fbpx

الاحتجاجات الإيرانية إذ تمتد إلى مونديال قطر 2022

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كيف يمكن الظهور بمظهر المذيع الرياضي السعيد المفعم بالحيوية وهناك الكثير من الآهات والحسرات والأحزان في كل ركن من أركان هذه الأرض؟ على الأقل أنا لم أعد أحتمل”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لحظات قبل انطلاق أولى مباريات المنتخب الإيراني في كأس العالم “فيفا قطر 2022” ضد المنتخب الإنكليزي، وبينما يصدح المذيع بجملة “النشيد الوطني للجمهورية الإسلامية الإيرانية”، اصطف لاعبو منتخب إيران وبدأ عزف النشيد، الا أنهم لم يقوموا بترديده كما هو معتاد، بل ظلوا جميعاً صامتين حتى نهاية العزف، ما جعل التلفزيون الرسمي الإيراني يقطع البث حتى لا يشاهد الإيرانيون لاعبيهم وهم يرفضون ترديد النشيد، كما وعدوا من قبل!

بداية القصة قبل أيام، عندما أعلن “إحسان حاج صفي”، مدافع أيك أثينا اليوناني وقائد المنتخب الإيراني عن تضامنه مع الاحتجاجات التي تشهدها الكثير من المدن الإيرانية منذ أسابيع، مرسلاً تعازيه لأسر ضحايا هذه الاحتجاجات. وواصل “حاج صفي” حديثه الناري عشية لقاء إيران ضد انكلترا، وقال: “علينا أن نتقبل أن الأوضاع في بلادنا ليست صحيحة وأن شعبنا ليس سعيداً. نحن هنا لكن هذا لا يعني أننا لا ينبغي أن نكون صوتهم أو ألا نحترمهم”، مؤكداً أنه وزملاءه يجب أن يكونوا صوت أولئك الذين يواجهون المعاناة.

حاج صفي، البالغ من العمر 32 سنة، والمولود في مدينة كاشان الإيرانية بإقليم أصفهان، والتي تشهد كمدن إيرانية كثيرة احتجاجات واسعة ضد النظام الحاكم منذ منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، تحديداً منذ واقعة مصرع الفتاة الإيرانية “مهسا أميني” بعد ساعات من اعتقالها بواسطة “قوات الإرشاد” قرب محطة مترو “الشهيد حقاني” في طهران، وكانت برفقة أخيها، بحجة عدم التزامها بقواعد الثياب المفروضة على النساء.

وفي حين قالت الشرطة الإيرانية إن الفتاة عانت من “قصور مفاجئ في القلب” أثناء انتظارها مع نساء أخريات في المركز حتى يتم “تهذيبها/ تثقيفها” بخصوص قواعد الحجاب”، نافية تعرّضها للضرب، إلا أن الفتاة لفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى في العاصمة الإيرانية. 

ونشرت وسائل إعلام إيرانية صورة لرسالة من رئيس هيئة مدينة بندر عباس الطبية جاء فيها إن “النزيف من الأذن والكدمات تحت عينيها لا يتفقان مع أعراض نوبة قلبية” والتي قالت السلطات الإيرانية إنها كانت سبب الوفاة. 

ومع جنازة الفتاة التي كانت تبلغ من العمر 22 سنة، والتي شارك بها الآلاف في مدينتها “سقز” في قليم “كردستان” شمال غربي إيران، اندلعت الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية، ضد القمع والحجاب القسري.

وفي الوقت الذي تضامن فيه عديد الزعماء وقادة الدول المختلفة مع الاحتجاجات الشعبية الإيرانية، امتد التضامن الى داخل إيران نفسها، حيث سبق وأن قدم المذيع ومقدم البرامج الرياضية داود عابدي، استقالته من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وذلك قبل أيام من بداية تغطيته مباريات كأس العالم، معلناً تضامنه مع ضحايا التظاهرات، علماً أن زميلته كيمياء جيلاني، المذيعة أيضاً في تلفزيون طهران، قد سبقته بتقديم استقالتها على الهواء بعدما شاهدت فيديو مقتل صبي في التاسعة، برصاص قوات الأمن خلال قمع الاحتجاجات في مدينة إيذج جنوب غربي إيران.

وقبل مواجهة إيران ضد إنكلترا في كأس العالم، أفادت وسائل إعلام إيرانية باعتقال السلطات الممثلة هنكامه قاضياني، بعدما ظهرت في مقطع فيديو على صفحتها في “إنستغرام” دون حجاب، معلنة تضامنها مع الشعب الإيراني حتى أنفاسها الأخيرة، بحسب تعبيرها.

تضامن الرياضيين الإيرانيين لم تكن بدايته مع حادثة النشيد الوطني الإيراني، بل سبقه الكثير من الرياضيين الإيرانيين ممن أيدوا علناً الاحتجاجات الشعبية، مثل نجم كرة القدم السابق علي كريمي، والذي كان من أوائل المغردين عبر “تويتر” دعما لانتفاضة الشارع الإيراني، ما جعل السلطات الإيرانية تجمد أمواله وتحاصر منزله، علماً بأنه غير موجود حالياً داخل إيران.

“تجعلون الناس يكرهونكم أكثر، هل تضرون النساء؟ عار على انعدام الشرف هذا”.

إضافة الى كريمي الذي سبق أن مثل ناديي “بايرن ميونيخ” و”شالكه” الالمانيين، هناك أيضاً لاعب كرة القدم السابق مهدي مهديفيكيا، الذي اتهم سلطات بلاده بتجاهل مطالب الشعب، ونشر على إنستغرام صورة لتصدي ضابط شرطة لامرأتين وكتب يقول: “تجعلون الناس يكرهونكم أكثر، هل تضرون النساء؟ عار على انعدام الشرف هذا”. كما طالب أسطورة كرة القدم الإيرانية علي دائي السلطات الإيرانية بحل مشكلات الشعب بدلاً من استخدام القمع والعنف والاعتقالات. كما كتب القائد السابق للمنتخب الإيراني مسعود شجاعي، والذي لعب طويلاً في اسبانيا واليونان، على “إنستغرام” واصفاً المرأة الإيرانية بأنها ذكية وذات شخصية وأصالة، ولا تحتاج من يرشدها. 

ومن لاعبي الجيل الحالي كتب علي رضا جهانبخش، لاعب “فينورد” الهولندي عبر موقع “إنستغرام” :”نحن دائماً نقف في صف الشعب الذي يطالب حالياً بالحصول على حقوقه الأساسية”.  كما تحدث مهاجم بورتو البرتغالي مهدي طارمي، والذي سجل ثنائية المنتخب الإيراني في مرمى انكلترا، على “إنستغرام” معرباً عن شعوره بالخجل عندما يشاهد صور الأيام القليلة الماضية.

“احتراماً لرجال ونساء وطني، أقول وداعاً للمنتخب الإيراني إلى الأبد”

التضامن الرياضي لم يقتصر على لاعبي كرة القدم، فقد أعلن سجاد أستكي نجم نادي “دينامو بوخاريست” الروماني ومنتخب إيران لكرة اليد عن اعتزاله اللعب الدولي للأبد، احتجاجاً على ما يتعرض له أبناء شعبه من اساءة، مؤكداً تعاطفه واحترامه لرجال ونساء وطنه، وذلك بمنشور عبر صفحته الرسمية على “إنستغرام”. 

الاعتزال الدولي شمل لاعبا آخر في رياضة أخرى، هو مجتبى عابديني، لاعب المبارزة بالسيف، والذي قال على انستغرام ايضا: “في ظل هذه الظروف، حيث يتعرض أبناء وطني للإساءة والضرب، من واجبي أن أعبر عن تعاطفي وتضامني مع رجال ونساء بلدي، وأقول وداعاً للمنتخب الإيراني إلى الأبد”.

وتواصل التضامن للرياضيات الإيرانيات، حيث نددت العداءة فرزانة فصيحي بمقتل مهسا أميني وكتبت: “فلتكسر اليد التي ترفع على الفتاة الإيرانية”. في حين أعلنت نجمة كرة اليد الإيرانية، راضية جانباز اعتزالها اللعب الدولي بقميص منتخب إيران، احتراماً “لروح أختي مهسا أميني الغالية” على حد تعبيرها. 

“بسبب سوء التوقيت والنداء غير المتوقع لتسلق الجدار (أثناء المسابقة)، سقط غطاء رأسي عن غير قصد”.

ولعل أبرز الاحتجاجات الرياضية النسائية كانت من المتسلقة الإيرانية إلناز ركابي، والتي شاركت في بطولة رياضية في كوريا الجنوبية من دون حجاب يغطي شعرها، ما جعل الآلاف يستقبلونها في مطار طهران عند عودتها، قبل أن تخرج ركابي وتعلن أن حجابها قد انزلق عن رأسها دون قصد، ما وصف بأنه اعتذار جاء بعد تهديدات رسمية للفتاة وعائلتها، بحسب شبكة “بي بي سي”. 

ومع دخول الاحتجاجات الشعبية بالمدن الإيرانية أسبوعها التاسع، وارتفاع ضحاياها لما يزيد عن 400 قتيل، بحسب وكالة “هرانا” الإيرانية الحقوقية، يبدو أن مسلسل تضامن الكثير من عناصر المجتمع الايراني سيتواصل، ما قد يدفع السلطات الإيرانية نحو المزيد من التضييق وربما ملاحقة هؤلاء الرياضيين وعائلاتهم.