fbpx

مدارس مصرية تفرض الحجاب من باب “النصح”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“بنتي عادت من المدرسة في حالة نفسية سيئة، وقالت لي إن صديقاتها سألن إن كانت مسيحية أم مسلمة لأنها لا ترتدي الحجاب، ولم يقف الأمر على صديقاتها فقط، بل سألتها المدرسات السؤال ذاته، وطلبن منها ارتداءه في اليوم التالي كزميلاتها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عادت مريم من مدرستها، تطلب من والدتها غطاء للرأس لترتديه في اليوم التالي، بعدما نهرتها معلمتها لعدم ارتدائها الحجاب كزميلاتها في الفصل.

وبرغم أن الزي الخاص بالمدرسة الإعدادية التي تذهب إليها مريم، لا يضع ضمن شروطه ارتداء الحجاب، إلا أن الطالبات وطاقم التدريس بالمدرسة، يتعاملون مع الأمر كأنه فرض أو شرط من شروط الزي المدرسي.

مريم طالبة في الصف الثالث الإعدادي، في إحدى المدارس الحكومية في محافظة المنوفية، تروي والدتها لـ”درج”، أن ابنتها دخلت المدرسة دون حجاب، لأنها ما زالت صغيرة بحسب وصفها، لكنها تعرضت للتنمر من صديقاتها ومن المدرسات بسبب ذلك.

تقول والدة مريم، “بنتي عادت من المدرسة في حالة نفسية سيئة، وقالت لي إن صديقاتها سألن إن كانت مسيحية أم مسلمة لأنها لا ترتدي الحجاب، ولم يقف الأمر على صديقاتها فقط، بل سألتها المدرسات السؤال ذاته، وطلبن منها ارتداءه في اليوم التالي كزميلاتها”.

حاولت الأم التواصل مع إدارة المدرسة، التي أكدت أن الزي الرسمي المنصوص عليه وفقاً للوائح وزارة التربية والتعليم لا يفرض الحجاب، إنما تأتي دعوة المدرسات الطالبات إلى ارتدائه كنوع من النصح للالتزام.

لا تمانع الأم من ارتداء ابنتها الحجاب، لكنها ترفض الطريقة، “أنا ووالدتي وكل نساء العائلة محجبات، لكنني أرى أن تلك الطريقة التي يفرض بها الحجاب على ابنتي دون رغبتها، قاسية، كما أن الالتزام لا يأتي من الحجاب فقط، فدور المدرسة تعليمي وليس فرض تعاليم دينية كما يحدث، وماذا لو كانت ابنتي مسيحية فعلاً، هل كان سيتم اضطهادها أيضاً؟”.

ما تحدثت عنه إدارة المدرسة لوالدة مريم، لا يختلف كثيراً عما ظهر في صورة تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لطالبات مدرسة إعدادية للبنات في إحدى المحافظات المصرية، يرتدين الإسدال الكحلي، وظهرت الصورة وكأن الملابس زي موحد للطالبات، لتخرج إدارة المدرسة وتوضح أن الزي المطلوب للفتيات هي “جونلة” من اللون الكحلي، وقميص أبيض، ولكن الفتيات هن من اخترن هذا الزي.

مصدر بوزارة التعليم علق على تلك الصور، مشيراً إلى أن الزي يتوافق مع كود الزي المعلن من الوزارة، وتم التحقيق في الواقعة فور تداولها، المدرسة ومجلس الأبناء اتفقا على هذا الزي منذ سنوات والإدارة الحالية أبقت عليه، وتم تبرير الأمر بأنه للحفاظ على الفتيات إذ كانت المدرسة في منطقة نائية حينها، ولكن تم اتخاذ قرار بتغيير الزي تدريجياً حتى لا نحمل أولياء الأمور تكاليف إضافية بعد شرائهم الزي المدرسي، مع إتاحة التغيير فوراً لمن يستطيع.

الأمر يظهر بوضوح في المحافظات البعيدة من القاهرة، حيث يرى الأهل أن ارتداء الفتيات الحجاب حماية لهن، فيصبح الأمر بمثابة إجبار خفي، كما أكدت أسماء دعبيس مدير مؤسسة بنت النيل المهتمة بالشأن النسوي، فما يتم هو مباركة للتحكم في أجساد الفتيات، والتأكيد على فكرة أن هذا الجسد ليس ملكهن، وعليهن إخفاؤه عن الآخرين، فينتقل الأمر للمدارس، ويتحول إلى زي رسمي دون أن تفرضه الجهات الرسمية صراحة، بل يدفع إليه الأهل والمجتمع. 

ما تعرضت له مريم، تعرضت له ريم أيضاً وهي تلميذة في بالصف الأول الإعدادي، هددتها وكيلة المدرسة بأنها ستمنعها من الدخول في حال لم ترتدِ الحجاب، ما دفع الأم إلى التقدم بشكوى لمدير المدرسة الذي اعتذر لها عما بدر من وكيلة المدرسة بعدما أكد لها أن الأمر اختياري وليس إجبارياً.

يشير المحامي أحمد مصيلحي، إلى أنه لا نصوص قانونية تسمح للمدارس بفرض الحجاب على الفتيات، وعند حدوث ذلك، يدرج الأمر تحت بند التمييز، وهي جريمة تستحق العقاب، وعقوبتها تصل إلى الحبس لمدة 6 أشهر وغرامة تبدأ من 10 آلاف جنيه وحتى 100 ألف جنيه.

تتفق النسوية أسماء دعبيس مع المحامي أحمد مصيلحي، موضحةً أن المدارس فيها طالبات مسيحيات، وعند إجبار الطالبات على ارتداء الحجاب يصبح الأمر تمييزاً.

بعد نهاية اليوم الدراسي، تعود مريم إلى حجرتها، تخلع حجابها الذي ترتديه رغماً عن إرادتها، لكنها تحتمي وراءه من مضايقات الطالبات والمعلمات.

النائب فريدي البياضي، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، قال  إنه تلقى اتصالاً هاتفياً من الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم، وقد ناقشا قضية فرض الحجاب على الطفلات في بعض المدارس، وتم تدارك الأمر في المدارس التي تم الإبلاغ عنها، ليكون الحجاب مسموحاً به لمن يرغب وليس إجباراً على الأطفال.

“المدرسات والطالبات أصبحن يتعاملن مع ابنتي بطريقة مختلفة، برغم تأكيد وكيلة المدرسة أن الأمر حرية شخصية، إلا أن ما يحصل على أرض الواقع إجبار فعلي، فبسبب المضايقات التي تعرضت لها ابنتي أصرت على ارتداء غطاء الرأس دون اقتناع حتى تنجو بنفسها”.

وكما فعلت مريم، تفعل فتيات وطالبات لا تتعدى أعمارهن الخامسة عشرة، في المراحل الإعدادية أو الثانوية، وفقاً لدعبيس، “فتضطر الفتيات إلى ارتداء غطاء الرأس دون رغبة أو اقتناع إما تلبية لرغبة الأسر التي ترى في الأمر حماية لهن، أو للهروب من محاولات التمييز التي يتعرضن لها في المدارس”.

تلك الوقائع ليست جديدة، ولكنها متكررة في المجتمع المصري، فعام 2012، فى إحدى قرى محافظة الأقصر، قامت معلمة بقص شعر طالبتين أمام الفصل المشترك، بسبب عدم ارتدائهما الحجاب، وقضت محكمة الأقصر بحبس المعلمة ستة شهور مع إيقاف التنفيذ. وعام 2015، قام مدرس في إحدى مدارس الفيوم بحلق شعر تلميذة بالموس لعدم ارتدائها الحجاب أيضاً، فتعرضت للسخرية ولأزمة نفسية صعبة.

بعد نهاية اليوم الدراسي، تعود مريم إلى حجرتها، تخلع حجابها الذي ترتديه رغماً عن إرادتها، لكنها تحتمي وراءه من مضايقات الطالبات والمعلمات، في مقابل ريم التي واجهت الأمر بشكوى للمدرسة، منحتها حريتها في اختيار ارتداء الحجاب، ولكنها لم تحمها من التمييز المستمر.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.