fbpx

لبنان: البطاقة التمويلية مُجمّدة بينما ينام مواطنون على بطون فارغة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كل يوم يمرّ تتجدّد فيه مأساتنا، لا نستطيع النوم في هذه الخيمة، صوت المطر فوق الخيمة والصقيع والخوف… تلك الأسرة، بكل ما تحمل من حكايا مأساوية، ليست سوى واحدة من أُسر هبطت إلى ما دون خطّ الفقر وغرقت في الفقر المدقع بعدما طاولت الأزمة الاقتصادية أغلب شرائح المجتمع في لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كل يوم يمرّ تتجدّد فيه مأساتنا، لا نستطيع النوم في هذه الخيمة، صوت المطر فوق الخيمة والصقيع والخوف… أطفالي لا ينامون”، تقول دنيا (اسم مستعار)، وهي أم لبنانية تعيش مع أسرتها في خيمةٍ قريبة من مخيم بحنين للاجئين السوريين في شمال لبنان. 

لدنيا ثلاثة أطفال لا يتجاوز أكبرهم الأربع سنوات. أما زوجها، يعمل في متجرٍ للخضار والفاكهة في بيروت، ويأتي لزيارتهم مرّة كل أسبوعين وأحياناً تطول الزيارة إلى أكثر من شهر، وفقاً لقدرته المادية وإمكانية تغطية كلفة النقل.  

تروي دنيا أن وضع أسرتها الاقتصادي ساء في الفترة الأخيرة، حتى باتت الخضروات رفاهية تغيب عن مائدتها، بعدما فقدت الأسرة القدرة على شراء اللحوم منذ أكثر من 3 سنوات. في الخيمة حيث تعيش دنيا وأطفالها، لا كهرباء ولا مياه صالحة للشرب أو الاستخدام. المرحاض والمطبخ في مساحةٍ واحدة صغيرة ومشتركة، والجزء الآخر من الخيمة هو مساحة فارغة ينام فيها أفراد الأسرة على الأرض، فيما تتساقط قطرات مياه عليهم.  

“ولادي ما عم يناموا من الخوف من الجرادين والفيران”، تقول دنيا بينما تغسل مواعينها خارج الخيمة بـ”ليفة قش”، وهي ليفة صنعتها بنفسها لتنظيف الأواني لعدم قدرتها على شراء واحدة. تقول دنيا إنها كانت تعيش في شقة في مدينة طرابلس في السنة الأولى من زواجها، إلا أنها اضطرت إلى الانتقال بعدما طالبهم صاحب العقار برفع كلفة الإيجار، التي تخلّف زوجها عن دفعها لأكثر من 5 أشهر أصلاً. 

تلك الأسرة، بكل ما تحمل من حكايا مأساوية، ليست سوى واحدة من أُسر هبطت إلى ما دون خطّ الفقر وغرقت في الفقر المدقع بعدما طاولت الأزمة الاقتصادية أغلب شرائح المجتمع في لبنان. 

لبنانيون يقضون يوماً كاملاً من دون طعام…

ألقى بحث جديد أجرته “هيومن رايتس ووتش” الضوء على المستويات المقلقة للفقر وانعدام الأمن الغذائي في لبنان بسبب تراجع النشاط الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي وارتفاع تكاليف المعيشة. في التقرير، وثّقت المنظمة أن تغطية برامج المساعدة الاجتماعية الحالية، الممولة جزئياً من البنك الدولي، “ضئيلة وتستهدف بشكل ضيق للغاية الأسر التي تعيش في فقر مدقع”، ما يترك شرائح كبيرة من السكان غير المؤهلين معرضين للجوع، وعاجزين عن الحصول على الأدوية، ويخضعون لأنواع أخرى من الحرمان التي تقوض حقوقهم مثل الحق في الغذاء والصحة. هذا عدا أن السلطات اللبنانية، على رأسها الحكومة، لم تعتمد أي استراتيجية لحماية حق اللبنانيين. 

حوالى 70 في المئة من الأُسر اللبنانية يواجهون صعوبة في تغطية نفقاتهم أو يتأخرون عن دفع النفقات الأساسية. مع ذلك، فإن أقل من 5 في المئة من الأسر في لبنان تلقت أحد أشكال المساعدة الحكومية بحسب “هيومان رايتس ووتش”. 

في التفاصيل، أجرت المنظمة بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 وكانون الثاني/ يناير 2022 مسحاً على عينة تمثيلية شملت ألفاً و209 أسرة لبنانية لجمع معلومات حول الظروف الاقتصادية للأفراد وقدرتهم على تحمل تكاليف الطعام، والأدوية، والسكن، والتعليم. سأل الباحثون الأسر عما إذا كانوا يتلقون دعماً مالياً أو عينياً من الحكومة، أو الجماعات الدينية أو السياسية، أو المنظمات غير الحكومية، وتحدثوا مع أفراد الأسر حول تأثير نقص الدخل. وتسلط نتائج المسح الضوء على خطورة الوضع وتشير إلى أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي عاجز عن مواجهة الأزمة بالنسبة لكثير من اللبنانيين. وفق المسح، حوالى 70 في المئة من الأُسر اللبنانية يواجهون صعوبة في تغطية نفقاتهم أو يتأخرون عن دفع النفقات الأساسية. مع ذلك، فإن أقل من 5 في المئة من الأسر في لبنان تلقت أحد أشكال المساعدة الحكومية بحسب “هيومان رايتس ووتش”. 

في التقرير، يواجه أصحاب الدخل المحدود بشكل خاص انعدام الأمن الغذائي. 43 في المئة من الأسر التي شملها المسح والتي يقضي فيها شخص بالغ يوماً كاملاً من دون تناول الطعام كانت ضمن شريحة الـ20 في المئة الأدنى دخلاً. كما كانت الأسر التي لديها أطفال والأسر التي تعيلها نساء أكثر احتمالاً من غيرها أن تقول إنه لم يكن هناك في بعض الأحيان أو في كثير من الأحيان ما يكفي من الطعام في الشهر السابق.

ماذا حلّ بالبطاقة التمويلية؟

في الاستطلاع الذي أجرته “هيومن رايتس ووتش”، أبلغت أقل من 5 في المئة من الأُسر عن تلقي نوع ضئيل من المساعدات الحكومية، التي كان معظمها عينياً فقط. المفارقة أن الـ5 في المئة من تلك الأُسر لم تكن من ذوي الدخل المحدود، أي الفئة الأكثر حاجة لتلك المساعدات، وهو ما يطرح أسئلة حول شفافية المعايير التي تعتمدها السلطات المعنية في توزيع المساعدات. هذا عدا الجمود التام في ملف البطاقة التمويلية التي وعدت بها الحكومة اللبنانيين، فيما تبيّن لاحقاً أنها لم تكن سوى خدعة لتمرير خطة رفع الدعم. 

في هذا السياق، يقول رئيس مصلحة القضايا في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي صادق علوية لـ”درج” إن “الحكومة غشّت الناس وأخبرتهم أنها بانتظار قانون للبتّ في مسألة البطاقة التمويلية، فتبين لاحقاً أن القانون صدر ولم يُطبق… كل ما فعلته هو تمويل حاجات عدد محدود من الأُسر الأكثر فقراً بتمويل وإشراف أممي من دون تدخل الحكومة”. أما عن الدعم الذي تقدّمه الحكومة، وفق علوية، فهو يقتصر على تمويل جزء من عمليات الاستيراد عبر منصة صيرفة وعلى السعر المحدد فيها، باستثناء القمح الذي يموّل استيراده على سعر الصرف القديم (1507) بقرض من “البنك الدولي”.