fbpx

ميسي يحرر “البشت الخليجي” من التنميط 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

النجاح المجمع عليه في تنظيم المونديال يبقى تقنياً، وتفسره الأكلاف الهائلة التي دفعتها قطر إذا لم يترافق مع إعادة النظر بقضية الحريات والحقوق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 حين أقدم أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني على إلباس ليونيل ميسي “البشت الخليجي” في أعقاب فوز المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم، استيقظت لدى كثيرين حساسية لطالما ارتابت بهذا الطقس الذي تزخمه ريبة “الارتزاق”! لكن الأمر لم يتعدَّ كونه خطوة أقدمت عليها الدولة المضيفة في سياق ضم هويتها لحدث نظمته على أراضيها، وهي على رغم ما شابه من أسئلة وحقائق، نجحت في تقديم مونديال نال إعجاب العالم.

ونجاح قطر في تنظيم هذا الحدث العالمي، يضعها مرة أخرى أمام أسئلة ما بعد المونديال، ذاك أن للنجاح موجبات سيكون على هذه الدولة الصغيرة والغنية الإجابة عنها. فالفرق الرياضية التي تقاطرت على الدوحة خلال شهر المونديال، حملت معها قيمها التي يشكل المونديال فرصة لاحتكاكها وتفاعلها مع بعضها بعضاً، ولعل سؤال الحريات هو أول ما يحمله هذا التفاعل. 

فحين أقدم لاعبو المنتخب الألماني على وضع أيديهم على أفواههم في إشارة إلى احتجاج على انخفاض منسوب الحريات خلال المونديال، إنما أوصلوا رسالة مفادها أن المونديال حدث عالمي وعلى الدولة المضيفة أن تكون جزءاً من العالم الحر. كما أن للمشجعين الذين قدموا إلى الدوحة لتشجيع منتخباتهم أذواقاً وتقاليد وطقوساً وجدت الدولة المضيفة نفسها عاجزة عن ضبطها، فارتبكت حيناً وتعاملت في أحيان أخرى مع ما لا تستسيغه من شعائر. ولعل المرونة التي أبدتها سلطات المونديال كشفت عن إمكانية تعايش، لكن يبقى السؤال ما إذا كان سيتواصل ذلك إلى ما بعد المونديال.

أما السؤال الثاني الذي يحضر في هذه المناسبة فهو سؤال حقوق الإنسان، وتحضر هنا حقوق العمال التي لا تقتصر على إلغاء قانون الكفيل، بل تتعداه إلى ما ورد في تقارير موثقة عن الأكلاف البشرية لعمليات بناء الملاعب والمنشآت.

نجاح قطر في تنظيم هذا الحدث العالمي، يضعها مرة أخرى أمام أسئلة ما بعد المونديال، ذاك أن للنجاح موجبات سيكون على هذه الدولة الصغيرة والغنية الإجابة عنها.

وما لا شك فيه أن قطر لمست خلال المونديال وقبله أنه صار من الصعب عليها أن تكون جزءاً من العالم، وأن لا تأخذ هذه الحساسيات في الاعتبار. فصحيح أن المشجع الذي اقتحم الملعب حاملاً علم قوس قزح قد خرق قانون اللعبة، لكنه طرح تحدياً إيجابياً مفاده أن المثليين صاروا جزءاً من المشهد في العالم، وعلى من يطرح على نفسه مهمة عالمية بحجم تنظيم المونديال أن يجد طريقاً للتعايش معهم.  

النجاح المجمع عليه في تنظيم المونديال يبقى تقنياً، وتفسره الأكلاف الهائلة التي دفعتها قطر إذا لم يترافق مع إعادة النظر بقضية الحريات والحقوق. فجمال الملاعب والقدرة الاستيعابية الهائلة للمنشآت والفنادق تجعل من تنظيم الحدث مهمة لوجستية، في حين لطالما كان المونديال زمناً مقتطعاً للقاء أمم وجماعات وأذواق يجب إدارة اختلاطها.  

وهنا تحضر المقارنة مع تنظيم روسيا- فلاديمير بوتين هذا للمونديال عام 2018 وعدم استيقاظ هذه الحساسيات في حينها، على رغم أن النظام في روسيا تشوبه انتهاكات تفوق بفظاعتها ما تشهده قطر. وأصحاب وجهة النظر هذه محقون في إدانة الصمت حول روسيا، إلا أن ذلك لا يعفي قطر من الأسئلة.

للمرء أن يسجل للدوحة نجاحاً في إضافة “البشت الخليج” إلى مجموعة الأزياء الثقافية العالمية، وفي إدانة التنميط الذي لطالما تعرض له هذا الزي، والذي وقع كثيرون منا في فخه، لكن أن تكون الدوحة جزءاً طبيعياً من العالم، فلهذا شروط أخرى، وشرطا الحريات وحقوق الانسان في طليعتها.