fbpx

حظر النشر سلاح
الأردن لمنع التغطية الصحفية 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل آثر الإعلام الأردني الرسمي أن يغيب برقابة ذاتية أم بقرار غير مباشر بحجب التغطية؟ النتيجة واحدة وهي تعتيم جديد على قضية تشغل الرأي العام الأردني.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تنتظر وسائل الإعلام الأردنية قرارا رسمياً بحظر النشر في قضية إضرابات وسائل النقل التي انطلقت في أغلب محافظات المملكة مطلع كانون الأول/ديسمبر، فالإعلام الرسمي الأردني غائب عن متابعة الحدث بشكل كامل.

 فهل آثر الإعلام الأردني الرسمي أن يغيب برقابة ذاتية أم بقرار غير مباشر بحجب التغطية؟  النتيجة واحدة وهي تعتيم جديد على قضية تشغل الرأي العام الأردني.

تشهد محافظات المملكة منذ نحو أسبوعين إضراباً عاماً لوسائل النقل العام، احتجاجاً على الضريبة المفروضة على أسعار المحروقات، وعلى قرارات الحكومة الأخيرة والمتكررة في رفع أسعار المحروقات. 

استمر الإضراب ليصبح عصياناً مدنياً في بعض المناطق، منها محافظة معان جنوبي المملكة، وإغلاق محال تجارية في كل من محافظة الكرك والطفيلة ومادبا جنوباً.

“الشلل” الذي سببه الإضراب غير المسبوق غاب بشكل شبه تام عن وسائل الإعلام الأردنية، ما عدا الموقع الإلكتروني “جو 24” الذي غرد خارج سرب الإعلام الأردني المحلي، وعمل على تغطية الأحداث بطريقة ضربت بعرض الحائط التغييب الإعلامي سواء عن قصد أو دون قصد، وأي قرار حظر نشر قد يصدر قريباً، لاسيما وأن قرارات حظر النشر للإعلام الأردني أصبحت نهجاً راسخاً.

رغم المحاولات المتكررة للتواصل مع مديري تحرير صحف وقنوات اخبارية لفهم الأسباب التي جعلت وسائل الإعلام الأردنية تتخذ دور المراقب الصامت، رفض عدد منهم الرد على اسئلتنا والاكتفاء بالتعبير عن رغبتهم في نقل الرواية الرسمية للحدث، كاجتماعات مجلس النواب الأردني لمناقشة تداعيات الإضراب.

في ظل التعتيم الإعلامي، لجأ أردنيون كثر إلى مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يحدث في البلاد. يقول الناشط نائل أبو الرب لـ”درج”: “عجزنا عن متابعة أخبار الإضراب الذي يهمنا كمواطنين من خلال وسائل الإعلام المحلية، واضطررنا إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع العربية لمعرفة ما يحدث في بلدنا”.

ويضيف: “ينتقدون وسائل التواصل الاجتماعي ويقولون أنها تخرب عقولنا. وماذا عن إعلامنا الغائب عن تأدية واجبه في تغطية الأحداث، أليس هذا استخافاً بعقولنا؟ يطرق الأردنيون اليوم أبواب الإعلام الخارجي لمتابعة قضايا وطنهم. ما يحصل ليس فقط تقييد للإعلام، بل تقييد لحق المواطن في الحصول على المعلومة!”

“تيك توك” ممنوع

إمعاناً في التعتيم على الاحتجاجات، قامت وحدة الجرائم الإلكترونية بحجب منصة “تك توك” في البلاد بحجة “إساءة استخدامها وعدم تدارك المنصة لفيديوهات العنف ودعوات الفوضى” بحسب ما جاء في بيان الوحدة، وكان الأردنيون قد لجأوا إلى المنصة لتغطية والإضرابات والاعتصامات التي تشهدها الأردن، خاصةً عن طريق البث المباشر.

وأصدر مدير عام هيئة الإعلام الأردنية تعميماً لكافة وسائل الإعلام الأردنية، يقضي بـ “فرض الرقابة على تعليقات المواطنين عبر التطبيقات الذكية، وشطب أي تعليق تعتبره الهيئة يخالف العادات والتقاليد أو إساءة للأجهزة الأمنية أو يتضمن خطاب كراهية”.

ينتقد الصحفي باسل العكور، وهو عضو تنسيقية المواقع الإلكترونية، القرار ويقول لـ “درج”: “لن نقبل أن نكون الحلقة الأضعف التي تفرض الحكومة من خلالها سيطرتها على آراء الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، فالحق في التعبير عن الرأي مكفول في الدستور الأردني”.

ويضيف العكور: “قانون هيئة الإعلام واضح، وحدد مهامها وحدود صلاحياتها التي لا تشمل الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي. الهيئة مسؤولة عن تنظيم وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، ومنح التراخيص، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بوسائل التواصل الاجتماعي”.

استمر الإضراب ليصبح عصياناً مدنياً في بعض المناطق، منها محافظة معان جنوبي المملكة، وإغلاق محال تجارية في كل من محافظة الكرك والطفيلة ومادبا جنوباً.

رداً على تعميم هيئة الإعلام، أصدرت 56 مؤسسة صحافية وإعلامية بياناً نددت فيه الإجراء، وأعلنت رفضها الانصياع له، وذكرت أنه “لا جريمة أو عقوبة بغير نصّ قانوني، و قانون المطبوعات والنشر الذي يحكم عمل وسائل الإعلام، يشير بوضوح إلى أن وسيلة الإعلام وناشرها يتحمّلان مسؤولية ما يُنشر عبر وسيلة الإعلام من أخبار وتعليقات ومحتوى، كما أن الاتجاهات القضائية واضحة بالنسبة لهذه المسألة، فصاحب التعليق يتحمل مسؤولية رأيه ووجهة نظره التي عبّر عنها، ولا يتحمّل صاحب الصفحة أي تبعة قانوني، ولا يجوز أن نحمّل الناس مسؤولية تعليقات وآراء آخرين”.

تاريخ من حجب النشر 

 أقر الأردن قانون ضمان حق الحصول على المعلومة عام 2007، وهو من أوائل الدول العربية التي أقرت القانون، لكن المشرع الأردني لم يعرّف المقصود بحق الحصول على المعلومة، وترك أمر تعريفها للفقه القانوني.

وتكرر في الأعوام الماضية صدور قرارات من الادعاء العام بحظر النشر عن قضايا شغلت الرأي العام الأردني. خلال 2022، صدرت أربعة قرارات حظر نشر. 

في 23 حزيران/يونيو، قرر النائب العام حظر النشر في قضية الطالبة ايمان ارشيد التي  قتلت على يد شاب أطلق النار عليها عند مدخل الجامعة، ومنع النائب العام وقتها كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من نشر أية معلومات تتعلق بالقضية أو تداول صور تتعلق بها.

في 3 آب/أغسطس، قرر مدعي عام الزرقاء، حظر النشر في قضية مريضة مستشفى الزرقاء الحكومي التي كليتها السليمة بدلاً من كليتها المتضررة، جراء خطأ طبي.

في 23  أيلول/سبتمبر، أصدر الادعاء العام في عمّان، تعميماً أرسله إلى جميع وسائل الإعلام مواقع التواصل الاجتماعي يقضي بحظر النشر في جريمة إطلاق قاضي سابق النار على زوجته وابنه اللذين فارقا الحياة.

وفي 27 أيلول أيضاً قرر الادعاء العام حظر النشر في القضية التي عرفت ب “تسريبات الحواتمة” التي شغلت الرأي العام الأردني وتصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تسريبات صوتية جمعت مدير الأمن العام السابق حسين الحواتمة بمواطنة، وكشفت تورطه بتعيين أشخاص بـ “الواسطة”، واستخدام موقعه لصرف مكافآت وامتيازات لأشخاص غير مؤهلين.

يستغرب رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الأردنيين خالد القضاة، قرارات حظر النشر التي تصدر بكثرة في الأردن: “منح المشرع صلاحيات منع النشر للمدعي العام بهدف ضمان سير العدالة، وعدم التأثير على الشهود، لكن ذلك لا ينطبق على كل القضايا، وخاصة تلك التي تمس بشكل مباشر حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير”. 

ويضيف: “يفتح حظر النشر المجال لكثرة الإشاعات والتأويل على مواقع التواصل الاجتماعي، ويغيّب الدور المهني للإعلام.”

وهو ما يؤكده المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور في حديثه لـ”درج”: “يستهدف حظر النشر بشكل مباشر الحق في إبداء الرأي في القضايا التي تهم الناس الذين يعبرون عنها على مواقع التواصل الاجتماعي”، معتبراً أن كل ما يحدث في المشهد الإعلامي الأردني من حظر نشر أو تعتيم مباشر وغير مباشر يؤثر سلباً على مؤشرات الأردن في الديمقراطية والحريات.

وتراجع الأردن بحسب مؤشر حرية الصحافة للعام 2021 وفق منظمة “مراسلون بلا حدود”، وجاء في المرتبة السابعة بعد كل من تونس، جزر القمر، موريتانيا، الكويت، لبنان، وقطر.