fbpx

نهائي قطر 2022: ماكرون في وضعية تسلل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

برغم التسليم باستحالة فصل الرياضة عن السياسة لدرجة أن التوظيف السياسي لأي حدث رياضي بات مألوفاً، أخطأ الرئيس الفرنسي تقدير الموقف بحسب منتقديه الذين اعتبروا سلوكه تشويهاً للصورة، وأنه كان بإمكانه استثمار اللحظة على نحو أذكى وأقل استفزازاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس إيمانويل ماكرون من أرسى قاعدة “التوظيف السياسي للأحداث الرياضية”، لكن “أداءه الإعلامي” يوم فوز الأرجنتين على منتخب بلاده، كلفه وابلاً من الانتقادات.

ما “استفز” الوسط السياسي والإعلامي الفرنسي هو تجاوز الرئيس الخطوط الحمر: مواساته اللاعبين، ثم اجتماعه بهم في غرفة تبديل الملابس، كما أن تصريحاته الإعلامية، عكست تعدياً على مهمات وصلاحيات المدرب والجهاز الفني، وفقاً لوسائل الإعلام الفرنسية التي حللت كل خطوة ماكرونية. 

الكثير من الصحافيين اعتبروا نزوله إلى أرضية الملعب، بعد نهاية المباراة، اقتحاماً غير مبرر للمشهد الإعلامي: بحسب ليليان آليمانيا من على صفحات الـLibération، لم يكن يفترض أن يشذ الحدث عن اطاره الرياضي بل كان يجب ترك العدسات ترصد وتنقل ردود أفعال لاعبي المنتخب الفرنسي وانفعالاتهم، فهم المعنيون بالنتيجة ومن حقهم الاستحواذ على كامل الأضواء دون شريك.

برغم التسليم باستحالة فصل الرياضة عن السياسة لدرجة أن التوظيف السياسي لأي حدث رياضي بات مألوفاً، أخطأ الرئيس الفرنسي تقدير الموقف بحسب منتقديه الذين اعتبروا سلوكه تشويهاً للصورة، وأنه كان بإمكانه استثمار اللحظة على نحو أذكى وأقل استفزازاً.  

أبرز ما توقفت عنده الصحافة هو المقطع المصور الذي جمعه ومبابي، اللامبالاة التي بدت على وجه الأخير فيما كان يحاول ماكرون التخفيف عنه. اعتبر هذا الموقف تأكيداً للحجة السابقة: لم يكن الرئيس الفرنسي في مكانه الطبيعي بل فرض نفسه على اللاعبين الذين لم يكونوا بحاجة لوجوده إلى جانبهم. 

ليس إيمانويل ماكرون من أرسى قاعدة “التوظيف السياسي للأحداث الرياضية”، لكن “أداءه الإعلامي” يوم فوز الأرجنتين على منتخب بلاده، كلفه وابلاً من الانتقادات.

وتوقف الإعلام عند الكلمة التي ألقاها ماكرون في غرفة تبديل الملابس لرفع معنويات اللاعبين. مقطع مصور نشر على حسابه على “تويتر” في تأكيد، بحسب منتقديه، أنها لم تكن خطوة عفوية. من جانب آخر، مضمون الكلمة والمصطلحات المستخدمة كانت أقرب إلى خطاب سياسي منه إلى كلمة تشجيعية، لا سيما دعمه المدرب ديديه ديشان للاستمرار على رأس عمله واختتام الكلمة بالعبارة السياسية التقليدية “لتحيا فرنسا ولتحيا الجمهورية”، ما دفع بلاعب المنتخب الفرنسي السابق، ايمانويل بوتي، للتعليق على هذا المقطع المصور بالقول: ” خيّل لي أنه المدرب”.  

على اعتبار أن ماكرون يشغل الموقع الرسمي الأول في البلاد، كان منتظراً تفسير سلوكه على نحو سياسي. وسائل الإعلام الفرنسية طرحت السؤال التالي: هل كان تصرفاً عفوياً غير محسوب بخاصة أنه من عشاق كرة القدم؟  

الجواب أتى سلبياً، إذ يحسب ماكرون بعناية كل خطواته لا سيما حين يكون تحت العدسات والأضواء الإعلامية. غايته كانت استثمار الحدث سياسياً ولأبعد حد ممكن في تناقض مع تصريح أدلى به في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلن فيه معارضته تسييس الرياضة. 

من على أثير إذاعة Europe1 رأى وليام تاي، مدير مجمع التفكير Le Millénaire، أن الظرف السياسي والاقتصادي الفرنسي دفع بماكرون للمجازفة على هذا النحو أملاً بتعزيز شعبيته. فخلال بطولة كأس العالم 2018، لم تكن الأزمات والفضائح قد انفجرت بعد في وجهه، كما كانت التحديات الاقتصادية والاجتماعية أقل حدة مما هي عليه اليوم. لذا، اكتفى بدور المشجع لتنتشر صورته الشهيرة محتفلاً بانتصار منتخب بلاده بعفوية تامة.

لكن بطولة عام 2022 انطلقت في ظرف سياسي مغاير: بعد خمس سنوات من الإقامة في الاليزيه افتتح ماكرون ولايته الثانية منهكاً، بعد سلسلة من الأزمات الصحية (الحجر الصحي) والاجتماعية (السترات الصفر) والسياسية (فضيحة بينالا) والعسكرية (الحرب الروسية- الأوكرانية) انعكست سلباً على اقتصاد فرنسا وأثقلت كاهل المواطنين، بخاصة في الآونة الأخيرة مع تضخم الأسعار وأزمة الطاقة. 

من على صفحات Le Monde، اعتبرت كلير غاتينوا أن سعي ماكرون لاستغلال مناخ الوحدة الوطنية لم يكن بغرض إلهاء الفرنسيين عن همومهم الحياتية وحسب، بل أيضاً ليعزز رصيده السياسي، فيما تستعد حكومته لطرح مشاريع قوانين لا تلقى شعبية في الشارع الفرنسي، مثل إصلاح نظام التقاعد. 

اعتبرت وسائل إعلامية أن ماكرون لا يزال متأثراً بالنموذج الشيراكي: إبان كأس العالم 1998 تصدر جاك شيراك المشهد الإعلامي، ما أتاح له كسب 18 نقطة في استطلاعات الرأي لتبلغ شعبيته عند انتهاء البطولة 62 في المئة. 

منذ ذاك التاريخ، كرس الرئيس الفرنسي الراحل “عرفاً” إعلامياً سار عليه خلفاؤه: الاستفادة من الأنشطة الرياضية للاستثمار في صورة رئيس البلاد الذي يشاطر الفرنسيين شغفهم. وعلى هذا الدرب سار ماكرون، وفقاً لفلوريان سلينيكي الخبير في الاستراتيجيات الإعلامية، الذي أضاف أن الرئيس الحالي تفوق على جميع أسلافه في احتضان منتخب كرة القدم. 

لكن فريدريك دابي، المدير العام لمؤسسة الاستطلاع Ifop، طالب في تصريح صحافي لجريدة Midi Libre، بالكف عن اتخاذ شيراك نموذجاً ومرجعاً يمكن تعميمه في أي زمان ومكان: ففرنسا كانت الدولة المضيفة عام 1998 والالتفاف الشعبي الذي حظي به منتخب الديوك آنذاك كان استثنائياً، ما يعني أن المزاج الشعبي عام 1998 كان مؤاتياً لرئيس الجمهورية أكثر منه في العام 2022. 

واستطرد دابي مذكراً بأنه في العام 1997، خسر اليمين الفرنسي بزعامة شيراك الانتخابات النيابية، ما أجبره على المساكنة مع حكومة اشتراكية كانت تتلقى هي سهام الانتقاد. ما قصده دابي أنه في حالة المساكنة الحكومية هذه، نص العرف السياسي الفرنسي على تولي رئيس الوزراء إدارة شؤون البلاد، فيما يلعب رئيس الجمهورية دور “الأب الروحي” المترفع عن النزاعات السياسية. وعليه، عندما استضافت فرنسا بطولة كأس العالم في العام 1998 كانت مواكبة شيراك لمنتخب بلاده مسألة طبيعية، إذ شكلت حلقة من استراتيجية إعلامية تبلورت قبلها بعام وتحول خلالها شيراك إلى رمز للوحدة الوطنية، فيما سعى ماكرون إلى لعب هذا الدور غير مدرك أنه عنوان لانقسام سياسي. 

إلى جانب ما أدلى به دابي، تمكن إضافة نقطة أخرى: شخصية شيراك العفوية والطبيعية البعيدة من التصنع.

برغم كل ما سيق من انتقادات بحق ماكرون، لكنه يبقى تصرفاً متوقعاً، إذا ما قورب من زاوية السياسة الإعلامية: من النادر أن يشهد رئيس فرنسي، خلال فترة حكمه، بطولتين لكأس العالم ويتأهل خلالهما منتخب بلاده إلى المباراة النهائية، ما يفسر صعوبة مقاومة هذا الإغراء الإعلامي. 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!