fbpx

“ميرا” ومقص الرقيب الأردني… لماذا الحرب على رواية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مجدداً تتكرر ذرائع الرقيب ما بين حجج سياسية وأخرى اجتماعية ودينية. فما زالت الكلمة تثير قلق السلطات وتحرص على ضبط الفكر والأدب والفلسفة وتطوقها بمقدسات لا منطق لها سوى الخوف من كسر القيود.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تكتفِ وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار بـ”كسب” رضا الأردنيين وتهدئة غضبهم، بقرارها سحب رواية “ميرا” للكاتب الأردني قاسم توفيق من المكتبات الأردنية، بل عمدت بعدها إلى طمأنة المعترضين إلى أن الأمر لم يقتصر على سحب الرواية فقط، بل ذهب إلى استقالة جميع أعضاء اللجنة التي أجازت نشر الرواية من وزارة الثقافة.

فلماذا هزت رواية صرح وزارة الثقافة الأردنية؟ وهل ما زالت سياسات المنع والحجب تنسجم مع العالم المفتوح وقيم حرية التعبير العالمية؟

في الفترة الأخيرة، تصاعدت في الأردن مطالبات بسحب رواية “ميرا” بعد انتشار مقتطفات منها على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفت بأنها “خادشة للحياء العام”. 

نشطت حينها حملة تطالب باستقالة الوزيرة النجار، لتخرج الأخيرة وتدافع عن نفسها لا عن حرية النشر والتعبير، وقالت النجار إن جميع أعضاء اللجنة التي أجازت الرواية والصادرة عن دار نشر أردنية منذ ثلاثة أعوام “استقالوا بشكل جماعي”.

وعن قصة رواية “ميرا”، صدف أن نشر مواطن أردني صوراً من صفحات الرواية اعتبر أردنيون أنها تتنافى مع الدين والعادات والتقاليد، وتخل بالنظام الأخلاقي للمجتمع، ما أشعل ثورة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بسحب الرواية من المكتبات، واستقالة وزيرة الثقافة كـ”عقاب” لها، ذلك أن من أجاز نشر الرواية لجنة تابعة لوزارة الثقافة.

و”ميرا” التي ألفها الكاتب الأردني قاسم توفيق، تتحدث عن رحلة شاب أردني تعرف خلال دراسته في يوغوسلافيا في تسعينات القرن الماضي على ممرضة تدعى “ميرا”، تحصل بينهما لاحقاً علاقة حب، تثمر إلى الزواج وإنجاب طفلين، ومع مسار الأحداث تندلع الحرب الأهلية في يوغوسلافيا ليقرر الزوجان التوجه إلى العاصمة عمّان، وفي بعض فصول الرواية يصف الكاتب العلاقة الحميمية التي تجمعه بزوجته وهو ما دق ناقوس “الممنوع” أردنياً.

وبالرغم من سرعة قرار النجار بعد موجة الغضب على رواية “ميرا”، بسحبها من المكتبات، وتضمين قرارها بتكليف لجنة لوضع معايير وتعليمات وشروط جديدة لاختيار الروايات التي تطبعها الوزارة، إلا أن ذلك لم يشف الغليل بالشكل الكافي، وسرعان ما كانت “ميرا” على طاولة مجلس النواب، لمناقشة تداعيات رواية “ميرا”.

وزيرة الثقافة لم تتردد في تكرار اعتذارها وصرحت “أن ما ورد في الرواية خطأ فادح وكبير وإن كان غير مقصود ويحتاج إلى المواجهة”، وقالت: “علينا إعادة النظر بما تنتجه مكتبة الأسرة من روايات وقصص والخطأ يعالج، وعلينا طرح سرديتنا الوطنية الأردنية ببعدها التاريخي والقيمي والديني والأخلاقي والروحاني الذي يراعي الدين والعادات والتقاليد”.

أنهت الوزيرة النجار الاتصال مع “درج” فور سؤالها عن أسباب سحبها الرواية، واكتفت بالقول قبل أن تغلق الخط: “وضحت كل شيء في البيان الذي أصدرناه”، كذلك رد كاتب الرواية قاسم توفيق الذي لم يدل بأي تعليق منذ سحب روايته، على طلب “درج” تعليق منه بكتابة نصية مفادها: “عزيزتي، أرجو أن تعذريني لعدم الرد، كل الشكر والاحترام”.


“هل وجود إيحاءات جنسية في الرواية سبب مقنع لإبطالها؟ هناك مئات الروايات التي يمكن اعتبارها أكثر وضوحاً أو جرأة في هذا السياق، وهي موجودة في مكتبات الأردن وتباع بشكل قانوني”.


مجدداً تتكرر ذرائع الرقيب ما بين حجج سياسية وأخرى اجتماعية ودينية. 

فما زالت الكلمة تثير قلق السلطات وتحرص على ضبط الفكر والأدب والفلسفة وتطوقها بمقدسات لا منطق لها سوى الخوف من كسر القيود.

تواصل “درج” مع المدير العام السابق لهيئة الإعلام والخبير في قضايا المطبوعات والنشر والمحامي محمد قطيشات، وعلق على قرار سحب الرواية بقوله: “ألزم قانون المطبوعات والنشر الأردني أنه وفي حال وجود كتاب مخالف للتشريعات النافذة، فلا بد من التوجه إلى القضاء المستعجل ومصادرة الكتاب، وهنا أسأل هل اتبعت وزارة الثقافة هذا الإجراء؟”.

ونوه قطيشات إلى أن الجهة المسؤولة عن مصادرة الكتب أو منع نشرها هي هيئة الإعلام، وقال: “وزارة الثقافة لا تملك أدوات قانونية للرقابة المسبقة، والرقابة المسبقة ممنوعة أصلاً في القانون”، معتبراً أن تشكيل وزيرة الثقافة للجنة مراقبة على الكتب هو أمر “مخالف للقانون ومن اختصاص هيئة الإعلام فقط”.

رياض صبح وهو خبير حقوقي، يوضح لـ”درج” أن “سحب الرواية يعد انتهاكاً لأكثر من حق ملزم أن يكفله الأردن وفق المعاهدات الدولية التي صادق عليها، فقرار سحب الرواية ينتهك كل من: حرية الرأي والتعبير، حرية المعتقد والحريات الثقافية، وما حدث من رد فعل على رواية ميرا مسألة مبالغ فيها ولا مبرر لها كما أنها مخالفة للمعايير الدولية”.

واعتبر صبح أن “هناك قوى سياسية متشددة تستثمر بالنظرة الشعبية الأردنية العاطفية للدين ويتم تجييش العواطف ضد أي رأي مخالف، ويسهل انتهاك حقوق الإنسان”، سائلاً في الوقت ذاته: “هل وجود إيحاءات جنسية في الرواية سبب مقنع لإبطالها؟ هناك مئات الروايات التي يمكن اعتبارها أكثر وضوحاً أو جرأة في هذا السياق، وهي موجودة في مكتبات الأردن وتباع بشكل قانوني”.

“اسحبوا روايات ألف ليلة وليلة، وروايات عبير قبل أن تسحبوا رواية ميرا”، تعلق الناشطة نهلة القاسم على ما حدث، واصفة إياه بـ”حراك شعبي ضد رواية ميرا”، ورأت أن سحب وزارة الثقافة الرواية “هو موقف ضعيف ومستسلم”، معتبرة أن مثل هكذا وزارة من واجبها أن تعزز الباع الثقافي والوعي للمجتمع، لا أن “تنصاع للقيود المجتمعية والتقليدية”.

واعتبرت أن سحب رواية “ميرا” وتشكيل لجنة في وزارة الثقافة لمراقبة الكتب قبل إصدارها، “إنذار غير مبشر، ويشي أن القادم أسوأ بالنسبة للحريات الثقافية من جهة، وبالنسبة للكتاب والمؤلفين والمثقفين الأردنيين من جهة أخرى”، قائلة: “أن يتم تقييد الإبداع، هو نذير شؤوم لمستقبل الثقافة في البلاد”.

يشار إلى أن قرار سحب رواية “ميرا” يعد الانتهاك الثقافي الثاني خلال العام الحالي 2022، ومن وزيرة الثقافة هيفاء النجار ذاتها، إذ قامت في أيلول/ سبتمبر الماضي بشطب اسم الكاتب الأردني الساخر أحمد حسن الزعبي من لائحة المتحدثين في ندوة عن الأدب الساخر، خلال معرض عمان الدولي للكتاب.

وكان الزعبي علق على القرار على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بقوله: “لم أعلم بشطب اسمي من لائحة المتحدّثين في الندوة إلا بالصدفة، حيث اتصل صديق صحافي بي وأبلغني بأن وزيرة الثقافة أصدرت قراراً بمنعي من المشاركة في الندوة من دون إبلاغي سواء من قِبلها أو من أي أحد من منظّمي معرض الكتاب الذي تدعمه وزارة الثقافة”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.