fbpx

إذا اندلعت ثورات عربية جديدة… هل نلجأ مجدداً إلى “تويتر”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

السؤال هو، إذا اندلعت احتجاجات على غرار الربيع العربي في مكان ما من العالم، فهل سيتوافد النشطاء والصحافيون على موقع “تويتر” كما فعلوا عام 2011؟ على الأرجح لا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أدت ثورات الربيع العربي التي اندلعت عام 2011 إلى إحداث تغييرات جوهرية في منطقة الشرق الأوسط، ومنذ ذلك الحين أصبح موقع “تويتر” إحدى منصات التواصل الاجتماعي بالغة الأهمية في مختلف أنحاء العالم. فقد أضحى “تويتر” شبكة عالمية فائقة السرعة تُمَّكن الملايين من الأشخاص، من رجال الدين إلى الصحفيين والشركات والوزارات الحكومية، حول العالم من بنغلاديش إلى زامبيا، من الحصول على المعلومات. بيد أن استحواذ إيلون ماسك – الذي دار حوله الكثير من الجدل – على الشركة، يُعرِّض مستقبل “تويتر العالمي” بأسره للخطر.

تصاعد التركيز في الآونة الأخيرة على الكيفية التي ستؤثر بها التغييرات التي يضطلع بها ماسك على السياسة الأميركية، لدرجة أن ذلك قد طغى على أهمية بقية العالم. ونظراً إلى شعبية “تويتر” خارج الولايات المتحدة، فإن ذلك يُشكل إغفالاً خطيراً. والواقع أن المنصة التي أصبح العديد من الناس يعتمدون عليها قد تذوي وتصير مستنقعاً من المحتوى المزعج غير الخاضع للإشراف، وليس هناك الكثير مما يستطيع أي شخص فعله حيال هذا الأمر. هل يمكن أن يكون ذلك شيئاً جيداً؟

قد يبدو هذا المنظور قريباً على نحو مزعج من الآراء الداعمة لمنصات التواصل الاجتماعي بوصفها خدمات عامة. وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. إذ لم تسنح الفرصة قط من قبل لتويتر وغيره من منصات التواصل الاجتماعي لكي يصبح خدمة عامة عالمية. وحتى لو اضطلعت حكومة الولايات المتحدة (أو أي حكومة في هذا الصدد) بدور إشرافي أكثر صرامةً في إحدى منصات التواصل الاجتماعي، فهناك ببساطة عدد هائل من الناس والمعايير الثقافية المختلفة أكبر من أن يسمح لها بالمراقبة من أجل الحفاظ على ضبط وسلامة مثل هذه المنصة.

على الرغم من ذلك، فإن مستقبل تويتر القريب لا يبدو مشرقاً على الصعيد العالمي. فقد كان أول شيء فعله ماسك بوصفه مالك المنصة هو طرد الآلاف من العاملين فيها. وقد أثارت هذه الخطوة التي تبدو عدوانية انتقادات من قطاعات واسعة من وسائل الإعلام الأميركية، بيد أنها في سياق تسريح العاملين على نطاق أوسع عبر قطاع التكنولوجيا، فإنها لا تبدو غريبة. إذ يتسم قطاع التكنولوجيا بأنه كبير للغاية، والشركات الرائدة تستغني عن عشرات الآلاف من العاملين فيه.

ما يثير قلق بقية العالم هو كيف أدت عمليات الفصل إلى إفراغ مكاتب الإشراف على المحتوى بأكملها في البلاد من العاملين فيها. فقد أفادت بعض التقارير أن مقر “تويتر” في غانا، وهو المقر الوحيد في قارة أفريقيا، لم يتبق فيه سوى موظف واحد. هذا يعني أن هناك موظفاً واحداً في تويتر مسؤول عن كل قارة أفريقيا. بالرغم من أن تويتر يحظى بشعبية كبيرة في أفريقيا، نظراً إلى أنه خدمة قائمة على الرسائل النصية، والتي لا تتطلب الكثير من البيانات مثل المنصات الأخرى من قبيل “تيك توك” و”إنستغرام”.

تُشكل المكاتب الإقليمية أهمية بالغة للإشراف على المحتوى المحلي مما يحافظ على سلامة وضبط منصات التواصل الاجتماعي. وبالرغم من أن ماسك قد يتبنى بطريقة نشطة وحازمة نهج حرية التعبير الذي يتلخص بأن “كل شيء مباح” لمستقبل “تويتر”، فإن الإشراف على المحتوى أمر بالغ الأهمية للكيفية التي تعمل من خلالها وسائل التواصل الاجتماعي واستمرارها في النمو. فقد استثمرت شركات التواصل الاجتماعي القليل للغاية في الإشراف على المحتوى في العديد من المواقع، وكانت النتائج مأساوية في بعض الأحيان. والآن، لك أن تتخيل أن تويتر لديه موظف واحد في أفريقيا مسؤول عن كافة المحتوى القادم من القارة.

يتمثل الجانب الآخر غير المفهوم من الإشراف على المحتوى في القدرة على التصدي للنفوذ الحكومي المفرط. ولنتأمل هنا الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في الصين ضد سياسات الدولة في التعامل مع أزمة كوفيد-19. ففي الوقت الذي ازدادت فيه قوة الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، تمكن المخترقون الصينيون من إغراق “تويتر” بسيل من المحتوى غير المرغوب فيه المصمم لعرقلة التحديثات الدقيقة من قِبل الصحفيين والمتظاهرين. وقد انطلقت العملية دون عوائق. ومع استمرار ماسك في التخلص من فرق الإشراف على المحتوى عبر منصة تويتر، سيكون تنفيذ مثل هذه العمليات التي ترعاها الدولة أسهل وأكثر شيوعاً.

بيد أن السؤال هو، إذا اندلعت احتجاجات على غرار الربيع العربي في مكان ما من العالم، فهل سيتوافد النشطاء والصحافيون على موقع “تويتر” كما فعلوا عام 2011؟ على الأرجح لا. 

القصة ليست في الواقع حول تويتر أو إيلون ماسك. فهذه الملحمة التي تتوالى فصولها مع المنصة تذكرنا باعتمادنا على الشركات الخاصة التي لا تعمل مع وضع مصالحنا في الاعتبار.

على الرغم من أن ايلون ماسك يُبدي موقفاً متشدداً بشأن حرية التعبير، فقد أخذ على عاتقه مهمة الحد من حماية عدم الكشف عن الهوية للمستخدمين من خلال حملته لإزالة التطبيقات الآلية القادرة على إرسال كميات كبيرة من المحتوى المزعج من المنصة. ونظراً إلى أن شركات ماسك الأخرى، مثل تسلا، تلقت دعماً بمليارات الدولارات من حكومات مثل الولايات المتحدة، وبما أن تويتر شركة خاصة، فليس هناك ما يمنع ماسك من تقديم بيانات المستخدمين لديه إذا تعرضت إحدى الدعائم المالية الرئيسية الأخرى له للخطر.

للتفكير في مستقبل “تويتر” علينا أن نخطو خطوة هائلة إلى الوراء. إذ إن هذه القصة ليست في الواقع حول تويتر أو إيلون ماسك. فهذه الملحمة التي تتوالى فصولها مع المنصة تذكرنا باعتمادنا على الشركات الخاصة التي لا تعمل مع وضع مصالحنا في الاعتبار. يُمكن أن يحدث ذلك مع “تويتر” اليوم و”فيسبوك” غداً أو “تيك توك” الشهر المقبل. فقد صممت هذه الشركات لجمع معلومات عن المستخدمين يمكن تحويلها إلى عائدات من خلال التسويق والإعلانات (أو للتجسس برعاية الدولة، كما في حالة تيك توك). لقد تم إيهامنا بالاعتقاد أن هذه المنصات ترتقي بالبشرية. بيد أن الواقع يثبت أنها ليست كذلك.

إذا اندلع ربيع عربي آخر غداً، فلا يوجد بديل عن تويتر يُمكن أن يحل محله. ظاهرياً، قد لا يبدو ذلك جيداً للأشخاص الذين يطمحون لتنظيم صفوفهم من أجل تحقيق مستقبل أفضل، ولكن ربما يكون ذلك علامة على أننا بحاجة إلى التفكير فيما يتجاوز وسائل التواصل الاجتماعي. وربما التنظيم الاجتماعي الذي يتعين أن يحدث لا بد أن يبدأ بنظرة فاحصة إلى عاداتنا التكنولوجية والاعتماد المفرط على الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي. وربما تكون ملحمة إيلون ماسك المأساوية في تويتر هي ناقوس الخطر الذي يحتاجه المجتمع العالمي. فهل نحن مستعدون للتحدي؟

هذا المقال مترجم عن الرابط التالي.