك وورقة السياسات العامة التي قدمتها كأحد شروط الانضمام إلى أقرب سلة مهملات”.

خلال فترة حكمه، لم يهتم السادات كثيراً بتأسيس منظمات شبابية سياسية، لا سيما أن الشباب في عصره كانوا أكثر ميلاً للنظم الاشتراكية عن سياسته الانفتاحية، كما عارضوا بقوة معاهدة السلام مع إسرائيل،

 بعد ترك أحمد شعبان المنصب، تفرق ملف القبول بين مكاتب أمنية عدة، لكنه في النهاية في يد عدد من الضباط، الذين يراقبون أعضاء التنسيقية نفسهم، يكشف المصدر أن عضو التنسيقية قد يجد نفسه محل لوم من الضباط في حال نشر أي “بوست” على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعجبهم، وهو ما حصل مع بعض أعضاء التنسيقية حين نعوا نائبة بالبرلمان صوتت ضد اتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير، وتسبب هذا النعي في غضب شديد ضد الأعضاء المتورطين فيه، وكاد ذلك يطيح بمستقبلهم السياسي.

وبرغم ذلك تحاول التنسيقية من وقت لآخر تبييض صفحتها مع ملف حقوق الإنسان باجتماعات شكلية، وبحسب المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، فإن النشاط الواضح للتنسيقية عبر أعضائها وصالونها السياسي، استضاف أسماء بارزة في العمل السياسي والحقوقي من المعارضين للنظام مثل الحقوقي محمد عبد العزيز مدير مركز الحقانية لحقوق الإنسان، وكذلك رئيس “حزب الدستور” السابق والمعتقل السابق خالد دواد، وكل هذه اللقاءات جاءت عبر تعليمات أمنية مباشرة لتقديم نموذج مغاير يعلي من انجازات النظام في مجال حقوق الإنسان، ويقدم صوتاً مغايراً من داخل السلطة.

 تعد قصة دعاء خليفة نموذجاً لقوة الضباط داخل التنسيقية، فالشابة التي شاركت ضمن حركة “تمرد” وجدت نفسها ممنوعة من عضوية التنسيقية، بسبب خلافاتها مع الضابط المسؤول عن التنسيقية أحمد شعبان، حيث نشرت فيديو اتهمته فيه بأنه يبتزها، وأنه رفض عضويتها في التنسيقية لأنها لم ترضى أن تقدم له ما يريد، وأرفقت ذلك بفيديو لمحادثة عبر تطبيق “واتسآب”، إلا أنها أنكرت بعد ذلك ما جاء في الفيديو، مدعية أن صفحتها كانت مسروقة، قبل أن تختفي عن الساحة، إلا أن عدداً من المعتقلات السابقات أكدن وجودها في سجن القناطر للنساء.

في المقابل، أصدرت التنسيقية بياناً قالت فيه إن دعاء تم رفضها من عضوية  التنسيقية بسبب تجاوزها الأربعين، وهو ما يعني افتقادها شرطاً أساسياً للعضوية، فيما أصدرت “حركة تمرد” بياناً اتهمت فيها دعاء بالنصب على رجال أعمال في محافظة الدقهلية التي تنتمي إليها باستخدام عضويتها في “تمرد”، ما دفعهم لفصلها من الحركة.

من عبد ناصر إلى السيسي 

يعتبر أول تنظيم سياسي للشباب في مصر، هو تنظيم الشباب الاشتراكي الذي أسسه عضو مجلس ثورة 1952 زكريا محي الدين بتكليف من الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وبحسب كتاب منظمة الشباب الاشتراكي “تجربة في إعداد القيادات” للقيادي في المنظمة عبد الغفار شكر، فإن المنظمة جاءت لتفريخ قيادات تستطيع حل مشكلات الوطن من خلال العمل الجماعي، وحصلت في عضويته على 30 ألف شاب وشابة يتوزعون بين الوحدات الأساسية في كل المحافظات، كما ضمت شباباً من التيارات السياسية كافة من أقصى اليسار إلي أقصى اليمين، قبل أن تنتهي في عصر السادات عام 1976.

ما قاله شكر في كتابه يتفق معه د.مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الذي يرى أن منظمة الشباب تختلف عن المنظمات الشبابية التي جاءت بعد عام 1976، لأن أعضاءها حظوا بالكثير من المناقشة الداخلية لاختلاف توجهاتهم السياسية، لا سيما أن المنظمة لم تكن ترفض أي فرد في عضويتها، لذلك فإن أعضاء المنظمة مثلوا بشكل ما سياق شباب المجتمع واختلافاته، وخرج منهم قادة العمل السياسي والفكري في العصور التالية.

خلال فترة حكمه، لم يهتم السادات كثيراً بتأسيس منظمات شبابية سياسية، لا سيما أن الشباب في عصره كانوا أكثر ميلاً للنظم الاشتراكية عن سياسته الانفتاحية، كما عارضوا بقوة معاهدة السلام مع إسرائيل، وهو ما حصل في عهد حسني مبارك الذي لم يهتم بتأسيس أي تنظيم شبابي إلا عام 1998، حين تم تدشين “جمعية شباب المستقبل”، التي اتخذت من مبنى داخل جامعة القاهرة مقراً لها، وحضر حفل افتتاحها الرئيس الأميركي الراحل جورج بوش الأب، واقتصرت عضويتها على أعضاء أمانة الشباب بالحزب.

عبر قنوات التلفزيون المصري عام 2005،  التقط محمد الحكيم الطالب في قسم الإعلام في كلية الآداب في إحدي الجامعات الاقليمية إعلاناً لجمعية “شباب المستقبل”، وهي جمعية منبثقة عن الحزب الوطني تمثل الشباب، ترأسها جمال مبارك في محاولة لتقديمه كوريث لوالده الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك.

لم يمر وقت طويل، قبل أن يختار محمد وعدد من أصدقائه الانضمام للجمعية، والحزب الوطني أيضاً ضمن أمانة الشباب، وبحسب وصفه لهذه المرحلة، فإن العمل التطوعي وقتذاك لم يكن متاحاً، إلا عبر الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يرفضه هو، ما دفعه للانضمام للجمعية لرؤيته أن الإصلاح يتم من الداخل.

و”جمعية جيل المستقبل”، هي جمعية أهلية تأسست عام 1998، وبحسب التعريف الرسمي لها فإنها تهدف إلى تطوير قطاع الموارد البشرية، واتخذت من جامعة القاهرة مقراً لها، وتركز نشاطها في الجامعات لاستهداف طلابها ليكونوا الظهير الشبابي للمرشح المرتقب جمال مبارك الممثل للشباب أيضاً، إلا أن ثورة يناير جاءت ومعها حل الجمعية، لتختفي كغيرها من المنظمات الشبابية التي أنشأتها الأنظمة المصرية المختلفة بداية من منظمة الشباب وحتى تنسيقية الشباب والأحزاب وشباب الـبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب على القيادة.

عام 2005، كانت معركة استقلال الجامعات في أوجها، لذلك وجد محمد نفسه في مواجهة تيارات سياسية وفكرية داخل الجامعة، بخاصة مع نشاط حركة “طلاب من أجل التغيير”، لكنه لم يكن مؤهلاً لمواجهة هذه التيارات، ما شكل إحراجاً له، إذ لم يتلقَّ أي تدريب أو تثقيف يخوله لدخول أي مناقشات بعيدا عن القبضة الأمنية، وحين انتشرت صوره في استقبال رئيس الوزراء آنذاك أحمد نظيف في موقع حادث قطار قليوب عام 2006، تلقى الكثير من الانتقادات داخل الجامعة، لم يستطع أن يقدم إزاءها أي حجة لانضمامه للجمعية أو الحزب الوطني.

“الحزب الوطني لم يكن ديمقراطياً، ولا انتخابات حقيقية فيه، فكل المناصب بالتعيين، وكان الشباب فيه مجرد حشد لا أكثر، بينما كانت الجمعية والحزب نفسه وسيلة للشباب لتأسيس علاقات تضمن لهم فرصة للحصول على وظيفة، كما أن الحزب له (كوتة) في المنح التي تأتي من خلال وزارة الشباب والرياضة، فكانت العلاقة منفعة متبادلة، الحزب يريد الحشد، والشباب يريدون ضمان المستقبل، والكثير من الشباب وأنا منهم كنا نرى أن لدى جمال مبارك ممثل الشباب رؤية تختلف عن والده وشاملة لحل كل مشاكل الدولة”، وفق محمد الحكيم.

وعام 2018، عقب دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتنمية الحياة السياسية، تم تدشين تنسيقية الشباب والأحزاب، التي أعلنت هدفها تقوية الأحزاب والحياة السياسية ويشارك فيها 26 حزباً، إضافة إلى الشخصيات السياسية الشبابية غير المنتمية للأحزاب.

وإلى جانب التنسيقية، افتتح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة المعروف باسم “plp” عام 2015، وخلال السنوات الاخيرة، تم تعيين عدد من أعضاء التنسيقية والبرنامج الرئاسي في عدد من المناصب القيادية كنواب للوزراء والمحافظين، واستطاعت التنسيقية حصد عدد من مقاعد البرلمان المصري بالترشح على “القائمة الوطنية من أجل مصر”، وهي القائمة التي ضمت الأحزاب المؤيدة للنظام مثل “مستقبل وطن”، كما استطاعت التنسيقية حصد عدد من المقاعد في مجلس الشيوخ بالتعيين.

استمرت “منظمة الشباب” 13 عاماً، بينما استمرت “جمعية جيل المستقبل” 14 عاماً، أما “تنسيقية الشباب والأحزاب” فقد احتفلت بعامها الرابع فقط، وقد تستمر لسنوات طويلة، إلا أن أمر بقائها أو اختفائها ليس مرهوناً باستيعابها للشباب، إنما برغبة الضابط المسؤول عنها، وببقاء النظام نفسه.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.