fbpx

“السباحتان”: نكء الجرح السوري وتجهيل القاتل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الفيلم لا يغفل عن تصويب أصابع الاتهام على مرتكبي جرائم إنسانية، لكنه تعمّد تجهيل قاتل السوريين، وبذلك خسر الحقيقة على رغم واقعية قصته. عدم تسمية الأشياء بأسمائها في فيلم ما كان ليكون لولا قصف النظام السوري العشوائي بيوتاً مأهولة ومستشفيات ومدارس، هو مساهمة في تزوير الحقيقة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على رغم سطحية المُعالجة وضعف الإخراج، إلا أن الفرد لا يستطيع بسهولة إزاحة نظره عن الشاشة لساعتين وربع الساعة. لو فكّرنا بالسبب، العامل الجاذب في فيلم “السباحتان” المعروض على “نتلفيلكس” هو “السباحتان” نفسهما، وواقعية حكايتهما بما تحمله من قساوة ومعاندة للقهر.  

القصة تبدأ مع الشابتين السوريتين سارة (منال عيسى) ويسرى مارديني (نتالي عيسى) وهما تتدرّبان في بركة سباحة مع والدهما ومدّربهما عزّت مارديني (علي سليمان) في دمشق، وهما سبّاحتان محترفتان هدفهما خوض تحدٍّ على مستوى العالم. هرباً من مصيرٍ مظلمٍ يشابه ما حدث لزميلتهما رزان حدّاد، تقرر الشابتان مع ابن عمهما نزار (أحمد مالك) القيام بما جرّبه سابقاً سوريون آخرون بحثاً عن فرصة للنجاة والبقاء: عبور البحر الأبيض المتوسط. الهجف كان الوصول إلى ألمانيا، ومن هناك تواصلان التدريبات في سبيل تمثيل المنتخب السوري في أولمبياد ريو 2016.

يروي فيلم “السباحتان” القصة الحقيقية للسباحة السوريّة يسرى مارديني، التي قامت عام 2015، مع أختها سارة واثنين آخرين، بالسباحة وسحب قارب للاجئين عبر بحر إيجه، لإنقاذ الجميع من الغرق خلال الرحلة البحرية الطويلة. بعد الوصول إلى اليونان ومنها إلى ألمانيا، اختيرت يسرى مع عشرة آخرين للتنافس مع الفريق الأولمبي للاجئين في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ريو دي جينيرو عام 2016.

يبدو الفيلم، على رغم قوة قصته، كأنه مُصمم لتجميل قصص اللاجئين، أراد الفيلم القول: للاجئين أحلام يطاردونها مهما قست الحياة عليهم. لكن الحقيقة أن أحلام جزء كبير من اللاجئين تقتصر على عبور البحر آمنين، واليأس في أغلب الأحيان هو صديقهم الوحيد.

يبدو أن “نتفليكس” والمخرجة وكاتبة السيناريو الويلزية من أصول مصرية سالي الحسيني لم تستطيع مقاومة إغراء تلك القصة، فحولتها الحسيني إلى فيلم درامي خالٍ من أي بعد سياسي. في مشهدٍ يصرخ لإحداث التأثير، أثناء مسابقة رياضية في صالة مغلقة تكون يسرى آخر من يبقى في المسبح، بينما تغرق قنبلة يدوية أمامها في قاع المسبح. تُقتل رزان صديقة يسرى وسارة، تعترف سارة بأن عشرة من أصدقائها قضوا في الأسابيع الأخيرة، السماء تمطر قنابل وصوت القصف يُصاحب معظم المشاهد. ولكن من وراء ذلك؟ يُجهّل “السباحتان” المجرم، تغيب تماماً عن نص الفيلم مجازر النظام ومسؤوليته الأساسية عن حرمان السوريين من أحلامهم. يكتفي الفيلم بالتحدّث عن مأساة لاجئين هاربين لسببٍ ما، الخدمة العسكرية، القذائف الهاطلة على دمشق من جهة غامضة، موت سُبل تحقيق الأحلام أو غيرها، لكنه يتجنّب التطرق إلى المُسبّب عن سابق إصرار، مع أن حبكة الفيلم تتحمّل رسائل سياسية. الفيلم اكتفى بالتنويه إلى صور بشار الأسد معلّقة على الحائط في مشهدَين عابرَين، إلا أن الرمزية في هذا المكان تحديداً لا تكفي، إذ إن النظام لا يزال قائماً وجرائمه حاضرة.   

يبدو الفيلم، على رغم قوة قصته، كأنه مُصمم لتجميل قصص اللاجئين، أراد الفيلم القول: للاجئين أحلام يطاردونها مهما قست الحياة عليهم. لكن الحقيقة أن أحلام جزء كبير من اللاجئين تقتصر على عبور البحر آمنين، واليأس في أغلب الأحيان هو صديقهم الوحيد. 

حتى لناحية الموسيقى، نرى سوريا تُقصف على صوت أغنية “تيتانيوم” للمغنية الأسترالية سيا، بينما تقول الكلمات: “أنا مضاد للرصاص، لا شيء لأخسره، أطلق النار كما تشاء”. كما تتدرّب سالي داخل مخيمات اللاجئين على صوت أغنية unstoppable، وبينما يُقسّم اللاجئين على المخيمات، نسمع كلمات أغنية “لا يهمني من أين أتيت”. 

في المشهد المركزي للفيلم، أي مشهد عبور الفارّين في زورقٍ مطاطي صغير مُرقّع لا يحتملهم، تطرح الحسيني الجرائم التي يرتكبها المهربون بحق أولئك الذين فقدوا كل شيء. إذ يعد أحد المهربين مجموعة من اللاجئين تضمّ نساءً وأطفالاً برحلة آمنة، لكن سرعان ما ينسحب المهربون تاركين اللاجئين في وسط البحر عالقين، يصرخ أحدهم: “دفعنا كل اللي معنا ما رح ننزل”. 

الفيلم لا يغفل إذاً عن تصويب أصابع الاتهام على مرتكبي جرائم إنسانية، لكنه تعمّد تجهيل قاتل السوريين، وبذلك خسر الحقيقة على رغم واقعية قصته. عدم تسمية الأشياء بأسمائها في فيلم ما كان ليكون لولا قصف النظام السوري العشوائي بيوتاً مأهولة ومستشفيات ومدارس، هو مساهمة في تزوير الحقيقة.  

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.