fbpx

إدارة النفايات في الأردن ولبنان… الكنز الذي دفنته السياسة تحت الأرض

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سوء إدارة النفايات والتخطيط والتنفيذ المتعثر في لبنان والأردن، أدى إلى ضياع مليارات الدولارات من المواد التي تمكن إعادة تدويرها، وذلك عبر دفنها تحت الأرض.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أجمع المواد القابلة للتدوير وأفرزها في أكياس باستمرار، ومرة في الشهر أنقلها إلى مركز إعادة التدوير”، تقول المعلمة نيرمينة الرفاعي.

عبر “فيسبوك” طلبت مساعدة لإيجاد مركز لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية المعطوبة. لكن على رغم من عدد أصدقائها الكبير، فقد أتت معظم التعليقات من باب استغراب حاجتها لمركز كهذا، بدل مساعدتها في الوصول إليه.

في الأردن هناك القليل من النشاطات الهادفة لزيادة الوعي بالحفاظ على البيئة بشكل عام وإعادة التدوير بشكل خاص. تنبئنا بذلك نتائج بحث سريع عن اجتماع كلمات (مدرسة الاردن نفايات إعادة تدوير) والتي ستعطي 70 نتيجة، أما إذا بحثت عن عبارة (الأردن الوعي البيئي) فستحصل على 53 نتيجة فقط.

سيل من المواد الأولية بالمجان يذهب هباء

يكشف بحثنا أن إدارة النفايات غير متطورة في الدول العربية الفقيرة كلبنان والأردن بسبب نقص التمويل وسوء التخطيط والتنفيذ، وضعف التشريعات وعدم القدرة على إنفاذ التشريعات الموجودة على الأرض، وضعف الاهتمام المحلي بجمع النفايات وفرزها بشكل آمن وصديق للبيئة.

بحسب دراسة “يا له من إهدار 2” الصادرة عن بها البنك الدولي عام 2018، وقبلها الدراسة التي قام بها معهد الأمم المتحدة في الأردن (تحليل قيمة النفايات)، ينتج الفرد الأردني نحو 0.81 كلغ من النفايات يومياً.

ما يعني ذلك ودون احتساب عدد اللاجئين السوريين، أن الأردن أنتج نحو 28 مليون طن من النفايات خلال العقد الأخير. قرابة عشرها أي 3 ملايين طن أنتجت عام 2021. وبازدياد السكان يُتوقع أن ينتج الأردن قرابة 5.2 مليون طن من النفايات خلال عام 2034.

قرابة نصف النفايات، 48 في المئة يتم دفنها في المطامر، وقرابة نصفها الآخر 45 في المئة ترمى في مكبات مفتوحة، وأقل من العشر أي 7 في المئة تتم الاستفادة منها بإعادة تدويرها.

في الواقع، معظم عمليات إعادة التدوير تتم بشكل غير منظم من قبل المنقبين في النفايات وبدون وجود أي تجهيزات خاصة أو أماكن عمل. يبيعون ما يجمعونه لتجار الخردة، الذين بدورهم يفرزون المواد، يجهزونها ثم يبيعونها للمعامل التي تستخدمها مواد أولية في عمليات التصنيع.

بعملية حسابية بسيطة بناء على نسب المواد في النفايات، وبالاعتماد على أسعار هذه المواد لدى تجار الخردة، نجد أنه في العقد الأخير تم دفن أو رمي (في مكبات مفتوحة)، ما قيمته قرابة المليار دولار أميركي من المواد القابلة لإعادة التدوير.

ولابد أن نشير هنا إلى أن القيمة الفعلية للنفايات أكبر من ذلك، باعتبار أننا لم نستطع إيجاد دراسات تفصيلية عن أنواع المعادن في النفايات ونسبتها، فقمنا باحتساب جميع المعادن بسعر خردة الحديد في السوق الأردنية. ولم نجد أيضاً دراسات تخولنا تقدير حجم وقيمة الغاز الطبيعي الذي يمكن إنتاجه من النفايات العضوية، وحجم وقيمة الكمبوست الناتج إذا ما تمت معالجة النفايات العضوية بشكل صحيح.

إلا أن مشروع الغاز الحيوي في مكب الغباوي الأردني، الوحيد المجهز لإنتاج الغاز الحيوي وتحويله الى كهرباء من مكبات النفايات الـ18 في الأردن. يمكن أن يعطينا لمحة عن الفائدة المرتقبة إذا ما عرفنا أن المشروع سيوفر قرابة 5 ملايين دينار سنوياً (7 ملايين دولار) من فاتورة الكهرباء لأمانة عمان الكبرى.

أحمد الجراح وهو تاجر خردة أردني، يقول إن الضرائب الحكومية المفروضة على تصدير الكرتون الذي يتم تجميعه من النفايات عالية جداً، والمصنع الوحيد الموجود في الأردن لاستقبال هذه المادة لا يستطيع استيعاب إنتاج السوق المحلي بكامله.

يعتقد الجراح أن على الحكومة الأردنية وضع حزمة خاصة من التشريعات لقطاع إعادة التدوير والأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف في هذه الصناعة، إذا ما أرادت ضمان ازدهارها وتطورها في البلاد.

النفايات البلدية ليست مجرد مصدر مستمر للمواد الأولية القابلة لإعادة التدوير، إنما أيضاً أكثر من نصفها هو نفايات عضوية. بحسب تقرير “دبليو دبليو اف” و”تاسكو” الأخير بعنوان “ترمى في القمامة“، هناك قرابة 2.5 مليار طن من الطعام ترمى في القمامة كل عام في العالم.

عندما تتراكم نفايات الطعام (النفايات العضوية) في مكبات النفايات تنتج غاز الميثان عندما تتخمر، ويشكل هذا الميثان عُشر انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عالمياً. وفي الأردن تحديداً ارتفعت كميات غاز الميثان المنبعث من المكبات من 7 في المئة من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة عام 2010 إلى 12 في المئة عام 2016، بحسب تقرير الأردن عن تحديثات المناخ المقدم للأمم المتحدة.

الناطق الإعلامي في وزارة البيئة الأردنية أحمد عبيدات أقر بصدقية تحليلنا، قائلاً إن الأردن يخسر مليارات الدولارات بطمر النفايات، وأن البلاد اليوم ترى النفايات من منظور آخر، “الأردن الآن يعتبر النفايات نعمة لا نقمة”.

وأضاف عبيدات، “بدعم من أعلى سلطة في الدولة، بدأ الأردن بالتعامل مع البيئة بشكل مختلف تماماً منذ عامين بإصداره قانون حماية البيئة رقم 16 لعام 2020، وهناك خطط لتطوير عملية إدارة النفايات بالشراكة مع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي”، مشيراً إلى أن الأردن نجح في السنوات الأخيرة في الوصول إلى تأمين ربع حاجة البلاد من الكهرباء من الطاقة الشمسية.

لبنان وأزمة النفايات

ينتج المواطن اللبناني 0.93 كلغ من النفايات يومياً، بحسب أحدث دراسة للبنك الدولي والمنشورة عام 2018، أي أن البلد أنتج قرابة 2.4 مليون طن من النفايات عام 2021، وما يقارب الـ23 مليون طن من النفايات خلال العقد الأخير دون احتساب الـ1.5 مليون لاجئ سوري فيه.

 التعامل مع هذه الكمية من النفايات أصبح حجر عثرة أمام الحكومة اللبنانية واشتدت الأزمة صيف عام 2015، عندما فشلت الحكومة في الوصول إلى اتفاق حول إزالة النفايات المتراكمة في الشوارع بيروت التي تجولت إلى ما يشبه مكب مفتوح للنفايات.

اندفعت إثر ذلك الجماهير الغاضبة إلى الشوارع بهتاف “طلعت ريحتكم” للمطالبة بمحاسبة الفاسدين من المسؤولين. وعلى رغم التأييد الكبير للحرك، إلا أنه فقد زخمه بنهاية عام 2015. وفي ربيع 2016 توصلت الحكومة إلى اتفاق لإزالة النفايات من الشوارع.

حتى الآن تفشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع أزمة النفايات في لبنان، وتصل المكبات إلى أقصى قدرتها الاستيعابية شيئاً فشيئاً، ما يجبر إدارات البلديات على البحث عن حلول أخرى تكون في غالب الأحيان باللجوء إلى المكبات العشوائية.

بحسب تقرير تحديثات المناخ اللبناني الثاني المقدم للأمم المتحدة تم رصد حوالي 670 مكب عشوائي للنفايات في عام 2010 في لبنان، ثلاثة ارباعها (504) هي مكبات للنفايات البلدية والباقي هي مكبات لنفايات البناء والنفايات الصناعية، وذلك لعدم وجود مكبات خاصة لهذا النوع من النفايات في لبنان.

هدر المال

عام 2013 استطاع لبنان الوصول إلى إعادة تدوير قرابة الخمس (17 في المئة) من النفايات الناتجة، وبذلك يكون قد ألقى في المكبات ما قيمته مليار و50 مليون دولار من المواد الأولية خلال العقد الأخير.

استطاع لبنان أيضاً تخفيض حجم انبعاثات غاز الميثان إلى الجو والمتولد من تخمر النفايات من 11 في المئة من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2010 أي قرابة 137 ج غ (ألف طن) إلى 7 في المئة أي قرابة 100 ج غ (ألف طن) في عام 2013، باستخدام أنظمة تجميع وحرق الغاز في المكبات.

بينما واصل ما لم يتم جمعه وإحراقه من الميثان طريقه إلى الغلاف الجوي، ولم تتم الاستفادة منه في توليد الكهرباء التي لبنان في أمس الحاجة إليها خلال أزمة الكهرباء المستمرة في البلاد

سليم خليفة مدير جمعية “شعاع البيئة” التي أنشأت معملاً لفرز النفايات في لبنان منذ عام 2015 والناشط وعضو الحركة البيئية اللبنانية، يقول، “إننا نفهم عملية إدارة النفايات بشكل خاطئ، فالمطامر في الواقع يجب أن تخصص للنفايات التي لا تمكن إعادة تدويرها كركام عمليات البناء مثلاً، أما النفايات البلدية فتجب إعادة تدويرها بشكل كامل والاستفادة من سيل المواد الأولية المجاني منها واستعادة الطاقة من المواد العضوية لتوليد الكهرباء”.

وعلى الرغم من إقرار لبنان لقانون إدارة النفايات الصلبة عام 2018 فرز النفايات من المصدر في عام 2019، إلا أن خليفة يعتقد أن المشكلة ليست في القانون، إنما في تنفيذ القانون ومراحل تطبيقه على الأرض. فمن غير المعقول الاستمرار في جمع النفايات المفروزة من المصدر بشاحنات الكبس القديمة التي تعيد خلط النفايات، فتصبح بحاجة لإعادة فرز وتنظيف مرة أخرى.

بحسب خليفة لكي تنجح عملية فرز النفايات من المصدر، يحتاج الأمر إلى إعادة هيكلة عملية جمع ونقل النفايات بالكامل، بحيث تصل النفايات الى مراكز التجميع والفرز وقد تم فرزها من المصدر، مشدداً على دور البلديات في تنسيق هذه العملية وتأمين المعدات اللازمة لذلك.

الدول الغنية تتجاهل الأمر

لفهم موقف الدول الداعمة من إدارة النفايات في الدول العربية الفقيرة والمتوسطة الدخل، قمنا بجمع وتحليل بيانات المساعدات الدولية للأردن ولبنان، فتبين أن الدول الغنية لا تعير الأمر اهتماماً كبيراً كما يجب.

فبين الأعوام 2010 و2020 حصل الأردن على 29.7 مليار دولار من المساعدات، دولار واحد فقط من كل 200 دولار منها كان مخصصاً لإدارة النفايات. أما لبنان وخلال الفترة ذاتها فحصل على نحو 13 مليار دولار من المساعدات، دولار واحد من كل 270 منها خُصص لإدارة النفايات.

ويمكننا القول إن الدول الغنية ليست مهتمة أيضاً بدعم مشاريع فرز وإعادة تدوير النفايات، فمن كل 1000 دولار من المساعدات التي حصل عليها الأردن، خصص دولار واحد فقط لمشاريع فرز النفايات ودولار آخر لمشاريع إعادة تدوير النفايات. بينما من كل 1000 دولار حصل عليها لبنان كانت 5 دولارات مخصصة لدعم مشاريع فرز النفايات و1.6 دولار لمشاريع إعادة التدوير.

من المنطقي أن يخطر على بالنا سؤال هنا: لماذا يجب أن تدعم الدول المتقدمة الغنية الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل لمواجهة مشكلاتها في حماية البيئة؟

يأتينا الجواب على هذا السؤال من علي درويش مدير القسم السابع في نقابة المهندسين اللبنانيين خلال مؤتمر الواقع البيئي والعدالة المناخية في لبنان نحو مؤتمر الأطراف 27، الذي عقد في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 في بيروت.

يقول درويش إن العدالة البيئية ومبدأ المسؤولية المتكافئة لم يتحقق منذ عام 1992 وحتى الآن، وما زالت الدول الصناعية الكبرى المسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات الدفيئة خلال المئة عام الماضية، تتنصل من مسؤولياتها البيئية.

وأضاف درويش أنه في مؤتمر كوبنهاغن، تعهدت الدول الغنية بتقديم مساعدات بمقدار 100 مليار دولار كل عام كتمويل بيئي للدول الفقيرة لمساعدتها في مشاريع التنمية والتأقلم مع تغير المناخ. إلا أننا وبعد أكثر من عقد، لم تقدم الدول الغنية خلال كل هذه السنوات سوى 79.6 مليار دولار من التمويل البيئي للدول الفقيرة.

وزير البيئة ناصر ياسين في كلمته خلال المؤتمر عزا عدم قدرة لبنان على القيام بالتزاماته تجاه البيئة لثلاثة أسباب. أولها الأزمة المالية الاجتماعية السياسية الي تمر بها البلاد، والتي تضغط على جميع المسؤولين وصناع القرار وتوجه أولوياتهم نحو حل المشكلات اليومية على حساب المشكلات المتوقعة مستقبلاً بسبب تغير المناخ.

ثاني الأسباب بحسب ياسين: هو فشل المجتمع الدولي في الارتقاء إلى مستوى قضية تغير المناخ، فالدول الصناعية الكبرى ما زالت تتنصل من مسؤولياتها، بينما تتحمل الدول الصغيرة كلبنان أعباء تخفيف انبعاثات غازات الدفيئة التي تنتجها الدول الصناعية على حساب التنمية الاقتصادية المحلية.

وثالث الأسباب هو أن الحوار البيئي ما زال نخبوياً، ولم يصل إلى المواطن العادي، وما زال يستخدم لغة الأرقام التقنية ولم يستطع خلق تعاطف جماهيري مع البيئة ولم يؤثر بالشكل المطلوب على الرأي العام ويشرح تأثير تغير المناخ على حياة الناس.

وأضاف ياسين أن الاستثمار البيئي ليس رفاهية تمارسها الدول الغنية، فعن كل دولار يتم استثماره في المشاريع البيئية، قدرت الدراسات العائد المحتمل بـ.3 دولار. وعلى لبنان استغلال هذه الفرصة.

لقد خسر العالم اليوم معركته البيئية في منع ارتفاع حرارة الكوكب بمقدار درجتين بسبب عدم التزام جميع الدول بمبدأ الحياد الكربوني. يرى المهندس سليم خليفة أحد مؤسسي الحركة البيئية اللبنانية والمنسق الوطني للشبكة العربية للتنمية البيئة (رائد)، أن الفوضى السياسية في البلاد وغياب الدولة والإدارة الرشيدة والعدالة الاجتماعية حول الجميع إلى مستهلكين للبيئة وأصبحت البيئية هي الطرف الأضعف في معادلة البقاء، وللأسف لا يتقدم الإعلام للدفاع عنها في معظم الأوقات.

التشريعات وحدها لا تكفي

في الأردن ولبنان، ينظم القانون عملية إدارة النفايات وعلاقة المواطن بالبيئة، ويتقدم لبنان قليلاً بوجود قانون خاص ينص على فرز النفايات من المصدر. إلا أن جميع الخبراء في الأردن وفي مؤتمر “الواقع البيئي والعدالة المناخية في لبنان نحو مؤتمر الأطراف 27″، أجمعوا على أن التشريعات هي الخطوة الأولى نحو إدارة جيدة للنفايات وحماية البيئة.

يكمن التحدي بحسب هؤلاء الخبراء في تطبيق القوانين على الأرض وتجهيز البنية التحتية المناسبة، وجزء مهم من هذا التحدي يتحمله المواطن بتعاونه مع الجهات المسؤولة والالتزام بالقوانين والتشريعات البيئية.

أما في الأردن، فقد أشار المجلس الاقتصادي الاجتماعي في تقريره لعام 2020 إلى ضرورة فرض القوانين البيئية على الأرض، فعلى سبيل المثال وبرغم وجود قانون إدارة النفايات منذ عام 2006، إلا أن وزارة البيئة قررت التشدد وتغريم من يلقي النفايات في الأماكن العامة والسياحية في منتصف العام 2021.

وعزا المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدم قدرة وزارة البيئة على فرض القوانين الموجودة إلى ضعفها السياسي وضعف الاستراتيجية الوطنية البيئية. وأوصى المجلس بضرورة دعم الوزن السياسية لوزارة البيئة وزيادة ميزانيتها ودعمها بالكوادر البشرية والتقنيات الحديثة، ودعم دورها التشريعي والرقابي واستقلاليتها.

وشدد المجلس على أن التنمية البيئية يجب أن تتم بالتوازي مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والقضاء على الفقر والبطالة.

خلال مقابلته معنا قال وزير البيئة الأردني السابق خالد الإيراني: إن وزارة البيئة لا تملك الوزن السياسي المطلوب في معظم الدول النامية، ومنحها الوزن اللازم ضرورة قصوى، فعملها يتداخل مع عمل جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ودورها محوري في جميع خطط التنمية.

ويرى الإيراني أن إدارة النفايات يجب أن يقوم بها القطاع الخاص، الذي يتعامل مع النفايات، على أنها مصدر للربح وليس كما تراها الحكومات كمواد يجب التخلص منها، بينما تبقى الحكومة ومؤسساتها كجهاز رقابي على عمل القطاع الخاص.

إعادة تدوير النفايات مشروع مربح بالتأكيد، فبحسب دراسات، إعادة تدوير الحديد يمكن أن تقلص الطاقة المستهلكة بمقدار ثلاثة أرباع بالمقارنة مع الطاقة المستهلكة خلال عملية تصنيع الحديد بالتنقيب عنه في باطن الأرض.

وهناك دراسات أخرى تؤكد أن استخدام الحديد المعاد تدويره مقارنة بالطريقة التقليدية لصناعة الحديد يقلل من انبعاثات الكربون بأكثر من ثلاثة أرباع (86 في المئة)، ويخفض استهلاك المياه في العملية بقرابة النصف (40 في المئة) ويقلل من تلوث المياه بمقدار ثلاثة أرباع.

بينما استخدام الألومنيوم المعاد تدويره يخفض انبعاثات غاز الكربون بمقدار تسعة أضعاف الطريقة التقليدية (92 في المئة) ويقلل من استهلاك الطاقة في التصنيع بنفس النسبة تقريباً (95 في المئة). وأخيراً، إعادة تدوير النحاس تخفض انبعاثات غاز الكربون ستة أضعاف (65 في المئة) الطريقة التقليدية.

إدارة النفايات مشروع طويل الأمد يمكن أن يكون ذو ربحية عالية حال إدارته بالشكل الصحيح. زد دبليو إف استوديو في فيلمها الوثائقي تتبعت ولادة صناعة تدوير النفايات في برلين التي تملك أحد أكثر أنظمة إدارة النفايات كفاءة في العالم.

تبين أن نظام هتلر النازي طور هذا النظام المبهر في نجاحه كمصدر للمواد الأولية لدعم الصناعات العسكرية، الأمر الذي ينبئنا بأن نفاياتنا ثروة يجب ألا ندفنها تحت الأرض.