fbpx

انتهت المواجهة بين فرنسا والمغرب ولم تتحطم باريس 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خاب أمل أصحاب النية السيئة، لم تحطم باريس، لم تحدث اشتباكات، عنصرية البعض الذاتية لم تتجلَّ، الناس يحتفلون برغم البرد، تطلق الألعاب النارية، الأمر لا يعود بشكل كامل إلى “الأخلاق” بل إلى الشرطة أيضاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ترقب العالم بحذر المباراة التاريخيّة بين فرنسا والمغرب، فبلاغة الغزو واستعادة الأندلس والعنتريات، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك بصيحات محاربة الاستعمار واستعادة النصر “العربي”، والعصبيات القوميّة وإشكاليات الهويّة، هل هم عرب، أمازيغ أو أفارقة؟

هل نصر(هم) هو نصر(نا)؟ هل تحتسب الصحراء الغربية ضمن الحمية القومية العربيّة؟ أم الصورة التي رفع فيها علم الإقليم  المختلف عليه أثناء المباراة مفبركة؟ 

الإشكاليات بدأت قبل المباراة، الحكومتان القطرية والمغربيّة تشادتا، فالطائرات الثلاثين التي يفترض أن تحمل المشجعين من المغرب إلى الدوحة ألغيت، والأسباب متنوعة: قدرة مطار حمد الاستيعابية، عدم توافر التذاكر، قطر لم تفي بوعودها. لكن هذا لا يهم حالياً، المباراة ستبدأ، والأعين، على باريس، مدينة الأنوار، التي انتشرت صورة نمطية فيها، تحوي نوعاً من الحقيقة، مفادها أن المشجعين المغاربيين (تونس، الجزائر، المغرب) سيحطمون المدينة احتفالاً في حال النصر، أو حزناً في حال الخسارة. أي أن المتخيل عما سيحصل هو  “باريس ستتحطم سواء فاز منتخب المغرب أو خسر”. 

مدينة باريس لم تكن راضية عن المونديال بأكمله، إذ منعت وضع شاشات عملاقة لمشاهدة المباريات في الشارع، علماً أن قطر تمتلك النادي الباريسي الشهير (باريس سان جيرمان)، وقبل بداية المباراة المنشودة والمواجهة التاريخيّة، شاهدنا جان دواتريس، عمدة الدائرة الثامنة في باريس، تقول في البرنامج الشعبوي (touche pas à mon poste) إن سكان الدائرة الثامنة خائفون مما سيحدث، فقاطنو المنازل وأصحاب المحلات لا يشعرون بالأمان. لذا قررت إيقاف حركة السيارات لمنع “المكسّرين” (الكلمة التي سبق لماكرون ان استخدمها في وصف متظاهرين السترات الصفر عام 2018). العمدة نفسها سبق أن مدحت المحتفلين بانتصار المغرب على البرتغال، ووصفت الاشتباكات بينهم وبين سلطة مكافحة الشغب بأنها أشبه بصور من “حرب أهليّة”. 

الجو مشحون استعدادا لما سيحصل، ماكرون في الدوحة يشاهد المباراة، أما بلدية باريس، فاستعدت، أغلقت عدة مداخل للمدينة، نشر 5 آلاف شرطي، وأغلق شارع الشانزليزيه، ونصبت السواتر الاسمنتية. تمارس شرطة باريس في هذه الحالات تقنيات الحشد والتكديس، تحصر الجمهور في مكان واحد، تمنعهم من الحركة، وتغلق المداخل الفرعيّة للشانزليزيه، حيث العلامات التجارية الأشد غلاء كبلانسياغا، وسيلفاتوري فيراغاموس، الكل على أعصابه، والمباراة لم تبدأ بعد. 

 تحتفل الجموع في باريس وبعضها يلملم أذياله، والكل يترقب، متى يبدأ التحطيم ؟ كمية الصور النمطية وتوقعات العنف شحنت المخيلة، هناك معركة بعد هذه المباراة، الجمهور المغربي لن يتوانى عن إشعال أعمال شغب.

التحطيم المتوقع وأوهام الحرب الأهلية، تراهن على العواطف والتاريخ الاستعماري، فانتصار المغرب يعني استعادة مجد ما، غير واضح المعالم، ناهيك بأن الكثير من المشجعين يمتلكون الجنسيتين المغربية والفرنسيّة، كمدرب منتخب المغرب نفسه، وليد الرغراغي، الذي يحمل الجنسية الفرنسيّة ويلعب في نادي غرونوبل الفرنس.  بالطبع الأمر لم يتوقف هنا، شاركت الباحثة في تاريخ الاستعمار كاثرين فيبس عبر تويتر، صفحة من جريدة تعود إلى عام 1937، فيها خبر مفاده أن المنتخب المغربي هزم المنتخب الفرنسي بنتيجة 4-2، ما دفع الجنرال شارل نوغو حاكم المغرب حينها، إلى فرض قانون يجبر الفرق المغربية على إدخال ثلاثة لاعبين فرنسيين على الأقل ضمن كل فريق، وهنا عادت حمية محاربة الاستعمار، ترافقها الإشارات إلى لون بشرة بعض لاعبي الفريق الفرنسي. 

كل ما يحدث قبل المباراة مريب، العواطف تشحن، باريس تتمترس لحماية أنوارها، البرد لم يكن عاملاً حاسماً، فالجماهير تتوافد إلى جادة الشانزليزيه، وتجمع البعض للمصادفة أمام السفارة القطريّة المواجهة لقوس النصر، كل شيء مجهز للاشتباك، ثم في تمام الساعة الثامنة بدأت المباراة. 

صافرة النهاية 

انتهت المباراة بنتيجة 2-0 لمصلحة فرنسا، هناك نوع من الارتياح الذي اعتلى البعض، هي خسارة مشرّفة، ولن تستمر بلاغة الحرب في وصف المباريات، وستعود كرة القدم إلى شكلها التقليدي، فرق أجنبيّة تتنافس بينما يشجع الناطقون بالعربية أمام الشاشات. تحتفل الجموع في باريس وبعضها يلملم أذياله، والكل يترقب، متى يبدأ التحطيم ؟ كمية الصور النمطية وتوقعات العنف شحنت المخيلة، هناك معركة بعد هذه المباراة، الجمهور المغربي لن يتوانى عن إشعال أعمال شغب، الرغبة بمشاهدة الشجارات أعمتـ(نا) عن حقيقة أن هذا المتخيل قد لا يكون حقيقياً، مجرد صورة نمطية ورغبة متخيّلة ننتظر أن تتحقق. 

ما حدث بعد الترقب أن الشرطة أوقفت 40 شخصاً من اليمين المتطرف معهم أسلحة بيضاء  قبل أن يصلوا إلى جادة الشانزليزيه، والعدد الكلي للموقوفين في باريس بلغ 167، حصلت مناوشات طفيفة وأطلقت الألعاب الناريّة، لا اشتباكات جديّة، فهدف شرطة مكافحة الشغب كان الحد من الاحتفال، وهذا ما أثار حفيظة كثيرين، وطرح سؤال: هل أصبح الاحتفال في فرنسا ممنوعاً؟!

خاب أمل أصحاب النية السيئة، لم تحطم باريس، لم تحدث اشتباكات، عنصرية البعض الذاتية لم تتجلَّ، الناس يحتفلون برغم البرد، تطلق الألعاب النارية، الأمر لا يعود بشكل كامل إلى “الأخلاق” بل إلى الشرطة أيضاً، التي تتحكم بالجمع، فهل انتصرت باريس على الجماهير، نعم. كدستهم . وهل وقعت حرب أهليةّ ؟ لا، هل الكثير منا أخذتهم الحماسة والصورة النمطيّة لتوقعهم الأسوأ؟ لا نملك سلطة الإجابة. 

لا بد من حداد في النهاية 

شهدت مدينة مونبلييه الفرنسية مأساة، أثناء اجتماع المشجعين، واشتعال المناوشات بينهم، حاول أحدهم الهروب بسيارته، لكنه اصطدم بمراهق عمره 14 عاماً، المراهق الذي يقال إنه يشجع المنتخب المغربي، دهسته سيارة مشجع حاول إخراج العلم الفرنسي من سيارته، لكن إثر انعطافه خاطئة، انتهى الأمر بالطفل على الأرض، ثم في المستشفى، ثم فارق الحياة.  

ما زال المتهم طليقاً، لكن هكذا “حادث” قد يوظف سياسياً ويتحول إلى قضية عامة، لكن يبدو أن الانشغال والتحضير للمباراة النهائيّة حال دون ذلك، لا نمتلك هنا سوى تقديم العزاء، وإعادة التفكير بالصور النمطية التي نمتلكها عن الآخرين، ومفهوم الاحتشاد، وقضية المهاجرين، والهويات المختلطة وكل ما ظننا أن المشجعين سيقعون ضحيته. 

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…