fbpx

بتهمة “الأفروسنتريزم”… شوفينية جديدة تُهاجم حفل كيفن هارت في القاهرة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل سبب الرفض الحقيقي هو الغيرة على الحضارة المصرية؟ أم أن تلك المجموعات التي لطالما اتهمت بتعزيز نعرة قومية وفاشية حول الهوية تستغل القضية لتعزيز جمهورها؟ أم ببساطة يرفض متبنو تلك الحملة أن يصنف المصريون كسود البشرة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نجح وسم مصري يطالب بمنع حفل الستاند آب كوميديان الأميركي الشهير كيفن هارت في مصر، في كسب زخم ودعم من مواقع وصحف عربية كثيرة. بعدما أعلنت شركة “آر برودكشن”، على منصة “تويتر”، تنظيم عرض “ستاند آب” كوميدي للنجم الأميركي في إستاد القاهرة، في شباط/ فبراير 2023.

لم يعلق كيفن هارت على الحملة المثارة ضده، وكذلك لم تلفت الحملة نظر الإعلام الغربي.

الممثل الكوميدي كيفن هارت

الوسم أطلقه مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي وتحركه بشكل أساسي صفحات تدعو إلى القومية المصرية، وترفض انتماءها العربي أو الأفريقي وترى أن الهوية الوحيدة الممكنة للمصريين هي الهوية الفرعونية.

تتهم الحملة هارت، بالعنصرية وتزوير التاريخ المصري، وبانتمائه لحركة الأفروسينتريزم” أو المركزية الأفريقية، وتداول مدونون، تصريحات منسوبة لكيفن هارت، لإحدى وسائل الإعلام: “يجب أن نعلّم أولادنا تاريخ الأفارقة السود الحقيقي عندما كانوا ملوكاً في مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التي يتم ترسيخها في التعليم في أميركا… هل تتذكرون الوقت الذي كنا فيه ملوكاً؟”.

برغم أن تلك التصريحات لم تظهر من خلال البحث، ولم ينشرها موقع رصين أو مدون معروف، إلا أنها تُعامل معاملة الحقيقة، التي لا تقبل الرد، ليس من قبل محركي الحملة وحسب، بل من فئات واسعة تبنتها.

تعد المركزية الأفريقية أو “الأفروسينتريرزم“، تياراً ثقافياً وسياسياً يسعى إلى “إبراز الهوية والمساهمات الثقافية الأفريقية في تاريخ العالم، وتروج لمجموعة من النظريات حول ما تعتبره التاريخ الحقيقي لنشأة الحضارات”.

وبحسب أفكار هذه الحركة، فإن التاريخ والثقافة الأفريقية، بدآ في مصر القديمة، التي كانت مهد الحضارة العالمية، وتقول إن “مصر حكمت أفريقيا السوداء الموحدة حتى سُرقت أفكارها وتقنياتها، وحجب الأوروبيون سجلها الحافل بالإنجازات”.

ومن بين أكثر الأفكار التي يروج لها أتباع هذه الحركة، التي تقول إنها تأتي كرد فعل على “كذبة التفوق الحضاري الغربي”، أن منطقة شمال أفريقيا، كانت تقطنها غالبية سوداء، قبل أن تستعمرها وتبيدها أعراق أخرى، كما تدعي أن التاريخ المتداول لمصر القديمة “مزور وغير حقيقي ويخفي مساهمات الأفارقة”.

ويصنف علماء في المصريات تلك المزاعم تحت بند العلم الزائف.

لكن هل يكفي جدل مزاعم “الأفروسينتريزم”، لتجاهل النعرة العنصرية الخطيرة في الحملة؟

ليست الحملة الأولى

سابقاً، أطلقت تلك الصفحات حملات مماثلة ضد اللاجئين في مصر، وحملات سياسية ضد الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح.

بدأت صفحة الصحوة القومية حملتها عبر الرد على الإعلان عن استضافة كيفن هارت في مصر عبر حسابها على “تويتر”:

“غير مرحب بيك طول ما انت داعم للمركزية الأفريقية… حضارة مصر وتاريخها خط أحمر لا نسمح بالمساس به و مش هنتسامح مع مزوري التاريخ. احنا اصحاب البلد و سكانها الأصليين و محدش سكن الأرض دي قبلنا ولا هيسكنها بعدنا”.

انضمت إلى الصفحة مجموعات تتبنى الأفكار نفسها، ثم سرعان ما انضم فنانون شباب وطلبة في معهد السينما وإعلاميون، أبرزهم الممثل الشاب يوسف عثمان ومذيع الراديو أحمد يونس، ونقل الجميع عن تلك الصفحات القومية الكلمات نفسها، مطالبين الدولة بالتدخل لمنع الحفل، من خلال الترويج لحملة توقيعات.

تتهم الحملة هارت، بالعنصرية وتزوير التاريخ المصري، وبانتمائه لحركة الأفروسينتريزم” أو المركزية الأفريقية.

هل سبب الرفض الحقيقي هو الغيرة على الحضارة المصرية؟ أم أن تلك المجموعات التي لطالما اتهمت بتعزيز نعرة قومية وفاشية حول الهوية تستغل القضية لتعزيز جمهورها؟ أم ببساطة يرفض متبنو تلك الحملة أن يصنف المصريون كسود البشرة؟ وكذلك ارتباط تلك الحملة في الأساس بعنصرية في تعامل الشارع المصري مع اللاجئين الأفارقة والسودانيين، تميزت بحوادث مورس فيها العنف والإيذاء والتحرش في مقابل معاملة أكثر لطفاً مع اللاجئين السوريين- بيض البشرة في مصر، وإن لم ينجُ كذلك من حملات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال المجموعات التي ترغب في طرد اللاجئين من مصر.

هذه كلها أسئلة تجاهلتها التغطية الصحافية في معظم المواقع الإعلامية المصرية والعربية.

موجة الشوفينية الجديدة

في حزيران/ يونيو الماضي تصدر “تويتر” وسم #كفايه_لاجئين_في_مصر_قرفنا، قادت تلك الحملات المروجة لخطاب الكراهية والمشاعر المعادية لوجود اللاجئين واللاجئات في مصر أنصار ما يسمى “أبناء كيميت” ومجموعات القومية المصرية، وهم يسمون اللاجئين صراحة “مستوطنين مثل الهكسوس”، وهي المجموعات التي قادت الحملة ضد حفل كيفين هارت.

يؤمن أبناء كميت بنقاء العرق المصري وينسبون لأنفسهم بناء الأهرامات والحضارة المصرية القديمة، في سردية تماثل سردية نقاء الجنس الآري، وتنفي عن نفسها بشراسة أي انتماء عربي أو أفريقي أو إسلامي.

أما المجموعات التي تسمى نفسها باسم القومية المصرية، لا تشبه القومية المصرية الناصرية أو ذلك النقاش القديم الذي أثاره مفكرون مصريون حول الهوية المصرية، كسلامة موسى وطه حسين حول طبيعة انتماء مصر إلى الحضارة المصرية القديمة أو أن تعتبر نفسها جزءاً من أوروبا وهو نقاش كان مرتبطاً في الأساس بطبيعة الأفكار الثقافية التي على مصر أن تتبناها وضمن نقاش عام حول توجهاتها في المستقبل، لكن تلك المجموعات القومية الناشئة تبدو أقرب لأفكار اليمين المتطرف في خطابها وترفض وجود الآخر من الأساس، لذا يتفق “أبناء كيميت” وجماعة “القوميين الجدد” على رفض وجود اللاجئين وضرورة ترحيلهم إلى أوطانهم.

ضد مصادرة الخيال

يوضح الصحافي والناشط أحمد ناجي لـ”درج”، أن الحملة الأخيرة لــ”موجات الشوفينية” الجديدة، كما سماها، هي خطاب عنصري واضح مرتبط بتوجهات سياسية، وفي رأيه يتزامن ذلك مع المد الإعلامي ضد إثيوبيا بشكل خاص ونحو الأفارقة عموماً بعد أزمة سد النهضة.

ويرى ناجي أن تلك الخطابات يسمح بها في ظل منع أي خطاب حول القضايا الحقيقية التي تواجه مصر كالفقر وتردي الواقع الاقتصادي أو الاستبداد السياسي، ويسأل لماذا لا تستفز تلك الحملات، خطاباً مماثلاً في أفلام هوليوود، عن أن اليهود هم بناة الأهرام، أو إيلون ماسك صاحب شركة “تويتر”، والذي تبث من خلاله تلك الحملات والذي يرى أن الفضائيين هم المسؤولون عن بناء الأهرامات.

يواصل ناجي، كان نظام جمال عبد الناصر معروفاً بدعمه الحركات المدنية الأفرو- أميركية، وعدد كبير من رموزها كمالكوم إكس، زاروا مصر والتقوا الرئيس عبد الناصر، ودرس عدد منهم في الجامعات المصرية، والسلطات المصرية المتعاقبة بدءاً من أنور السادات هي التي استثمرت في صورة مصر الفرعونية، في زيارته الشهيرة إلى أميركا التي حرص على أن تكون لها ملامح أسطورية كملك منتصر، أسمر البشرة، وكان حريصاً على أن يصور نفسه من خلال إكسسوارات الملابس كالصولجان المطلي بالذهب، كفرعون في إشارة إلى صولجان رمسيس، وكذلك عرض عدد من الآثار المصرية أثناء الزيارة، في خطاب مضاد لصورة المصري التي تكونت من خلال الإنجيل والعهد القديم.

علي العدوي، قيّم فنّي وباحث في مجال الفنون، يوضح لـ”درج” أن “صعود تريند مقاطعة كيفين هارت في أوساط فنانين ومثقفين هو باعث حقيقي على القلق، بتخليهم عن دورهم في وضع جدال “الافروسينرتيزم ومزاعمهم حول الحضارة المصرية في سياقه التاريخي وتسطيحه إلى نبرات عنصرية، ككونها حركة نشأت لمواجهة المركزية الأوروبية، وهيمنة الرجل الأبيض على دراسات الآثار المصرية، وكتعويض عن اضطهاد ومعاناة ضد العنصرية الأميركية تجاههم، دون أن نغفل أن تلك الحركة أنتجت عنصرية مضادة، لكنها عنصرية المقموع في النهاية، بحثاً عن رد ضد قرون من التهميش والتمييز”.

تعد المركزية الأفريقية أو “الأفروسينتريرزم“، تياراً ثقافياً وسياسياً يسعى إلى “إبراز الهوية والمساهمات الثقافية الأفريقية في تاريخ العالم، وتروج لمجموعة من النظريات حول ما تعتبره التاريخ الحقيقي لنشأة الحضارات”.

يرى العدوي أن الأوساط الثقافية تصادر ما تحتويه حركة “الأفروسينتريزم”، من خيال، الجوهري فيه هو أنهم يعتبرون مصر جزءاً من أفريقيا، وكذلك تستبعد الأمر دراسات ما زالت في المهد، فهل من الصعب مثلاً تخيل أن المصريين استعبدوا أفارقة خلال غزواتهم، وأن هؤلاء ساهموا في بناء المعابد والأهرامات.

جزء من مصادرة الخيال في رأي العدوي، سببه تثبيت فكرة متوهمة عن صورة المصري القديم، والتي ترى أن المصريين بيض البشرة، وهي صورة متوهمة، وتطفح بالعنصرية والعداء، وتهدف إلى عدم فتح أي نقاش تاريخي جاد باستثناء ما يدرس من خلال كتب التربية الوطنية، وكذلك تستبعد تلك الصورة نفسها كجزء من أفريقيا، برغم أن مصر جغرافياً تابعة لها.

يتفق كل من ناجي والعدوي على أن التاريخ قائم على تعدد الروايات، ويرفضان منطق استدعاء الدولة لمنع حفل فني.

ويرى ناجي أن الأجدى من منع كيفين هارت، هو طرح السؤال عليه من خلال مؤتمر يسبق الحفل، وأن النقاش حول التاريخ والمزاعم المتعلقة بالحضارة المصرية هو أمر أكثر إفادة من المنع، وأن السرقة الحقيقية للتاريخ المصري، تحدث عندما يكون هناك صوت واحد فقط للتاريخ وعندما يُعزل المصريون عن تاريخهم ودراسته بشكل جدي، من أجل صورة واحدة متوهمة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.