fbpx

غزة: الاعتداء على حقوق الإنسان في يومه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التجمع السلمي والحق في التظاهر كشكل من أشكال الحق في التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي، أصبح منوطاً بقيود وضوابط، ويتم التدخل في نشاطات ومؤتمرات تقيمها منظمات وجمعيات مدنية، وهو يمثل انتهاكاً حقوقياً فادحاً للحرية والتعبير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تستعد “حركة حماس” للاحتفال بالذكرى الـ35 لانطلاقها وسط مدينة غزة، في ساحة كبيرة ومفتوحة تتسع لعشرات الآلاف من جماهيرها، فيما تستمر بفرض قيود على نشاطات منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، مع إصرار الشرطة والجهات الأمنية في غزة على فرض شروط غير قانونية لإقامة تجمعات سلمية، كان آخرها  الاحتفالات بالذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ ديسمبر.

الأحد 11 كانون الأول، نظم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان الاحتفال السنوي الذي يقيمه في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في غزة، بحضور ممثلين عن مؤسسات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني. وأقيم الحفل في قاعة مطعم “اللايت هاوس”، بعد حصول المنظمين على ترخيص من وزارة الداخلية. وتضمن الحفل فقرات متنوعة، بينها كلمات واغان تراثية. وأثناء إحدى الفقرات الغنائية، اقتحم أحد أفراد شرطة السياحة الحفل، وأمر المغني بالتوقف، بدعوى عدم حصول المنظمين على الترخيص لإقامته، وتوقف الحفل، بعد تدخل مسؤولين في الشرطة.

 اوحت قلة الاعتقالات والتوقيفات على خلفيات سياسية وصحفية داخل القطاع خلال السنوات الماضية بأن هناك تغييراً إيجابياً على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات العامة . 

 إلا أن الواقع عكس ذلك. فلا يمكن غض النظر  عن القيود العامة المفروضة في القطاع على الحريات العامة وعلى الحقوق السياسية والمدنية، في ظل سطوة “حركة حماس” على القطاع،  وسعيها لمنع العمل السياسي، وتورطها في انتهاكات حقوقية اضافة الى التعذيب داخل السجون. 

أوحت قلة الاعتقالات والتوقيفات على خلفيات سياسية وصحفية داخل القطاع خلال السنوات الماضية بأن هناك تغييراً إيجابياً على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات العامة .

يبدو اذاً أن هناك قراراً بعودة السطوة الامنية وفرض القيود على الحريات العامة بخاصة التجمعات السلمية، وذلك من خلال قيام  الشرطة بالخلط بين ما ينص عليه القانون الفلسطيني والمعاهدات الدولية المتعلقة بالحق في التجمع السلمي والاجتماعات العامة، التي تعقد في قاعات مغلقة وبين تلك الاجتماعات التي تعقد في أماكن مفتوحة.

قانونًا، لا ينص قانون الاجتماعات العامة رقم 12 الصادر عام 1998 على ضرورة طلب اذن او ترخيص لعقد الاجتماعات في الأماكن الخاصة أو العامة المغلقة. لكن ما حدث مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وخلال الأيام الماضية من تجمعات وورشات عمل وندوات هي تجمعات في مكان عام مغلق، وبالتالي لا تندرج ضمن ما يتطلبه قانون الاجتماعات العامة من إشعار. والاجتماعات التي تتطلب إشعاراً للشرطة قبل 48 ساعة من عقدها هي التجمعات التي تعقد في أماكن عامة مفتوحة بمشاركة أكثر من 50 شخصاً، حصراً.

فالنص القانوني واضح لا يفرض تقديم الجهة المنظمة إشعاراً للسلطات المختصة، للحصول على إذن أو ترخيص، فهذا مخالف للقانون بخاصة قانون الاجتماعات العامة الفلسطيني، والهدف منه هو التنظيم والحماية وليس المنع.

فالحق في التجمع السلمي مكفول بالقانون، لكن في الضفة الغربية وقطاع غزة على وجه الخصوص، لا يسمح به ويتطلب إجراءات وتعقيدات ويمنع من الجهات المختصة بذرائع مختلفة.

الخطير هنا هو التدخل في عمل منظمات المجتمع المدني، والذي يعد امتداداً لمسلسل قمع الحريات إثر الانقسام عام 2007، وسيطرة “حماس” على القطاع واقتحام الجمعيات الاهلية ومصادرة ممتلكاتها، وسن قوانين وتشريعات تقيد عمل منظمات المجتمع المدني. وترافق ذلك أيضاً مع إصدار الرئيس محمود عباس قوانين قيدت عمل المنظمات، إلى قرارات أخرى أصدرها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وقتذاك، منها قرار ما يسمى السلامة الأمنية كشرط للأشخاص الذين يتقدمون بترخيص لإنشاء منظمات أهلية، تضرر بها هو شخصياً إذ تعرضت المنظمة الأهلية التي أنشأها للملاحقة لاحقاً بعد استقالته.

التجمع السلمي والحق في التظاهر كشكل من أشكال الحق في التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي، أصبح منوطاً بقيود وضوابط، ويتم التدخل في نشاطات ومؤتمرات تقيمها منظمات وجمعيات مدنية، وهو يمثل انتهاكاً حقوقياً فادحاً للحرية والتعبير.

حتى إنه يتم التدخل في طبيعة الاحتفال والفقرات الفنية التي يجب أن تقدم، وتقوم الشرطة بمنع الفتيات من سن 13 سنة فما فوق من الغناء والدبكة، وقد أصبح تقديم فقرة فنية بوجود مطرب وفرقة موسيقية يتطلب الحصول على تصريح.

هذه الشروط والقيود تأتي تحت ضغط بعض الأوساط المتشددة داخل الحركة كما قال أحد المسؤولين في الأجهزة الأمنية، ويحصل المنع منذ سنوات وبرقابة مشددة، مع أن هذه الفقرات الغنائية من التراث الفلسطيني.

يذكر أن حادثة الاقتحام ليست الأولى من نوعها، بل سبق أن تم الاعتراض على تنظيم فعاليات أخرى وإيقافها أو عرقلتها ومضايقة المنظمين بشكل يخالف القانون.

قبل أيام، حاولت الشرطة منع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة من إحياء احتفال وتوزيع جوائز للفائزين في المسابقة التي نظمتها لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حول الحق في التنقل والسفر والحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، على رغم حضور مسؤولين من وزارة الداخلية والشرطة.

منظمات حقوق الإنسان في قطاع غزة أدانت هذا السلوك الذي يبعث على القلق، وما يعنيه من قيود تعسفية وغير مشروعة على التجمع السلمي، بما يشكل تجاوزاً للقانون ومساساً بالحريات العامة وحقوق الإنسان، واعتداء على الحق في التجمع السلمي والاجتماعات في الأماكن المغلقة، وفرض الحصول على موافقة مسبقة من الشرطة الفلسطينية ويحظر حضور أفرادها في الاجتماعات المغلقة وفقاً للقانون.

يحصل ذلك فيما تقوم إسرائيل بتجريم منظمات المجتمع المدني الفلسطيني ومنظمات حقوق الإنسان مع وصمها بالإرهاب، ومنع موظفي المكتب السامي لحقوق الإنسان من دخول الأراضي الفلسطينية والوصول إلى مكتبهم.

في ظل هذه الانتهاكات المتكررة والمسكوت عنها، من يضمن عدم تكرار مشاهد القمع في فعاليات أخرى ومن يحمي حقوق المواطنين والمنظمات؟