fbpx

“قطرغيت”: المغرب في قلب الفضيحة
والثمن في الصحراء الغربية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

العدالة البلجيكية بدأت تحقق في شبكة من الرشوة مركزها قطر، والتي يُزعم أنها كانت ستدفع مبالغ كبيرة من المال والهدايا لنواب ومستشارين وجماعات ضغط أوروبيين بارزين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أطلقوا عليها اسم “قطر غيت”. 

هي واحدة من أكبر فضائح الفساد التي طالت البرلمان الأوروبي طوال تاريخه، وبالإضافة إلى ذلك، فتلك آفةٌ لمؤسسات الاتحاد الأوروبي التي بدت سليمة من الفضيحة حتى الآن.

العدالة البلجيكية بدأت تحقق في شبكة من الرشوة مركزها قطر، والتي يُزعم أنها كانت ستدفع مبالغ كبيرة من المال والهدايا لنواب ومستشارين وجماعات ضغط أوروبيين بارزين؛ للضغط في بروكسل لتزيين وتلميع صورة البلد الشرقي بشكل إيجابي والضغط لصالحه أمام السلطات الأوروبية.

بطلة الفضيحة 

أسفر التحقيق القضائي، الذي فتح قبل أربعة أشهر، حتى الآن عن إدانة ستة أشخاص، من بينهم إيفا كايلي، التي كانت حتى يوم الثلاثاء بالذات نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، وهي اشتراكية يونانية، لا تزال قيد الاعتقال متهمةً بجرائم فساد وغسيل أموال.

كايلي هي بطلة هذه الفضيحة التي هزت أسس الاتحاد الأوروبي، وفي الواقع، لم يتم الحديث عن أي شيء آخر في بروكسل منذ أن كشفت الصحافة البلجيكية عن الفضيحة يوم الجمعة؛ سوى أن البرلمان الأوروبي “صار بؤرة للشكوك والمخاوف وانعدام الثقة”.

لقد بدأ التحقيق في الفضيحة للتو ولا يجرؤ أحد حتى على التنبؤ بمدى وصول جذورها، التي غاصت عميقًا من الدوحة إلى بروكسيل مرورا بالرباط.

وفي غضون ذلك، تسعى أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمعية روبرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي؛ جاهدتين للدفاع عن نزاهة مؤسسات الاتحاد الأوروبي والإعلان عن تحقيق مكثف لتوضيح المسؤوليات.

“لن يكون هناك إفلات من العقاب، سوف يجد المسؤولون هذا البرلمان إلى جانب القانون، أنا فخورة بدورنا ومساعدتنا في هذا التحقيق، ولن يتم تمرير أي شيء تحت الطاولة، وسنبدأ تحقيقًا داخليًا في جميع الحقائق المتعلقة بالبرلمان” أعلنت ميتسولا يوم الثلاثاء.

“رأيت الكثير من الناس الذين شككت بالفعل في أنهم فاسدون، حتى بانزيري؛ لقد عملوا كعملاء لدول أجنبية

المغرب في قلب الفضيحة 

عندما تتجه الأنظار إلى الدوحة، تنفح العيون على الفساد المزعوم في البرلمان الأوروبي، ويظهر اسم المغرب أيضًا، فوفقًا لصحيفة “دير شبيغل” الألمانية، فإن عضو البرلمان الأوروبي السابق أنطونيو بانزيري، وهو ديمقراطي اشتراكي إيطالي وأحد المتهمين الأربعة في القضية، كان سيحصل على رشاوى من كل من الدوحة والرباط لتبييض صورة الدولتين، اللتان يُزعم أنهما سعتا للتأثير على القرارات السياسية للاتحاد الأوروبي.

بانزيري، الذي يقود منظمة غير حكومية لمكافحة الإفلات من العقاب، كان سيحصل على الهدايا من السفير المغربي في البلد الخليجي.  

ويحظر القانون الأخلاقي للبرلمان الأوروبي تلقي هدايا “تزيد قيمتها عن 150 يورو”.

لم تتفاجأ آنا جوميز، عضو البرلمان البرتغالي السابق، والتي شاركت في لجنة مع الإيطاليين خلال المجلس التشريعي الأخير، “من الفضيحة”.

“رأيت الكثير من الناس الذين شككت بالفعل في أنهم فاسدون، حتى بانزيري؛ لقد عملوا كعملاء لدول أجنبية”، تقول البرلمانية.

وتضيف أن قضية بانزيري “كانت خاصة مع المغرب، لكن كان هناك المزيد، لطالما اختلفت معه بشأن القضية المغربية، ولكنه فعل كل ما يريده المغاربة بذكاء”.

جاء ذلك خلال محادثة هاتفية مع صحيفة “بوبليكو” الإسبانية، قالت فيها البرلمانية البرتغالية إنها “كانت شاهدًا مباشرًا على الرحلات الفخمة التي روجت لها الرباط”، والتي رفضتها جوميز.

وتحذر البرلمانية من أن “التطبيع مع الفساد يمتد إلى المزيد من البلدان ذات السجلات المثيرة للجدل في مجال حقوق الإنسان”.

وتستنكر غوميز كيف حاول ماريو ديفيد، عضو البرلمان الأوروبي السابق من البرتغال والمستشار حالياً لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، “وقف قراراته التي وضعت المملكة العربية السعودية في مأزق”.

وتؤكد بشكل قاطع أن “ماريو ديفيد كان من جماعات الضغط لحكومات أخرى”.

أكبر فضيحة فساد في تاريخ البرلمان الأوروبي

فضيحة “قطر غيت”، تفتح بالفعل صندوق باندورا الذي يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير، فـ”هذه الفضيحة جزء من الغموض والسرية التي تتورط فيها المؤسسات الأوروبية، وإذا كانت وسائل الإعلام تشير إلى قطر، فإننا نسمع أكثر فأكثر أن المغرب أو إيران أو البحرين كان بإمكانهم التصرف بطريقة مماثلة”، توضح آنا جوميز البرلمانية البرتغالية.

وأكدت مصادر من حزب “بوديموس” في البرلمان الأوروبي للصحيفة الإسبانية “بوبليكو” أن هناك “العديد من نقاط الالتقاء بين الاتحاد الأوروبي وهذه الديكتاتوريات”. 

وتقول الصحيفة المذكورة، إن “قضية الشعب الصحراوي كانت من أكبر الغائبين عن السياسة الأوروبية في السنوات الأخيرة”.

مضيفةً أن حزب الشعب والحزب الاشتراكي الإسباني “نسفا تاريخياً أي ذكر للصحراء الغربية في تقارير البرلمان الأوروبي المتعلقة بالجار الجنوبي”.

وأفادت المصادر نفسها أنه قبل التصويت على هذا التقرير، تلقى أعضاء البرلمان الأوروبي – باستثناء أعضاء البرلمان الأوروبي في حزب بوديموس – رسالةً من شركة يونانية لها أعمال في المغرب، حذرت فيها من الإشارة إلى “الخروقات المسجلة في الصحراء الغربية”، وقالت إن “وحدة أراضي المغرب في خطر”.

وشددت الصحيفة الإسبانية على أن هذه هي أكبر “فضيحة فساد في تاريخ البرلمان الأوروبي”، مشيرةً إلى أنها “تستعيد شبح مشاكل الشفافية والرقابة في اجتماعات المسؤولين الأوروبيين مع جماعات الضغط ومع سفارات دول ثالثة”.

ويقول النائب ميغيل أوربان، من حزب “أنتيكابيتاليستاس” (ضد الرأسمالية)، “أنه خلال الجلسات العامة، يكون للسفارة المغربية مكتب دائم في نقابة أعضاء البرلمان الأوروبي”.

المغرب الشريك المنبوذ

تقول صحيفة “بوبليكو” الإسبانية، أنه بينما جمعت فنزويلا خمسة عشر قرارًا بالإدانة في البرلمان الأوروبي في السنوات الأخيرة، هناك حاجة إلى الكثير من البحث للعثور على انتقادات لدول أخرى مثل المغرب، الذي يعتبر “شريكًا ذا أولوية للاتحاد الأوروبي”، وهي التسمية التي اكتسبها الجار الجنوبي بعد أن “أوقف عبور المهاجرين إلى إسبانيا بيد ثقيلة”.

كان ذلك وفق الصحيفة، في عام 2021 عندما اعتمد البرلمان الأوروبي قراره الأول الذي يدين الرباط بـ”انتهاكات حقوق الإنسان منذ أكثر من 20 عاماً”.

ففي ذلك الوقت، أطلقت أزمة سبتة – عندما دخل حوالي 9000 شخص في غضون 48 ساعة فقط إلى المدينة الإسبانية – العنان لإعصار دبلوماسي بين مدريد والرباط.

“رفضت مجموعات برلمانية كبيرة إدراج أي ذكر للوضع في الريف أو القمع ضد حرية الصحافة في المغرب؛ وها نحن اليوم نرى السبب”، يستنكر ميغيل أوربان، عضو البرلمان الأوروبي من “أنتيكابيتاليستاس”، الذي يرى أن “ما يجعل الأمر قبيحًا هو أن التقرير تم تلطيفه من قبل حزب الشعب والديمقراطيين الاجتماعيين”.

وبعد ذروة التوتر، عادت المياه إلى مسارها بين المغرب وإسبانيا، وعزز ثلاثي بروكسل والرباط ومدريد تحالفهم بمزيد من التعاون في مجال الهجرة وبتمويل إضافي للرباط من الاتحاد الأوروبي.

وكان قربان هذا  التقارب هو التغيير الكامل لموقف الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز، الذي وافق على الحكم الذاتي؛ المخطط المغربي بشأن الصحراء الغربية كأساس “أكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع طويل الأمد.

في الواقع، من الشائع رؤية أعضاء سابقين في الحزب الاشتراكي يدافعون عن موقف محمد السادس، تقول “بوبليكو” في تقريرها.

فقبل بضعة أشهر، صرحت الوزيرة السابقة ماريا أنطونيا تروخيو أن مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيتين “تمثلان إهانة لوحدة أراضي المغرب” وهي “من بقايا الماضي”.

وتوضح جوميز أن “هناك دولتان، فرنسا وإسبانيا، تدافعان عن مصالح المغرب في الاتحاد الأوروبي” وتعترف بأنها شهدت هي نفسها تحولًا أكثر راديكاليةً في السنوات الأخيرة من مدريد لإرضاء الرباط.

“أكثر أعضاء اللوبي المغربي جرأة الذين التقيت بهم في البرلمان هو جيل بارينياكسو (الاشتراكي الديموقراطي الفرنسي)، الذي يقدم نفسه كمستشار لملك المغرب”، تؤكد جوميز.

وتضيف “كيف يمكن للاشتراكيين الديمقراطيين تحمل هذا المستوى من الاختطاف؟ يجب عليهم التحقيق في الأمر”.

في نسخة جائزة ساخاروف لعام 2021، صوت أعضاء “الديمقراطية الاجتماعية” – في قلب الفضيحة لأن جميع المتهمين حتى الآن ينتمون إلى مجموعتهم – لصالح مرشح اليمين المتطرف، الرئيسة البوليفية السابقة جانين أنيز، وليس للناشطة الصحراوية سلطانة خايا، في التصفيات النهائية لهذه الجائزة.

تم ذلك، على الرغم من أن المجموعة التي يقودها الإسباني إيراتكسي غارسيا بيريز، تعزو ذلك إلى “استراتيجية لتحسين وضع مرشحيه، النساء الأفغانيات”.

إتفاق الصيد في مركز الزلزال

عملت بروكسل والرباط على توحيد الصفوف لحماية مصالحهما في صفقاتهما المثيرة للجدل التي تشمل موارد الصحراء الغربية.  

وأصدر القضاء الأوروبي حكمًا تاريخيًا العام الماضي أعلن “عدم قانونية اتفاقيات الاتحاد الأوروبي التجارية والبحرية مع المغرب”.

وقالت المحكمة، إنهم “لم يحظوا بدعم الشعب الصحراوي الذي تمثله جبهة البوليساريو”، وبعد دقائق، أصدر الإتحاد والرباط بيانًا مشتركًا “أكدا فيه على تعاونهما”.

واستأنف مجلس الاتحاد الأوروبي الحكم، الذي ينتظر الحكم النهائي لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (CJEU).  

وفي الوقت نفسه، تواصل السفن الأوروبية الصيد في المياه الإقليمية للصحراء الغربية، والتي تمثل أكثر من 90 بالمئة من المصائد التي يؤطرها الاتفاق.

وتهدد فضيحة “قطر غيت” بتشويه صورة ومصداقية الاتحاد الأوروبي، وربما ستكون رصاصة ستستفيد منها الأنظمة الأوروبية الشعبوية في اتحاد أوروبا، التي لم تعد تسعى للخروج من الاتحاد، بل تطمح إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي من الداخل.

وترى جوميز أن “هذه أخبار مروعة لصورة البرلمان الأوروبي وللديمقراطية، بل إنها ذخيرة لليمين المتطرف”.