fbpx

إیران: هل فشلت تجربة ولایة الفقیه؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نری الآن مراهقين ونساء وشباب من مختلف الأعراق والدیانات ممن ولدوا بعد الثورة، قد تغلبوا علی مشاعر الخوف التي بثها نظام ولایة الفقیه، ویصرخون بأعلی صوتهم، ويطالبون بإسقاط هذا النظام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منذ نحو ثلاثة أشهر والنظام في إيران، یواجه احتجاجات ومعارضة شعبیة یومیة متزایدة في العاصمة طهران وغيرها من المدن الایرانیة، مثل مشهد واصفهان وتبریز وكرمان وأهواز وزاهدان وسنندج وكرمانشاه.

بدأت هذه الموجة الجدیدة من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إیران، بعد مقتل مهسا أمیني، وهي فتاة كردیة إیرانیة تبلغ من العمر 22 سنة، في 16 أيلول/ سبتمبر الماضي في مركز للشرطة في العاصمة طهران. إثر ذلك نشرت السلطات قوات الشرطة والتعبئة الشعبیة (البَاسیج) في شوارع المدن الكبیرة.

عناصر “البَاسیج”، هم في الواقع قوات غیر نظامیة، تحت إمرة قوات الحرس الثوري، تستخدمهم الحكومة في قمع الاحتجاجات والتظاهرات المناهضة للنظام، وفي مجالات أخرى، مثل الهجوم علی السفارات الأجنبية. علی سبیل المثال لا الحصر، الهجوم علی السفارة البریطانیة في طهران في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، والهجوم علی السفارة السعودیة في طهران في كانون الثاني/ ینایر عام 2016. هذان مثالان علی استخدامات نظام ولایة الفقیه لعناصر البَاسیج، في السیاسة الخارجیة للنظام. وفي جانب آخر من هذه السیاسة، تم أخذ مواطنین أميركیین وأوروبيين من أصول إیرانیة رهائن.  

وتدعي الحكومة الإیرانیة حول مهاجمة السفارات الأجنبیة علی أراضیها، بأن تلك الهجمات یقوم بها أفراد غاضبون وغیر راضین عن قضیة تتعلق بالحكومات التي تتبعها تلك السفارات التي تتعرض للهجوم، وأن هؤلاء العناصر لا علاقة لهم بالحكومة.

قوات البَسیج (التعبئة الشعبیة) عندما تقوم بمهاجمة السفارات أو الممثلیات الأجنبیة لا تستخدم الأسلحة الناریة، إلا أنها خلال مواجهتها للمظاهرات الشعبیة تستخدم هذه الأسلحة وتطلق النار علی الناس العزّل، تنفیذاً للفتوی التي أصدرها المرشد علي خامنئي للقوات المسلحة، بإطلاق النار دون انتظار أوامر من القیادة. إن قتل الطفل كیان بیرفلك البالغ من العمر 9 سنوات، و9 آخرین في ایدزه، ومذبحة مدینة زاهدان (مركز محافظة سیستان وبلوشستان، جنوب شرقي إیران) في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تمت في إطار العمل بهذه الفتوی.

مع بدایة الموجة الجدیدة من التظاهرات، كان النظام في إيران یأمل من خلال استخدام قواته للعنف بأن یتراجع المحتجون إلی بیوتهم، إنما حدث العكس، وتوسعت الاحتجاجات یوماً بعد یوم.

عام 2019، والأعوام السابقة، استخدم النظام العنف في قمع الاحتجاجات، ما أدی إلی تراجعها. الموجة الجدیدة من التظاهرات جاءت بعد الكشف عن الفساد المالي علی نطاق واسع بین كبار المسؤولین وأقاربهم.

والأهم من ذلك، كانت قضیة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكیة لعامة الشعب، أصبح واضحاً للذین هم خارج دائرة السلطة، سواء الذین نزلوا إلی الشوارع، أو أولئك الذین لم یأتوا بعد، إن ما یحكم في إیران لیس بـ«نظام سیاسي» یمكن تعریفه، ولا يملك أي خطة لحل أي مشكلة تواجهها الدولة والشعب، بل یعتمد علی فرض القوة واستخدام العنف وحسب.

جمیع الحكومات في عالمنا الیوم، بغض النظر عن محتواها وشكلها، لدیها هیاكل یمكن تحدیدها. بعضها دول ملكیة استبدادیة، أو دستوریة، وبعضها الآخر جمهوریات دیمقراطیة أو استبدادیة. 

هذا التقسیم عام، من حیث بنیة أنظمة الحكم، ولكن في إیران الحالیة، لا یوجد نظام حكومي تقلیدي أو نظام غیر تقلیدي وحدیث، كل ما هناك هو «قوة العنف» التي تحكم في البلاد.

تعود جذور هذه الظاهرة إلی ثورة عام 1979 في إیران. الثورة التي أوصلت رجال الدین الشیعة بقیادة آیة الله الخمیني إلی السلطة في هذا البلد.

فمنذ فترة الصفویة، حتی وصول الخمیني إلی السلطة، كان لرجال الدین الشیعة حكومة إلی جانب الحكومة الرسمیة، وأحیاناً في فترة أسرة «القاجار» كانت حكومتهم أقوی من الحكومة الرسمیة، دون أن تتحمل أي مسؤولیة في حلّ أزمات البلاد. 

في بعض الأحیان ومن خلال فتوی لآیة الله ذي نفوذ في إیران، یتم إلغاء اتفاقیة حكومیة مع الحكومات والشركات الأجنبیة. وبفتوی، تسقط حكومة وتحلّ محلها، حكومة أخری، یرضی عنها آیة الله صاحب النفوذ.

في فترة تأمیم النفط الإیراني، في بدایة الخمسینیات من القرن الماضي، أدت فتاوی آیة الله كاشاني، إلی تغییر مسار التظاهرات لصالح الشاه أو رئیس الوزراء محمد مصدق. وفي الواقع كان كاشاني أحد أبرز قادة الساحة السیاسیة في إیران.

عام 1979، كانت سلسلة التظاهرات والإضرابات في الجامعات والبازار، واحتجاجات المعلمين والعاملين في صناعات النفط والغاز والبتروكیماویات… والتي أدت إلی سقوط النظام الملكي في إیران، تمت جمیعها بفتاوی آیة الله الخمیني.

ولكن بعد سقوط الشاه، ووصول الخمیني إلى السلطة، نقل بقصد أو عن غیر قصد، رجال الدین الشیعة من موقعهم السابق «السلطة غیر المسؤولة»، إلی موقع المسؤولية في الحكومة. 

ولم یمض وقت طویل علی مسؤولیة رجال الدین الشیعة في الحكومة، حتی أدرك الخمیني هذه الحقیقة. ما دفعه إلی التصریح بصوت عال ضد مطالب الناس: «یمكننا ومن أجل الحفاظ على حكومتنا، أن نوقف الواجبات الإسلامیة».

جاءت هذه الفتوی على لسان شخص، كان قال مرات عدة قبل وصوله إلى السلطة؛ إن «انتفاضتنا هذه من أجل إعلاء الإسلام»، ما كشف عن عجزه في إدارة البلاد. كما كشف عن أن الخمیني لم یستطع وضع الحجر الأساس للنظام الحكومي الذي وعد به.

فهو وقبل وصوله إلى السلطة قال: «إن نبي الإسلام، لم یحظ بفرصة إقامة حكومة إسلامیة، بسبب الغزوات المتعاقبة، ونحن نرید أن نقیم هذا النظام».

وعلی رغم هذه الرغبة التي أعلنها الخمیني، فإن ما نتج عن الثورة الإیرانیة، هو حكومة لا تشبه أي حكومة حتى في تاریخ الإسلام.  

فعلی رأس هذا النظام، یجلس الولي الفقیه، والذي یعتبر غیر مسؤول أمام أحد، غیر الله الذي یعرفه هو. وفي القاعدة هناك رئیس الجمهوریة، أبرز مثال علی دوره، ما قاله محمد خاتمي بأنه «مخلصاتي».   

العنوان الرسمي الذي نتج عن الثورة، هو الجمهوریة الإسلامیة، إلا أنها في واقع الأمر لیست جمهوریة من أي نوع، بل هي تجربة فاشلة لحكومة فقهاء الشیعة.

من خلال مراجعة التاریخ، یمكننا أن نری نظریة تكلیف الفقهاء بالحكومة، له تاریخ يمتد إلی مئات من السنین، إلا أنه في العصر المعاصر، فإن آیة الله حسین منتظري، هو من أتی بها إلی الساحة السیاسیة لخصوم شاه إیران.

في نظریة هذا المجتهد الشیعي الإمامي الإثني عشري، وغیره من أمثاله، ففي فترة غیاب الإمام الثاني عشر «الإمام المهدي» فإن الحكومة (السلطة) تكون لأكثر الفقهاء علماً في حینه، والذي یجب أن یجلس على كرسي السلطة كنائب له. 

عملیاً وعندما أصبح الخمیني بصفته نائباً لإمام الزمان، عاجزاً عن إدارة البلاد، قال إن «الحفاظ علی الحكومة، أكثر إلزامیة من الحفاظ علی حیاة إمام الزمان»، وكان آیة الله منتظري والذي أقاله الخمیني من السلطة، أعلن أن نظریته حول ولایة الفقیه، باطلة وكانت تجربة فاشلة.

بفشل كهذا، فقدت حكومة الملالي الشیعة، قاعدتها الدینیة بین غالبیة الشیعة الإیرانیین الذین كانوا یؤیدون الخمیني. ومع مرور الوقت أصبح القمع والسجن والتعذیب والأسلحة، تدریجیاً، الركیزة الأولی لحكومة الملالي من أجل البقاء.

وكما قال مهدي بازرجان، رئیس الوزراء الذي اختاره الخمیني، أیضاً، لم تكن لدی رجال الدین خطة لإدارة البلاد، وما زالوا لا یملكون أي خطة حتى الآن. 

من النتائج الأخری لهذا الفشل، هي قیام السلطة بتقسیم أفراد الشعب إلی قسمین، وهما «منّا» و«لیس منّا». فالذین بایعوا الولي الفقیه، سواء كانوا شیعة أو سنّة، أو من الأدیان والمذاهب الأخری، هم في دائرة السلطة، یستفیدون من فوائد الخضوع. أما الغالبیة في خارج هذه الدائرة، فلیست «منّا». وبحسب المرشد علي خامنئي، فهم مخدوعون، وعملاء العدو (أي أميركا وإسرئیل) وجهلة.

ولیس من قبیل السلطة أن یُشبّه الشعب الإیراني هذه الحكومة بعصابات المافیا في مدینة نیویورك خلال القرن الماضي، ذلك لأن الولاء لقائدها، یقوم علی أساس معاییر الولاء لزعماء عصابات المافیا الصغیرة التابعة لأبيها الروحي.

استطاع رجال الدین الشیعة الوصول إلی السلطة من خلال دعم قاعدتهم الكبیرة لدی الشعب. إلا أنهم مع مرور الوقت فقدوا هذه القاعدة، لذلك استمروا في الحكم، بناءً علی توسیع مشاعر خوف بین الناس.     

ولكن الآن، انهارت هذه القاعدة. ولهذا السبب نری الآن المراهقين والشباب من مختلف الأعراق وأتباع الدیانات المختلفة، الذین ولدوا بعد الثورة، قد تغلبوا علی مشاعر الخوف التي بثها نظام ولایة الفقیه في المجتمع، یصرخون بأعلی صوتهم، ويطالبون بحقهم المشترك، ألا وهو إسقاط هذا النظام.  

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.